المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مرﭬت زكريا
مرﭬت زكريا

توترات متصاعدة... تداعيات العملية العسكرية الإسرائيلية المحتملة في رفح على منطقة الشرق الأوسط

الإثنين 19/فبراير/2024 - 01:43 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

شرعت إسرائيل منذ بداية فبراير الجاري في شن هجمات عسكرية على مدينة رفح الفلسطينية المجاورة لجمهورية مصر العربية، وأعلنت أنها تجهز لعملية عسكرية برية شاملة من ثلاث مراحل في أقصى جنوب قطاع غزة، ووافق الجيش الإسرائيلي إثر ذلك  على مسألة إجراء عمليات برية في مدينة رفح، وفي الوقت نفسه أصدر رئيس وزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمراً بإخلاء رفح وأمر الجيش على إيجاد خطة لإخلاء السكان من هذه المنطقة.

ونظراً للأعداد الكبيرة من الفلسطينيين الذين فروا من الشمال والوسط إلى جنوب قطاع غزة مع بدء عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر لعام 2024، فإن أي عملية برية عسكرية موسعة ستعنى إنه سيكون هناك مجزرة حقيقية في قطاع غزة، وهو ما يمكن أن تكون له بالتأكيد عواقب دبلوماسية وأمنية على المجتمع الفلسطيني بأكمله، وهو الأمر الذى من المؤكد إنه سيمتد إلى تداعيات وخيمة على منطقة الشرق الأوسط بأكملها.

وسيتم العرض فيما يلي لأبرز التداعيات المحتملة التي يمكن أن تخلفها العملية العسكرية في رفح: 

أولاً: مزيد من التصعيد مع حركة حماس في قطاع غزة

من المتوقع أن يؤدى قيام نظام الاحتلال بعملية عسكرية شاملة في رفح إلى مزيد من القتلى المدنيين في قطاع غزة، وهو الأمر الذى من شأنه أن يسفر عن تصعيد الهجمات العسكرية بين حركة حماس وإسرائيل، وهو الأمر الذى أكد عليه العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إن العملية العسكرية في رفح الفلسطينية قد تؤدي إلى مذبحة وقد تجعل عملية الإغاثة تكاد تنتهي. ويأتي ذلك في سياق تدمير طائرات الاحتلال الإسرائيلي لمربعات سكنية كاملة في قطاع غزة، ضمن سياسة التدمير الشاملة التي ينتهجها الاحتلال في عدوانه المستمر على القطاع.

ولا يزال آلاف الشهداء والجرحى لم يتم انتشالهم من تحت الأنقاض؛ بسبب تواصل القصف وخطورة الأوضاع الميدانية، في ظل حصار خانق للقطاع وقيود مُشددة على دخول الوقود والمساعدات الحيوية العاجلة للتخفيف من الأوضاع الإنسانية الكارثية.

وعلاوة على ذلك، حذر عضو في حركة حماس محمد نزال خلال حوار له مع قناة الجزيرة في 9 فبراير 2023 من أي هجوم محتمل لنظام الاحتلال على رفح، قائلاً:  "إذا حدث ذلك فإن كيان الاحتلال سيتعرض لضربة أقوى مما كانت عليه في 7 أكتوبر". وأوضح نزال إنه فيما يتعلق بشروط حماس لوقف إطلاق النار بشكل كامل في غزة أنهم طلبوا الحد الأدنى وهو وقف إطلاق النار بشكل كامل، مؤكداً على أن المعركة مستمرة إلى أجل غير معلوم، قائلاً:  "ونحن نعلم أن بنيامين نتنياهو يريد إطالة أمد الحرب حتى الانتخابات الأمريكية في نوفمبر المقبل لأنه يريد أن يفوز ترامب بالانتخابات". وكشف نزال عن أن نظام الاحتلال يريد مهاجمة رفح لأن هناك مئات الآلاف من النازحين وكذلك للقضاء على عناصر حماس الموجودة هناك على حد زعمهم.

ثانياً: تصعيد التوتر مع دول رئيسية بالمنطقة

من المؤكد أن قيام النظام الإسرائيلي المحتل بعملية عسكرية برية في رفح سيؤدى إلى تصعيد معدل التوتر مع جمهورية مصر العربية، على خلفية الرفض القاطع للسطات المصرية لمخطط التهجير القصرى الذى ينوى نظام الاحتلال القيام به في قطاع غزة. وفي هذا السياق، شددت مصر في بيان لوزارة خارجيتها في 11 فبراير 2024 على  رفضها الكامل للتصريحات الصادرة عن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى بشأن عزم تل أبيب شن عملية عسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وهددت بتعليق معاهد السلام الإسرائيلية مع مصر والتي تم توقيعها في عام 1979.

وطالبت مصر بضرورة تكاتف جميع الجهود الدولية والإقليمية للحيلولة دون استهداف مدينة رفح الفلسطينية، التي باتت تأوي ما يقرب من ١،٤ مليون فلسطيني نزحوا إليها لكونها آخر المناطق الآمنة بالقطاع. واعتبرت السلطات المصرية أن استهداف رفح واستمرار انتهاج إسرائيل لسياسة عرقلة نفاذ المساعدات الإنسانية، بمثابة إسهام فعلى في تنفيذ سياسة تهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته، في انتهاك واضح لأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة.

ومن ناحية أخرى، من المتوقع أن تؤدى العملية العسكرية المحتملة في رفح إلى تصعيد التوترات مع إيران ووكلائها بالمنطقة والتي تعد بمثابة الداعم الرئيسي لحركة حماس الفلسطينية، وكذلك ستؤدى هذه العملية في حال اندلاعها إلى تصعيد التوترات في البحر الأحمر وتعطيل حركة الملاحة الدولية.

 واتضح ذلك في منشور كتبه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في 12 فبراير 2024 أكد فيه على أن العملية العسكرية على رفح ستكون عواقبها وخيمة على إسرائيل، وقال عبداللهيان في ذلك:  "أن قرار إسرائيل بتوسيع حربها على غزة إلى منطقة رفح الحدودية في القطاع، ستكون له عواقب وخيمة على النظام الإسرائيلي".

ثالثاً:  تعزيز الحضور الأمريكي في الشرق الأوسط

ربما يؤدى  قيام نظام الاحتلال بعملية عسكرية على رفح إلى استدعاء إسرائيل لمزيد من الدعم الأمريكي لها والذى من المتوقع أن يأتي في شكل أسلحة وذخيرة وجنود سواء أمريكان أو أجانب، بالتوازى مع تعزيز وجودها في قواعدها العسكرية الموجودة بالمنطقة. وعليه، من المحتمل أن يؤدى ذلك إلى تصعيد التوترات بين الفصائل المسلحة التابعة لإيران في العراق وسوريا والولايات المتحدة الأمريكية، ويمكن أن يتم ذلك على هيئة هجمات مسلحة على هذه القواعد العسكرية وقتل جنود أمريكان، بالتوازى مع تكثيف الهجوم على السفن الأمريكية والإسرائيلية التي تمر بالمنطقة وخاصة من البحر الأحمر من خلال جماعة الحوثي اليمنية.

وربما يصل الأمر الى خروج قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من العراق، ولاسيما أن المحادثات بشأن هذه العملية بدأت منذ فترة ليست بالطويلة عقب أحداث السابع من أكتوبر في غزة؛ حيث جاء في بيان للمتحدث باسم الجيش العراقي اللواء يحيى رسول منتصف فبراير الجاري والذى قال فيه:  "إن المحادثات تبحث جدولا زمنيا "لخفض مدروس وتدريجي وصولا إلى إنهاء مهمة قوات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق".

وتأتي هذه المحادثات  إثر تزايد الهجمات المتبادلة بين الفصائل المسلحة المتحالفة مع إيران والقوات الأمريكية المتمركزة في العراق وسوريا، وتعرضت تلك القوات لأكثر من 165 هجوماً منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.

وختاماً: يمكن القول أن المرحلة القادمة ستشهد المزيد من التصعيد بين كثير من الفاعلين في الشرق الأوسط، وخاصة إذا شرعت تل أبيب في الهجوم البرى على رفح بقطاع غزة، وخاصة في ظل حالة التوتر المتصاعدة بين إيران وحلفائها من ناحية والولايات المتحدة الأمريكية وتل أبيب من جهة أخرى. وقد تؤدى هذه الأحداث المتصاعدة في فلسطين إلى مزيد من التقارب بين إيران ومصر ولاسيما أن الأولى تحاول استغلال هذه الفرصة من أجل  استعادة علاقتها الدبلوماسية الكاملة مع القاهرة.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟