المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

هل يتأثر موقف المتشددين في إيران خلال الانتخابات الرئاسية القادمة بعد تولي إدارة بايدن؟

الأحد 02/مايو/2021 - 02:01 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
سعيد جفاري- عرض: مرﭬت زكريا

كانت أنباء فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 7 نوفمبر 2020 بمثابة خيبة أمل كبيرة للمتشددين الإيرانيين الذين يسعون لتقويض جهود الرئيس حسن روحاني لإنقاذ الاتفاق النووي؛ حيث كانوا يأملون في أن تؤدي إعادة انتخاب دونالد ترامب إلى الإطاحة بالمرشحين الإصلاحيين والمعتدلين خلال الانتخابات الرئاسية في يونيو2021، لكن الواضح أن القلق بات يسيطر عليهم بعد فوز بايدن، على خلفية تدميره لخططهم.  

وفي هذا السياق، تم الكشف عن تفاصيل التشريع الذي اقترحه مجلس الشورى الإسلامي في 4 يناير2021 والمكون من 16 فقرة بشأن تدمير إسرائيل بحلول نهاية عام 2040، وهو ما أطلق عليه البعض بأنه بمثابة مشروع انتقامي في مواجهة اغتيال الولايات المتحدة الأمريكية لقائد فيلق القدس قاسم سليماني في يناير 2020. ويدعو التشريع أيضًا إلى طرد القوات الأمريكية من الشرق الأوسط وإنهاء أي مفاوضات مستقبلية مع واشنطن في إشارة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة  JCPOA، فضلاً عن حظر أي محادثات ثنائية أو متعددة الأطراف مع واشنطن ما لم تعتذر الحكومة الأمريكية رسميًا عن انسحابها من خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2018 ومقتل سليماني، علمًا  بأن أن أي مسؤول حكومي لا يلتزم بذلك سيفقد وظيفته ويمنع من تولي مناصب حكومية في المستقبل.

فالواضح، أن المتشددين يحاولون إتخاذ كافة الإجراءات لتمهيد الطريق لوصول مرشح متشدد إلى السلطة في الانتخابات الرئاسية في يونيو 2021؛ فقبل فوز بايدن، كان قادة التيار المتشدد شبه متأكدين من أن الانتخابات القادمة ستكون سباقًا بين المرشحين التابعين لهم فقط، لكن انتصار بايدن أربك معادلاتهم، لذا، فهم يبذلون الآن كل ما في وسعهم لمنع إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، لأنهم يدركون جيداً أن ذلك يعني منح التيار الإصلاحي  فرصة ثانية  خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة.

 

أولاً- محاولات المتشددين لعرقلة مساعي حكومة روحاني

لم تكن رغبة المتشددين في عدم احياء الاتفاق النووى هى المحاولة الوحيدة لمنع إدارة روحاني من إجراء محادثات مع إدارة بايدن، لكن انتقد رئيس تحرير صحيفة كيهان اليومية حسين شريعتمداري الرئيس الإيراني حسن روحاني في مقال افتتاحي في 7 يناير 2021 بسبب استعداده للتفاوض مع الإدارة الأمريكية الجديدة. وانتقد شريعتمداري روحاني، مشيرًا إلى أنه على الرغم من أن الرئيس الإيراني وصف نفسه بالخبير القانوني، إلا أن تصريحاته أظهرت أنه لا يعرف شيئًا عن القانون. وكتب في مقال له "ألم يكن بايدن الذي قال بلا خجل إنه لم يتأثر أي شخص في الولايات المتحدة الأمريكية باغتيال سليماني، مؤكدًا أنه لا يرى أي فرق بين بايدن وترامب. تم التعبير عن استياء مماثل في كيهان في نوفمبر 2020، عندما كتب شريعتمداري"تظهر الخلفية السياسية لبايدن أنه كان دائمًا لديه سياسات معادية لإيران ولم يفوت أي فرصة لإظهار ذلك".

واللافت للإنتباه في هذا السياق، أن معظم المتشددين يشاركون شريعتمداري آراءه، ولاسيما فيما يتعلق بعرقلة المحادثات مع الإدارة الأمريكية الجديدة؛ ففي 9 يناير الفائت، هدد عضو البرلمان المتشدد الذي يمثل مدينة قم المقدسة أحمد أميري فرحاني، بأن إيران ستطرد جميع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا لم ترفع العقوبات الأمريكية على إيران ولا سيما العقوبات المصرفية والمتعلقة بالنفط، كما هدد فرحاني بأن الخطوة التالية ستتضمن وقف التنفيذ الطوعي للبروتوكول الإضافي، إذا لم يتم رفع العقوبات بحلول 20 فبراير 2021 .

كما تم التأكيد على طرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 11 يناير 2021 من قبل رئيس لجنة الطاقة في البرلمان فريدون عباسي، الذي قاد منظمة الطاقة الذرية الإيرانية (AEOI) من 2011-2013، واستند في ذلك إلى التشريع الذي تم تمريره في 1 ديسمبر 2020 والذي يتطلب من AEOI زيادة تخصيب اليورانيوم إلى %20 في غضون شهرين، وهو ما يتم تنفيذه بالفعل. كما دعا إلى وقف التنفيذ الطوعي للبروتوكول الإضافي الذي يؤيد عمليات التفتيش غير المعلن عنها للوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا لم يتم رفع العقوبات.

واستبعد مستشار رئيس البرلمان للشؤون الاستراتيجية مهدي محمدي، في مقابلة تلفزيونية له في 9 يناير وجود أي خلاف بين ترامب وبايدن، وقال "إن سياسة بايدن الخارجية لا تختلف عن سلفه ترامب في من حيث المبدأ، ومن المتوقع أن يواصل بايدن فرض العقوبات ويسعى إلى توسيع خطة العمل الشاملة المشتركة لتشمل الصواريخ والقضايا الإقليمية، لكن الفرق الوحيد بين ترامب وبايدن هو أن الأخير سيحاول مواكبة الضغط الأقصى باستخدام خطة العمل الشاملة المشتركة ".

ثانيًا- موقف المتشددين تجاه الولايات المتحدة الأمريكية

يشير بعض المتشددين إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست جديرة بالثقة، على خلفية تغير سياستها الخارجية باختلاف الرؤساء وهو ما تجلي بوضوع في عهد الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد عندما انسحبت من الاتفاق النووي في مايو لعام 2018. وتعتقد هذه المجموعة أن إسرائيل وإلى حد ما المملكة العربية السعودية تؤثران على السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط بغض النظر عمن هو في البيت الأبيض.

وفي حين يعتقد فريق آخر من المتشددين أن هناك بعض الخلافات بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ومن هنا، لا ينبغي السماح لروحاني بالاستفادة من الإدارة الأمريكية الجديدة خلال الأشهر الخمسة الأخيرة له في السلطة، ولاسيما مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقبلة. والجدير بالذكر، أن الرئيس  روحاني وصل إلى السلطة في عام 2013 من خلال وعده بحل القضية النووية ورفع العقوبات الدولية عن إيران، ثم انفق كل رأس ماله السياسي على الملف النووي والتوصل إلى اتفاق بشأنه مع الغرب، ولكن بعد أن أصبحت خطة العمل الشاملة المشتركة على وشك الانهيار بسبب سياسة الضغوط القصوى التي ينتهجها ترامب، يرى المتشددون أنها فرصة جيدة لمهاجمة روحاني وتحويل الناخبين الإيرانيين  عن الفصائل السياسية التابعة له.

إذ يدرك المتشددون في البرلمان جيدًا أن تشريعاتهم الأخيرة ستلحق الضرر بمحاولة حكومة روحاني للتفاوض، وبالنظر إلى أن هدفهم النهائي هو منع التوصل إلى اتفاقات جديدة مع الغرب لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة بينما لا يزال روحاني في منصبه. وللقيام بذلك، يحتاج المتشددون إلى تقييد روحاني بأكبر قدر ممكن. بينما يشير الكاتب إلى أن الأهم من ذلك، هو شعور المتشدديين بالقلق من أن روحاني يمكن أن يحول الناخبين لصالح حلفاءه من المرشحين في السباق الرئاسي المقبل من خلال إحياء الصفقة والتعويل على الانتعاش الاقتصادي اللاحق. وعلى خلفية معرفة الرئيس روحاني لهذه اللعبة جيداً، قال روحاني مشيراً إلى متشددي مجل الشورى الإسلامي"لا تتسرعوا في الاستنتاجات، ولا تقلقوا ستنهي الحكومة هذه المشاكل، دعونا نقوم بعملنا وندع أولئك الذين لديهم الكثير من الخبرة ونجحوا في الدبلوماسية يقومون بعملهم".

في النهاية: يؤكد سعيد جفاري بأن الوقت ينفد بالنسبة لإدارة روحاني، فأمام الرئيس الإيراني شهور صعبة للغاية قبل أن يترك منصبه، ومن المتوقع أن يبذل خصوم روحاني قصارى جهدهم لحرمانه من إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة قبل نهاية حكومته، فكلما طال انتظار روحاني، كلما زاد احتمال عدم إجراء حوار بين طهران وواشنطن.

-                   Saeid Jafari, Iran’s hardliners think Biden might hurt their June presidential election strategy, Atlantic Council, JAN 25, 2021.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟