المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
أحمد سامي عبد الفتاح
أحمد سامي عبد الفتاح

تحديات متعددة.. ما الذي تواجهه الحكومة الليبية الجديدة؟

الخميس 10/يونيو/2021 - 09:36 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

في فبراير 2021، جرى حوار ليبي برعاية الأمم المتحدة في جنيف. وقد أسفر هذا الحوار عن تشكيل حكومة ليبية جديدة بقيادة عبد الحميد الدبيبة لادارة شئون البلاد في مرحلة انتقالية تنتهي في ديسمبر 2021، على أن تتولى هذه الحكومة مسئولية اقامة انتخابات برلمانية ورئاسية. ويعد اقامة انتخابات برلمانية ورئاسية هو الهدف الأسمى لكل جهود الوساطة الدولية التي سعت لإنهاء الانقسام الليبي. ورغم أنه تم توقيع اتفاق الصخيرات في 2015، إلا أن المجلس الرئاسي الليبي لم يتمكن من اقامة انتخابات كما كان مخطط له.

تحديات متعددة

هناك العديد من التحديات التي تواجه حكومة الدبيبة على المستويين الداخلي والخارجي. كما تواجه هذه الحكومة تحدي واضح يتعلق باصلاح العلاقات مع دول الجوار وتبني سياسة متوازنة في الصراع الدائر في المنطقة.

أ) تحديات داخلية

على المستوى الداخلي، تواجه الحكومة الليبية العديد من التحديات، نستعرضها في النقاط التالية:

1- توحيد الجيش: يعد هذا الأمر هو التحدي الأكبر للحكومة الليبية الجديدة، خاصة أن المليشيات المسلحة تمتلك نفوذا قويا مكنها من السيطرة على العديد من المدن في الغرب الليبي. علاوة على ذلك، تمتلك العديد من القبائل قواتها الخاصة التي عمدت الي لعب دور فعال في ظل غياب آلية قومية فعالة لتوفير الحماية للمواطنين. وقد نتج عن هذا الأمر زيادة الدور السياسي للقبيلة مقابل تراجع دور المؤسسات الوطنية التي أصبحت لا تمتلك قرارها السياسي بسبب افتقادها لآلية عسكرية فعالة على الأرض. توحيد الجيش الوطني الليبي لن يكون أمرا سهلا لأنه بكل شك يتضمن حل المليشيات المسلحة التي ستحاول الحفاظ على كيانها المستقل بكل الوسائل. وقد تقبل المليشيات بدمج قواتها في الجيش الوطني الجديد مع اشتراط الحفاظ على هيكلتها الإدارية. في حالة حدوث ذلك، فإن الجيش الليبي سوف يكون مجرد غطاء سياسي لأعمال هذه التنظيمات. علاوة على ذلك، سوف يكون الجيش الليبي الجديد غطاء شرعيا لكل أعمالها الغير قانونية.

2- توحيد الصف الداخلي: يتطلب هذا الأمر عقد حوار مجتمعي شامل بهدف طيّ الصفحة القديمة، إلا أن هذا الأمر لن يكون سهلا على الحكومة الليبية الجديدة لأن القبائل خاضت حربا داخلية قوية، الأمر الذي سوف يدفع بعض القبائل رفض التعاون مع أخرى دون اجراء محاكمات عادلة لكل الجرائم التي ارتكبت خلال الفترة الماضية.

3- القضاء على الاقتصاد الموازي: من المعلوم أن ليبيا دولة غنية بالنفط والغاز. كما أنها تمتلك موقعا استراتيجيا لكونها حلقة وصل بين أوروبا وأفريقيا. ولذلك، ينشط في ليبيا شبكة غير قانونية لأعمال اقتصادية تتضمن تهريب المهاجرين إلى أوروبا مقابل مبالغ مالية كبيرة. علاوة على ذلك، تسيطر التنظيمات المسلحة على موارد حيوية في غرب ليبيا مثل المطارات والموانئ، الأمر الذي منحها قدرة مالية فائقة. ويجب أن يكون القضاء على هذه الأعمال أولوية قصوي للحكومة الليبية، لن هذا الأمر يشكل نقطة هامة في تقليل نفوذ هذه التنظيمات من خلال تجفيف مواردها المالية.

4- تمكين المؤسسات الوطنية: لكي تتمكن المؤسسات القومية من أداء دورها المنوط به، عليها أن تحظي بشعبية سياسية بين الأوساط الليبية. ولذلك، يجب على الحكومة الليبية أن تتبنى خطابا سياسيا داعما للتحول الديمقراطي. كما يجب على الحكومة إفساح المجال أمام المجتمع المدني من أجل لعب دورا بناء في عملية التحول الديمقراطي، على أن يكون الشباب نقطة محورية في هذا الأمر.

ب) تحديات خارجية

على المستوى الخارجي تواجه ليبيا تحديات لا تقل في تعقيداتها عما تواجه داخليا، خاصة أن القوى الخارجية لعبت دورا رئيسيا في الحرب الأهلية الليبية من خلال دعم الأطراف المختلفة سياسيا وعسكريا. وفي هذا الصدد يمكننا حصر أهم التحديات على النحو التالي:

1- تحييد دور القوى الخارجية: لاشك أن العديد من الدول قامت بتدعيم تنظيمات مسلحة في ليبيا بهدف زيادة نفوذها في شرق المتوسط. علاوة على ذلك، هدفت بعض الدول من دعم التنظيمات المسلحة إلى ضمان دور قوي في مستقبل ليبيا السياسي. ولذلك، نجاح عملية السلام في ليبيا تتوقف على تراجع القوى الدولية واتخاذهم موقف الحياد. ولذلك، يجب على الحكومة الليبية أن تندمج في حوارات ثنائية مع القوى الفاعلة بهدف إقناعهم بالتراجع عن دعم حلفائهم على الأرض.

2- توقيع اتفاقيات عسكرية: يعد هذا الأمر تحدي حقيقي لأن الجيش الليبي الوليد في حاجة إلى دعم عسكري خارجي لكي يكون قادر على مواجهة تهديداته الداخلية. هنا يجب أن نشير أن أي اتفاق عسكري توقعه الحكومة الليبية مع أي دولة خارجية سوف يكون له مردود سلبي على علاقة ليبيا بباقي الدول. فعلى سبيل المثال، اذا وقعت ليبيا اتفاقا مع ايطاليا، فإن هذا الأمر سوف يشكل ازعاجا لفرنسا. وإذا وقعت اتفاقا مع روسيا، فإن هذا الأمر سوف يزع الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين. ولذلك، يجب على الحكومة أن تعمل على توقيع اتفاقيات عسكرية لا تسهم في زيادة نفوذ أي دولة عسكريا في ليبيا، على أن تكون هذه الاتفاقيات برعاية الأمم المتحدة.

في النهاية، يتعين علينا أن نشير أن اقامة انتخابات برلمانية ورئاسية لا يمكن أن تتم ما دام لم ينتهي الإنقسام الداخلي. كما يجب على حكومة الديبية أن تعمل وفق رؤية وطنية وليست حزبية، الأمر الذي قد يوفر لها دعما شعبيا واسعا يساعدها على مواجهة تهديداتها الداخلية والخارجية.

مراجع

-       بي بي سي، المجلس الرئاسي الليبي: ما هي أبرز التحديات أمام السلطة الجديدة في ليبيا، https://www.bbc.com/arabic/inthepress-55935234

-       بي بي سي، الحرب في ليبيا: انتخاب حكومة وحدة وطنية ليبية مؤقتة  برئاسة عبد الحميد دبيبه، https://www.bbc.com/arabic/middleeast-55957475

-        

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟