المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مصطفى صلاح
مصطفى صلاح

حماة النيل: مسارات التعاون المصرية – السودانية

الإثنين 07/يونيو/2021 - 11:52 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

في تصعيد واضح لسقف خياراتهما في أزمة سد النهضة، مع اقتراب إثيوبيا من الملء الثاني للسد، نظمت مصر والسودان مناورة عسكرية تبدو ضخمة تحت اسم "حماة النيل"، وقد اكتملت الاستعدادات لانطلاق المشروع التدريبي السوداني المصري المُشترك، تحت اسم حماة النيل، والذي سيجري في السودان من 26 إلى 31 مايو 2021، ويشارك في المشروع التدريبي عناصر من كافة التخصصات في الجيشين المصري والسوداني، وفق ما ذكر بيان للإعلام العسكري في السودان، وذلك بهدف توحيد أساليب العمل للتصدي للتهديدات المتوقعة للبلدين خاصة أن هذه المناورات تتزامن مع تعثر مفاوضات سد النهضة، ومن ثم تهدف جميعها إلى تبادل الخبرات العسكرية وتعزيز التعاون في مواجهة التهديدات المستقبلية، تتمسك مصر والسودان بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي يحفظ منشآتهما المائية، ويضمن استمرار تدفق حصتيهما السنوية من مياه نهر النيل، وهي 55.5 مليار متر مكعب و18.5 مليار متر مكعب على التوالي.

والجدير بالذكر أن  الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أعلن من العاصمة الفرنسية باريس، خلال مشاركته في مؤتمر باريس لدعم المرحلة الانتقالية في السودان، بأن هناك التزام من جانب مصر ببذل كل الجهود لمساندة الخطوات التي اتخذتها الحكومة السودانية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والتخلص من ديونه المتراكمة وتخفيف أعبائه التمويلية، بالإضافة إلى المشاركة في المبادرة الدولية لتسوية مديونية السودان من خلال استخدام حصة مصر لدى صندوق النقد الدولي لمواجهة الديون المشكوك بتحصيلها، وذلك بعدما اتخذت السودان خطوات كبيرة في اتجاه الإصلاح الهيكلي للاقتصاد، بما يعكس إرادة سياسية حقيقية لإنجاح المرحلة الانتقالية، كما أعلن السيسي استعداد مصر لنقل التجربة المصرية في الإصلاح الاقتصادي وتدريب الكوادر السودانية.

تعاون ممتد

تأتي مناورة حماة النيل امتدادًا للتعاون التدريبي المُشترك بين مصر والسودان، وكانت مصر والسودان قد وقعتا اتفاقية للتعاون العسكري بين البلدين، على هامش زيارة رئيس أركان الجيش المصري الفريق محمد فريد إلى الخرطوم. وتعد حماة النيل بمثابة مناورة مختلطة مشتركة بين القوات المسلحة السودانية والمصرية تشارك فيها كل من القوات البرية، والجوية وقوات الدفاع الجوي من الجانبين ستنفذ بمناطق أم سيالة، والأبيض ومروي وهي امتداد لتمارين سابقة تم تنفيذها كتمرين (نسور النيل ١ و٢) بمروي وتمرين (سيف العرب ٢) بالإسكندرية بمشاركة القوات السودانية. ولعل الهدف الرئيسي لهذه التدريبات باعتبارها ضمن بروتوكولات موقعة مسبقًا مع الدول الشقيقة والصديقة يأتي دعمًا لأواصر التعاون العسكري المشترك وتبادل الخبرات وتوحيد المفاهيم العسكرية وصولًا لاحترافية العمل العسكري.

وفى الفترة الأخيرة قامت وزارة الموارد المائية والرى بعمل الكثير من المشروعات فى السودان أهمها حفر آبار جوفية ومنشآت لحصاد مياه الأمطار فضلًا عن تبادل الخبرات فى مجال الأبحاث ووضع برامج تدريب لإدارة الموارد المائية بشكل أفضل. كما تم إنشاء الهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل بناء على اتفاقية مياه النيل الموقعة بين مصر والسودان عام 1959، بهدف تحقيق التعاون الفني بين البلدين والسير في البحوث والدراسات اللازمة لمشروعات ضبط النهر وزيادة إيراده واستمرار الرصد المائي على النهر في أحباسه العليا.

ومن جانب آخر تُعد هذه المناورات بمثابة أداة ضغط على أديس أبابا التي لا تدرك تداعيات هذه المناورات وهل تأخذها بمأخذ الجد وتقوم برد عسكري أو تُوقف ملء السد أو على الأقل تستدعي قوات الاحتياط، خاصةً أن وزير الخارجية المصري سامح شكري قال إن القاهرة تتابع ساعة بساعةٍ تطورات السد، وفي ذلك إشارة إلى أن رد الفعل المصري في أزمة سد النهضة مرتبط بالسلوط الإثيوبي.

وضمن هذا السياق دفعت إثيوبيا بحشود عسكرية ومليشيات من الأمهرا إلى الأراضي السودانية، وذلك نحو مستوطنة قطراند الواقعة داخل أراضي منطقة الفشقة السودانية، واتجهت نحو مستوطنة قطراند وهي مزودة بعتاد حربي ورشاشات قناصة ومدافع ودبابات، ويمكن الإشارة هنا إلى أن هذه التحركات العسكرية من جانب إثيوبيا جاءت بعد معارك وقعت خلال الأيام الماضية بين الجيش السوداني والقوات الإثيوبيةح حيث نجح السودان في استعادة 20 ألف فدان كان يسيطر عليها الإثيوبيون منذ عام 1995. وكانت الحكومة السودانية أعلنت في يناير 2021 أن 17 منطقة و8 مستوطنات داخل حدوده الشرقية، كانت محمية بمليشيات إثيوبية، قبل أن يبدأ الجيش السوداني حملة عسكرية في نوفمبر 2020 لينجح في استعادة 90% من هذه الأراضي.

تداعيات محتملة

اعتادت مصر على أن تعمق أواصر علاقاتها مع الدول الإفريقية، وقد انتهجت السياسة الخارجية المصرية اتجاهات لدعم التعاون الدائم اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا مع دول القارة لأن مصر جزء لا يتجزأ منها، ومن ثم  قامت مصر بمشروعات كثيرة بها ولكن السودان كان له الحظ الأوفر لاشتراكه مع مصر فى الحدود وفى نهر النيل وفى بعض القضايا المشتركة أهمها سد النهضة الإثيوبى الذى يهدد المستقبل المائى للبلدين.

من المؤكد أن أهمية هذه التدريبات بالإضافة إلى المكونات المشاركة فيها تتعدى أهميتها المسمى الذي أطلق عليها وهو حماة النيل أي أن هذه التدريبات بالإضافة إلى الأهداف المعلنة  تهدف بالأساس إلى حماية الحقوق التاريخية للدولتين في مياه النيل في مواجهة التعنت الإثيوبي.

وضمن هذا الإطار يبقى العنصر الزمني عامل ضغط كبير في أزمة سد النهضة في ظل التصريحات الإثيوبية بأنها تنوي إجراء الملء الثاني للسد في موعده المقرر في يوليو 2021، وهو ما أثار مخاوف مصر والسودان من تراجع حصتهما من المياه. ومن ثم فإن تعاون مصر مع السودان في مختلف المجالات سيلقي بظلاله على مستوى التنسيق الثنائي حول مواجهة التهديدات المستقبلية، خاصة وأن هذا التعاون يأتي بعدما تزايدت الانتقادات الأمريكية للتوجهات الإثيوبية المتعلقة بتهديد الأمن والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي، بالإضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان في إقليم التجراي.

لقد عالجت مصر الكثير من جوانب التراجع في العلاقات مع السودان خلال مرحلة ما قبل الثورة أثناء حكم الرئيس السابق عمر البشير، وهو الأمر الذي ظهرت تداعياته بصورة كبيرة في تنسيق الجهود وتوحيد الأهداف في ملف سد النهضة، ودعم السودان في استعاده نفوذه على الأراضي التي سيطرت عليها إثيوبيا من قبل، بالإضافة إلى توضيح المخاطر التي سيترتب عليها شروع إثيوبيا في تنفيذ الملء الثاني دون اتفاق قانوني.

المراجع:

1) الجيش المصري في السودان... ما هي الأسباب؟، على الرابط: https://cutt.us/rTDhs

2) مصر والسودان إيد واحدة .. مشروعات وتدريبات لدعم الموارد المائية، على الرابط: https://www.elbalad.news/4824664

3) "حماة النيل".. السودان يعلن هدف ثاني تدريب عسكري مع مصر في شهرين، على الرابط: https://al-ain.com/article/sudan-egypt-military-training

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟