المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
هدير خالد
هدير خالد

هل يخطئ الفيدرالي الأمريكي في سياساته بشأن التضخم؟!

الثلاثاء 01/يونيو/2021 - 11:02 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

أحدتث تصريحات كل من رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول" ووزيرة الخزانة الأمريكية "جانيت يلين" بشأن التضخم حالة من الانقسام في الرأي بين الاقتصاديين، فمرارًا وتكرارًا يؤكد "باول" أن ارتفاع التضخم سيكون "مؤقتًا"، وأن الاحتياطي الفيدرالي سيستمر في دعم الأسواق من خلال برنامجه لشراء السندات، ومعدلات الفائدة الصفرية، فضلًا عن تقبله لتجاوز معدلات التضخم للمستهدف البالغ (2%). أما "جانيت يلين" والتي تسببت في حالة من الاضطراب للأسواق المالية مطلع مايو 2021، إثر تصريحها بشأن احتمالية رفع أسعار الفائدة إلى حدٍّ ما للتأكد من أن الاقتصاد الأمريكي لن يصبح محمومًا، عادت لتؤكد من جديد إنَّها لم تكن تتوقَّع، ولا توصي برفع سعر الفائدة.

حيال الموقف الراهن سالف الذكر لكبار صانعي السياسات الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية، تباينت آراء الاقتصاديين، فمن ناحية يرى البعض أن الفيدرالي قد يكون محقًا في استمرار السياسة النقدية التوسعية والإبقاء على أسعار الفائدة بالقرب من الصفر، حتى يتم الوصول إلى المستهدفات، ولا سيما بشأن التوظيف الكامل، خاصة بعد ما جاءت نتائج تقرير الوظائف الأمريكية الأخير مخيبة للآمال، إذ لم يضيف الاقتصاد الأمريكي سوى (266) ألف وظيفة، في حين كان المتوقع أن يضيف الاقتصاد نحو مليون وظيفة، فضلًا عن ذلك لا يزال هناك حوالي (8) مليون وظيفة مفقودة نتيجة لتفشي جائحة "كوفيد -19".

وعلى الجانب الآخر يرى بعض الاقتصاديين وجوب الانتباه إلى ارتفاع الأسعار، فخلال أبريل 2021، ارتفع معدل التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية إلى نحو (4.2%)، فيما أوضحت البيانات ارتفاع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي على أساس سنوى إلى (3.1%)، في حين كان المتوقع أن يصل إلى (2.9%). وعليه، فإن السؤال المطروح حاليًا، هو: هل الإشارات الواضحة بشأن ارتفاع الأسعار وفقًا للبيانات، قد تكون إشارات مُضللة، والفيدرالي محقًا في تقديراته بأنه الارتفاع الذي تشهده الأسعار سيكون مؤقتًا؟

بداية، يجب التأكيد أن البيانات الخاصة بالتضخم والتي تقارن على أساس سنوى قد تكون مُضللة إلى حد ما، فالأوضاع في عام 2020، كانت استثنائية بكل المقاييس، فضلًا عن ذلك فإن الإجابة على هذا التساؤل تستوجب منا الرجوع إلى التاريخ الاقتصادي، تحديدًا إلى السنوات التي أعقبت حالات الركود، لنرى متي قرر صانعو السياسة النقدية سحب التحفيز ورفع أسعار الفائدة، وهل كانت قرارتهم صائبة، أم جابنهم الصواب.

حقيقة الأمر، أخطأ صناع السياسة النقدية على مستوى العالم في قراءة الإشارات الخاصة بالتضخم مرات عديدة، إذ كانوا دائمًا على استعداد لرفع أسعار الفائدة وسحب الدعم، بمجرد أن تلوح المؤشرات بشأن ارتفاع التضخم في الأفق.

وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أنه وعلى الرغم من التحذيرات بشأن ارتفاع الأسعار نتيجة لسياسات التيسير الكمي في عام2010، إلا أن "بين برنانكي" رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي لم يستجيب لهذه التحذيرات ومضي قُدمًا في سياساته النقدية التوسعية، ولم يرتفع التضخم، ومن ثم فهل يتكرر هذا السينايور  هذه المرة في ظل رئاسة "جيروم باول" لمجلس الاحتياطي، أم سيجانبه الصواب مثلما حدث للعديد من أقرانه من صناع السياسة النقدية؟

إن الوضع قد يكون مختلف هذه المرة، فخلال عام 2010، لم تكن هناك إلا مؤشرات قليلة على أن التضخم الأساسي - الذي يستبعد أسعار المواد الغذائية والطاقة – في حالة ارتفاع، بيد أنه في الوقت الحالي فإن مؤشرات التضخم المختلفة قد أظهرت ارتفاعات خلال شهري مارس وأبريل من العام الجاري، لتصل إلى مستويات هي الأعلى خلال السنوات الأخيرة.

وعلى صعيد آخر، لا يُمكن تحديد على وجه اليقين كيف ستؤول الأمور، لأنه لا توجد بالفعل سابقة تاريخية لكيفية رد فعل الاقتصاد على تريليونات الدولارات التي تم ضخها من خلال التحفيز المالي والنقدي، ولعل الأشهر القليلة القادمة تحمل بين طياتها بعض الإجابات على الأسئلة المطروحة، فلا تزال الأسواق تترقب تقرير الوظائف، وبيانات التضخم لشهر مايو التي من المتوقع أن يتم الإعلان عنها في 10 يونيو 2021، بيد أننا في واقع الأمر نحتاج أن تمر عدة أشهر لنعرف هل ما تشهده حاليًا معدلات التضخم من ارتفاع سيكون مؤقتًا، أم هو بداية لارتفاع لارتفاع طويل الأجل في معدلات التضخم، أو بالأحرى نحتاج لنعرف كيف ستذكر صفحات التاريخ الاقتصادي سياسات "جيروم باول" النقدية.

 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟