المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د. مثنى العبيدي
د. مثنى العبيدي

كورونا والعامل الديني .. أبعاد التأثير المتبادل

الجمعة 01/مايو/2020 - 02:25 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

كثيراً وعبر العصور يكون للعامل الديني حضوره وتأثيره في حياة المجتمعات والدول عند حدوث الأزمات والنوازل، ولا ينحصر هذا الحضور والتأثير على دين دون آخر بل تكاد تتشابه التوجهات والتمسك بها بين مختلف الأديان بغض النظر عن اختلاف الوسائل والسبل بينها، وقد تناولت دراسات علم الاجتماع السياسي العلاقة الطردية بين العامل الديني واوقات الازمات والمراحل الصعبة في حياة الشعوب والمجتمعات بالكثير من البحث والتحليل.

وفي ظل ما يشهده العالم ودوله المختلفة من انتشار جائحة "كورونا" التي بدأ انتشارها في الصين وما لبثت أن انتشرت في أكثر دول العالم حتى وصل مصابيها الى مئات الآلاف والعدد يتزايد وشملت تداعياتها مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية ونمط حياة المجتمعات، وكان للعامل الديني حضوره وتأثيره الايجابي والسلبي في انتشار هذه الجائحة في عدد من المجتمعات، مثلما كانت محل جدل بين أتباع الدين الواحد حول المنظور الديني لها وسبل التعامل معها، ناهيك عن تأثير وتأثر كورونا بالشعائر والطقوس الدينية وهو أمر أدى إلى وجود مقاربات دينية لوضع الأطر المناسبة لها.

الشعائر والطقوس

                انعكس الوضع العام الذي فرضه انتشار وباء كورونا على الشعائر والطقوس التي تعتمدها الأديان السماوية المختلفة والأديان الأخرى:

- الإسلام: في البلدان الإسلامية أصدرت المؤسسات الدينية المختلفة وكذلك المراجع الدينية توجيهاتها وفتاويها بسقوط وجوب صلاة الجمعة والجماعات تفادياً لاحتمالية انتشار فيروس كورونا، فمثلاً أصدرت السعودية قراراتها بتعليق العمرة وصلاة الجمعة والجماعات في مكة المكرمة والمسجد النبوي الشريف وجميع المساجد في البلاد للوقاية من انتشار الفيروس وذلك بعد يومين من تسجيل اول إصابة به في المملكة، وهذا القرار غير مسبوق في مجال وقف شعائر العمرة والصلاة في مكانين من أهم الأماكن المقدسة بالنسبة للمسلمين، وذهبت هيئة كبار العلماء في السعودية إلى تخيير الناس بين صلاة الجماعة والصلاة في البيوت.

     وكذلك أصدرت المؤسسات الدينية في مصر متمثلة بهيئة الأزهر ووزارة الأوقاف قرارها بإيقاف صلاة الجمعة والجماعات في جميع مساجد البلاد . وفي الجزائر خلصت لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية والاوقاف الى تعليق الجمعة والجماعة في المساجد مع الابقاء على شعيرة الاذان. وفي ليبيا اوقفت الهيئة العامة للأوقاف الليبية شعائر اقامة الصلاة وكذلك صلاة الجمعة في جميع المساجد الى حين انتهاء ازمة انتشار كورونا . اما في المغرب فقد قرر المجلس العلمي الاعلى غلق كافة المساجد في انحاء البلاد تماشياً مع الاجراءات الوقائية من اجل مكافحة انتشار كورونا . وكذلك الحال بالنسبة للبلدان الإسلامية الأخرى مثل طاجاكستان والإمارات، والكويت التي تم فيها تحريم صلاة الجماعة على المصابين، وفي ألمانيا دعا المجلس الأعلى للمسلمين الى تعليق إقامة الصلاة في المساجد وادائها في البيوت ودعا الجمعيات الإسلامية إلى إلغاء التجمعات والفعاليات الكبرى لتجنب انتشار الوباء. وفي العراق قرر الوقف السني إغلاق جميع مساجد العراق من اجل الوقاية من انتشار كورونا، بينما أصدر مكتب المرجع السيستاني توجيهاته الى أتباعه بوجوب الالتزام بالتعليمات الصادرة عن الجهات المعنية ذات العلاقة بشأن الوقاية من كورونا والحذر اللائق من الوباء وتعليق صلاة الجمعة والزيارات لأول مرة منذ عام 2003 على اعتبار أن صلاة الجماعة هي تجمع للناس وان "منع هذه التجمعات بهدف الحد من انتشار فيروس كورونا، فيجب الالتزام بهذا المنع" . وفي ايران أقرت اللجنة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا إلغاء صلاة الجمعة في كل أنحاء البلاد وفرض قيود على زيارات العتبات الدينية خشية المساهمة في زيادة الإصابات في البلاد التي انتشر بها الفيروس ولا سيما في المدن الدينية مثل مدينة قم.

- المسيحية، تأثرت المؤسسات الدينية والكنائس المسيحية المختلفة وطقوسها بإنتشار فيروس كورونا وظهر البابا فرانسيس من خلال البث المباشر على الشاشات في ساحة القديس بطرس، وأعلن الفاتيكان إغلاق كاتدرائية وساحة القديس بطرس لمنع التجمع واغلقت الكنائس القبطية الأرثوذكسية في ايطاليا القداسات خضوعاً لأوامر السلطات المحلية للوقاية من انتشار الفيروس، والغى اساقفة الكنائس في مختلف الدول المؤتمرات واللقاءات والتجمعات الدينية التي كان مخطط اقامتها قبل انتشاره. واعلن مجمع المطارنة الموارنة في لبنان قراراً بتغيير طريقة تناول الأسرار المقدسة "الافخارستيا" في نهاية القداس لتكون باليد من دون ملامسة الكاهن بدلاً من وضعه بنفسه بأفواه الاتباع، وهو الأمر الذي دعا إليه الأقباط في مصر مثلما دعوا إلى التخلي عن ملعقة التناول . وأعلنت ايبارشية اليونان للأقباط الأرثوذكس عن تغيير العديد من أشكال الطقوس والقداسات واتخاذ العديد من الاحتياطات مثل وقف استخدام لفافات عامة توضع على الفم بعد التناول وان تكون اللفافات خاصة وكذلك أغطية الرأس للنساء . أما بطريركية القدس للاتين فقد دعت في بيان لها الى ان القداسات ستكون بشكل مباشر من خلال وسائل الاتصال والإعلام،  ووضعت عدد من القواعد لأتباعها من أجل اعتمادها للوقاية من انتشار كورونا ، وأعلنت البطريركية إعفاء المؤمنين من المشاركة الجماعية المعتادة في قداس الاحد ، واجازت إقامة القداسات على ان لا تزيد مجموعة المحتفلين عن خمسة عشر شخص يبتعدون عن بعضهم بمسافة لا تقل عن متر، وأن القربان يقدم باليد لا بالفم.

- اليهودية: صدرت فتاوى دينية عن كبار الحاخامات اليهود في اسرائيل تحث اليهود على اتباع التعليمات التي اصدرتها السلطات الصحية من اجل وقف انتشار الوباء وضرورة اطاعتها، وتضمنت الفتاوى ضرورة تجنب اليهود لزيارة "حائط المبكى" لإقامة الصلاة الجماعية عنده، وقال شموئيل رابينوفيتش كبير حاخامات "الحائط الغربي" في بيان له لليهود: "لا تقبلوا احجار الحائط الغربي" وان على "المتدينين ان يلتزموا بالعادات الصحية الضرورية، وطلب الحاخامات من اتباعهم تجنب الذهاب الى الكنس والغوا معظم الاحتفالات في العيد في اسرائيل، وتم إغلاق العديد من المعابد والكنس اليهودية في الولايات المتحدة الامريكية، مثلما تم الغاء احياء ما يسمى بـ "عيد المساخر – بوريم" في الديانة اليهودية.

- الديانات الاخرى، مثل الهندوسية التي اغلق الكثير من مواقعها الدينية في العديد من المناطق والدول المتواجدين فيها امام جمهورها ففي الهند اغلق معبد Siddnivinoyak الذي يعد اكثر المزارات الهندوسية من حيث الزوار، وتم الغاء جزء من المهرجان السنوي Panguni Uthiram في سنغافورة وكل ذلك التغير في الطقوس الهندوسية كان كإجراءات احترازية لتجنب اتباعهم خطر الاصابة بفيروس كورونا اثناء التجمعات الدينية لهم. اما البوذيين فقد اجبرهم ةانتشار الوباء على اغلاق الكثير من المعابد في مختلف انحاء آسيا ولا سيما في هونغ كونغ وتايوان التي صارت الخطب البوذية فيها عبر البث المباشر وتم اغلاق اقدس المواقع البوذية في التبت.

توجهات معاكسة

على الرغم من شبه الاجماع الذي وسم توجهات المؤسسات والهيئات الدينية في مختلف دول العالم حول وجوب الوقاية من انتشار فيروس كورونا بيد ان توجهات مغايرة ظهرت لدى شخصيات وتيارت دينية مختلفة وذهبت صوب معارضة اجراءات الوقاية من هذا الوباء ودعت الى الاستمرار في التجمع وممارسة الشعائر والطقوس الدينية التي تعتمدها في اديانها:

-    الإسلام، ظهرت توجهات دينية لدى عدد من رجال الدين الشيعة في كل من ايران والعراق تعارض اجراءات الوقاية وبخاصة تلك التي توقف الزيارات الدينية وتغلق المراقد الدينية، فقد عارض المرشد الاعلى على خامنئي والمؤسسة الدينية في ايران توصيات الوقاية الصحية التي صدرت عن وزارة الصحة في بلادهم، ولم يقتنعوا لإقامة الحجر الصحي لا سيما في مدينة قم الدينية على اساس ان هذه المدينة ستقيها "المناعة الالهية" نظراً لقدسيتها، وذهبوا الى تشجيع زيارة حرم "فاطمة المعصومة" من اجل الصلاة لشفاء المرضى، حتى محمد سعيدي ممثل خامنئي الابرز في قم قد رفض تطبيق اجراءات الوقاية من انتشار كورونا الامر الذي جعل قم مركزاً لانتقال العدوى الى باقي المدن والمناطق الايرانية وحتى دول الجوار . وفي العراق دعا رجل الدين قاسم الطائي الى استمرار مراسم زيارات المراقد الدينية وعدم ايقافها فقال: "يجب استمرار الشعائر الدينية من صلوات الجمعة والجماعة وزيارة المراقد المقدسة"، ورأى ان الالتجاء الى الله والاستغفار والتضرع في الاماكن المقدسة يُعد امراً مقدماً على توقي الحذر من الوباء وامكانية انتشاره من خلال هذهِ التجمعات . ويأتي موقف مقتدى الصدر مشابهاً له عندما عدها اتباعه في تغريدة له على تويتر مفادها ان تستمر الزيارات الدينية وان المراقد لا يجب اغلاقها وانما يجب ان تبقى مفتوحة امام زائريها، وانتقد الصدر دور المراجع الدينية في النجف التي دعت الى ايقاف صلاة الجمعة والزيارات الدينية، وبعد ان تمت زيارة الامام الكاظم مؤخراً وانتشار العدوى وزيادة عدد المصابين ولا سيما من الزوار رفض مقتدى الصدر ما وجه اليه من اتهامات بأن دعوته للزيارة ساهمت بزيادة اعداد المصابين بكورونا ، وبيّن في تغريدة اخرى له على تويتر مفادها عدم اعتراضه على حظر التجوال والاجراءات الصحية في المراقد وانما كان اعتراضه على غلق المراقد الدينية.

   ولم يكن هذا التوجه مقصوراً على رجال الدين الشيعة في العراق وانما ظهرت تصريحات لرجل الدين السني مهدي الصميدعي الذي يلقب نفسه بـ "مفتي الجمهورية" على الرغم من عدم وجود هكذا منصب او مكانة دينية في العراق، إذ صرح برفضه فتوى المجمع الفقهي العراقي الذي التي اقرت سقوط الجماعة كإجراء وقائي لمنع انتشار كورونا، ودعا لفتح جميع المساجد امام المصلين وضرورة اقامة صلاة الجمعة، وقال في بيان له: "المساجد لله تعالى ولا يحق اغلاقها، والاولى عندما يصاب بلد او انسان ببلاء فعليه العودة واللجوء الى الله تعالى .. واقامة صلاة الجماعة"، الامر الذي لاقى رفضاً وانتقادات حادة من المؤسسات السنية في العراق من جهة والمواطنين اللذين عبروا عن رفضهم لآرائه من جهة اخرى عبر وسائل التواصل الاجتماعي من جهة اخرى، كون اراء الصميدعي تتناقض مع ما اجمع عليه العلم والتوجهات الدينية العامة لمختلف الدول الإسلامية .

     وفي الجزائر رفض عدد من رجال الدين فتوى لجنة الفتوى في وزارة الشؤون الدينية والاوقاف التي ذهبت الى اغلاق المساجد وايقاف صلاة الجماعة فيها خشية انتشار وباء كورونا، وفي مصر ظهر عدد من اتباع التيار السلفي المعارضين لتوجهات ايقاف صلاة الجماعة واقاموا "مسيرات للتكبير" بشكل مخالف لمنع التجمعات السكانية، وفي ماليزيا ادى تجمع ديني لـ "جماعة التبليغ" في احد مساجد كوالالمبور حضره ما يقرب من 16 الف، الى نشر وباء كورونا في ماليزيا بعد ان كانت النسبة الاكبر من الاصابات المسجلة في البلاد ممن حضروا هذا التجمع.

-       المسيحية: نتيجة لعدم التزام اتباع كنيسة شينتشونجي -وهم طائفة غامضة يدعي مؤسسها تجسيده للمجئ الثاني للمسيح- في كوريا الجنوبية بإجراءات عدم التجمع والاختلاط التي تضمنتها متطلبات الوقاية من انتشار كورونا واشارت تقارير كورية الى ان 60% من المصابين في البلاد هم من اتباع هذهِ الطائفة، وفي اليونان اعترض الكاهن ستيليانوس كارباتيو على اجراءات وقف القداسات واغلاق الكنائس وقال: "لن يمنعنا احد من الذهاب الى الكنيسة"  واعلن ان حظر التجمعات لن يشمل الكنائس وذلك لان جنود المسيح لن يسمحوا بذلك، ورأى هذا الكاهن ان الطقوس في الكنائس تتطابق مع شروط الوقاية من كورونا . واحتج عدد من القساوسة في مصر على اجراءات منع الطقوس المسيحية خشية انتشار الوباء واعتبروا ان الامر هو ضعف ايمان الاشخاص وتشكيكاً بقدسية الشعائر، اما في لبنان فان اعتراضهم على ايقاف القداسات بسبب كورونا انما يأتي من اعتقادهم بأن القربان المقدس يشفي النفس والجسد، وقال الانبا رافائيل الاسقف العام لكنائس وسط القاهرة: "نؤمن ان سر التناول هو سر الحياة .. وارجو ان نقترب التناول بهيبة وليس بفحص علمي".

- اليهودية: اصدر حاييم كانيفسكي الذي يعد احد ابرز زعماء تيار الحريديم اليهود فتوى دعا فيها الى مخالفة التعليمات والاجراءات التي اصدرتها وزارة الصحة في اسرائيل لمكافحة انتشار كورونا في اسرائيل، ويتبنى الحريديم معتقدات منعتهم من الالتزام بهذه التعليمات منذ اولى اصابات الوباء في اسرائيل، اذ رفضوا اغلاق المدارس الدينية والمعابد وايقاف الشعائر والطقوس الدينية والصلوات الخاصة بهم ولا سيما ذات الطابع الجماعي، الامر الذي ادى الى انتشار كورونا في احياء ومدن اليهود المتدينين بشكل اسرع عن باقي الاحياء والمدن الاخرى، ووصلت نسبة الاصابات في مدينة بني براك الى 35% من السكان، واشارت تقارير وزارة الصحة الاسرائيلية ان 29% من المصابين بكورونا قد نقلت لهم العدوى من خلال المعابد والمدارس الدينية التي رفض الحريديم اغلاقها، وفرضت السلطات في اسرائيل اغلاق كامل على المدن التي يسكنها اليهود المتدينون وانتشر فيها الفيروس ويتم مراقبتها من خلال الطيران.

علاجات دينية

    لم يقتصر تأثير العامل الديني على تطورات انتشار وباء كورونا بل ان مقاربة دينية جاءت باستحضار الدين ووصف العلاجات التي ادعى عدد من رجال الدين بأنها تصل لشفاء المصابين بكورونا وحماية غير المصابين.

-       الإسلام: في ايران والعراق وعدد من الدول الإسلامية طرح رجال دين وصفات علاج لكورونا فمثلاً وصف رجل الدين الايراني عباس تبريزيان علاجاً جديداً لكورونا يتمثل باستخدام "زيت البنفسج" كعلاج لكورونا وتبريزيان يلقبه أتباعه بـــ "أبو الطب الإسلامي في إيران" وعدّ ان هذا الزيت يجلب الشفاء لمصابي كورونا، في حين اعلن رجل الدين العراقي قاسم الطائي بأن زيارات الاماكن المقدسة تشفي المصابين بكورونا وان زيارة الاماكن المقدسة وإقامة صلاة الجمعة وجماعة تمنع الإصابة بكورونا لأن "الفيروس لا يصيب المؤمنين".

    ودعا رجل دين عراقي آخر الى ان الوقاية والعلاج من كورونا يتمثل بالتجمع في المزارات والمراقد الدينية، وأن المرض لن يتفشى اذا تجمع للناس بشكل كبير في المراقد الدينية لأنها ستكون الحامية لهم. ودعا رجل دين آخر يدعى حازم الأعرجي عبر مواقع التواصل الاجتماعي الى رفع "راية" تمثل الحسين فوق مستشفيات معالجة وحجر مرضى كورونا لأنها ستساعد في علاجهم، مثلما ادعى ان زيارة موسى الكاظم تمثل علاجاً لكورونا وان "قبر موسى بن جعفر يمثل ترياقاً وهو مكان مجرب ودواء مجرب". في حين اعتبر أسامة الحجازي وهو رجل دين من مصر ان النقاب والوضوء هما علاج فعال لكورونا. أما في سوريا فإن أمام الجامع الأموي توفيق البوطي ذهب إلى ان "حبة البركة" تفيد في علاج كورونا عندما يتم تصنيعها بأسلوب علمي تقني متطور. في حين ذهب احد رجالات الدين في موريتانيا اسمه يحظيه ولد داهي ان علاج كورونا هو بالرقية الشرعية عند من أسماهم "احباب الرسول" بالإضافة إلى عشبة لم يذكر اسمها.

-       المسيحية: اعتبر عدد من القساوسة والكهان المسيحين ان القداس والطقوس والتناول الذي يتم تأديته في الكنائس هو مطهر ويمثل واقيا من الاصابة بكورونا ، كما طرح كاهن لبناني طريقة غير مألوفة في الطقوس المسيحية تجلت بأن الكاهن الماروني مجدي علاوي استأجر طائرة خاصة وحلق بها في الاجواء اللبنانية لمباركة البلاد وحمايتها من كورونا بالدعاء والتضرع الذي اداه في الطائرة .

-       - اليهودية: دعا العديد من الحاخامات اليهود أتباعهم إلى الاستماع للصلاة وبشكل خاص قصة الملكة أستير الذي تقرأ عبر الإذاعات خلال احتفالات "عيد المساخر" وذلك من أجل حمايتهم من الوباء ، ولكن طرح احد الحاخامات اليهود ما اعتبره علاجا لكورونا تمثل بتوزيع مشروب كحولي أسماه "كورونا" على "المؤمنين" اليهود ، وطلب منهم احتسائه والاستمرار بالدعاء الى الله من أجل ان يحد انتشار الوباء .

-       وفي الديانات الأخرى: أقامت جماعات هندوسية حفلاً لشرب "بول البقر" في العاصمة الهندية نيودلهي بهدف الوقاية من الاصابة بكورونا وذلك في طقوس دينية كبيرة نظمها أعضاء وأنصار "منظمة هندوماهسابها" الهندوسية واعتبر العديد من الهندوس ان "بول البقر وروثها" يمكنه معالجة فايروس كورونا: أما البوذية فقد أوصى دالاي لاما زعيم البوذيين الأعلى بأن يقرأ البوذيون "تعويذة مانترا تارا" بغية التغلب على كورونا ، وأن يتم قراءتها بشكل متكرر كثيرا حتى تكون طريقة مهمة لعلاج كورونا.

العقاب الإلهي

   كثيرة هي التصريحات والنصوص الدينية التي اعتمدها رجال الدين من أجل اعتبار كورونا عقاباً الهياً نزل نتيجة لذنوب خصومهم او مخالفيهم او لمعاقبتهم على افعالهم ولعل هذا الطرح جاء في مختلف الاديان:

-الإسلام: ذهب عدد من رجال الدين من المغرب ومصر وتونس ان كورونا هو عقاب الهي حل بالصين نتيجة لاضطهاد الحكومة الصينية للمسلمين، بحث عدّ التيار السلفي المغربي ان الفايروس بلاءً موجهاً للكفار وذكر رجل الدين التونسي بشير بن حسن ان "السلطات الصينية فرضت الحصار على مليون مسلم ايغوري والان ستين مليون صيني محاصرون بسبب الفايروس الذي لا يوجد له علاج لان هذا امر الله .. سينصر الايغور على السلطات الصينية بكورونا"، وشاطره الاتجاه عضو مؤسسة الازهر احمد عيسى المعسراوي بقوله: "بعد ان عزلت الصين مليون شخص ايغوري يعزل الله الصين عن العالم"، ويذهب رجل الدين السوري عبد الرزاق المهدي في نفس الاتجاه عندما يرى ان الله قد سلط فيروس كورونا على من اسماهم بــ "الملاحدة الشيوعيين البوذيين" بسبب اضطهادهم لمسلمي تركستان.

-       المسيحية: ذهب عدد من القساوسة ورجال الدين المسيحيين الى ان وباء كورونا عقاب للملحدين والمخالفين وأحد علامات نهاية العالم، فالقس ابرام سليمان كاهن كنيسة القبطية الارثوذكسية في ولاية نيوجرسي الامريكية وصف فيروس كورونا بأنه "ليس الاول ولن يكون الاخير من الاوبئة أو الكوارث التي تواجه العالم" وان انتشار الشر والمرض هو احد صور هجوم مملكة الشر على البشرية وان من وصفهم ابرام بــ "أولاد الله" فإنهم لا يخافون لان الوباء لن يصيبهم بل يصيب الاشرار، بينما يذهب القس الامريكي ريك ويلز في تفسيره لوجود وباء كورونا بأنه "وباء ارسله الله لتطهير العالم من الخطيئة" وقد وصف الحكومة الصينية بـــ "الحكومة الشيوعية الملحدة" وان الله يعاقبها لأنها "تضطهد المسيحيين وتجبر الناس على الاجهاض" ويوضح القس نصر الله زكريا في مقال له بعنوان "هل تنبأ سفر الرؤيا عن فيروس كورونا" ان هناك فريق من مفسري الكتاب القدس يذهبون الى ان سفر الرؤيا تنبأ بفيروس كورونا وانه دليل على نهاية العالم.

-اليهودية: عدّ عدد من الحاخامات ان فيروس كورونا عقاباً الهياً للأغيار او غير اليهود اذ يذكر الحاخام زامير كوهين بأن الفيروس نتيجة طبيعية لان غير اليهود يأكلون كل شيء، بينما يرى الحاخام مئير معزوز انه عقوبة للشذوذ الجنسي فيقول "ان الله ينتقم من الشخص الذي يقدم على افعال غير طبيعية"، اما عضو حزب الليكود السابق الحاخام يهودا غليك فقد عدّ ان الفيروس "عقاباً الهياً" للحكومة الصينية نتيجة اضطهاد المؤمنين بالكتاب المقدس وانتهاكات حقوق الانسان والنشطاء السياسيين.

- أما بالنسبة للديانات غير السماوية فيرى تشاكر اباني ماهراج رئيس "منظمة هندوماهسابها" الهندوسية بان كورونا هو تجسيد "للآلهة فيشنو" وجاء لمعاقبة غير النباتيين من يأكلون اللحم وانه يعاقب الصينيين ويلقنهم درساً بسبب تعذيبهم للحيوانات ومن اجل تحويلهم الى نباتيين.

    ومن هنا يتضح بأن العامل الديني حاضراً في العديد من المراحل على مستوى مختلف الجوانب في الدول والمجتمعات التي تشهد ازمات وحروب، وتبرز حالة التدين عندما يجد الناس انفسهم في اوضاع يصعب عليهم مواجهتها بأنفسهم، وتظهر الآراء والتفسيرات واثارة الجدل بين رجال الدين، وتُتخذ المواقف من قبل المؤسسات والهيئات الدينية حيال هذا الأمر او ذلك، وهذا ما حصل ازاء انتشار فيروس كورونا من الصين الى باقي دول العالم.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟