المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
أحمد سامي عبد الفتاح
أحمد سامي عبد الفتاح

مفاوضات السلام الكورية.. تحدي مستمر

السبت 24/ديسمبر/2022 - 02:04 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

منذ توقيع اتفاقية الهدنة لعام 1953 التي أبرمت هدنة عسكرية على شبه الجزيرة الكورية، تم بذل المساعي لتحقيق تسوية سلمية للنزاع الكوري. ومنذ تلك الفترة، لم تشهد الجارتان أحداث عنف بخطورة تلك التي حصلت في سنوات الحرب. لكن العنف لم يغب عن المشهد بشكل مطلق. ففي عام 2010، قُتل خمسون كورياً جنوبياً في حادثة اتُهمت فيها سيول كوريا الجنوبية بالوقوف خلفها.  ونهدف مفاوضات السلام بشكل رئيسي إلى إعلان رسمي لنهاية الحرب. بمعنى آخر، استبدال الهدنة التي استمرت لأكثر من 65 عاماً بمعاهدة سلام حقيقية بين البلدين. وفي حال تم الوصول إلى صيغة لإعلان نهاية الحرب، ستستمر المفاوضات القانونية والسياسية لسنوات من أجل الاتفاق على تفاصيل معاهدة السلام.

الدور الأمريكي في مفاوضات السلام

أكدت واشنطن عدة مرات أن أي إعلان لنهاية الحرب بين الكوريتين يتوقف أولاً على كشف بيونغ يانغ عن محتويات برنامجها النووي. فيما تطالب كوريا الشمالية بإعلان السلام قبل القيام بأية خطوة أو تنازل فيما يخص ملفها النووي. ويعد هذا التضارب نقطة أساسية في عدم التوصل لأي اتفاق سلام حتى هذه اللحظة. ويبرهن ذلك وجود أزمة ثقة بين الطرفين بشكل كبير. بالنسبة للولايات المتحدة، تخشى أن تزيد معاهدة السلام من نفوذ كوريا الشمالية وحلفائها في مجلس الأمن روسيا والصين. حيث تعتقد واشنطن أن ذلك سيسمح لخصومها بعرقلة أية مشاريع ضد ملف كوريا الشمالية النووي والاكتفاء بتقديم تنازلات جزئية.

خلال القمة بين الكوريتين في 27 أبريل 2018، وقع كيم جونغ أون ومون جاي إن إعلان بانمونجوم؛ تضمن الإعلان اتفاقية حول الجهود المشتركة وبنود العمل لتحويل اتفاقية الهدنة إلى معاهدة سلام بالتعاون مع الولايات المتحدة والصين. أيضا، خلال قمة ترامب-كيم 2018، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكيم بيانًا مشتركًا أعاد تأكيد إعلان بانمونجوم.

اتفق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون على تسريع عملية نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية من خلال بناء علاقة جديدة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، وقد تم توقيع بيان مشترك في 12 يونيو 2018. طلب كيم من الولايات المتحدة إنهاء الحرب الكورية رسميًا (1950-1953) لوضع اللمسات الأخيرة على جدول نزع السلاح النووي. ورغم أن اللقاءات الرسمية تعد تطور ملموس في المفاوضات الا البرنامج النووي يعد العقبة الأولى لإتمام هذه المفاوضات، حيث تعتبر كوريا الشمالية سلاحها النووي نقطة هامة للحفاظ على أمنها وتخشى من فكرة الغزو في حالة تم التخلص من سلاحها النووي.

الدور الصيني والروسي في المفاوضات والوساطة

هناك وساطة مستمرة مع الكوريتين والولايات المتحدة والصين حول إنهاء الحرب الكورية رسميًا. على الرغم من أن كوريا الشمالية والجنوبية تفضلان إعلان نهاية الحرب أولاً، إلا أن الصين تؤيد معاهدة سلام تكون ملزمة قانونًا لجميع الأطراف. تفضل الولايات المتحدة بيانًا ثنائيًا مع كوريا الشمالية تحسباً للمخاوف الصينية بشأن وجود القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية.

تمتلك الصين نفوذا كبيرا على كوريا الشمالية لكونها دولة يحكمها نظام شيوعي، حتى وأن كان يطبق الرأسمالية اقتصاديا، إلا أن نظام الحكم سياسيا يتم من حلال الحزب الاشتراكي. ورغم الحظر الدولي المفروض على كوريا الشمالية، إلا أن السفر من وإلى كوريا الشمالية لا يمكن أن يتم الا من خلال الصين. علاوة على ذلك، تلعب أنظمة الحكم الاشتراكية في البلدين دورا هاما في التقريب بين النخبة الحاكمة في البلدين. وعليه، لا يمكن ان يتم التوصل لاتفاقية سلام بين الكوريتين دون أن تلعب الصين دورا هاما فيها. وقد أكد الرئيس ترامب ذلك بنفسه حينما انتقد الصين في 2018 بعد أن أعلن إلغاء لقائه المنتظر مع رئيس كوريا الشمالي، حيث قال إن الصين لديها النفوذ لإجبار كوريا الشمالية على إيقاف التجارب النووية، إلا أنها ترفض استخدام ذلك النفوذ.

بالنسبة للروس، فإنهم بكل تأكيد يدعمون فكرة إخلاء شبة الجزيرة الكورية من السلاح النووي، وإن كانوا يمتلكون القدرة على المناورة من خلال استخدام كوريا الشمالية كنقطة ضغط على الولايات المتحدة واليابان. لكن بشكل عام، تفضل روسيا حل القضية بشكل دبلوماسي وسياسي بدلا من أن يتم اللجوء للحل السياسي.

اقترح بوتين أن يوقف ترامب التدريبات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية خلال اجتماع دبلوماسي عام 2017 في ألمانيا، ووافق ترامب على تعليق "المناورات الحربية" مع كوريا الجنوبية خلال قمة ترامب وكيم في عام 2018. بكل تأكيد، لا ترغب روسيا في رؤية أي تهور من كوريا الشمالية بشأن أسلحتها النووية، لكنها تدرك بكل تأكيد أن كوريا الشمالية لديها مخاوف أمنية. ولذلك، تفضل موسكو أن تبدأ المفاوضات أولا دون أن يتم إعلان انهاء الحرب رسميا، على أن يتم إنهائها من خلال اتفاق سلام ملزم. بطبيعة الحال، لن تقبل كوريا الجنوبية هذا الأمر دون التخلص من الأسلحة النووية لكوريا الشمالية. ولذلك، تدعم موسكو أن تقوم كوريا الشمالية بالتخلص الجزئي من ترسانتها النووية بالتزامن مع تحقيق تقدم في المفاوضات.

في النهاية، يعد هذا الملف من أكثر الملفات تعقيدا في العالم لأن الأسلحة النووية تشكل تهديدا للعالم أجمع. علاوة على ذلك، سوف تعد المفاوضات مع كوريا الشمالية معيارا للتفاوض مع الدول التي تسعى لامتلاك سلاح نووي مثل إيران، بمعنى أنه إذا نجحت المفاوضات في إقناع كوريا بالتخلي عن أسلحتها النووية مقابل حوافز اقتصادية ودمجها في المجتمع الدولي، فإنه سوف يكون مؤشرا جيدا لإيران للتخلي عن مساعيها النووية.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟