المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
حسين موسى
حسين موسى

دور المرأة في مكافحة الارهاب

الجمعة 01/مايو/2020 - 03:29 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

خطورة انضمام المرأة لتنظيمات الإرهابية

إن الخطورة الحقيقية تتجاوز انتساب امرأة للتنظيمات الإرهابية في مناطق الملتهبة إلى خطورة أكبر مرصودة في حراكهن في مواقع الانترنيت وفيس بوك و توتير، وهذا يعني أن انضواء امرأة أو انتماءها لتيارات حركيّة أو جماعة إرهابية فتح الأبواب على مصراعيه ما يضاعف خطورة تجنيدها المباشر لأن تجنيدها يأتي عبر الفضاء المفتوح من خلال توتير وعبر تغريدا تهن أو رسائلهن …”، ومن هنا تأتي صعوبة عمليات مكافحة أفكار هذه التنظيمات، بكون هذه المجاميع الإرهابية فكرها التنظيمي أصبح مفتوح يمكن لأي فرد أن ينضم إليه من أي مكانٍ كان عبر الانترنت، بما يروجون لمشاريعه السياسية دينية من خلال رفع شعارات إقامة دولة الخلافة الإسلامية تحكم الشريعة كما تدعو كل من تنظيم جبهة (النصرة) و (داعش).

الوازع الديني للمرأة ودوره في مواجهة الإرهاب

تشترك المقاصد الثابتة في الأديان جميعاً على نبذ العنف والإرهاب وتحريم القتل وتجريم الفساد في الأرض و تحث على الرحمة والتسامح والإخاء والتعاون وعمارة الأرض. وقد تناولت النصوص السماوية القيم الأخلاقية باعتبارها السبيل الأوحد لإقامة مجتمع آمن ومستقر لكل فرد من بني الإنسانية، وهذه المبادئ التي هي ركائز أساسية في أصول الأديان وهى موجهة إلى المرأة جنبًا إلى جنب مع الرجل، ففي اليهودية جاء في وصايا طوبيا لإبنه خلال عهد الأسر الاشوري عام 722 ق.م في الفقرة 16: " كل ما تكره أن يفعله غيرك بك فاياك أن تفعله أنت بغيرك

وجاء في نواهي الوصايا العشر (لا تقتل) وورد في سفر حزقيال: (ازيلوا الجور والاغتصاب)  .

كما أكدت النصوص المسيحية على التراحم والمحبة فجاء في رسالة بطرس ( لتكن محبتكم بعضكم لبعض شديدة )  وقال المسيح عليه السلام ( صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم

في الإسلام فإن السلام هو اسم من أسماء الله، كما يحذر القرآن الكريم من سيئات الأعمال وينذر كل معتدٍ بالعقاب المستحَق

قال تعالى (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ۗ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا )

وقال تعالى ( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ۗ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ )

إذن تدعو الرسالات السماوية لعمارة الأرض والحفاظ عليها والبعد عن إفسادها وتحث الانسان بالتمسك بالقيم التي أنزلها الله عز وجل في كتبه وعلى لسان أنبيائه الذين هداهم واجتباهم للدعوة في سبيله فهي الضمان والحامي من كل أشكال الفساد الديني والأخلاقي، وهى الأساس في منع التطرف والإرهاب والصراعات والحروب التي تشهدها الإنسانية  على مر التاريخ . هذا وقد  كرم الإسلام المرأة ومنحها مكانة عالية، فخلق فيها الرحمة والشفقة وحملها مسئولية التربية أبنائها على القيم والفضائل. وجعلها متساوية مع الرجل في المرتبة الإنسانية، بغض النظر عن الدين او الجنس من حيث إن الاسلام يعزز القيم، ويعلي حقوق الإنسان، ويحترم التعددية، ويدعو للجهاد دفاعا عن الحق ونبذ الباطل .

     ومن أمثلة تكريم الله للنساء اللائي ورد ذكرهن في القرآن السيدة حواء التي خلقها الله لتكون سكنًا لسيدنا آدم، والسيدة آسيا امرأة فرعون، والسيدة مريم العذراء، وأم موسى وزوجه، والسيدة سارة زوجة سيدنا إبراهيم، والسيدة هاجر، وزوج سيدنا أيوب، وامرأة عمران وغيرهن ممن اجتباهن الله بمحبته ورعايته . كما يشتمل  التاريخ الإسلامي على  نساء جليلات في الإسلام قدمن أرواحهن وأبناءهن في سبيل الله وكان لهن أدوارا أمثال السيدة خديجة زوج رسول الله » والسيدة عائشة والسيدة أم سلمة وكان لها دوراً مهماً وصائبا في صلح الحديبية الذي أخذ به رسول الله ». ومن النساء الصالحات من كن محاربات ومجاهدات مع رسول الله » في غزواته كالسيدة نسيبة بنت كعب، والسيدة سمية أم عمار أول شهيدة في الإسلام، والخنساء التي كان لها دور جهادي في المعارك ضد الفرس ( معركة القادسية ) كذلك السيدتان خولة وهند بنت عتبة ما قدمن من تضحيات في معركة اليرموك أمام الروم.

   إن فهم أبعاد التطرف والعنف اللذين إلى الإرهاب هو الأساس لوضع استراتيجيات فعالة لمنع ومكافحة الإرهاب. وترتبط هذه الأبعاد باعتبارات تاريخية وسياسية واقتصادية واجتماعية ونفسية. فالتطرف العنيف نجده يتجاوز حدوده السياسية والجغرافية والثقافية والاجتماعية حتى وصل الى مرحلة استهداف النساء في المجتمعات المختلفة لتجنيدهن لخدمة مشروعاتهم التوسعية.

الدور المنوط بالمرأة في مواجهة الجماعات الإرهابية

   لا يقتصر دور المرأة في الحد من هذه الظاهرة على اضطلاعها بمسؤوليتها تجاه التكوين الفكري والنفسي والاجتماعي  للأبناء والعمل على دمجهم في المجتمع وتفاعلهم مع أنسجته تفاعلا بناء ليكونوا جزءا من النسيج الحضاري للمجتمعات الإسلامية، وإنما يمتد دورها ليشمل المجتمع بأكمله من خلال قنوات العمل التي ترتادها، سواء في كونها المعلمة أو المربية والإعلامية والموجهة والطبيبة والمرشدة والداعية إلى الله تعالى إلى غير ذلك من الأمور التي حظيت بها المرأة في الإسلام .

فمن تمتهن منهن مهنة التدريس في المدارس والجامعات عليها القيام بدورها في نشر الفكر الوسطي والهداية الربانية لينخرط الشباب والصغار في المنظومات المجتمعية ولتصبح هذه الأجيال أداة قوية من أدوات محاربة التطرف والإرهاب، وعليها الاستعانة بكافة الوسائل التربوية لبناء شخصية سوية تبني ولا تهدم... وهكذا في مختلف الوظائف التي تشغلها المرأة عليها تقديم لبنة مضيئة في بناء مانع قوي عال مانع لاستشراء الإرهاب في المجتمعات.

دور المنظمات النسائية في المجتمعات

يجب أن تأخذ بالمنظمات النسائية الشعبية مكاناً مهماً في سياسات الحكومات حيث إن هذه المنظمات تمثل الرأي العام الشعبي وهي لسان حال المجتمع . ولا شك أن في ذلك أحد أهم الاستراتيجيات الحكومية في التوجه بالمجتمعات نحو الوسطية والبعد به عن التطرف باعتبار المرأة هي أول موجه للفرد وأول مدعَّم له بصفات السماحة وأول محصَّن له ضد التشدد والإرهاب .ولابد أن تمكين هذه المنظمات سيؤدى إلى إفساح المجال أمام النساء المصلحات لتوصيل رسائلهن لشرائح المجتمع المختلفة ومحاربة كل فكر متعصب مضاد للنساء.

ومما يساعد في وضع المرأة على الطريق الصحيح في محاربة الإرهاب قيام  مؤسسات المجتمع المدني بتنظيم ورش عمل ودورات تدريبية من شأنها تقديم التثقيف الديني للنساء، ومن ثَم إبراز تاريخهن الثقافي والقيم الدينية التي تتضمنها الأديان جميعها ونشر فكر التسامح وقبول الاختلاف مع الآخر وتوضيح فكرة التعددية في المجتمع الواحد.

  كما أن تمكين المرأة من الادلاء برأيها نحو الإرهاب عن طريق الإعلام، يشكل تأثيراً معنوياً كبيراً على أفراد المجتمع ويكشف ما يقوم به الإرهاب من انتهاكات لا إنسانية ومن ثم تجريم هذه الأعمال ومواجهتها.

إضافة إلى أن مشاركة المرأة في نشر قيم التسامح والتعايش يُعد أساساً وتعزيزاً لقيام حوار ديني ثقافي من خلال إسهاماتها في الندوات والمؤتمرات المعنية

دور الدولة في توعية المرأة والأسرة  بالأخطار المحيطة

1-تكثيف البرامج التثقيفية في المجتمعات النسائية .

2-إنشاء خطاب دعوي مناسب للمجتمعات النسائية .

3-تفعيل مشاركة المرأة في المؤسسات الاجتماعية .

4-دورات مكثفة تدريبية على أسس الوسطية والشخصية المتوازنة للمعلمات والمربيات

5- القضاء على الامية الابجدية بين النساء وذلك بتعليمهن القراءة والكتابة والتي تعتبر الخطوة الاولى لرفع المستوى الثقافي للمرأة وزيادة وعيها لتكون فاعلة في بناء المجتمع وتطوره.

6- المشاركة الفعالة للمرأة بالأنشطة الثقافية والفنية وذلك بتشجيعها بكتابة الشعر والقصة والمسرحية وتسهيل نشر نتاجها الادبي  واقامة الدراسات النقدية لتطويره وتشجيع المرأة  على المشاركة الفاعلة في الانشطة الفنية كالموسيقى والمسرح والفنون التشكيلية المختلفة كالرسم والنحت والزخرفة وحسب قابليتها.

7- قيام الدولة بإصدار التشريعات لحماية حرية المرأة وضمان حقوقها المدنية كاملة واطلاق طاقاتها الابداعية وتدافع عن حقوقها ومكانتها الاجتماعية وحمايتها من العنف والاذى ومن العادات والاعراف العشـائرية البالية التي تحط من كرامة المرأة وشخصيتها.

8- ان تأخذ منظمات المجتمع المدني وخاصة النسوية منها دورها الحقيقي في بناء ثقافة المرأة وزيادة وعيها وذلك بأنشاء نوادي وجمعيات ومراكز ثقافية كذلك فان لهذه المنظمات دور فاعل بالعمل على تثقيف المجتمع وتغير عقلية ابنائه نحو احترام المرأة واهمية دورها في بناء المجتمع وتطوره.

5- وضع مناهج تربوية للمدارس بجميع مراحلها وللجامعات تدعم احترام المرأة والاعتراف بأهمية دورها كمربية وكَمَدرسة لأعداد جيل واعي يعمل على بناء وازدهار الوطن.

ان اهم مرتكز اساسي لبناء وتطور ثقافة المرأة وزيادة وعيها للنهوض بالمجتمع هو توفر الامن والاستقرار السياسي للبلد وبدونهما لا يمكن النهوض بواقع المرأة الثقافي والاجتماعي وبالتالي لا يمكن بناء مجتمع متطور ومزدهر.،ان التطور والبناء الحضاري لأي مجتمع مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتطور ثقافة ووعي المرأة ومساهمتها الفعالة بهذا البناء ليكون مجتمعاً مدنياً وقائماً على المواطنة وحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية والمبادئ الانسانية  ولا يمكن لأي مجتمع ان يبني حضارة دون ان تساهم فيه المرأة مساهمة فعالة.

مشاركة المرأة في المؤتمرات الدولية

لقد أثبتت المرأة خلال مشاركتها في المؤتمرات الدولية التي نظمت من أجل محاربة الإرهاب جدارتها وحضورها القوي في تقييم وعلاج ظاهرة الإرهاب بالفكر والعلم. ففي المؤتمر الذي نظمته الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة (2) حول مكافحة الإرهاب تحت عنوان (حلول فكرية ومراجعات عملية) ركزت دكتورة رقية عواشرية من الجزائر على دور المرأة في المجتمع بدايةً من الأسرة وحتى المؤسسات التربوية والصحية وأن المرأة هي القدوة والنواة في الأسرة التي تقوم بحماية القيم في المجتمع .

كما أشارت دكتورة هدى عبد المؤمن من مصر بضرورة مشاركة الأسرة والتعليم والتربية والإعلام ومنشأت التنمية الاجتماعية لتوضيح الفرق بين الدين ومظاهر التدين. باعتبار ان الإرهاب اتخذ من الدين جسرًا له.

وعن كيفية تصدي المرأة للعنف جاء في البيان الختامي للمؤتمر الذي عقده المجلس القومي للمرأة في مصر تحت عنوان ( هي والإرهاب أن المرأة هي خط الدفاع الأول عن الأمن القومي للوطن لقيامها بتربية جيل راعٍ وحامٍ للوطن حيث إن النساء والأطفال هم الأكثر تأثراً بتداعيات الاعمال الإرهابية .

وعن دور المرأة الفاعل خلال ثورتي 25/1/2011 و 30/6/2013، أشار وزير الأوقاف المصري الى استعداد وزارته لفتح الباب أمام المتطوعات في العمل الدعوي والتنمية البشرية. كما أكدت رئيسة المجلس القومي للمرأة السفيرة مرفت التلاوي أن المرأة هي مدرسة الأجيال والضمان لحمايتهم من الفكر المتطرف وتنشئتهم على حب الوطن  وتعزيز قيم الانتماء وأن المرأة قد أكدت قدرتها على الاهتمام بالقضايا التي تمس الأمن القومي وايضاً قدرتها على المشاركة في التنمية ودحر الارهاب

المراجع

1-                  القرآن الكريم

2-                  مركز مساواه لدراسات المرأة، المرآه داخل التنظيمات الارهابية، بتاريخ مايو 2015

3-                  مركز بحوث السكينة : نساء القاعدة وأخواتها ،  دراسة تحليلية – مترجمة – عن دوافع مشاركة النساء مع داعش

4-                  صباح شاكر العكام - دور المرأة في بناء المجتمع- مجلة القلعة -العدد 368

5-                  هيفاء أحمد محمد يونس  ،ظاهرة العنف السياسي في الوطن العربي، ، رسالة ماجستير، كلية العلوم السياسية جامعة بغداد، 1419هـ - 1998م.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟