المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

تعزيز القمع... احتجاجات الحركة الخضراء الإيرانية التي لم تنته بعد!

الثلاثاء 25/يونيو/2019 - 06:28 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
أوميد ميمريان- عرض: مرﭬت زكريا

اندلعت موجات كبيرة من الاحتجاجات داخل الجمهورية الإسلامية منذ عشرة أعوام؛ حيث خرج ملايين المواطنين إلي شوارع طهران وهم يهتفون "أين صوتي؟" وكانت هي الاحتجاجات الأولى من نوعها التي تهز أرجاء إيران منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979.

وعليه، أشار أوميد ميمريان – نائب مدير مركز نيويورك لحقوق الإنسان في إيران و الحاصل على جائزة مؤسسة Human Rights Watch  لعام 2005 - إلي أنه من بين الصور التي لا تنسي لهذه التظاهرات كانت صور النساء و الرجال الذين يسيرون جنباً إلي جنب ليس فقط للاحتجاج على خيانة الأمانة وتزوير نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الرئيس الإيراني المتشدد "أحمدي نجاد"، ولكن أيضًا لرفض الخضوع للسلوك القمعي للحكومة الموجود في جميع جوانب حياتهم تقريبًا.

حيث تم مواجهة الاحتجاجات باعتقال قوات الأمن و الحرس الثوري لـ الألاف من المتظاهرين، وفقد المئات الأخرين حياتهم، في السياق ذاته، ظل قادة الحركة الخضراء- المرشحون السابقون للرئاسة- رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإيراني السابق "مير حسين موسوي" و  السياسي البارز "مهدى كروبي" و الناشطة السياسية "زهرة رهنورد" قيد الإقامة الجبرية منذ عام 2011.

وبنهاية عام 2009 نجحت الدولة إلي حد كبير في قمع الاحتجاجات العامة، ولكن المثير في الأمر من وجهة نظر الكاتب أنه وبعد عشر سنوات على مرور  أحداث الحركة الخضراء ظلت الطبيعة القمعية للنظام الإيراني كما هي، فضلاً عن محاولات عدة للقضاء على المعارضة السلمية.

 ويقر الكاتب بأن ذلك يحدث لأن السلطة التنفيذية تعمل في ظل وجود قائد أعلى على الرغم من أنه ليس منتخب و لكنه يتمتع بكل السلطات و الصلاحيات الموجودة داخل الدولة، وتخدم السلطة القضائية الجهاز الأمني، وما يزال صانعو السياسة منشغلين بما يجب أن تريديه النساء، ويتحركون من خلال المعاداة عميقة الجذور للولايات المتحدة الأمريكية، دون التطرق إلي الأسباب الحقيقة للأزمات الموجودة داخل الجمهورية الإسلامية.

ومن هنا يشير الكاتب إلي أنه على الرغم من موجات القمع الموجودة من قبل النظام ضد المعارضة الإيرانية في الداخل و الخارج ولكن لم تنجح الجمهورية الإسلامية في وأد الجذور التي انبثقت عنها الحركة الخضراء، فماتزال تكلفة المعارضة مرتفعة و لكن في الوقت نفسه لا يزال هناك جيل جديد من الإيرانيين بمن فيهم النساء، الشباب، الطلاب، العمال والمواطنون العاديون من جميع الطبقات الاجتماعية والاقتصادية يطالبون بالحريات المدنية والسياسية.

فعلى الرغم من أن الذين يرفعون أصواتهم يتعرضون للاعتقال، الاحتجاز، الاعترافات القسرية، التعذيب والحرمان من خلال الإجراءات القانونية الظالمة، ولكن هناك أعدادًا كبيرة من الإيرانيين ظلوا غير متحمسين لممارسة المعارضة السلمية. في الواقع، يبدو أن الجمهورية الإسلامية قد أنتجت أكثر من مجرد حلقة مفرغة من القمع والتحدي بما يساعد على تقوض شرعيتها وسلطتها.

أولاً- وسائل التواصل الاجتماعي و انتهاء المظالم

يشير الكاتب إلي أن الجمهورية الإسلامية ولدت من خلال القمع، وها هي لا تستطيع الاستغناء عنه؛ حيث اعدمت الألاف بسبب آرائهم وأنشطتهم السياسية، وقضي ألاف أخرون سنوات عديدة داخل المعتقلات، لكن خلال السنوات الأخيرة جعلت وسائل التواصل الاجتماعي هذا المشروع القمعي أكثر صعوبة على الدولة سواء في اخفاءه أو تبريره.

ففي الماضي، كان يمكن للحكومة التحكم في الأخبار والتلاعب بها بسهولة، ولكن اليوم يمكن الكشف عن كل هذه الموجات القمعية من قبل الدولة، والترويج لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وعليه، أدى تداول هذه الأخبار إلى زيادة الوعي المحلي بانتهاكات حقوق الإنسان والحقوق المدنية، مما جعل دعاية التي تبثها غير فعالة بشكل متزايد وكشف زيف روايات الحكومة.

ونتيجة لما سبق، بات العجز الكبير في الثقة من قبل المواطنين في مواجهة الدولة و المسئولين أمراً يطعن بشكل كبير في الشرعية التي يتمتع بها النظام السياسي، ويشير الكاتب إنه وفقاً لاستطلاع رأى أجرته بعض المنظمات الحقوقية يقر بأن حوالي ثلثي الشعب الإيراني يحكم على البنوك، المحاكم، النظام القضائي في البلاد بالفساد، وأكثر من نصفهم يشعرون بنفس الشيء تجاه الشرطة الوطنية.

و أقر الكاتب بأن النشطاء الحقوقيون يحاولون اللعب على وتر هذه الديناميكيات الداخلية، التي باتت قائمة على عدم استخدام العنف باستمرار كاستراتيجية رئيسية للتعامل مع النظام داخل الجمهورية الإسلامية؛ حيث تمتلك طهران تاريخ طويل من تشويه سمعة الجماعات المعارضة، بغرض سحقها و حشد الناس لسحب الشرعية من تحت أقدامها. وبالتالي، سيظهر أنه عندما تتعامل الدولة مع المحتجين السلمين بالطريقة نفسها التى تقمع من خلالها المعارضة المسلحة، فأن ستتعرض للنقد ليس فقط داخلياً، ولكن من قبل المجتمع الدولي أيضاً.

في السياق ذاته، أعربت عدد كبير من الدول التي تتمتع بعلاقات قوية مع طهران مثل البرازيل، اليابان والعديد من الدول الأوروبية، مرارًا وتكرارًا عن قلقها إزاء ارتفاع معدل عمليات الإعدام داخل الجمهورية الإسلامية واضطهادها للنشطاء السلميين؛ حيث تقوم وسائل الإعلام الدولية بانتظام باستجواب المسؤولين الإيرانيين الذين يسافرون إلى الخارج حول دوافع إسكات الدولة للمعارضة وسجن الناشطين، الأمر الذي يقابل بالنقد و الإنكار من قبلهم.

وعلى خلفية الاعتراف الدولي بخطورة وضع حقوق الانسان في إيران، قام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتعيين مراقب خاص لهذا الملف في طهران، ووثق المراقب عدة أنواع من الانتهاكات تمثلت في إعدام القاصرين، اضطهاد الأقليات الدينية ، ومضايقة وسجن نشطاء حقوق الإنسان البارزين.

               حيث وضعت هذه التقارير ضغوط متزايدة على الجمهورية الإسلامية سيما وان المنظمة الأممية أصرت على تحديد السلطات الحكومية المسئولة عن هذه الانتهاكات. ومن هنا، أدى العمل المستمر على قوانين عقوبة الإعدام في إيران من قبل الناشطين الإيرانيين مثل نرجس محمدي (الذي تقضي حاليًا عقوبة السجن لمدة عشر سنوات لجهودها في هذا المجال)، بالإضافة إلي للضغط الدولي إلى انخفاض كبير في عمليات الإعدام المبلغ عنها من 977 في عام 2015 إلى 253 في عام 2018 وفقاً لمنظمة العفو الدولية.

وعليه، تعرضت طهران لموجات غير  مسبوقة من الضغوط المحلية و العالمية على خلفية الانتهاكات التي تعرض لها الناشطين في مجال حقوق الإنسان؛ حيث تقضى المحامية البارزة "نسرين ستودة" عقوبة 12 عاماً في السجن لدفاعها عن النساء اللائي أزلن حجابهن في الأماكن العامة كشكل من أشكال العصيان المدني، والاحتجاج على حرمان القضاء من اختيار محام للمحتجزين منهم  بتهم ذات دوافع سياسية، فضلاً عن "محمد نجفى"  الذي يقضى 13 عامًا في السجن بسبب دفاعه عن السجناء والتحدث علانية ضد الانتهاكات العنيفة والوفيات التي تحدث في المعتقلات.

ثانياً- الظهير الشعبي لدعم حقوق الانسان في إيران

على الرغم من كل أشكال القمع التي تقوم بها الجمهورية الإسلامية ضد ناشطي حقوق الإنسان في طهران؛ ولكن ليس الناشطين فقط هم من يُصرون على الكفاح من أجل حقوق الإنسان و لكن ظهر ذلك لدى المواطنين العاديين أيضاً وخاصة العمال الذين يقومون بتنظيم احتجاجات سلمية ضد بعض  الانتهاكات مثل الأجور غير المدفوعة، حظر تنظيم نقابات فعالة ومستقلة وسجن القادة العماليين المستقلين.

حيث قام عمال المعدات الصناعية، صناعة السكر، والمعلمون، وسائقي الحافلات، والكثير غيرهم بتنظيم احتجاجات في جميع أنحاء البلاد على مدار العقد الماضي. وفي وقت سابق من هذا العام، لفت الناشط العمالي وممثل نقابة العمال "إسماعيل بخشي" الاهتمام الدولي إلي ما يحدث في مقاطعة خوزستان بجنوب غرب إيران؛ حيث احتج العمال لسنوات عديدة في مجمع هفت تبه لصناعة قصب السكر على الأجور غير المدفوعة.

كشفت قضية "بخشي" عن تكلفة القيام بمثل هذا النشاط؛ حيث قُبض عليه في 18 نوفمبر 2018، واحتُجز لمدة شهر تقريبًا في مركز احتجاز تديره وزارة الاستخبارات في الأهواز، و بعد  إطلاق سراحه، كتب "بخشي" رسالة مفتوحة وصف فيها أشكال التعذيب الشديد أثناء احتجازه في المعتقل. لكن محنته لم تفعل الكثير لثني العمال عن رفع أصواتهم؛ حيث اندلعت الكثير من الاحتجاجات في أجزاء مختلفة من البلاد و تم تنظيم عدد من الاعتصامات لعدة فئات تمثلت في المعلمين، السوقيين، عمال السدود، عمال وزارة الزراعة وعمال السكك الحديدية أو الاحتجاج اعتراضاً على عدم دفع أجورهم.

في النهاية، يجب أن تعي الدولة الإيرانية أن شدة الأعمال القمعية التي تقوم بها الحكومة  الذى تقوم به لا يمكن أن تثنى الإيرانيين عن محاولة التغيير، ومن الواضح أيضاً أنها لم تفهم الدرس الناتج عن حملة القمع العنيف لتظاهرات عام 2009، كما أن رفض المطالب المنادية بتحقيق العدالة و الكرامة الإنسانية لن يثنى المواطن الإيراني عن المطالبة بحقوقه المشروعة بل يعزز هذه المطالب على الصعيد الدولي قبل المحلى.

Omid Memarian, Iran’s Green Movement Never Went Away :Ten Years On, the Islamic Republic Only Strengthens What It Represses, Foreign affairs, 14/6/2019, available at:

https://www.foreignaffairs.com/articles/iran/2019-06-14/irans-green-movement-never-went-away

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟