المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
أحمد سامي عبد الفتاح
أحمد سامي عبد الفتاح

كليشدار أوغلو والرئاسية التركية.. تغييرات محتملة في سياسات تركيا الخارجية

الجمعة 19/مايو/2023 - 02:16 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

تشهد تركيا في 28 مايو انتخابات مصيرية، رئاسية، في وقت تعاني فيه البلد من أزمات اقتصادية حادة نتيجة تراجع سعر صرف العملة الوطنية مقابل الدولار. كما تعاني البلاد من تضييق على الحريات، وفقا لوصف التحالف السداسي الذي يقوده كليشدار أوغلو مرشح الحزب الجمهوري لرئاسة الجمهورية. في هذا المقال، نستعرض أهم ملامح السياسة الخارجية لتركيا أثناء حكم العدالة والتنمية، ونقدم لمحات حول التغيير الذي يمكن أن يطرأ في حالة وصول الشعب الجمهوري للحكم.

تركيا والعدالة والتنمية

تحت قيادة أردوغان، اتبعت تركيا سياسة خارجية حازمة، تتميز بدور أكثر نشاطًا في الشرق الأوسط ونهج أكثر تصادمية تجاه حلفائها الغربيين. وشمل ذلك دعم الفصائل الإسلامية في سوريا، والتدخل في الصراع الليبي، والانخراط في هجوم عسكري ضد الجماعات الكردية في سوريا. علاوة على  ذلك، استخدمت تركيا سياسة أكثر عنفا تجاه الصراعات في الشرق الأوسط وأقامت تحالفات عسكرية تسمح لها بالتمدد خارج أراضيها، فعلى سبيل المثال، قدمت تركيا كل أنواع الدعم لحكومة أذربيجان ضد أرمينيا في إقليم كاراباخ الذي كانت تحتله أرمينيا. كما أقامت تركيا علاقات متوازنة مع أوكرانيا مكنتها من ارسال طائراتها المسيرة بدون طيار دون أن يؤثر ذلك على علاقاتها بروسيا. أيضا، ذهبت تركيا إلى الصومال حيث أقامت أكبر قاعدة عسكرية بدون طيار، وهو الأمر الذي ترفضه المعارضة.

وفي نفس الصدد، تدخلت تركيا في الأزمة الخليجية التي نشبت في 2017 حينما قررت دول الخليج مقاطعة قطر وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، حيث وقعت تركيا تحالفا عسكريا مع قطر مكنها من نشر قوات عسكرية في الدوحة بهدف حماية البلاد من أي محاولات لغزو خارجي محتملة.

وفيما يتعلق بروسيا، تبني حزب العدالة والتنمية سياسة خارجية تقاربية مع روسا نجمت عن توقيع اتفاقيات عسكرية بين البلدين سمحت لروسيا بتصدير تكنولوجيا اس 400 لتركيا فضلا عن المشاركة في إنتاج هذه المنظومة في تركيا. وقد أدي هذا الأمر لتوتر العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة التي استبعدت تركيا من منظمة إنتاج المقاتلة اف 35 التي تعتبرها الولايات المتحدة الأحدث في العالم. وقد بررت الولايات المتحدة موقفها بأن ربط مقاتلة اف 35 بمنظومة الدفاع الجوي اس 400 سوف يساعد الروس في الحصول على شفرة المقاتلة، ما قد يقلل من فعاليتها على التخفي و يساعد الروس في استهدافها مستقبلا في أي حرب.

تغييرات محتملة

من المعروف أن حزب الشعب الجمهوري حزبا علمانيا يعادي استخدام الدين في الحياة العامة. ورغم أن الحزب يسير على خطى أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية الحديثة، إلا أنه قد تبني مجموعة من السياسات المختلفة عن نهج أتاتورك. فعلى سبيل المثال، أتاتورك كان قوميا معاديا للأكراد، بينما حزب الشعب الجمهوري قرر التحالف مع الأكراد في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، لدرجة أن مرشحي حزب الشعوب الديمقراطي الكردي بدأوا يتحدثون عن إقامة مناطق حكم ذاتي لهم في تركيا وسوريا في حالة فوز تحالف الطاولة السداسية في الانتخابات.

بشكل عام، يعد تحالف الطاولة السداسية بتغييرات كبيرة في سياسة تركيا الخارجية. بالنسبة لسوريا، تعهد كليشدار أوغلو بإعادة العلاقات مع نظام الأسد واعادة اللاجئين السوريين البالغ عددهم قرابة الثلاثة ملايين ونصف إلى سوريا في خلال عامين. كما تعهد بسحب القوات التركية من الأراضي الروسية.

فيما يتعلق بالعلاقات مع روسيا والولايات المتحدة، انتقد أوغلو موقف تركيا الحالي المتقارب مع روسيا، وتعهد بالابتعاد عنها والاقتراب أكثر من الولايات المتحدة والغرب بصفته عضوا في حزب الناتو. وعن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، يرى تحالف الطاولة السداسية أن تركيا قد تبنت سياسة عدوانية مع الاتحاد الاوروبي قبل ان تقوم بتحويل بوصلتها نحو الغرب. وفي هذا الإطار، تعهد أوغلو باعادة البوصلة من جديد نحو الغرب حتى في حالة رفض الغرب انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، لكنه أكد أنه سوف يعمل على منح الأتراك تأشيرة الدخول بدون تأشيرة إلى أوروبا. من الجدير بالذكر أن تركيا قد وقعت اتفاق يسمح للأتراك بالدخول إلى أوروبا بدون تأشيرة في عام 2015، إلا أنه لم يتم تنفيذه، وقد انتقدت تركيا الاتحاد الأوروبي بسبب ذلك. فيما يتعلق بالسويد، فقد تعهد أوغلو بقبول عضوية السويد في الحلف فور فوزه بالرئاسة، معتقدا أن تمدد الناتو يصب في صالح أمن تركيا القومي.

فيما يتعلق بالوجود العسكري التركي في الخارج، فقد انتقد أوغلو وجود قوات تركية في قطر، كما انتقد أيضا وجود قوات تركيا في الصومال، قائلا" ماذا نفعل هناك"، متعهدا بمراجعة سياسات وجود القوات العسكرية التركية في الخارج، في اشارة واضحة إلى رغبته في سحب هذه القوات. فيما يتعلق الأزمة بين أذربيجان وأرمينيا، لم يكن لأوغلو موقف واضح مختلف عن العدالة والتنمية، لأن أغلبية الأتراك يشعرون بإلزام لمساعدة أذربيجان باعتبارها دولة تتحدث التركية.

في النهاية، تعد الانتخابات المقبلة مصيرية في تركيا، كما أنها تعد استفتاء على شعبية النظام الرئاسي الذي قام العدالة والتنمية بتبنيه قبل عدة سنوات. وقد تعهد حزب الشعب الجمهوري باعادة البلاد إلى النظام البرلماني مرة أخرى.إذا تولى زعيم جديد السلطة في تركيا ، فمن المحتمل أن يتبنى نهجًا مختلفًا للسياسة الخارجية. قد يسعون إلى إصلاح علاقات تركيا مع حلفائها الغربيين، ولا سيما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتي توترت تحت قيادة أردوغان. قد يسعون أيضًا إلى تقليل مشاركة تركيا في النزاعات الإقليمية والتركيز بشكل أكبر على التنمية الاقتصادية والقضايا المحلية. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن السياسة الخارجية لتركيا تتشكل من خلال مجموعة من العوامل ، بما في ذلك السياسة الداخلية والمخاوف الأمنية والديناميكيات الإقليمية. من المرجح أن تكون أي تغييرات في القيادة مصحوبة بتحولات في هذه العوامل الأساسية، والتي يمكن أن تؤثر بدورها على سياسة تركيا الخارجية بطرق لا يمكن التنبؤ بها.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟