المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مصطفى صلاح
مصطفى صلاح

معوقات التغيير: الأمم المتحدة وقرار وقف العدوان الإسرائيلي على غزة

الأحد 05/نوفمبر/2023 - 12:46 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية الأصوات على مشروع قرار عربي يدعو إلى هدنة إنسانية في غزة، وإدخال المساعدات بشكل فوري؛ حيث اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة قرارًا غير ملزم طالبت فيه بهدنة إنسانية فورية في غزة. وشدد القرار، الذي أعده الأردن باسم المجموعة العربية التي تضم 22 بلدًا، على هدنة إنسانية فورية دائمة ومتواصلة تقود إلى وقف للعمليات العسكرية"، وهو ما انتقدته إسرائيل بشدة، إذ قال السفير الإسرائيلي جلعاد أردان: "اليوم هو يوم مشين. شهدنا جميعا أن الأمم المتحدة لم تعد تتمتع ولو بذرّة واحدة من الشرعية أو الأهمية"، مضيفًا "عار عليكم"، وقال للجمعية العامة بعد التصويت بأن هذا القرار السخيف انطوى على صفاقة الدعوة إلى هدنة. الهدف من الهدنة الواردة في هذا القرار هو أن على إسرائيل التوقف عن الدفاع عن نفسها أمام حماس، ليتسنى لحماس إضرام النار فينا. على الجانب الآخر، أعرب السفير الفلسطيني رياض منصور عن سعادته، شاكرًا الجمعية العامة على شجاعتها. كما رحبت حماس بالدعوة إلى وقف الحرب.

وانتقدت إسرائيل والولايات المتحدة هذا القرار غير الملزم بشدة لعدم إشارته إلى حركة حماس، والذي أيّده على وقع التصفيق 120 عضوًا وعارضه 14، فيما امتنع 45 عن التصويت، من أصل 193 عضوًا في الجمعية العامة. وأظهرت هذه النتيجة انقسامًا في صفوف الدول الغربية، خصوصًا الأوروبية، إذ أيدت فرنسا القرار في حين امتنعت ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا عن التصويت، وصوتت النمسا والولايات المتحدة ضد القرار.

وضمن هذا السياق، يمكن القول إن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ليست ملزمة بموجب القانون الدولي. فهي تمثل فقط مبادئ توجيهية أو مواقف للمجتمع الدولي بشأن بعض الصراعات والنزاعات وتقرر الجمعية العامة للأمم المتحدة القرارات بأغلبية الثلثين. ولكن وفي المقابل، فإن قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ملزمة بموجب القانون الدولي؛ حيث يتم إصدارها ضد الدول أو أطراف النزاع التي تعرض الأمن الدولي للخطر أو تنتهك القانون الدولي أو حقوق الإنسان. ومع ذلك، يمكن منع إصدارها باستخدام حق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به الدول الخمس الدائمة العضوية، وهي الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا.

اتجاهات التحرك

يعد هذا القرار الأول للأمم المتحدة للتعامل مع على هجمات حماس المفاجئة في 7 أكتوبر على إسرائيل، وعلى الرد العسكري الإسرائيلي وتعهدها بالقضاء على حماس. وقد سعت المجموعة العربية إلى اتخاذ إجراء من جانب المنظمة العالمية بسبب فشل مجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 عضوًا- في الاتفاق على قرار بعد 4 محاولات. وهو الأمر الذي دفع إلى انتهاج الدول العربية مشروع قرار صاغته لوقف العدوان الإسرائيلي، وعلى الرغم من أن القرار ليس ملزما لكن له أهمية سياسية كبيرة ويعكس التوجهات العالمية في وقت تكثف فيه إسرائيل عملياتها البرية في غزة ردًا على الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر 2023.

وعلى الرغم من هذا القرار إلا أن إسرائيل أعلنت أنها ستواصل الدفاع عن نفسها ومستقبلها ووجودها نفسه من خلال تخليص العالم من شر حماس حتى لا تتمكن أبدا من تهديد أي شخص آخر مرة أخرى. من جهتها، قالت السفيرة الأمريكية ليندا توماس غرينفيلد "من المشين أن يفشل هذا القرار في تحديد مرتكبي الهجوم الإرهابي الذي وقع في 7 أكتوبر". وأضافت أن الكلمة الرئيسية الأخرى المفقودة في هذا القرار هي الرهائن.

وتجب الإشارة هنا إلى أن هذا القرار جاء بعد انتقادات الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، الأخيرة لإسرائيل لتصب الزيت على نار العلاقة المتوترة مع إسرائيل، والتي تتسم أصلا بالتعقيد منذ فترة طويلة. وكان جوتيريش قد أعلن أن هجوم حماس على إسرائيل لم يأت من فراغ، وأن الفلسطينيين عانوا من احتلال قمعي من قبل إسرائيل لعقود من الزمن وأن إسرائيل ارتكبت انتهاكات ضد القانون الإنساني الدولي في غزة؛ حيث أحدثت كلمات جوتيريش ضجة في أروقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وهاجم المندوبون هناك بعضهم البعض باتهامات كـالافتقار إلى التعاطف.

مسارات سابقة

أظهرت الأحداث التي يشهدها قطاع غزة من عدوان إسرائيلي عليه على الصدع العميق الذي قسم الأمم المتحدة نفسها إلى معسكرين، مرة أخرى بعدها بوقت قصير في مجلس الأمن: حيث تم طرح مشروعي قرارين للمناقشة في 25 أكتوبر 2023. ويهدف مشروعا القرارين في الواقع إلى: ضرورة توقف القتال حتى يمكن إيصال المساعدات إلى قطاع غزة المعزول.

وتضمنت المسودة الأولى التي قدمتها الولايات المتحدة، دعت فقط إلى وقف قصير لإطلاق النار، والاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس، ووضع حد لتسليح الجماعات المسلحة في غزة مثل حماس. وقد فشل مشروع القرار بسبب حق النقض الذي استخدمته الصين وروسيا.

وفي مسودتهما، دعا البلدان بدلًا من ذلك إلى وقف إطلاق النار وسحب دعوة إسرائيل للمدنيين إلى إخلاء شمال غزة والتوجه إلى جنوب القطاع في ضوء الهجوم البري الوشيك. ومشروع القرار الصيني-الروسي بدوره سقط بفيتو الولايات المتحدة وبريطانيا. ويسود الشك فيما إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق. كما جاء فشل هذين القرارين بعدما رفض مجلس الأمن أيضًا، مشروع قرار روسي لم يذكر بالاسم حماس، وإخفاق مشروع قرار برازيلي حظي بدعم 12 دولة، لكن الولايات المتحدة أسقطته بحق الفيتو. وكان من شأن المشروع البرازيلي أن يدين هجمات حماس وكل أعمال العنف ضد المدنيين، وأن يدعو إلى هدنة إنسانية. وقد جاءت تلك التحركات بعدما أخفق مجلس الأمن في التعامل مع الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، رافضًا مشروعَي قرارَين، الأول أميركي والآخر روسي، على رغم أنه أقوى هيئة أممية مكلفة صون السلم والأمن الدوليين.

ويمكن الإشارة هنا إلى أنه عادة ما تستخدم واشنطن حق النقض لوقف القرارات المنتقدة لإسرائيل. وقد أدى ذلك إلى خلق وضع غريب للغاية حيث أن القرارات الـ 140 التي تنتقد إسرائيل والتي اتخذتها الجمعية العامة منذ عام 2015 لم يقابلها سوى قرار واحد لمجلس الأمن: في عام 2016، طالب بوقف بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. وحتى في تلك المرة، لم تصوت الولايات المتحدة صراحةً لصالح القرار، بل امتنعت عن التصويت.

في الختام: شددت الجمعية العامة على أهمية منع المزيد من زعزعة الاستقرار وتصعيد العنف في المنطقة"، ودعت جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس ودعت جميع من لهم تأثير عليهم إلى العمل لتحقيق هذا الهدف، ودعت الجمعية العامة إسرائيل إلى إلغاء الأمر الذي وجهته للمدنيين في غزة بالانتقال إلى جنوب القطاع. وقد جاء هذا الإقرار ليعبر عن إرادة جماعية دولية منفصلة عن مجلس الأمن الذي تستخدمه الولايات المتحدة في تعزيز قدرات دولة الاحتلال الإسرائيلي وتعرقل القرارات التي من شأنها إدانته. وما يؤكد على أهمية قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ حيث عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا حول الوضع في الشرق الأوسط بما فيه القضية الفلسطينية، لبحث التصعيد في الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل وللاستماع إلى إحاطات من مسئولين في الأمم المتحدة حول الوضع الراهن؛ حيث تحدث خلال الجلسة المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) ومديرة قسم التمويل الإنساني وتعبئة الموارد بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، والمديرة التنفيذية لمنظمة اليونيسف.

 

 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟