المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مصطفى صلاح
مصطفى صلاح

اتجاهات النتائج .. الانتخابات اليونانية وفرص تشكيل الحكومة الائتلافية

الثلاثاء 30/مايو/2023 - 11:49 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

أعلن وزير الداخلية اليوناني ميخاليس ستافريانوداكيس أن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية اليونانية بلغت 48.76% قبل دقائق من إغلاق صناديق الاقتراع، كما حقق حزب رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس فوزًا كبيرًا في الانتخابات التشريعية التي انعقدت في 21 مايو 2023. ووفق النتائج، فقد حاز حزب الديمقراطية الجديدة الحاكم منذ أربع سنوات على 40,8 بالمئة، متفوقا على حزب المعارضة اليساري سيريزا، الذي حكم من 2015 إلى 2019، والذي حصل على 20,1 بالمئة. ومن المتوقع أن يواجه ميتسوتاكيس صعوبة في تشكيل حكومة مستقرة.

وبالتالي، سيكون أمام الأحزاب السياسية اليونانية الشديدة الانقسام 9 أيام لإيجاد شركاء للانضمام إلى ائتلاف حكومي، وإلا ستجرى انتخابات جديدة بعد شهر تقريبا، خاصة وأن النظام الانتخابي الجديد الذي يعتمد على التمثيل النسبي يجعل من غير المحتمل أن يتمكن أي شخص يفوز في الانتخابات من الحصول على مقاعد كافية في البرلمان اليوناني المكون من 300 عضو لتشكيل حكومة دون البحث عن شركاء في الائتلاف.

وتعتبر هذه الانتخابات هي الأولى منذ أن توقف اقتصاد البلاد عن الخضوع لإشراف ورقابة صارمة من قبل المقرضين الدوليين الذين قدموا أموال الإنقاذ خلال أزمة البلاد المالية التي استمرت ما يقرب من عقد من الزمان.

اتجاهات متعددة

أعلن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس فوز حزبه في الانتخابات البرلمانية قائلًا إن لديه تفويضًا لتشكيل حكومة قوية ذاتية الحكم. وتجب الإشارة هنا إلى أنه في انتخابات عام 2019 ، تصدر حزب "الديمقراطية الجديدة" الانتخابات البرلمانية في البلاد بنسبة 39.85 بالمئة ، فيما جاء سيريزا بالمرتبة الثانية بنسبة 31.53 بالمئة.

وبالتالي، ستمنح رئيسة اليونان كاترينا ساكيلاروبولو الأحزاب الثلاثة الكبرى، وهي الديمقراطية الجديدة وسيريزا وحزب باسوك الاشتراكي، مهلة 3 أيام لكل منها لتشكيل حكومة ائتلافية. وإذا فشلت الأحزاب كلها في هذه المهمة، فستعين الرئيسة حكومة انتقالية تقود البلاد لحين إجراء انتخابات جديدة بعد شهر تقريبا. لكن الانقسامات العميقة بين الحزبين الرئيسيين وأربعة أحزاب أصغر من المتوقع أن تدخل البرلمان، تعني أنه سيكون من الصعب الوصول إلى ائتلاف، ما يجعل انتخابات ثانية مرجحة في الثاني من يوليو المقبل. وستجرى الانتخابات الثانية بموجب قانون انتخابي جديد يسهل على الحزب الفائز تشكيل حكومة بمنحه ميزة إضافية تصل إلى 50 مقعدا.

وعلى الرغم من هذه التحديات، تمثل هذه النتيجة دافعًا لميتسوتاكيس الذي وجدت حكومته نفسها في مواجهة قضايا شائكة مثل التنصت على المكالمات الهاتفية وجائحة كوفيد-19 وأزمة تكلفة المعيشة وحادث القطار الدامي في فبراير الماضي، وهو ما أثار غضبا شعبيا. وفي المقابل، تعد النتيجة كارثة بالنسبة لحزب سيريزا وزعيمه أليكسيس تسيبراس، والذي وصل إلى السلطة في عام 2015 على خلفية استياء الناخبين من الأحزاب الأخرى، بسبب تعاملها مع أزمة الديون التي عصفت بالاقتصاد اليوناني لأكثر من عشر سنوات. في حين وجه تسيبراس نداءات إلى زعيم حزب باسوك كينال الاشتراكي نيكوس أندرولاكيس من أجل تشكيل تحالف، لكن الأخير وضع شروطا.

خريطة متشابكة

تنافس في هذه الانتخابات نحو 36 حزبًا على 300 مقعد في البرلمان. وتحتل أزمة تكلفة المعيشة مركز الصدارة في الحملة الانتخابية؛ إذ تحاول الأحزاب جذب الناخبين من خلال تعهدات بزيادة الحد الأدنى للأجور وتوفير فرص عمل. وكان لارتفاع الأسعار تأثير كبير على اليونانيين الذين انخفضت مستويات معيشتهم خلال أزمة الديون التي استمرت عقدا من الزمن. فبعد أن كانت اليونان على شفا الخروج من منطقة اليورو في ذروة أزمة ديونها عام 2015 قدم ميتسوتاكيس -الذي انتخب في عام 2019- نفسه عبر حملته الانتخابية على أنه الاختيار الأمثل للخروج من الأزمة، ليفوز في ذلك الوقت بأقل قليلا من 10 ملايين صوت.

وتعهد حزب الديمقراطية الجديدة بتخفيض الضرائب، وخصخصة الخدمات في البلاد، التي لا تزال تشعر بآثار الأزمة المالية لعام 2008، من جهته أشار خصمه تسيبراس إلى إمكان إجراء انتخابات جديدة قائلاً إن "الدورة الانتخابية لم تنته بعد". وشدد على أن المعركة المقبلة ستكون "حاسمة ونهائية". لكن تسيبراس (48 سنة) الذي كان وعد بـالتغيير تكبد خسارة كبيرة؛ حيث لم ينس اليونانيون قط تعنته في مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي حول خطة إنقاذيه عام 2015، في مواجهة كادت أن تخرج البلاد من منطقة اليورو. وهو رضخ في نهاية المطاف وأقر تدابير تقشف جذرية تلبية لشروط الجهات الدائنة لليونان.

على الجانب الآخر، نال حزب ميتسوتاكيس 145 مقعدًا نيابيًا من أصل 300، لذلك سيحتاج إلى ستة مقاعد إضافية لنيل الغالبية المطلقة. وفي بلد لا تستند ثقافته السياسية إلى الحلّ الوسط، استبعد ميتسوتاكيس خلال الحملة الانتخابية تشكيل ائتلاف، في حين أشارت النتائج الأولية إلى فشل حزب "الفجر الذهبي" اليميني المتطرف، في تحقيق الحد الأدنى من الأصوات، اللازم لدخول البرلمان وهو 3 في المئة، وذلك بفارق ضئيل حيث سيحصل على 2.95 في المئة من الأصوات. ومن المتوقع أن يتجاوز حزب "الحل اليوناني" القومي الموالي لروسيا وحزب "ميرا 25"، وهو حزب يساري يتزعمه وزير المالية السابق يانيس فاروفاكيس، الحد الأدنى اللازم لدخول البرلمان، كما حصل حزب "حركة من أجل التغيير"، الذي يمثل تيار يسار الوسط، على 7.9 في المئة من الأصوات، تلاه الحزب الشيوعي بنسبة 5.4 في المئة.

وتنافس عدد كبير من الأحزاب الصغيرة أيضا على الأصوات، على الرغم من أن قلة قليلة فقط من المرجح أن يكون لديها أي فرصة للوفاء بالحد الأدنى البالغ 3 بالمائة من الأصوات للحصول على مقاعد في البرلمان اليوناني المكون من 300 مقعد. ومن المرجح أن يكون حزب باسوك الاشتراكي، الذي كان يهيمن على السياسة في البلاد في يوم من الأيام، في قلب أي محادثات ائتلافية.

وكان حزب باسوك غير قادر على تجاوز نسبة 10 بالمائة من الأصوات منذ أن تفوق عليه حزب سيريزا خلال الأزمة المالية في اليونان (2009-2018). وكان زعيمه، نيكوس أندرولاكيس (44 عاما) في قلب فضيحة تنصت على مكالمات هاتفية تعرض فيها هاتفه للمراقبة. ورغم أهمية حزب باسوك في أي اتفاق ائتلاف، ثمة علاقة متوترة بين أندرولاكيس وميتسوتاكيس، الذي يتهمه بالتستر على فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية، وهو ما يعني أن إبرام اتفاق مع المحافظين أمر غير محتمل. كما أن علاقته مع تسيبراس سيئة أيضا، حيث يتهمه بمحاولة اقتناص ناخبي باسوك.

الجدير بالذكر أن هذه الانتخابات جاءت في ظل تراجع القوة الشرائية وصعوبة تغطية النفقات الشهرية للعائلات وهما أهم ما يشغل السكان الذين قدموا تضحيات مؤلمة في السنوات العشر الماضية؛ حيث يضطر عدد كبير من اليونانيين إلى الاكتفاء بأجور منخفضة وفقدوا الثقة بالخدمات العامة التي تقلصت إلى حدودها الدنيا بسبب إجراءات تقشفية. وفي الوقت نفسه، ما زال البلد يرزح تحت دين يشكل 170 في المئة من إجمالي ناتجه المحلي. كما لامس التضخم 10 في المئة العام الماضي، مما فاقم صعوبات اليونانيين.

في الختام: بعد الفوز الكبير الذي حققه حزب رئيس الوزراء اليوناني اليميني كيرياكوس ميتسوتاكيس في الانتخابات التشريعية، تتجه اليونان نحو اقتراع جديد لضمان تشكيل حكومة مستقرّة، وعلى الرغم من أن الفارق بعشرين نقطة بين الحزبَين هو الأكبر منذ عودة الديموقراطية إلى اليونان في عام 1974، إلا أنه رئيس الوزراء اليوناني المنتهية ولايته كيرياكوس ميتسوتاكيس دعا غداة فوز كبير لحزبه في الانتخابات التشريعية، إلى اقتراع جديد في 25 يونيو سعيًا لغالبية مطلقة تمكّن معسكره السياسي من تولي الحكم منفردًا في الحكومة. وقال ميتسوتاكيس خلال اجتماع مع رئيسة الجمهورية كاترينا ساكيلاروبولو "نتجه نحو انتخابات جديدة ... في أسرع وقت ممكن"، مشيرًا إلى استحالة تشكيل حكومة جديدة في ظلّ البرلمان الحالي. وعلى الرغم من ذلك فإن منتقدي ميتسوتاكيس يتهمونه باتباع نزعة استبدادية، خصوصًا أن فترة حكمه شهدت فضائح وعمليات تنصت غير قانونية على مكالمات هاتفية وإعادة قسرية للمهاجرين وأعمال عنف من جانب الشرطة.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟