المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مرﭬت زكريا
مرﭬت زكريا

دوافع متعددة ...لماذا ترغب إيران في تحسين علاقتها مع الرياض؟

الثلاثاء 11/مايو/2021 - 05:03 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

كشفت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية في 18 إبريل الجاري عن انعقاد  محادثات مباشرة بين مسؤوليين سعوديين وإيرانيين رفيعى المستوى في العراق في محاولة لإصلاح العلاقات بين الطرفين، تعتبر الجولة الأولى من هذه المحادثات والتى جرت في 9 أبريل 2021 هي أولى المناقشات السياسية بين البلدين، بعد خمس سنوات من القطيعة الدبلوماسية منذ عام 2016، وتأتي في سياق مجموعة من القضايا الهامة بما يتضمن المفاوضات النووية بين إيران ومجموعة (4+1)، وتصاعد حدة التوترات الإقليمية، فضلاً عن رغبة طهران في تعزيز نفوذها بالمنطقة بالتوازى مع عودة الولايات المتحدة الأمريكية لخطة العمل المشتركة الشاملة لعام 2015. 

وفي ضوء ذلك، يمكن توضيح دلالات توقيت عقد هذه المحادثات على النحو التالي:

أولاً- الحفاظ على نفوذها بالمنطقة

ربما تتمثل أبرز دوافع طهران من وراء عقد محادثات مع المملكة العربية السعودية في هكذا توقيت فى تأمين استمرار نفوذها المتصاعد بالمنطقة خلال الفترة القادمة؛ حيث يمكن أن يوفر التعاون مع الرياض موطئ قدم دائم لطهران في شبه الجزيرة العربية على غرار ما يوفره حزب الله  لها في بلاد الشام، وهو ما يأتي بالتوازى مع عقد إيران لاتفاقية التعاون الاستراتيجي الشامل مع بكين والتى تقضي بضخ الجانب الصيني لحوالي 400 مليار دولار في كافة قطاعات الاقتصاد الإيراني بما يتضمن قطاع الطاقة، والبتروكمياويات، والنقل، وتطوير السكك الحديدية، والمطارات والموانئ. وعليه، ستحاول إيران بذل المزيد من الجهود للحفاظ على مصالحها التى من المتوقع أن ترتبط بهذه الاتفاقية.

ورغم أنه من المحتمل أن تودى التفاهمات السعودية الإيرانية إلى الحد من نفوذ إيران المتصاعد في المنطقة ولكن من غير المتوقع أن تتخلى إيران عن هذا النفوذ بشكل كامل، بل يمكن أن يتزايد بالتوازى مع الخطة الأمريكية الجديدة لسحب عدد كبير من القوات العسكرية التابعة لها في الشرق الأوسط، والتاريخ الطويل من التنافس بين الرياض وطهران، سواء فيما يتعلق بالمواقف المتعارضة من  الحروب في سوريا، والأزمة السياسية في لبنان وتصاعد الدور الإيراني في العراق، ومع ذلك، قد تكون المسألة اليمنية هى الأكثر استعصاءًا على الحل، إنطلاقًا من الدور الكبير الذى لعبه كلا الطرفين في هذه القضية.  وفي الوقت نفسه، قد تبدو رغبة إسرائيل في تعزيز العلاقات مع المملكة العربية السعودية مقلقة بالنسبة للجانب الإيراني، لذا، يبدو أن حوار طهران الواضح مع الرياض يهدف إلى تجنب العزلة وصد النفوذ الإسرائيلي في الخليج.

ثانيَا- دعم محادثات فيينا

تشير الرغبة الإيرانية في عقد محادثات مع المملكة العربية السعودية لتصفية الخلافات القائمة فيما بينهما في هكذا توقيت إلى محاولتها تحسين علاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية ومجموعة (4+1)، الأمر الذى من شأنه أن يساعدها في تسريع وتيرة هذه التفاهمات وتقديم أقل قدر ممكن من التنازلات ولاسيما في ظل التضامن السعودى الأمريكي في مواجهة التهديدات الإيرانية لأمن دول الشرق الأوسط. ومن ناحية أخرى، تهدف طهران من خلال هذه المحادثات إلى كسب ود الرياض على خلفية مطالبة هذه الأخيرة بأن تكون أحد أعضاء التفاهمات النووية بين إيران والدول الأوروبية، فضلاً عن تضمين بعض الملفات الأخرى مثل البرنامج الصاروخي والنفوذ الإيراني في المنطقة، وهو ما رفضته طهران بشدة مؤكدة على أن الأعضاء هم فقط من تفاوضوا حول خطة العمل المشتركة الشاملة لعام 2015 .

واللافت للانتباه في هذا السياق، هو أن هذه المحادثات تأتي في الوقت الذي تقوم فيه الإدارة الأمريكية بقيادة جوبايدن بمراجعة نهج الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة على أمل تحسين العلاقات مع إيران مع إعادة توازن العلاقات مع المملكة العربية السعودية، لذا، كانت واشنطن من أهم الداعمين لبدء هذه المحادثات واستكمالها. والشاهد على ذلك أن هذه التفاهمات جاءت بعد يومين فقط من عقد  كل من واشنطن والعراق للجولة الأخيرة من "الحوار الاستراتيجي" لمناقشة طبيعة العلاقات بين البلدين ومستقبل الوجود الأمريكي العسكري في العراق.

 

 

ثالثًا- تعزيز أمن المنطقة

رغم الرفض السعودي للدعوات الإيرانية المتكررة  لحل القضايا الخلافية فيما بينهما، لكن يبدو أن القبول هذه المرة، يأتي في سياق رغبة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خطوات يبدو أنها تميل نحو كسب ود إدارة بايدن، التي تعهدت بإعادة تقييم العلاقات مع المملكة وإنهاء الحرب المستمرة منذ ست سنوات في اليمن، التى تعتبر الرياض المتضرر الرئيسي منها، على خلفية الهجمات العسكرية المتكررة من قبل جماعة الحوثي على المدن السعودية، وخاصة الحدودية منها. وتأتي هذه الخطوة استكمالاً للجهود التى بذلتها إدارة ترامب فيما يتعلق بإنهاء المقاطعة الخليجية مع قطر، بالتوازى مع اتفاقات السلام الاسرائيلية مع بعض الدول العربية والتى يتمثل أبرزها في الإمارات العربية المتحدة والبحرين، بهدف تعزيز جهود التعاون العربي في مواجهة النفوذ الإيراني المزعزع لاستقرار المنطقة.

وعلى صعيد آخر، تهدف الإدارة الأمريكية من وراء دعم الوساطة العراقية بين المملكة العربية السعودية وإيران إلى تعزيز دور بغداد في الإقليم وتشجيعها على العودة إلى محيطها العربي، ولاسيما في ظل الروابط الجيدة التى يحظى بها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مع إيران. وفي هذا السياق، تضمنت المحادثات بعض القضايا الهامة والتى تمثل أبرزها في استهداف الحوثيين في اليمن للأراضي السعودية، والأزمة السياسية والمالية المتواصلة في لبنان، كما فتحت الحكومة العراقية قنوات بين كل من إيران ومصر وإيران والأردن.

ختامًا:  رغم التقدم الملحوظ الذى حققته إيران في مباحثاتها مع المملكة العربية السعودية، لكن لا يزال الطريق طويل وبه عثرات قد لا تبدو هينة؛ حيث  من المتوقع أن يفرض عمق الأعمال العدائية جولات مطولة من المفاوضات الصعبة التي قد تتطلب تنازلات كبيرة من كلا الجانبين.

 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟