المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

فترة رئاسية الثانية لترامب؟!!...ما خيارات طهران في مواجهة واشنطن؟

الثلاثاء 03/نوفمبر/2020 - 11:36 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
حسن أحمديان- عرض: مرﭬت زكريا

من المحتمل أن تتصاعد المقاومة الإيرانية خلال الفترة الرئاسية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إذا فاز بالانتخابات في الانتخابات الرئاسية المقرر انعقادها في نوفمبر 2020، لنزع فتيل تأثير حملة الضغوط القصوى التي تتبعها واشنطن تجاه طهران، وتجاوز نقاط الضعف التي تتعرض لها إيران من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

وعليه، يشير الأستاذ المساعد لدراسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في جامعة طهران وزميل مشروع المذهب الشيعي والشؤون العالمية بمركز ويذرهيد للشؤون الدولية بجامعة هارفارد حسن أحمديان إلى أن  إيران كانت إحدى القضايا الرئيسية في السياسة الخارجية للرئيس ترامب من خلال الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات  الاقتصادية، وهو الأمر الذى أدى لعودة العداء المستمر منذ عقود بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.

كما استهدفت حملة "الضغط القصوى"، المواطن والكيانات التجارية والاقتصادية  بهدف إجبار إيران على الاستسلام والجلوس على طاولة المفاوضات بشروط أمريكية، لكن حتى الآن لم تحقق واشنطن ما كانت تتمناه. فعلى الرغم من تصاعد الضغوط السياسية والاقتصادية والعسكرية ، طورت إيران استراتيجيتها الخاصًة التي عرفت باسم "المقاومة النشطة" - وهي استراتيجية للرد تهدف إلى تعظيم التكاليف التي تتحملها الولايات المتحدة وداعميها الإقليميين لسياساتهم المناهضة لإيران، وتعزيز نفوذ طهران في الوقت نفسه-  وإذا أعيد انتخاب ترامب في نوفمبر القادم، فستتمسك إيران باستراتيجية المقاومة النشطة، التي تعتبر من وجهة نظر طهران أكثر فاعلية من حملة الضغط الأقصى التي اتبعتها واشنطن.

وستعنى إعادة انتخاب ترامب استمرار سياسة إدارته الحالية، وعلى الرغم من فشل إستراتجية الضغوط القصوى، إلا أنه من الواضح أنه لا يوجد بديل لهذه السياسة؛ حيث يشير الكاتب إلى أن مطالب وزير الخارجية مايك بومبيو المكونة من 12 نقطة للتفاوض مرة أخرى مع طهران حرمت الإدارة الأمريكية من خيارات بديلة أخرى.

من ناحية أخرى، شكلت الثقافة السياسية الإيرانية وحساباتها الاستراتيجية القائمة على الاستقلال بالتوازى مع انعدام الثقة المتصاعد تجاه واشنطن إجماعًا داخل إيران على عدم الوثوق في ترامب مجدداً. بالإضافة إلى ذلك، أدى اغتيال الولايات المتحدة الأمريكية قائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى قاسم سليماني في يناير 2020 إلى وصف ترامب بالقاتل في نظر غالبية الإيرانيين، مما أدى إلى زيادة كبيرة في التكلفة السياسية للانخراط مع إدارته.

ويؤكد الكاتب على أنه في ظل الولاية الثانية لترامب سيكون من الصعب تصور أي تغيير في حسابات طهران، فعلى الرغم من أن العقوبات تضر بالاقتصاد الإيراني، إلا أن خيارات طهران الاستراتيجية لم تكن مدفوعة في الأساس بحساباتها الاقتصادية، وتشير تجربة العقود الأربعة الماضية إلى أن إيران ستقاوم طالما كان هناك ضغط بعقلية محصلتها صفر ضد البلاد، وهو الأمر الذى اتضح في مطالب بومبيو المكونة من 12 نقطة والمذلة بدرجة كافية لدرجة أن طهران ترفضها دون تفكير.

ولكن السؤال السؤال الحقيقي الذى يستحق التدبر هو كيف ستؤثر أربع سنوات أخرى من رئاسة ترامب على خيارات إيران. داخليًا؛ أدت سياسة ترامب تجاه إيران بالفعل إلى انفكاك أجندة "المعتدلين" عن مسارها، مما زاد من حدة الضغوط على هذا الفصيل السياسي داخل البلاد. وقضى على إنجازاتهم الرئيسية في السياسة الخارجية، الاتفاق النووي الإيراني، مما أدى لتصاعد الانتقادات ضدهم، وعليه، سيؤدى إعادة انتخاب ترامب إلى إضعاف موقفهم في المشهد السياسي الإيراني.

على هذا النحو، فإن التغيير الأول الذي قد يتوقعه المرء هو انتخاب مرشح (محافظ) في الانتخابات الرئاسية الإيرانية في مايو/ يونيو 2021، الأمر الذى من شأنه استكمال الانتصار الساحق لرئاسة البرلمان الإيرانى بقيادة محمد باقر قاليباف، أحد المنافسين الرئيسيين لروحاني في عامي 2013 و 2017، مما يشير إلى أن السياسة الإيرانية تتجه نحو فلك المحافظين. وعليه، من المتوقع أن تعمل إيران على تقويض نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة من خلال تعزيز قدراتها الدفاعية واعتمادها على الذات من الناحية الاقتصادية، فضلاً عن  اتباع طهران للدبلوماسية متعددة الأطراف، بالتوازى مع انخفاض انخراطها في علاقات مع الغرب.

ومن المحتمل أن تثير إيران وفق عدة محددات تتمثل في:

أولاً- سيركز النشاط الاقتصادي الإيراني على "المرونة وبناء القدرات"، الأمر الذي يتطلب تحولاً نحو الاكتفاء الذاتي بديلاً عن إعادة الاندماج في الاقتصاد العالمي؛ حيث يتوقع الكاتب إنه على الرغم من إتجاه إيران نحو تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع "الشرق" الصاعد، إلا أنه سيتم توسيع إجراءات الحماية، وستركز هذه الإجراءات بشكل أساسي على دعم الإنتاج الداخلي والصادرات غير النفطية بهدف إنهاء اعتماد إيران الاقتصادي على النفط وهو الأمر الذي يعتبر بمثابة أولوية وطنية حث على اتباعها للمرشد الأعلى علي خامنئي.

ثانيًا- في الوقت فشل فيه الغرب (الولايات المتحدة ودول الترويكا الأوروبية) في الحفاظ على خطة العمل الشاملة المشتركة مع إيران، واصلت الصين وروسيا علاقاتهما الاقتصادية مع طهران. وعلى الرغم  من الخوف من العقوبات الثانوية الأمريكية، وقع كلا البلدين على اتفاقيات جديدة طويلة الأمد مع إيران، وبذلك كررا التزامهما بالعمل مع طهران وسط حالة عدم اليقين المحيطة بالانتخابات الرئاسية الأمريكية.

كما أنه من المهم  ملاحظة أن الصفقة الإيرانية الصينية التي من المقرر أن تبلغ مدتها 25 عامًا ولدت من رماد محاولة إيران الفاشلة للتواصل مع الغرب على هامش خطة العمل الشاملة المشتركة، ومن المتوقع أن تعزز إيران والصين وروسيا تعاونها وتوسع علاقاتها الثنائية ومتعددة الأطراف إذا فاز ترامب بفترة رئاسية أخرى.

ثالثًا – من المحتمل أن تركز إيران المزيد من طاقتها وإمكاناتها على توسيع وتطوير قدراتها الرادعة داخليًا وإقليميًا؛ على الصعيد الإقليمي، من الأهمية بمكان بالنسبة لطهران الموازنة ضد التهديدات التي يشكلها الجيش الإسرائيلي، مع تعزيز إستراتجية المقاومة النشطة من خلال زيادة دعم الميليشيات المسلحة التابعة لها في المنطقة.

في النهاية؛ يشير الكاتب إلى أنه من المؤكد أن أربع سنوات أخرى من حكم ترامب تعتبر سلاح ذو حدين بالنسبة لطهران؛ فإلى جانب السلبيات الاقتصادية الناتجة بشكل أساسي عن العقوبات الاقتصادية وحملة الضغوط القصوى، هناك أيضًا فرص كبيرة بالنسبة لطهران تتمثل في زيادة العزلة الدولية لواشنطن، إضعاف الإجماع الغربي المعتاد على إيران، زيادة اعتماد إيران التدريجي على الذات والسعى نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي ، فضلاً عن زيادة انفتاح إيران نحو  الشرق والقوى الصاعدة غير الغربية.


Hassan Ahmadian, Iran’s Options vis-à-vis a Second-Term Trump, The Institute For Peace& Diplomacy, August 7. 2020, available at :

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟