المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
أحمد قناوي
أحمد قناوي

واشنطن وطهران .. عتبة حرب أم نافذة للمفاوضات؟

الأحد 20/أكتوبر/2019 - 06:48 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

تشهد العلاقة الإيرانية الأمريكية تجاذبات كبرى في ظل حرب كلامية يُخشى أن تتحول لحرب حقيقية. ويرى خبراء بأن المنطقة العربية ستشهد عواقب وخيمة في حال اندلاع أية حرب بين طهران وواشنطن، فضلًا عن، هذا التصعيد من شأنه أن يأتي بنتيجة عكسية على كلا الطرفين.

وفي هذا السياق أشار المحلل السياسي الإيراني" علي أفشاري" في مقال بعنوان "إيران والولايات المتحدة الأمريكية على عتبة الحرب أم الجلوس على طاولة المفاوضات" بموقع "راديو الغد" الأمريكي الناطق بالفارسية، إلى أنه تم طرح احتمالية صدام عسكري أو حرب شاملة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية منذ 18 عامًا حتي الآن علي الساحة السياسية الإيرانية والعالمية، وعلى مر 18 عامًا يتأرجح هذا الصدام بين مد وجزر، على الرغم من أن هذا الوقت طويل نسبيًا، فعوامل النزاع المتعددة وأشكال التوتر الحادة لم تسفر عن مواجه عسكرية بين الطرفين، وأطلق الطرفان على بعضهما البعض "الشيطان الأكبر" و "محور الشر".

وترجع أسباب هذا الموضوع المستقل، إلى قرارات رجال الدولة، ريثما كان الطرفان في نزاع وربما اصطدام وكلاهما يؤثر تكلفة الحرب وعواقبها لأجل نتائجها المحتملة، فصبر المسؤولون الأمريكيون وكذلك حسابات وتخطيطات خامنئي أسفرا عن تحجيم وقوع اصطدام عسكري بين الطرفين. وفي أغلب الأوقات تهيأت الأجواء لحرب وعقبتها مفاوضات طبقَا لنظرية  " كارل فون كلوزويتز" أن الحرب وسيلة وليست هدفًا. إنها استمرار للسياسة، وهي تنفيذ الهدف بوسائل أخرى.

نظرية " كارل فون كلوزويتز"

وفي الوقت الراهن، تستخدم حكومة "ترامب "هذه النظرية "كارل فون كلوزويتز" في إطار التهديد بالحرب، مع تفعيل سياسة الضغط الأقصى علي إيران لإجبارها علي المحادثة، بالتأكيد حكومة ترامب خلال ردها علي اسقاط الطائرة الأمريكية من قبل الحرس الثوري الإيراني، وصلت إلي مرحلة الهجوم علي بعض المراكز العسكرية، والمؤسسات الإيرانية؛ لكن ترامب في اللحظات الأخيرة أعطى أمرًا بالعدول.

 ويبدو أن ترامب خلال رده علي تثمين وكالات الاستخبارات الأمريكية بصدد وقوع انفجار في شركة أرامكو وخطوط نقل النفط في السعودية لم يقبل  بتفعيل التهديد العسكري علي إيران مجددًا، وعدوله في الوهلة الأولى ناتج عن رؤيته الشخصية مخالفًا للسياسة العسكرية والحرب، وسيتم شن هجوم عليه خلال حملته الانتخابية، ومن الواضح أن حكومة ترامب لا تعترف بأن الحرب والاصطدام العسكري هو استراتيجية سياسية متقدمة هي فقط تريد استغلالها في هرم الضغوطات، وحتمًا في حالة اضطر ترامب، لن يتردد في استخدام الوسائل العسكرية على غرار الهجوم الصاروخي على سوريا.

خطة ترامب في الشرق الأوسط

 

يرغب ترامب في تقويض مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في دورها الميداني في الشرق الأوسط، لأن الاصطدام العسكري المحدود مع إيران ربما يسفر عن تضعيف الوجود العسكري الأمريكي، وسيزيد من اندلاع صراعات أخري، وهناك دليل بالنسبة لمخالفة ترامب واكتفائه بإجراءات مثل زيادة العقوبات، الهجمات الإلكترونية التخريبية المحتملة، وذلك لا يرتبط  بإمكانية التفاوض بواسطة فرنسا للوصول لحل لبدء المفاوضات مع دول 5+1.

وفي الحقيقة، النظام الإيراني والأمريكي يعتبرون أنفسهم في مرحلة على عتبة المفاوضات ساعين لاستخدام وسائل مختلفة لتغيير ظروف المفاوضات لصالحهم ولزيادة قدرتهم في المساومة. إن الأداة الأساسية للنظام الأمريكي هي العقوبات والانزواء السياسي والاقتصادي لإيران، على الجانب الآخر، تسعى إيران عن طريق جيرانها في إيجاد ثغرة  للسيطرة عليها لاستخدامها في نقل نفطها في الخليج العربي. بالتأكيد خيار إيران المنشود هو تجنب التفاوض؛ لكن قدرتها على تحمل العقوبات ، خاصة فيما يتعلق بتأثيرها التراكمي بمرور الوقت، أمر مشكوك فيه. ولهذا رؤيتهم تجاه احتمالية التفاوض قوض الرغبات الأمريكية وتحمل قبول مفاد الاتفاق الجديد والذي يعد بمثابة الشر الذي لا مفر منه.

بالطبع أشكال التوتر الأخيرة تسببت في خلق ثغرة في ملف تقويض أشكال التوتر، وكذا في خلق مجال الحرب مرة ثانية، ومن غير المتوقع أن يجلس الطرفان على طاولة المفاوضات.

لكن القلق الرئيس والموضوع الذي يسيطر علي الأجهزة الأمنية والعسكرية الأمريكية هو الانخراط في حرب مستقبلها ونتائجها غامضة في الشرق الأوسط والتي ستسفر عن زيادة الصراعات العسكرية في أفغانستان، العراق وربما سوريا.

وعليه، إن استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية الراهنة هي تقليص الوجود العسكري في الشرق الأوسط، وبالتالي، فإن التركيز الرئيسي لجهود المسؤولين العسكريين والدبلوماسيين الإيرانيين هو خلق رادع ضد هجوم أمريكي محتمل ونقل رسالة مفادها أن أي اصطدام محدود سيتبدل إلي حرب شاملة .

وبطبيعة الحال، من غير المحتمل أن تقوم إيران بإجراءات انتقامية ضد أي ضربة عسكرية أمريكية محتملة، لكن ترغب في اتخاذ موقف حتي يتخذ المسؤولون الأمريكيون الجدية في حساباتهم.

والسؤال، هل حقًا إيران تمتلك قوة دفاعية وعسكرية لمواجهة أمريكا؟ فطبقًا لقول اللواء حسين سلامي القائد العام للحرس الثوري، أن أي هجوم عسكري أمريكي سيجر المنطقة والدول إلى حرب وستفضي إلي تدميرهم.

إن سيناريو المواجهة العسكرية المتوقع خطير للغاية؛ حيث أن الهجوم الأمريكي على المراكز الإيرانية، سيسفر عن سلسلة من الصراعات المباشرة بين كلا الطرفين. في الوقت نفسه، لقد استهدفت إيران السفن والقواعد الأمريكية وتستخدم بشكل خاص الهجوم على القوارب و الغواصات، بالشكل الذي كان قد هدد أحد قواد الحرس الثوري الإيراني بشدة أن الهجوم علي الغواصات النووية من شأنه أن يلوث مياه الخليج العربي وسيخلق مشكلة كبيرة لدول الخليج العربي في تأمين وتوفير مياه الشرب.

وفي السياق ذاته، إن اتساع نطاق الحرب سيسفر عن زيادة مستوي تدخل الجيش الأمريكي واستخدامه للأسلحة على نطاق واسع، وبالتالي لن يكون أمام إيران سوى الهزيمة خلال فترة الحرب المباشرة وفي حالة إصرارها علي المقاومة ستدمر البني التحتية الاقتصادية والدفاعية الخاصة بها.

العنترية الإيرانية

السياق العام يبين أنه من غير المتوقع، أن تقدم إيران مساعدة كبيرة خارج قاعدتها الاجتماعية خلال الصراع مع الولايات المتحدة وهو حاصل الآراء داخل المجتمع التي تعارض تبلور حرب ومواجهة السياسة الخارجية، كذلك الحال في لبنان والعراق أيضًا ميزان القوة الموجودة في كلا الدولتين، ورغبة الغالبية إلي الابتعاد عن تحويل الدول إلى أرض صراع أمريكي إيراني والذي من شأنه أن يضع عدد لابأس به من أوراق اللعب تحت اختيار حزب الله اللبناني والحشد الشعبي، لكن ذلك الصراع بعد مدة طويلة سيضر بالولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.

وعليه، مجموعة السيناريوهات قصيرة المدى وطويلة المدى هي سبب استقلالية ترامب، نتاج رؤى داخل الكيان السياسي الأمريكي لأجل ضبط النفس التي من الممكن أن تقي من الأساس اندلاع اصطدام عسكري مع إيران وفتح جبهة أخري للصراع في الشرق الأوسط، بالتأكيد اجتناب سيناريو الحرب مقرون بشروط أنه في حالة خروج إيران عن تحمل السيناريوهات الأمريكية وتبنيها  لاستراتيجيتها الهجومية من خلال أذرعها حتماً ستندلع حرب عسكرية لا مفر منها.

وفي الوقت الراهن، هناك أشخاص في الحزب الجمهوري أمثال بولتون، ليندسي يستدلون بأن عدول ترامب عن المواجهة العسكرية سيحفز من تبني إيران لأسلوبها الهجومي، حتي إن بعض منتقدي ترامب في الحزب الديموقراطي يعتقدون أن سياسة العقوبات ستجبر إيران علي تغيير أسلوبها وستسفر عن طريق مسدود أو حتمية اللجوء للدبلوماسية أو تعديل رغباتها والرجوع إلي طاولة المفاوضات أو المواجهة العسكرية.

إن وجود تغيرات متفاوتة يصعب  التكهن بالمستقبل، لكن هناك توقع حقيقي ألا وهو الصدام العسكري، وهذا الاحتمال أيضاً سيقوي بقرب الطرفان من عتبة المواجهة العسكرية؛ بسبب تصعيد تكلفة الصدام من قبل إيران وحلفائها إلي مستوى كبير، وسرعة المفاوضات، واحتمالية اتفاق جديد.

وختامًا، إن الأيام القريبة ستشهد تغيرات كبرى في العلاقات الإيرانية الأمريكية، ولن تستطيع إيران تحمل مزيدًا من العقوبات، وفي حالة استمرارها في تحمل تلك العقوبات للابتعاد عن طاولة المفاوضات، فسيكون أمر مشكوك فيه والواقع يشهد بذلك، لكن هي تحاول أن ترسل رسالة إلى النظام الأمريكي، بأن العقوبات لن تؤثر عليها، وخير دليل على ذلك، هو رغبة الولايات المتحدة الأمريكية بتصفير النفط الإيراني، فقامت إيران بتصديره باستخدام طرق ووسائل أخرى.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟