المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
أحمد سامي عبد الفتاح
أحمد سامي عبد الفتاح

منظمة غاز شرق المتوسط.. أهداف وتحديات متعددة

الجمعة 20/نوفمبر/2020 - 11:06 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

لا يزال الصراع على غاز المتوسط نقطة محورية للغاية في العلاقة بين الدول الواقعة شرق المتوسط؛ خاصة تركيا واليونان اللتان أثارتا جدلًا واسعًا خلال الفترة الماضية بسبب سياسة المناورات العسكرية التي انتهجها كل طرف. وفي خطوة فعالة، أعلنت دول منتدى غاز المتوسط توقيعها على ميثاق، في سبتمبر 2020، يقضي بتحويل المنتدى إلى منظمة اقليمية حكومية من أجل تنسيق الجهود بشأن استكشاف واستخراج الغاز من شرق المتوسط.

ورغم أن هذا الإعلان يحمل في طياته أهدافا اقتصاديه خالصة، إلا أن هذا الإعلان لا يخلو من مضامين سياسية أيضا. ويعد اختيار القاهرة لتكون مقرا لهذه المنظمة نجاحًا للدبلوماسية المصرية في ترسيخ دورها القيادي في مجال الطاقة في شرق المتوسط.

أولاً- دوافع متعددة

لا شك أن إنشاء منظمة حكومية في مجال الطاقة في شرق المتوسط يمنح هذه المنطقة زخمًا كبيرًا على المستوى الدولي، لأن كل دولة سوف تمتلك مبعوثا دائما لها في هذه المنظمة، ما يعني أن المشاورات الدورية سوف تكون آلية رئيسية للتقريب بين وجهات النظر من أجل وضع حد للنزاعات القائمة بين الدول الأعضاء.

ويعد هدف تنسيق الجهود هو الهدف الرئيسي من إنشاء هذه المنظمة؛ خاصة أن نزاعا بحريا قد نشأ بين الدول المطلة على شرق المتوسط بشأن ترسيم الحدود البحرية، ومن ثم كانت هناك حاجة ماسة لجهة أو منظمة تتمكن من جمع جميع الأطراف على طاولة المفاوضات من أجل تقريب وجهات النظر.

كما تهدف المنظمة إلى تدعيم وجود الدول الأعضاء في سوق الطاقة، على غرار منظمة أوبك للدول المنتجة للنفط. بعبارة آخرى، سوف تعمل هذه المنظمة على تحقيق الإستفادة القصوى للدول الأعضاء من الموارد الطبيعية في شرق المتوسط، لأن زيادة الإنتاج بشكل أحادي من أي دولة قد يسهم في تراجع أسعار الطاقة على المستوى العالمي، الأمر الذي سوف يكون له انعكاساته السلبية على العوائد المالية للموارد الطبيعية المستخرجة. ومن هنا يأتي دور المنظمة في تبادل وجهات النظر ومراعاة حقوق الآخرين بما يضمن لأسعار الطاقة أن تكون مرتفعة من أجل تحقيق عوائد مالية تسمح باستمرار عمليات البحث في شرق المتوسط.

ولا تخلو التأسيس من أهداف سياسية. بالنسبة للقاهرة، يعد إنشاء هذه المنظمة نجاحًا للدبلوماسية المصرية؛ خاصة أن القاهرة سوف يكون لها دور في تسوية أي نزاع مستقبلي في شرق المتوسط. بالإضافة إلى ذلك، يعد استبعاد تركيا أمرا مزعجا لأنقرة لأنها بكل تأكيد سوف تكون خارج دائرة التنسيق بين الدول الأعضاء.

كما سوف تعمل الدول الأعضاء من خلال المنظمة على وضع رؤية مشتركة بهدف تطوير سوق اقليمية مستدامة للغاز للإستفادة القصوى من موارد المنطقة لصالح رفاهية شعوبها.

ويعد زيادة النفوذ السياسي للدول الأعضاء هدفا آخرا لأنه من الوارد أن تسمح المنظمة بعضوية دول المرور( الدول التي تمر من خلالها أنابيب الغاز باتجاه الدول المستهلكة)، الأمر الذي يمنح الدول المصدرة المزيد من النفوذ السياسي والإقتصادي على دول المرور.

ولا تخلو أهداف المنظمة من ضرورة تبادل الخبرات الإقتصادية والفنية فيما يتعلق بعمليات الإستخراج وتوثيق آليات التعاون مع الشركات الكبرى العاملة في هذا المجال.

ثانياً- تحديات قوية

وتواجه المنظمة عددا من التحديات الحقيقية تتعلق بعملها كمنظمة اقليمية جامعة لدول شرق المتوسط؛ إذ يتطلب هذا الأمر انضمام عددا من الدول مثل لبنان وسوريا وتركيا، فضلا عن الدول المجاورة لدول شرق المتوسط والتي من الممكن أن تعمل كحلقة وسطي بين الدول المصدرة والدول المستوردة.

على صعيد آخر، تواجه المنظمة تحدي حقيقي يتعلق بآلية فض النزاعات بين الدول الأعضاء، علاوة على آلية اتخاذ القرارات. من المعلوم أن آلية الإجماع تضعف أي نظام إقليمي وتجعله عاجزًا عن مواكبة التحديات المعاصرة. وتعد جامعة الدول العربية مثالًا على ذلك. وبالتالي، لابد من اعتماد آلية تصويتية تعتمد على الأغلبية بدلًا من الإجماع لتثبت حضور المنظمة ومساعدتها على القيام بمهامها وخدمة أعضائها.

وفي الوقت ذاته، تعد آلية فض المنازعات هي التحدي الأكبر لهذه المنظمة خاصة أن الدول الأعضاء (أو المتوقع انضمامهم قريبا لهذه المنظمة) يعانون من تضارب المصالح؛ خاصة فيما يتعلق بترسيم الحدود المائية. ورغم عمليات التفاوض المباشرة التي تتم بين هذه الدول، إلا أن تقدمًا ملموسا لم يتحقق حتى هذه اللحظة. ويعد الخلاف بين اليونان وتركيا أو الخلاف بين اليونان وليبيا مثالا واضحا على ذلك.

يتعين أن نشير هنا أن نجاح المنظمة في احتواء نزاعات الدول الأعضاء يتوقف على قدرتها في اقناع هؤلاء الأعضاء على إجراء عمليات التفاوض تحت مظلتها بدلًا من أن تتم عمليات التفاوض بشكل ثنائي مباشر بواسطة دول ثالثة( ليست واقعة في شرق المتوسط). ومن هنا لابد لهذه المنظمة أن تقوم بإنشاء محكمة إقليمية تختص بفض النزاعات بين الدول الأعضاء؛ لأن المنظمة لن تستطيع القيام بمهامها في ضوء خلافات جسيمة بين دولها الأعضاء فيما يتعلق بترسيم الحدود المائية.

وتعد فكرة انضمام دول منتجة للغاز الطبيعي في الشرق الأوسط، ولكن غير واقعة في شرق المتوسط، أمرا مهما للمنظمة من أجل تدعيم دور أعضائها في سرق الطاقة العالمي؛ حيث تعد دولًا مثل استراليا، قطر، ايران، وروسيا من أهم الدول المنتجة للغاز الطبيعي. المقصود من هذا الأمر هو أن منح هذه الدول عضوية غير كاملة سوف يكون له أثر مهم على تدعيم دور المنظمة في سوق الطاقة العالمي.

في النهاية، يعد إنشاء هذه المنظمة خطوة هامة لمصر من أجل تدعيم دورها الدبلوماسي في سوق الطاقة. كما تعد المنظمة خطوة مهمة من أجل تحقيق الإستفادة القصوى للدول الأعضاء من الموارد الطبيعية المستكشفة في شرق المتوسط.

المراجع

-         Daily news Egypt, Eastern Mediterranean Gas Forum upgraded to regional organization, at:

https://dailynewsegypt.com/2020/09/22/eastern-mediterranean-gas-forum-upgraded-to-regional-organisation/

-         Egyptian Streets, Egypt Signs East Mediterranean Gas Forum Charter, at:

https://egyptianstreets.com/2020/09/22/egypt-signs-east-mediterranean-gas-forum-charter/


إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟