المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مرﭬت زكريا
مرﭬت زكريا

طموحات مسقوفة...المكاسب والخسائر الإيرانية بعد فوز بايدن

السبت 21/نوفمبر/2020 - 11:54 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

أدى تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية خلال رئاسة دونالد ترامب وتكثيف الضغوط الاقتصادية والعقوبات الدولية على الشعب الإيراني، إلى تزايد أهمية الاستحقاقات الرئاسية الأمريكية  بالنسبة لإيران؛ حيث اتبعت طهران سياسة الصبر الاستراتيجى طيلة أربع سنوات وعانت خلالها من تصاعد حدة التدهور الاقتصادى الناتج عن فرض العقوبات الأمريكية . وعليه، على الرغم من مجئ رئيس ديمقراطى إلى البيت الأبيض، الأمر الذى يشير إلى إعادة التفاوض مع طهران حول بعض القضايا العالقة، مما يؤدى إلى حدوث إنفراجة اقتصادية كبيرة بالنسبة لطهران، إلا أن وجهة النظر الإيرانية تشير إلى  وجود بعض المخاطر التى من المتوقع أن تعترى سياسة بايدن تجاه طهران.

فرص واعدة  

يحمل فوز مرشح الحزب الديمقراطى الأمريكى جوبايدن عدد من الفرص الحقيقية بالنسبة لطهران يمكن توضيحها فيما يلي:

1-   عودة متوقعة؛ من المتوقع أن تقوم إدارة جو بايدن بدفع دبلوماسي مبكر لتخفيف التوترات مع إيران؛ حيث أشار بايدن إلى أنه يفضل عودة الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاتفاق النووي إذا عادت إيران أيضًا إلى الامتثال الكامل لالتزاماتها المتعلقة بالاتفاق النووي. وعليه، كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية في 10 نوفمبر الجارى عن تشكيلة  الطاقم الأمريكي في إدارة الرئيس الأمريكي الجديد، لاستئناف المفاوضات مع ايران، وبحسب الصحيفة تتكون الأقطاب الرئيسية لفريق المفاوضين من مستشار بايدن للأمن القومى أنطوني بلينكو، ومنسق السياسية الخارجية جاك سليبن، فضلاً عن خبيرة ومنسقة الأمن القومي ميشيل بلورنوي(1).

ولكن على الرغم من الرغبة الكبيرة لكلا الطرفين في العودة إلى الاتفاق النووي، يبدو أن هناك بعض المعوقات التى ستقف حيال ذلك، والتى تتمثل في صعود تيار المتشددين في إيران خلال العامين الماضيين، الأمر الذى لا يوفر شروطًا مواتية لاستئناف المفاوضات والتوصل إلى اتفاق جديد، فضلاً عن منح تفشى فيروس كورونا بشدة في إيران فرصة كبيرة للحرس الثورى لزيادة مشاركته في شؤون الدولة استغلالاً للضعف الذى حل بحكومة روحاني، ولاسيما بعد تكثيف العقوبات الأمريكية خلال الأشهر القليلة الماضية، مما يساهم في تعقد المسار التفاوضي مع واشنطن(2).

2-  تعزيز الاستقرار؛ يمكن أن يؤدى الرفع التدريجى للعقوبات الأمريكية إلى حدوث انفراجة اقتصادية تؤدى إلى استقرار تدريجى للداخل الإيراني عن طريق تحسين مستوى معيشة المواطن الإيراني؛ حيث أدى تصاعد نفوذ الفصائل السياسية الأكثر تشددًا في طهران من خلال سيطرتهم على العدد الأكبر من مقاعد مجلس الشورى الإسلامي(البرلمان) خلال الانتخابات البرلمانية التى عقدت في فبراير الفائت، على حساب التيار الإصلاحي إلى ارتفاع أسعار غالبية السلع الأساسية، وزيادة معدل البطالة، فضلاً عن مزيد من التدهور في سجل حقوق الإنسان، على خلفية قيام السلطات الإيرانية خلال الفترة الماضية بقمع المتظاهرين المعترضين على الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة في البلاد(3).

مخاطر متوقعة

من المحتمل أن يؤدى فوز بايدن وعودته للاتفاق النووى إلى بعض التداعيات السلبية بالنسبة لإيران يمكن توضيحها فيما يلي:

1-   تجديد الثقة؛ يمكن القول أن إبراز العزلة الكبيرة التى باتت عليها الولايات المتحدة الأمريكية وانفصالها عن حلفاءها الأوروبيين بعد الخروج الأمريكى من الاتفاق النووى كان أحد الاستراتجيات الرئيسية لحكومة روحانى في مواجهة واشنطن خلال الفترة الماضية. لذا، فإن مجئ إدارة ديمقراطية من شأنه أن يساهم في ردء هذا الصدع الموجود في العلاقات الأمريكية الأوروبية والعمل على عودة الثقة المتبادلة بين الطرفين، وعليه، أدى ما سبق إلى إحداث تقارب واضح بين طهران وكل من موسكو وبكين، بل وتقويض  نزاهة مجلس الأمن.

تأسيسًا على ما سبق، يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى إعادة تقييم مقاربته تجاه إيران، من خلال  التحول من القتال من أجل بقاء خطة العمل الشاملة المشتركة إلى تطوير مقترحات ملموسة مدعومة بالإرادة السياسية والموارد  لصياغة نهج جديد عبر الأطلسي تجاه إيران. فبما أن الاتحاد الأوروبي هو جهة دولية فاعلة في حد ذاته يُعتبر الموقف المتماسك لأعضائه شرط لا غنى عنه لنجاح أي نهج جديد في السياسة الخارجية، وبخاصًة بعد مغادرة المملكة المتحدة للتكتل الأوروبي في أوائل 2020(4).

2-   تصاعد التهديدات؛ على الرغم من تعهد بايدن بمحاولة تخفيف حدة التوترات وإنهاء النزاعات الإقليمية بالوكالة بين إيران من ناحية ودول الخليج العربي من ناحية أخرى ولاسيما (المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة)، إلا أنه من الواضح أن عودة واشنطن إلى الاتفاق النووى من الممكن أن تؤدى لتصاعد حدة التهديدات المتبادلة بين طهران وتل أبيب، على خلفية تأكيد وزير المستوطنات اليهودية صخي هانغبي في 6 نوفمبر الجارى على أنه إذا عادت الولايات المتحدة الأمريكية للاتفاق النووى، سيؤدى ذلك إلى حرب كبيرة بين طهران وتل أبيب في المنطقة(5).

يتوازى ذلك، مع إعلان الحرس الثورى الإيراني  في 5 نوفمبر الجارى عن منظومة جديدة للصواريخ الباليستية، يمكن العمل من خلالها على إطلاق عدد من هذه الصواريخ بشكل تلقائى ومتتالٍ. وعليه، يشير ما سبق إلى حجم هامش المناورة التى ترغب طهران في اللعب عليه سواء في مواجهة دول المنطقة أو لتعزيز موقفها التفاوضى في مواجهة الإدارة الأمريكية الجديدة، وهو الأمر الذى يأتى بالتزامن مع تعويل طهران على أن الضربة التى تلقتها واشنطن على قاعدة عين الأسد الجوية في العراق بعد اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى قاسم سليماني في يناير الفائت، كانت أحد العوامل الرئيسية التى أثرت في خسارة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب وحرمانه من الفوز بفترة رئاسية ثانية(6).

الهوامش:

1-    اليكس فيشمان، عودة الاتفاق النووي، الغد، 8/11/2020، متاح على الرابط التالى:

  https://cutt.ly/tgCfqTc .

2-            Ari Heistein and Dr. Raz Zimmt, A new Iran nuclear deal? Not so fast, alarabiya, 23 May 2020, available at:

 https://cutt.ly/PgCgCJJ .

3-    إيران المنهكة تأمل "في عهد جديد" بحضرة بايدن، العرب، 8/11/2020، متاح على الرابط التالى:

 https://cutt.ly/LgCfUKK .

4-            David Jalilvand,  Cornelius Adebahr, A Return To Diplomacy, advancing Foreign Policy, 5/10/2020, available at:

 https://cutt.ly/8gChvs7 .

5-    وزير إسرائيلي: عودة بايدن للاتفاق النووي قد تؤدى إلى حرب بين طهران وتل أبيب، إيرانترنشال، 6/11/2020، متاح على الرابط التالي:

 https://cutt.ly/agChA3o .

6-    اللغة الصاروخية للحرس الثورى الإيراني، إيرانترنشال، 5/11/2020، متاح على الرابط التالى:

https://cutt.ly/vgCh1zK .

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟