المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مريم عبد السلام موسى
مريم عبد السلام موسى

الموقف الإسرائيلي من الملف النووي الإيراني

الأربعاء 26/فبراير/2020 - 06:45 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

مقدمة

أصبح امتلاك أي دولة لقوة نووية عاملاً مؤثراً في قوتها الشاملة، ومن ثم في مكانتها الإقليمية والدولية، وهو ما يشير إليه محللو القوة والإستراتيجية الشاملة والعسكرية للدولة في مجاليها الإقليمي والدولي. وقد تم التوصل إلي أن امتلاك دولة ما لقوة نووية من دون امتلاك الدول المواجهة لهذه القوة إنما يؤدي إلي خلل في التوازن الاستراتيجي والعسكري بينهما.

كما قدم "والتز" في عام 1981 نظريته الشهيرة عن انتشار السلاح النووي (1)، والتي كانت تنطلق من فرضية أساسية قوامها أنه "كلما زاد عدد الدول التي تمتلك سلاحاً نووياً؛ زاد الاستقرار في العالم". وتتمحور رؤية والتز التي تفضل التوسع في حيازة السلاح النووي على التوسع في امتلاك القدرات العسكرية التقليدية، التي يفضلها أغلب علماء السياسة؛ إلا أنه يرى أن حيازة السلاح النووي- وعلى العكس مما هو سائد ومتوقع- يساعد في زيادة معدلات استقرار النظام الدولي، وسيادة السلام بين الدول؛ وذلك نظراً لحجم الأخطار والتدمير (الذي قد يصل لحجم الإفناء) الذي ينتج عن استخدام السلاح النووي، وهو الأمر الكفيل بردع الدول عن مهاجمة الآخرين (2).

وعلي الرغم من أن المجتمع الدولي قد خطا خطوة واسعة نحو تحقيق منع انتشار الأسلحة النووية، وذلك ليس فقط بتوقيع عدد كبير من دول العالم علي معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وإنما أيضًا بالسير قدمًا نحو إنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية بحيث تشتمل علي منطقة الشرق الأوسط، والتي تعاني من حساسيات متراكمة في أوضاعها الأمنية، بسبب أهميتها الجيوسياسية والاقتصادية من ناحية، وتداعيات الصراع العربي الإسرائيلي من ناحية أخرى، والملف النووي الإيراني(3).

وبالتالي يواجه الأمن القومي العربي تحديات داخلية وخارجية، إلا أن التحدي الأكبر له يأتي من جانب إسرائيل وترسانتها النووية، ولا يقتصر ذلك التهديد علي امتلاك إسرائيل للسلاح النووي، بل يتمثل أيضًا في منع العرب من امتلاك ذلك السلاح- الذي يمكن أن يشكل أداة ردع في مواجهة السلاح النووي الإسرائيلي- وبالتالي يصبح العرب قابعين تحت ضغط إسرائيلي يحول دون تنمية قدراتهم الذاتية- سواء علي صعيد التنمية في الداخل، أو علي صعيد مواجهة التحديدات والتهديدات الخارجية التي تمس الأمن القوي العربي، وبالتالي لا سبيل أمام العرب سوي إنتاج سلاح نووي يعمل علي تحقيق التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل، وبالتالي يشكل ضغط عليها ويدفعها للموافقة علي نزع سلاحها النووي مقابل نزع السلاح النووي العربي(4).

ويمثل البرنامج النووي الإيراني محور الصراع الحالي في الشرق الأوسط حيث يخفي الجدل الدائر حوله كثيرا من الأهداف والاستراتيجيات المتصارعة في المنطقة. فهناك أطراف عديدة تسعى إلى اللعب بورقة هذا الملف وأولها بالطبع هي إيران والتي تستخدم ورقة التخصيب في لعبة باتت معروفة للجميع.

المشكلة البحثية

مع تنامي الخوف من زيادة التجارب النووية وزيادة انتشار الأسلحة النووية مما يهدد الأمن والسلم الدوليين‏ ‏أبرمت اتفاقيات دولية عديدة متلاحقة لمنع هذا الانتشار ولكن كان من المتوقع أن تنفذ بنود هذه الاتفاقيات بصرامة على أية دولة تخالفها ولكن ما وضح بالفعل هو أنه يوجد اتفاقيات ووكالات ومبادرات وأبحاث تظهر خطورة الأمر ولكن لا يوجد حزم في تطبيق هذه الآليات من قبل الدول الكبرى أو الجهات المختصة بل ما ظهر هو إزدواجية في تطبيق هذة الآليات مما زاد من الانتهاكات, الأمر الذي بدوره زاد حدة وتوتر القضية حتي بدأ ظهور مصطلح " الإرهاب النووي " وهو وصول الأسلحة النووية إلي جهات غير دولية. ويظهر هذا الأمر بوضوح في مسألة الملف النووي الخاص بإيران والعقوبات الدولية التي فرضت عليها حيث فرض عليها  أكثر من أربع عقوبات دولية من مجلس الأمن. أما عن إسرائيل فهي تلتزم بسياسية الغموض في مسالة الملف النووي ولكن هناك أكثر من تأكيد بوجود هذة الأسلحة ولكن المجتمع الدولي لا يوجه إي اتهام لها ولم يفرض عليها عقوبات حتى الآن، ومن ثم تتمحور إشكالية الدراسة في دراسة الموقف الإسرائيلي من الملف النووي الإيراني لذا جاء السؤال البحثي الذي تتمحور عنده إشكالية الدراسة فيما يلي:

-    ما هو الموقف الإسرائيلي من الملف النووي الإيراني؟ / هل إسرائيل قادرة على ضرب المنشآت النووية الهامة في عمق إيران؟

أهمية الدراسة

أهمية هذه الدراسة تتلخص في:

1.  أهمية دراسة الاستراتيجية الإسرائيلية في التعامل مع التسلح النووي الإيراني.

2.  أهمية دراسة الأزمة النووية الإيرانية وذلك بالنظر الي محورية الدور الذي تمثله إيران في منطقة الخليج بصفة خاصة ومنطقة الشرق الأوسط بصفة عامة .

3.  دراسة ما يسمى بالنوايا النووية التي تمثل مشكلة حقيقة في منطقة الشرق الأوسط فهناك حالات يصعب التوصل الى تحليل دقيق لنواياها . حيث تمثل الحالة الإسرائيلية أبعاد نموذجية بهذا الشأن  سواء فيما يتصل بغموض النوايا أو عدم تصديق الآخرين لما هو معلن بشأنها.

المنهج المستخدم في الدراسة

 تعتمد هذه الدراسة على منهج المصلحة الوطنية National Interest  ,هو أحد المناهج المفسرة للعلاقات الدولية ويتمثل جوهره في أن الهدف النهائي والمستمر للسياسة الخارجية لدولة ما هو تحقيق مصلحتها الوطنية وبهذا فإن المصلحة القومية تشكل عامل الارتكاز والمحرك الأساسي في الموقف الأسرائيلي تجاه البرنامج النووي الإيراني وما هي الآليات المتبعة لتحجيم الدور الإيراني في المنطقة، كما يفسر هذا الاقتراب تغاضي الولايات المتحدة والقوى الاوروبية عن المشروع النووي الإسرائيلي وعدم طرح هذا المشروع في أي اجتماع في مجلس الأمن أو وكالة الطاقة الذرية لأن هذا التغاضي سوف يصب في مصلحتهم الوطنية .

وسيتم الإجابة على التساؤل البحثي من خلال عدد من النقاط الرئيسية:

-       أولاً تطور الملف النووي الإيراني.

-       ثانياً دوافع إيران لامتلاك البرنامج النووي.

-       ثالثاً التحديات التي تواجه المفاعل النووي الإيراني.

-       رابعاً الموقف الإسرائيلي من الاتفاق النووي الإيراني- الامريكي.

-        خامساً دوافع الموقف الإسرائيلي تجاه الاتفاق النووي الأمريكي- الإيراني

-       سادساً البرنامج النووي الإيراني بين العقوبات والخيار العسكري.

-       سابعاً الموقف الإسرائيلي من الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني  .

-       خاتمة

أولاً- تطور الملف النووي الإيراني

1) بداية الملف النووي قبل الثورة الإسلامية

يعود التاريخ النووي الإيراني لعام1960م، حين كانت إيران ذات علاقة قوية وطيبة مع الولايات المتحدة الأمريكية. ففي غضون عام1960م، وبمساعدة أمريكية، أنشأ شاه إيران "محمد رضا بهلوي" منظمة الطاقة النووية الإيرانية ومركز طهران للبحوث النووية.إلا أن هذا المركز لم يأخذ الدور البحثي المطلوب إلا عام 1967م عندما ألحق بجامعة طهران وأشرفت عليه منظمة الطاقة النووية الإيرانية. وبمجرد أن بدأ المركز بحوثه النووية من جامعة طهران أهدت الولايات المتحدة الأمريكية للمركز مفاعلا صغيرا بقدرة 5 ميغاواط لأغراض البحث.وكان لهذا المفاعل التدريبي قدرة على إنتاج 600 غرام من البلوتونيوم سنويا من وقوده النووي المستهلك(5).

وقعت إيران على معاهدة الحد من إنتاج وتجربة الأسلحة النووية في الأول من يوليو 1968م وكان فحوها الاساسي هو لإيران الحق في تطوير وإنتاج واستعمال الطاقة النووية للأغراض السلمية (6). كان طموح شاه إيران بناء 23 مفاعلا نوويا لإنتاج الطاقة الكهربائية، وبمدة قصيرة جدا وبعلم الولايات المتحدة الأمريكية. إلا أن العقد الذي أبرمه الشاه مع الشركة الألمانية في عام 1975م قد سبب إزعاجا كبيرا للولايات المتحدة الأمريكية. وكان فحوى العقد هو بناء مفاعل نووي في منطقة بوشهر تنفذه شركة سيمنز الألمانية(7) ولإرضاء الولايات المتحدة الأمريكية؛ قام الشاه بتوقيع معاهدة مع معهد ماسيوشست التكنولوجي لتدريب 800 مهندس وفني إيراني لإدارة وتشغيل مفاعل بوشهر عند الانتهاء منه، كما تعاقد الشاه عام 1974م مع الحكومة الفرنسية لبناء مفاعلين نوويين، تنفذهما شركة فرام أتم قدرة كل منهما 950 ميغاواط(8). إلا أن هذين المفاعلين لم يريا النور أبدا كنتيجة لقيام الثورة الإيرانية وسقوط الشاه

2) الملف النووي بعد الثورة

وبعد قيام الثورة الإيرانية عام 1979 توقف هذا البرنامج. وفي عام 1984 بدأت إيران برنامجا نوويا موسعا مركز وكان الهدف المعلن لهذا البرنامج هو استخدام المفاعلات النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية. وشهد هذا البرنامج انطلاقته الحقيقية بعد نهاية الحرب العراقية – الإيرانية حيث أدت الحرب الي إحداث تحولات جذرية في التفكير الاستراتيجي الإيراني في المجال النووي ومن ثم نفذت إيران الكثير من الأنشطة وبنهاية الحرب شهد البرنامج النووي الإيراني نشاطا مكثفا وأصبحت إيران تمتلك بنية أساسية كافية لإجراء الأبحاث النووية والمتقدمة(9).

تزامنت كل هذه التطورات مع تفكك الاتحاد السوفيتي ورواج التجارة السرية للمواد النووية إضافة إلى استفادة إيران من التقنية النووية الباكستانية ومن مصادر أخرى.ومع بداية التسعينيات والإنتهاء من حرب الخليج الثانية تحول الاهتمام إلي إيران وبدأ موضوع التعاون مع الصين بالظهور حيث ذكرت مجلة نيوزويك الأمريكية 1992 أن الصين زودت إيران بتقنيات تعتقد أن إيران ستستخدمها لصنع قنبلة نووية (10) .

3) تأثير أحداث 11 سبتمبر على الملف النووي الإيراني

               أدت أحداث 11 سبتمبر إلي انقلاب حقيقي في التصورات الخاصة بالإرهاب النووي وفي هذا السياق بدت منطقة الشرق الاوسط وخاصة إيران كأنها المركز الرئيسي للتفاعلات النووية وبالنسبة للولايات المتحدة كانت إيران تشكل تهديدا وخطرا أساسيا نظرا لسعيها الدائم لامتلاك أسلحة الدار الشامل وبالتالي هي لا تهدد الولايات المتحدة فقط ولكن الحضارة الغربية بأكملها. وفي عام 2002 أعلنت الولايات المتحدة وجود موقعين في إيران يقومان بأنشطة نووية لم تعلن إيران عنهما للوكالة الدولية للطاقة الذرية مما اضطر إيران إلى السماح لمفتشي الوكالة بزيارتهما(11) .

 واستمرت تحقيقات الوكالة لمدة عام وقدم مدير عام الوكالة السيد محمد البرادعي تقريره الأول عن البرنامج النووي الإيراني في 2003 والذي أشار إلى أن إيران فشلت في الوفاء بالتزاماتها بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية واتفاقية الضمانات من خلال قيامها بأنشطة لم تبلغ عنها الوكالة ومن ذلك شراؤها اليورانيوم الطبيعي عام 1992 وقيامها بأنشطة تخصيب لليورانيوم المستورد وعدم الإعلان عن المواقع التي جرى فيها تخزين وتخصيب اليورانيوم ومعالجة المخلفات النووية(12).

استجابة لتقرير مدير عام الوكالة أصدر مجلس محافظي الوكالة  (13)بياناً في يونيو 2003 طالب فيه إيران بالتعليق الفوري لأنشطة التخصيب والانضمام للبروتوكول الإضافي الملحق باتفاقية الضمانات. وهذا البروتوكول يمنح مفتشي الوكالة صلاحيات واسعة منها حق تفتيش أي موقع يشك بعلاقته بالبرنامج النووي كما أنه يفرض على الدولة إعلان جميع المنشات والمواد ذات العلاقة ببرنامجها النووي.

 وبعد صدور أكثر من تقرير يدين إيران من ناحية والضغوط الأمريكية من ناحية أخرى أعلن الرئيس الإيراني أن بلاده سوف تتعاون بشكل كامل مع الوكالة الدولية للطاقة لإثبات أنها لاتخفي برنامجاً سرياً لإنتاج سلاح نووي ولكن حدد شروطا لتوقيع إيران البروتوكول الإضافي من بينها أن التوقيع يكون كفيلا بإنهاء الأزمة وتعهدت إيران بوقف طوعي مؤقت لبرنامج إثراء اليورانيوم وقد سلمت إيران في 1 نوفمبر 2003 الوكالة الدولية للطاقة خطابا تضمن موافقتها الفعلية على توقيع البروتوكول الإضافي(14) .

كان لدول الترويكا (15) الأوروبية (بريطانيا-فرنسا-ألمانيا ) دور فعال في إقناع إيران بتوقيع البروتوكول الإضافي وتواصلت بعد ذلك جهود الترويكا حتى أنه أمكن التوصل إلي اتفاقية متكاملة لتسوية الأزمة النووية من خلال مفاوضات إيرانية أوروبية والتي عرفت "باتفاقية باريس" في 2004 والتي تضمنت من ناحية التزام إيران بالوقف الشامل والنهائي لأنشطة تخصيب اليورانيوم ومن ناحية أخرى التزام الدول الأوروبية الثلاث بتقديم مكاسب تجارية محددة لإيران .

ومن جانبها أظهرت إيران قدراً كبيراً من التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة ولكن مع ذلك استمرت تقارير مفتشي الوكالة بإدانة إيران بسبب إكتشاف معدات لم تكشف عنها من قبل، واستمرت عملية الشد والجذب بين إيران والوكالة توصلت الي أنه تم التوصل الي اتفاق باريس الذي سبق الإشارة إليه والذي بموجبه علقت إيران كل أنشطتها النووية مقابل حوافز متعددة من جانب الترويكا الأوروبية .

4) تحويل الملف النووي الإيراني إلي مجلس الأمن

ولكن قبل انعقاد جولة المفاوضات الإيرانية-الأوروبية في أوائل 2005 اندلعت أزمة بين الجانبين بشأن موعد المفاوضات (16), وهدد إيران بأنها سوف تستأنف أنشطة تخصيب اليورانيوم ما لم يتم الالتزام بالموعد مما أدى إلي نشوب أزمة حيث رفضت دول الترويكا هذا التهديد الإيراني واعتبروا استئناف إيران للأنشطة تخصيب اليورانيوم سيكون خطوة غير إيجابية ربما تدفع الدول الأوروبية للتجاوب مع المطلب الأمريكي الداعي إلي نقل الملف النووي الإيراني إلي مجلس الامن لفرض عقوبات على إيران ويبدو أن إيران سعت لافتعال هذة الأزمة في مسار المفاوضات الإيرانية الأوروبية بعد أن أدركت أن تلك المفاوضات لن تصل بها الي النتائج المرغوبة من جانبها(17).

حيث قام أحمدي نجاد باستئناف عمليات تحويل اليورانيوم في أغسطس 2005 ثم استأنفت الأنشطة الأخرى ذات الصلة بعمليات التخصيب (18). يوم 9 يناير2006 أعلن أن إيران أصبحت دولة نووية وأنها تمتلك قدرة تصنيع الوقود النووي المخصب لأهداف تجارية  (19)وعلق العمل بالبرتوكول الإضافي الذي كانت قد وقعته إيران ,كما أستأنفت إيران لانشطة التخصيب مع تصميمها على مواصلة أبحاثها على الماء الثقيل, بعد أن أصدر مجلس محافظي الوكالة في فبراير 2006 قراره الذي ينص على إخطار مجلس الأمن بتطورات الملف الإيراني والذي بدوره أعطي مهلة لإيران ثلاثة أشهر, لكي توقف أنشطتها في مجال التخصيب.

كان هذا التصعيد المتتالي من إيران قد دفع الدول الأوروبية المشاركة في المحادثات النووية مع إيران إلي تغير موقفها المتعاطف مع إيران لتذهب إلي جانب الولايات المتحدة في انتقاداتها لإيران . ولكن مع استمرار التصعيد الإيراني لم تجد أوروبا بغير قبول الرغبة الأمريكية في اتخاذ موقف عملي ضد إيران , ومن هنا جاء قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإحالة الملف النووي الإيراني إلي مجلس الأمن  بعد مشاورات واسعة النطاق ومكثفة مع روسيا والصين تأمينا لتأييدهما.

لقد جاءت إحالة الملف النووي الإيراني إلي مجلس الأمن عقب تقرير أعده محمد البرادعي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية وقدمه إلي مجلس الأمن يؤكد فيه أن إيران لم تلتزم بالمهلة النهائية التي حددتها لها الوكالة لوقف أنشطة تخصيب اليورانيوم والتي انتهت في 27 أبريل 2006 (20), وأنها لم تتعاون بشكل تام مع المفتشين الدوليين الذين حاولوا معرفة ما إذا كان البرنامج النووي الإيراني يهدف لأغراض سلمية أم لإنتاج الأسلحة النووية. ومن ناحيته أكد  نجاد أن بلاده لن تتخلى أبدا عن برنامجها النووي ولن تقبل التفاوض مع أي شخص حول حقها المطلق في استخدام تكنولوجيتها النووية .

5) قرارات مجلس الأمن

توالت الأحداث والضغوط على وكالة الطاقة وخاصة من الولايات المتحدة حيث قامت بإحالة الملف الإيراني إلي مجلس الأمن في 8 مارس 2006 بموجب المادة 12 من الميثاق (21)، ويعتبر القرار (1696) الذي وافق عليه أعضاء المجلس باستثناء قطر أول قرار ملزم يطالب إيران بالامتثال لمطالب الأسرة الدولية أو مواجهة العقوبات , ويطالب القرار الذي تم إدخال تعديلات عليه بسبب اعتراض كل من روسيا والصين وإيران بوقف عمليات تخصيب اليورانيوم واتباع الإجراءات التي تقررها الوكالة وإلا ستتعرض لعقوبات .

 وبعد تعثر المفاوضات مع الدول الست أخذ المجلس في 2 ديسمبر 2006 قراره الجزائي رقم (1737) بإجماع الأعضاء بفرض عقوبات على إيران بدعوي مماطلتها في الاستجابة للمطالب وحظر توريد جميع الأصناف والمعدات والتكنولوجيا ذات صلة بالبرنامج النووي كما حظر دخول الأشخاص الأيرانيين الذين شاركوا في أنشطة الانتشار النووي ويتضح من مضمونه أن القرار جاء ضعيفا في محتواه نتيجة الدور الروسي فقد فرض حظر على تصدير المواد الثنائية الاستخدام إلا أنه ترك لكل دولة حق الحكم بنفسها على المواد التي تصدر إلي إيران أي ان القيود التي فرضها هي قيود اختيارية  كما أن العقوبات المفروضة دفعت البعض إلي القول بأن ما تم حظره بموجب القرار (1737) على إيران هو محظور أصلا عمليا (22) .

أما قرار مجلس الأمن رقم (1803) الذي صدر في 3 مارس 2008 فقد تضمن الحزمة الثالثة من العقوبات على إيران والتي شملت حظراً على التبادل التجاري مع إيران للسلع ذات الاستخدام المزدوج. في  يونيو 2010 أصدر مجلس الأمن القرار (1929) بفرض حزمة جديدة من العقوبات على إيران أشد من سابقتها بحيث تنوعت بين عقوبات اقتصادية وعسكرية وقد نص القرار على اتخاذ مجموعة إجراءات ضد بنوك إيرانية في الخارج إذا تم الاشتباه بأن لها علاقة بالبرنامج النووي الإيراني .

ولكن كانت كالقرارات السابقة حتي 2010 تعتبر هذه العقوبات عقوبات غير شاملة ويسهل تحملها  ولكن صدور القرار الأخير بإجماع معظم الأعضاء ومن بينهم روسيا والصين قد مثل صدمة للنظام الإيراني (23) .

6) الأهداف الكامنة وراء العقوبات

تعد العقوبات الأداة السياسية، التي يستخدمها الغرب للضغط على إيران منذ بدء الأزمة النووية بدلا من اللجوء إلى الحلول العسكرية، وقد أصبحت جزءا أساسيا من سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران .

 ويظل الهدف الأساسي للعقوبات هو تغيير حسابات إيران النووية، وإجبارها على الدخول فى مفاوضات للوصول إلى تسوية سلمية من خلال تغيير سياساتها تجاه برنامجها النووي، وترى الدول الغربية أن العقوبات هى الأداة الرئيسية لرفع تكلفة تطلعات إيران النووية. وهناك ثلاثة أسباب تكمن وراء ذلك (24) :

·       تدمير الاقتصاد الإيراني، وإلحاق الضرر بالمدنيين الإيرانيين.

·     تهديد بقاء النظام الإيراني، ومحاولة دفع المجتمع الإيراني للضغط على الحكومة لتغيير سياساتها، سواء من جانب المدنيين بقيام بالاحتجاجات، أو من جانب أصحاب المصلحة.

·       محاولة إضعاف الاقتصاد الإيراني على المستوى المحلى والإقليمي والدولي .

ثانياً- دوافع إيران لامتلاك البرنامج النووي

هناك عدة أسباب تدفع إيران لخوض كل تلك النزاعات من أجل الحصول على القدرة النووية ليس فقط السلمية بل والعسكرية أيضا وفي ضوء عدة أدبيات تم استنتاج عدة دوافع أساسية اجتمعت عليها وهم:

1- امتلاك قوة عسكرية : الفكر الاستراتيجي الإيراني ركز بشدة على الدروس المستفادة من الحرب الإيرانية –العراقية والتهديدات الأمريكية الإسرائيلية لإيران , وأبرزها أن إيران لابد أن تستعد لاية احتمالات في المستقبل.

2- تعزيز المكانة السياسية الدولية :سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي حيث إن امتلاك الدول للسلاح النووي يساعد في تقوية الدول للحصول على مكاسب سياسية في تفاوضها مع الدول الاخرى.

3- دوافع اقتصادية وتكنولوجية : إيران أعلنت عن رغبتها في تأمين 20% من الطاقة الكهربائية بواسطة المواد النووية (25)وذلك في مواجهة احتياجتها المستقبلية كالتنمية الاقتصادية والعمل على الحد من استخدام البترول كما أنها تعمل على الاستفادة من الطاقة النووية الإيرانية لخدمة الشعب الإيراني في البحوث العلمية والتكنولوجية وخاصة في المجالات الطبية.

ثالثاً- التحديات التي تواجه المفاعل النووي الإيراني

-  تحديات داخلية ومتمثلة بالمعارضة الإيرانية: تعد المعارضة الإيرانية من أهم التحديات التي تهد تنفيذ المفاعل النووي الإيراني وصعوبة القبض عليهم لعدم إمكانية حصرهم في أماكن محددة، حيث تكمن خطورتهم بقدرتهم على الوصول والاختراق للقائمين على البرنامج النووي الإيراني، ومن ثم تزويد الولايات المتحدة الأمريكية ووكالة الطاقة النووية الدولية بكافة البيانات والمعلومات من خلال رسائل تبثها في المواقع الإلكترونية.

- تحديات خارجية متمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل: حيث تدرك إيران رغبة أعدائها في القضاء على مفاعلاتها النووية وتدميرها، ولكن ذلك ليس بالأمر السهل والمتاح، وذلك لأسباب عديدة تعود إلى انتشار وتوزيع مفاعلاتها النووية في أرجاء البلاد الواسعة ولكن المتفق عليه هو أن على الخصوم أن ينجحوا في ضربة واحدة في تدمير كامل البرنامج النووي الإيراني، وهذا غير متاح ولن يحصل الأمر الذي يضع الشكوك حول توجيه ضربات خارجية لإيران لأن إيران ستقوم بتوجيه ضربات انتقامية لأهداف الخصوم المجاورة لها في أفغانستان والخليج لانها لن تكون قادرة على ضرب العمق الأمريكي بسبب بعد المسافة.

لم تشعر الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بالرضا للتقدم الذي أحرزته إيران في مجال برنامجها النووي، وذلك بسبب ما يثار من مخاوف حول تزايد قوة إيران منذ احتلال الولايات المتحدة الأمريكية لأفغانستان عام 2001، والعراق عام 2003 ومن خلال القيام بتهديد إسرائيل المستمر تعزز الشعور بأن إيران أقوى ولذلك فإن امتلاك إيران للسلاح النووي لن يكون له تأثير على العراق ودول مجلس التعاون الخليجي العربي، بل سيكون تأثيره على أهداف أمريكية محددة كالعراق وأفغانستان  (26).

رابعاً- الموقف الإسرائيلي من البرنامج النووي الإيراني

يعتبر البرنامج النووي الإيراني مصدر قلق لأمن إسرائيل، وهو الموقف الرسمي والمعلن، وهذا ما يجبر إسرائيل على التحرك لإخماد الطموحات النووية الإيرانية التي تشكل بشكل ظاهري خطر على أمن إسرائيل، وهو شىء لا يعتبر جديد بالنسبة للسياسة الإسرائيلية، فمن قبل تحركت إسرائيل بشكل علني ضد البرنامج النووي العراقي بكل السبل الاستخباراتيه والعسكرية وفي النهاية كان لهم النجاح في ضرب الطموحات النووية العراقية وبالتالي نفس الأمر سينطبق على إيران عاجلاً أم آجلا ان كانت الامور واقعية.

وبالنظر نجد أن الأزمة الإيرانية حاليا قيد الحلول الدبلوماسية المطروحة ولا نية معلنه من الدول الكبرى عن توجيه أي ضربات عسكرية ضد إيران – قد يكون الامر مطروح ومتوقع لكن الوقت الحالي قيد الحلول الدبلوماسية والمفاوضات. أما بالنسبة لإسرائيل – فهي ليست طرف في أي مفاوضات ولا تملك سوى الحلول العسكرية- لكنها لن تقوم بأي أعمال عدائية ضد ايران إلا بتنسيق وضوء أخضر من أمريكا.

للمرة الأولى في تاريخ الجيش الإسرائيلي يتم الإعلان رسميا أن إيران هي العدو الإستراتيجي رقم واحد،وقد جاء هذا الإعلان في المؤتمر السنوي للقيادة العسكرية الإسرائيلية الذي يضم كبار الضباط في 18/2/2009 (27). كان الموقف الإسرائيلي في الأزمة النووية الإيرانية محكوما بمحددين رئيسين : الأول القلق الكبير من احتمالات  امتلاك إيران للسلاح النووي , الثاني: الخوف من كسر الاحتكار النووي الإسرائيلي في منطقة الشرق الاوسط .

ظهرت ثلاثة مستويات من المواقف الإسرائيلية تجاه كيفية التعامل مع البرنامج النووي الإيراني فكانت كالتالي  (28):

المستوى الأول: عبر عنه قادة سياسيون وعسكريون ويؤكد على أن إسرائيل على استعداد للخيار العسكري.

المستوى الثاني:  لديه أفكار بأن إسرائيل غير قادرة على مواجهة التهديد النووي بقواها الذاتية، وإنها في حاجة ماسة إلى مساعدة الولايات المتحدة.

المستوى الثالث: يمكن ملاحظته في موقف رئيس الدولة شيمون بيريز الذي قال للمبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل، في 17/4/2009، أن لا نية لجيشه لمهاجمة إيران، وأن من الواجب خلق تعاون دولي واسع في المسألة الإيرانية، وأن كل الأحاديث عن هجوم إسرائيلي محتمل على إيران ليست صحيحة، فالحل في إيران ليس عسكريا (29) .

لا تعني هذه المستويات الثلاثة من المواقف والاتجاهات - التي قد تتداخل فيما بينها - أن هناك اختلافاً في توصيف "الخطر الإيراني" على دولة اسرائيل، بل يقع الاختلاف حول أولويات التعامل مع هذا الخطر، ومن ثم يثار تساؤل حول قدرة إسرائيل على ضرب المنشآت النووية الهامة في عمق إيران؟

إن الاهداف الاستراتيجية في عمق إيران المهددة، هي المنشآت النووية التي من الممكن تستخدم في إنتاج أسلحة نووية، تمتلك إيران العديد من المنشآت النووية، مفاعلات طاقة ومفاعلات إنتاج الماء الثقيل ومفاعلات لآغراض مدنية ومراكز أبحاث- لذلك الاهداف المحتملة ستكون ضد منشآت معينة والتي ستؤثر على مسار البرنامج النووي.

*   المنشآت المستهدفة حسب التقدير المعلن على الأقل 6 منشآت كأهداف رئيسية وهم كالتالي:

- مفاعل أصفهان: محطة تحويل اليورانيوم.

- مفاعل ناطنز: محطة تخصيب اليورانيوم

- مفاعل بوشهر: محطة طاقة نووية

- مفاعل أراك: محطة إنتاج الماء الثقيل المستخدم في إنتاج البلوتونيوم.

- مفاعل فوردو "كوم": محطة تخصيب اليورانيوم.

- مركز بارشين: مركز أبحاث لانتاج الذخائر والصواريخ.

فقبل إطلاق الضوء الأخضر للعملية العسكرية ضد إيران، لابد من جمع المعلومات عن مواقع المنشآت المستهدفة عن طريق صور استطلاع او صور أقمار صناعية والمعلومات الإلكترونية الخاصة بنشاط عمل محطات الإنذار وشبكة الدفاع الجوي بجانب معلومات طائرات الانذار عن نشاط القوات الجوية الإيرانية والتي من الممكن أيضاً توظف في دعم وقيادة المقاتلات الإسرائيلية. وغالباً سيكون للجيش الأمريكي دور في هذه النقطة، وخصوصاً الجزء الذي يختص بمعلومات الاستطلاع الإلكتروني، ويمكن أن يتم الامر بسهولة عن طريق الجوات الجوية الامريكية الموجودة في القواعد الامريكية في بعض دول الخليج كالآمارات وقطر.

       وتوجد القواعد الامريكية بالخليج طائرات "أر سي – 135" للاستطلاع الالكتروني لجمع معلومات عن طبيعة العمل الالكتروني لمحطات الانذار وتحديد مواقعها وأحداثياتها، يمكنها فعل هذه المهام من مسافات آمنة بعيدة عن تهديدات من المضادات الإيرانية. تصور العملية العسكرية يكون بأنطلاق موجات هجوم جوي، يتم تقسيم المجموعات الهجومية لتشكيلات محدودة العدد ضد الأهداف المطلوب تدميرها، ويصاحب موجات الهجوم طائرات حرب الكترونية للاعاقة والتشويش مع مقاتلات حماية بتسليح اعتراض جوي "جو-جو"، مع مروحيات القوات الخاصة التي ستنتظر الإبلاغ عن سقوط طيارين في عمق إيران (30).

*   العقبات التي تواجه اسرائيل في تنفيذ المهام الهجومية ضد إيران:

1- مسار طيران المقاتلات الاسرائيلية:

الطيران من اسرائيل حتي ايران عقبة كبيرة في طريق القوات الجوية الاسرائيلية، حيث ان المسارات المقترحة لاستخدامها كممرات جوية للمقاتلات الاسرائيلية تمر على اجواء دول عربية وتركيا.

المسار الأول: الطيران خلال الاجواء السعودية والهجوم ضد ايران من الناحية الغربية.

المسار الثاني: الطيران من خلال الاجواء الأردنية- العراقية والهجوم ضد إيران من الناحية الشمالية الغربية.

المسار الثالث: بمحاذاة سواحل لبنان ثم الاتجاه إلى الاجواء التركية الجنوبية والهجوم ضد إيران من الناحية الشمالية.

2- حجم المشاركة – تعدد الأهداف- المفاجأة:

حيث الأهداف التي سبق الإشارة إليها لا تقل عن 6 أهداف رئيسية حسب التقدير المعلن في عمق ايران وهذا يتطلب قوه كبيرة لتحقيق هذه المهمة، مما يزيد من صعوبة ضربة جوية سريعة وقد يؤثر على تجنب الرصد المبكر. تحتاج إسرائيل لتحقيق هذه المهمة ما لا يقل عن 60 طائرة "مقاتلات وطائرات هجوم الكتروني وتانكر ومروحيات انقاذ، وقد يكون مسار الطيران القوة الجوية بالكامل في مسار طيران واحد وهو تكتل عددي على طريق واحد قد يحطم مبدأ المفآجأة، لذلك لابد من توزيع تشكيلا الهجوم على أكثر من طريق.

3-  دعم المقاتلات الإسرائيلية:

لابد من توظيف طائرات تانكر لتزويد المقاتلات الإسرائيلية بالوقود قبل الدخول وبعد الخروج من إيران وهو شىء معقد، وقد يكون هناك حلول أخرى او بديلة او ممكن الاعتماد على عمليات الهبوط الاضطراري في تركيا مثلاً او تقديم الدعم من القواعد الامريكية في منطقة الخليج وتركيا أو الطيران في أجواء عربية في نطاق آمن في حال السماح للطائرات الاسرائيلية الطيران بإذن سياسي.

4-  المفاعلات المحصنة:

بعض المفاعلات الإيرانية محصنة تحصين خرساني قوي جداً وتكمن المشكلة في ضرب هذه الاهداف هو صعوبة تحديد وجود الهدف بشكل دقيق من فوق سطح الأرض تكون مباشرة لوجود المفاعل تحت الأرض لإمكانية القاء القنبلة بشكل دقيق لتخترق المفاعل واحداث أكبر ضرر فيه.

5-  التهديد من ترسانة الصواريخ الإيرانية:

إذا افترضنا قيام إسرائيل بعملية عسكرية ضد ايران ومنشأتها النووية بالتأكيد سيكون لإيران رد فعل هجومي ضد إسرائيل وهو الأمر الذي يمثل خطر على عمق الدولة الصهيونية، حيث أن عقيدة ترسانة الصواريخ الباليستية الإيرانية هي لتهديد عمق قائمة الاعداء وهو شىء حساس جداً بالنسبة لإسرائيل (31).

خامساً- دوافع الموقف الإسرائيلي تجاه الاتفاق النووي الأمريكي- الإيراني

                إسرائيل هي قوة نووية بحكم الأمر الواقع. وبموجب التفاهم الذي تم التوصل إليه عام 1969 بين الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون ورئيسة الحكومة الإسرائيلية حينها غولدا مئير، وافقت الولايات المتحدة على بقاء إسرائيل دولة نووية غير معلنة. وطبقًا لذلك الاتفاق قبلت إسرائيل عدم الإعلان عن نفسها دولة نووية وعدم إجراء تجارب نووية، مقابل التزام الولايات المتحدة عدم الضغط عليها للانضمام إلى اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT)، أو دفعها للكشف عن منشآتها النووية وفتحها أمام عمليات الرقابة الدولية. ووفق كل المعطيات، تمتلك إسرائيل ترسانة كبيرة من القنابل النووية والهيدروجينية والنيوترنية فضلًا عن وسائل إطلاقها من طائرات وصواريخ قادرة على الوصول إلى أهداف تبعد عنها آلاف الكيلومترات، ولها أيضاً قدرات ردع نووي تتمثل في قدرتها على توجيه الضربة النووية الثانية بواسطة الغواصات التي زودتها بها ألمانيا في العقد الأخير، والتي بمقدورها تدمير المدن الإيرانية تدميرًا كاملًا.

وهي تمتلك كذلك مركز قيادة وسيطرة محصنًا ومحميًا من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى لإدارة حرب نووية. ومن غير المتوقع والحال هذه، أن يمثّل المشروع النووي الإيراني خطرًا على وجود إسرائيل حتى لو امتلكت إيران ترسانة من الأسلحة النووية. فالجهد الذي ما انفكت تبذله إسرائيل لإحباط المشروع النووي الإيراني لا يهدف إلى الدفاع عن وجودها كما يدعي نتنياهو والقادة الإسرائيليون عمومًا، وإنما يسعى إلى الحفاظ على احتكار إسرائيل السلاح النووي في الشرق الأوسط، ومنع إيران وأي دولة أخرى من الحصول عليه. وقد بات احتكار إسرائيل السلاح النووي جزءًا من نظرية الأمن القومي الإسرائيلي، وهو أحد أهم العوامل المؤثّرة في تعزيز سياسة الاستقواء وبسط النفوذ والتوسع والعدوانية التي تتبعها إسرائيل في المنطقة، ويساهم في الحفاظ على مكانتها بصفتها أقوى دولة إقليمية في المنطقة (32).

استعانت إسرائيل بنحو 55 ألف صفحة من المستندات و183 اسطوانة مدمجة من المعلومات السرية والاستخباراتية ، وفق رئيس الوزراء " بنيامين نتانياهو"، للكشف عن ما قال إنه مشروع "عماد" النووي السري، الذي تعمل عليه إيران والهادف إلى تطوير أسلحة نووية في انتهاك للاتفاق المبرم بين طهران والقوى الكبرى. وحسب هذه المعلومات التي قال نتانياهو إن "عماد" عبارة عن "مشروع نووي سري شامل لتصميم وبناء واختبار الأسلحة النووية". وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن طهران سمحت بمواصلة مشروع عماد وواصلت استخدام هذا البرنامج المنسق الذي يهدف إلى اختبار 5 رؤوس حربية يزن كل واحد منها 10 كيلو طن من أجل تحميلها على صواريخ، وهذا يعادل 5 قنابل هيروشيما".

ويقوم "مشروع عماد على مجموعة من الأسس، من خلال عمليات متعددة، أبرزها إنتاج كعكة اليورانيوم الصفراء المعروفة بالكعكة الصفراء وعملية التخصيب وعملية الاختبار وعملية المحاكاة"، حين قامت إسرائيل، طبقا لنتانياهو، بتحليل المعطيات وجدت أن "هذا المشروع  تتوفر فيه العناصر الرئيسية لبرنامج الأسلحة النووية". وأضاف "ظهر المشروع عام 2003 بأمر من القيادة العليا في إيران، وذلك بعدما واجهت البلاد ضغوطاً متزايدة، ويرأس المشروع -محسن فخري زاده- الذي يعتبر مؤسس برنامج إيران النووي" (33).

*   رد فعل نتنياهو على الاتفاق:

اتسمت ردات فعل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزرائه بالتشدد في رفض الاتفاق النووي الإيراني، وبمجافاة الحقائق بخصوص آثاره السلبية على أمن إسرائيل إلى الدرجة التي بدا فيها نتنياهو وكأنه يتحدث عن اتفاق آخر. اذ شرع نتنياهو فور الإعلان عن التوصل إلى اتفاق بشن حملة ضده، ادعى فيها أنّ الاتفاق "خطأ تاريخي" وأنّ الدول العظمى "تجازف بمستقبلنا الجماعي"، وأنّ "العالم أصبح بعد هذا الاتفاق أكثر خطورة ممّا كان عليه بالأمس"، وأنّ الاتفاق يمكّن إيران من "امتلاك القدرة على إنتاج ترسانة كبيرة من الأسلحة النووية". وأكد نتنياهو أنّ إسرائيل ليست طرفًا في هذا الاتفاق، وأنها ليست ملزمة به وأنها "ستستمر في الدفاع عن نفسها" (34).

ويمثل الاتفاق تهديدا خطيرا للمنطقة والعالم، وكذلك لإسرائيل بشكل خاص، إذ حتى طوال التفاوض النووي ظلت إيران تدعو إلى إبادة إسرائيل، وسط إغداقها الأسلحة الهجومية على وكلائها المرابطين على حدود إسرائيل ودعمها للإرهاب المستهدف للإسرائيليين ولليهود في كافة أنحاء العالم. إن الإسرائيليين من جميع الأطياف السياسية مجمعون على معارضة هذا الاتفاق الخطر، وهو أكثر خطورة بكثير من غياب أي اتفاق، بحيث لا تعتبر هذه القضية أمرا حزبيا في إسرائيل، ويجب ألا تكون أمرا حزبيا في أي مكان. ويشار إلى أن إسرائيل لم تكن طرفا في المفاوضات والاتفاق لا يلزمها، وستحتفظ دائما بحقها في الدفاع عن نفسها بنفسها بوجه أي تهديد (35).

*   تداعيات الاتفاق النووي على إسرائيل:

يتفق الإسرائيليون سواء كانوا مؤيدين للاتفاق النووي أم معارضين له أم متحفظين منه، على أنّ هذا الاتفاق يدخل إيران والمنطقة في مرحلة جديدة تحمل بين ثناياها تحديات وتهديدات لإسرائيل عليها الاستعداد لمواجهتها.

فالاتفاق يضع حدًّا للعقوبات ضد إيران، وينهي عزلتها الدولية ويفتح أمامها مرحلة جديدة في علاقاتها الدولية والإقليمية، ما يقود إلى تعزيز قوتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وإلى تطوير مختلف صناعاتها العسكرية التقليدية، وخاصة تلك التي تعتمد على التكنولوجيا المتطورة. وسيعزّز كل ذلك مكانة إيران ودورها ونفوذها في المنطقة، وسينعكس ذلك أيضاً على قوة حلفائها في المنطقة من دول وميليشيات وفواعل لا-دولتية.

 إلى جانب ذلك، يمنح الاتفاق المشروع النووي الإيراني الشرعية الدولية ويجعل من إيران أو يقرّبها من أن تصبح "دولة حافة نووية" بالمعنى العلمي للمصطلح، و إن لم يكن قبل مرور عقدين على الاتفاق. خلال هذه الفترة سيكون من الصعب على إسرائيل توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، لأنّ ذلك سيعدّ خرقًا للقرارات الدولية وللإجماع الدولي. وقد يفتح هذا الاتفاق سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط، إذ من المتوقع أن تسعى دول أخرى في المنطقة للوصول إلى وضع إيران النووي مثل المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا (36).

سادساً- البرنامج النووي الإيراني بين العقوبات والخيار العسكري

ü    1- العقوبات

مما لاشك فيه أن البرنامج النووي الإيراني ظل في الآونة الأخيرة مصدراً للتوتر والتصعيد بين الولايات المتحدة وايران، فمنذ أن تم الكشف عن منشآتي "آراك وناطنز" تأكدت الظنون والمخاوف الأمريكية من عدم سلمية برنامج ايران النووي وترفض إيران هذا وتؤكد على سلمية برنامجها النووي وتتمسك بحقها في امتلاك التقنية النووية ومن هنا تتصاعد التوترات وتنخفض، ويمكن تقسيم العقوبات التي فرضت على إيران إلى ثلاثة أنواع:

- عقوبات أمريكية: حيث قامت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على ايران بعد نشوب أزمة الرهائن الدبلوماسيين عام 1979 وجمدت من خلالها الارصدة الايرانية في البنوك الامريكية، وقطعت علاقتها السياسية، وفي عام 1995 اقر مجلس النواب الامريكي ما يعف بقنون "داماتو" الذي شمل حزمة من العقوبات، وفي عام 2008 قامت الولايات المتحدة بإغلاق نظامها المالي وحظرت على المصارف الأمريكية أن تكون وسيطً للتحويلات المالية إلى إيران، وفي عام 2011 شددت واشنطن عقوباتها على الشخصيات التي تقدم دعماً لتطوير القطاع النفطي الإيراني.

- عقوبات أوروبية: في عام 2010 فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على ايران وكان للولايات المتحدة دور قوي في فرض هذه العقوبات وتضمنت حظر تديم المساعدة الفنية او نقل التقنية النفطية إلى إيران وأنشطة بعض المصارف الإيرانية وحظر التعال مع بعض الشخصيات وفي عام 2011 جمد الاتحاد الاوروبي أرصدة 243 مؤسسة إيرانية ومنع حوالي 40 شخصية إضافية من الحصول على تأشيرات دخول دول الاتحاد، وفي عام 2012 ابرم الاتحاد الاوروبي اتفاقاً مبدئياً لمنع جزء من التعاملات المالية مع البنك المركزي الايراني.

- عقوبات دولية: منذ عام 2006 صوت مجلس الأمن على اربع دفعات من العقوبات المفروضة على ايران من خلال عدة قرارات كان اولها القرار رقم 1737 الصادر في 23 ديسمبر 2006 والقرار رقم 1747 الصادر في 24 مارس 2007 والقرار رقم 1803 الصار في مارس 2008 والقرار 1929 الصادر في يونيو 2010 (37).

2- الخيار العسكري:

يتصاعد الحديث من حين لآخر عن توجيه ضربة عسكرية ضد إيران ويتحمس الكيان الإسرائيلي بالقيام بإجراء عكري تجاه المنشآت النووية الايرانية لإجهاض مشروع إيران النووي، لكن الملاحظ أن هذا الحديث ما يلبث أن يهدأ إذ فتح المجال أمام المفاوضات ثم يعود للتصعيد مرة أخر في حال فشل المفاوضات (38).

أما موقف الكيان الإسرائيلي من شن حرب على ايران فلا يرتبط في واقع الامر على فرض عقوبات ضد إيران وإنما تشتد الرغبة لدى قادة الكيان الإسرائيلي في تسديد ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، وعلى نمط قيام الطيران الإسرائيلي بتدمر المفاعل النووي العراقي مطلع ثمانينات القرن الماضي عن طيق تسديد ضربة عسكرية نجحت في مهمتها خلال 100 ثانية دون التعرض إلى خسائر مادية. كان الكيان الإسرائيلي يعتمد كثيراً على الوجود العسكري الأمريكي في العراق كأحد عوامل القوة في أي خطط سياسية أو عسكرية إسرائيلية للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني بشكل عام، ثم إن اتفاق الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية وتمكنها من نقل الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن دفع الكيان الإسرائيلي الى الحديث علناً عن الخيار العسكري فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن، دفع الكيان الإسرائيلي إلى الحديث علناً عن الخيار العسكري فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، وقد أخذ أبعاداً ملموسة لدى المحللين العسكريين والاستراتيجيين الإسرائيليين وكان لديهم قناعة قبل نقل الملف النووي الإيراني إلى مجلس الامن بعدم فاعلية الخيار العسكري ونجاحه إلى من خلال تنفيذه بمساعدات طرف دولي قوي يمتلك حضوراً عسكرياً مباشراً في المحيط الإيراني لأسباب عملية ولوجستية، والمقصود بالطرف الدولي بالطبع هو الولايات المتحدة الأمريكية، لكن فشل مجلس الأمن في أتخاذ قرار دولي سواء لجهة فرض عقوبات اقتصادية أو فرض حصار كامل على إيران عزز الشعور لدى المسؤولين في الكيان الاسرائيلي بتولي مهمة معالجة الملف النووي الإيراني عسكرياً (39).

وبناء عليه، قام الكيان الإسرائيلي ببعض الترتيبات كما تردد في الصحافة العالمية، وكشفت تقارير عن معلومات حول الوسائل التي قد تستخدمها إسرائيل استناداً إلى حديث مسئولين امنيين حول خطة إسرائيل للهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، مشيرين إلى أن الكيان الإسرائيلي يمتلك صواريخ "أريحا" ذات المدى البعيد، والتي يمكنها حمل رؤوس حربية قادرة على اختراق الحصون الإيرانية، كما يعتقد الخبراء أن إسرائيل ستقوم بشن هجوم متعدد الاتجاهات بواسطة طائرتها الحربية من طراز (اف15) إلى جانب الطائرات بدون طيار والصواريخ بعيدة المدى التي تستطيع ضرب أهداف على مدى 2400 كم، وصواريخها الباليستية، ولن يتم الهجوم على جميع المنشآت النووية ولكن سيتم التركيز على بعض المنشآت التي تعتبر حاسمة لوقف البرنامج النووي الإيراني. لكن هذه الرغبة الإسرائيلية وإن كانت ترافقها ميول أمريكية، إلا أنها لا تحظى بضوء أخضر أمريكي (40).

سابعاً- الموقف الإسرائيلي من الانسحاب الأمريكي من الأتفاق النووي الإيراني

عندما أعلن الرئيس دونالد ترامب، انسحاب الولايات المتحدة الكامل من الاتفاق النووى مع إيران وإعادة فرض عقوبات على طهران وكذلك كل الشركات التى لها روابط بالجمهورية الإسلامية، وهذا الاتفاق الذى أبرم فى ختام سنتين من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، أتاح رفع العقوبات عن إيران مقابل التزامها عدم امتلاك السلاح النووى، وأوضحت الإدارة الأمريكية أن العقوبات ستطبق على الفور بالنسبة للعقود الجديدة وأمهلت الشركات الأجنبية 180 يومًا لوقف تعاملها مع إيران.

وعلى الفور عبرت فرنسا وألمانيا وبريطانيا عن تصميمها على ضمان تطبيق النص، عبر الحفاظ على الفوائد الاقتصادية لصالح الشعب الإيرانى، كما نددت روسيا بانتهاك فاضح للقانون الدولى. كما حذر الرئيس الإيرانى حسن روحانى من أن بلاده يمكن أن توقف تطبيق القيود التى وافقت عليها، وأن تستأنف تخصيب اليورانيوم بدرجات أعلى إذا لم تعط المفاوضات مع الأوروبيين والروس والصينيين النتائج المرجوة، وفي هذا الإطار طالب المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله على خامنئى، الأوروبيين بتقديم ضمانات حقيقية لإيران(41).

وفي هذا السياق أظهرت إسرائيل سعادتها بقرار الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" الذي انتظرته ووصفه رئيس الوزراء "بنيامين" نتنياهو بالقرار الشجاع (42) وصحيحا بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران والذي كان "وصفة لكارثة(43). واتهم نتنياهو طهران بأنها تواصل دعم الإرهاب وتحاول استخدام سوريا كقاعدة أمامية لمهاجمة إسرائيل وتطور صواريخ بالستية(44).

 وفى 10 مايو الماضي شن الجيش الإسرائيلى عشرات الغارات الدامية على أهداف، قال إنها إيرانية فى سوريا، معلنًا أنها تأتى ردًا على اطلاق صواريخ "إيرانية" مصدرها الأراضى السورية على قسم من هضبة الجولان المحتلة.

 ومن جانبه قال عضو الكنيست عن حزب البيت اليهودى المتطرف  نفتالى بنيت إن إسرائيل تعتبر الحرب مع إيران داخل الاراضى السورية مسألة حياة أو موت ، مضيفا أن تل أبيب ستنتصر فى نهاية المطاف على إيران. كما قال "يسرائيل كيتس"، وزير الشئون الاستخباراتية فى الحكومة الإسرائيلية، إن زيادة الضغط الأمريكى على النظام الإيرانى عقب إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووى الإيرانى سيؤدى إلى سقوط النظام الإيرانى. ونقلت الإذاعة العامة الإسرائيلية عن "كيتس" قوله، إن الهجوم السياسى الذى تتبعه الولايات المتحدة ضد النظام فى طهران من شأنه منع اندلاع حرب فى المنطقة (45).

وتصاعدت الأزمة فى 21 مايو، حيث هددت الولايات المتحدة، إيران، بالعقوبات "الأقوى فى التاريخ" إذا لم تلتزم إيران بشروطها المشددة للتوصل إلى "اتفاق جديد" يكون أشمل بهدف احتواء نفوذ إيران فى المنطقة، وبدورها فى 24 مايو، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن إيران تواصل الالتزام باتفاق العام 2015.

وفى اليوم التالى اجتمع الأوروبيون والصين وروسيا مع إيران فى محاولة لإنقاذ الاتفاق، وأعلنت إيران رغبتها فى أن تعرض عليها ضمانات بحلول نهاية مايو، بينما أعلنت الولايات المتحدة فى 30 مايو، فرض عقوبات على منظمات إيرانية عدة بينها جماعة أنصار حزب الله والتلفزيون الرسمى، وقبل ذلك بأسبوع تقررت عقوبات على شبكة دعم لشركات طيران إيرانية.

ولم يكن رد الفعل الإيرانى ضعيفًا فى مواجهة العقوبات الأمريكية، ففى 4 يونيو، أبلغت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتطبيق خطة تهدف إلى زيادة قدرتها على تخصيب اليورانيوم عبر زيادة عدد أجهزة الطرد المركزى لديها. وفى ظل تلك التطورات نجد أن آخر الشركات التى تلتزم بالمطالب الأمريكية، هى مجموعة "بى اس آ" الفرنسية لصناعة السيارات التى أعلنت،أنها تستعد لمغادرة إيران، وذلك فى وقت بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، جولة فى أوروبا تهدف إلى اقناع الأوروبيين بتغيير موقفهم من إيران، وفى 5 يونيو، ندد نتنياهو، بالخطة التى أعلنتها إيران لتخصيب اليورانيوم، مؤكدًا أن هذا البرنامج يهدف إلى تدمير إسرائيل(46) .

الخاتمة

بالنظر للموقف الإسرائيلي من الملف النووي الإيراني يلاحظ تخوف إسرائيل من أمتلاك أي دولة عربية للسلاح النووي في منطقة الشرق الأوسط وذلك للحفاظ على دورها الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط ومنع سباق التسلح في منطقة الشرق الأوسط، وتعتمد إسرائيل على الدعم الهائل من الولايات المتحدة والذي يوفر لها حصانة استثنائية جعلتها الدولة النووية الثالثة على العالم بدون انضمامها لمعاهدة منع الانتشار النووي. في النهاية فإن إسرائيل من أكثر الدول التي رفضت الاتفاق النووي الإيراني مع أمريكا والتي كانت تضغط  دائماً على الولايات المتحدة الأمريكية للانسحاب من الاتفاق.

المراجع

1- لمزيد من التفاصيل انظر :

-Kenneth N. Waltz, Why Iran Should Get the Bomb Nuclear Balancing Would Mean Stability, Foreign Affairs, July/August 2012.

2-  حمد محمد أبو زيد، رؤية والتز: لماذا يجب أن تصبح إيران دولة نووية؟، المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، 2012.

3-     ممدوح حامدعطية، "البرنامج النووي الإسرائيلي والأمن القومي العربي"، (القاهرة:الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1996)، ص 170.

4-    انور عبد الحليم محمود، "سلوك الوكالة الدولية للطاقة الذرية تجاه البرامج النووية دراسة حالة (إيران-كوريا الشمالية- إسرائيل) (الفترة من 2002-2012)، رسالة ماجستير، (جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2017)، ص 210.

5-    زينب عبد العظيم محمد ,"الموقف النووي في الشرق الاوسط في أوائل القرن الحادي والعشرين" , (القاهرة ,مكتية الشروق الدولية ,2007),ص124

6-    المرجع السابق, ص127

7-    المرجع السابق , ص24-25

8-    أحمد إبراهيم محمود , البرنامج النووي الايراني آفاق الازمة بين التسوية الصعبة ومخاطر التصعيد ,(القاهرة , مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ,2005), ص182

9-    المرجع السابق, ص185

10-                       أشرف عبد العزيز عبد القادر, السياسة الامريكية تجاه قضايا الانتشار النووي, (جامعة القاهرة,مركز الدراسات الامريكية , 2009),ص 109

11-                       عبد الواحد الجصاني, هل يهدد البرنامج النووي الإيراني الأمن القومي العربي؟,جريدة مصر الحرة ,العدد :21, مارس 2008, متاح على : https://misralhura.wordpress.com/2008/04/03

12-                       علاء رياض ,بعد يوم واحد من تقرير البرادعي نجاد‏:‏ ايران لن تتخلي عن برنامجها النووي, جريدة الاهرام اونلاين ,العدد : 43609   ,30 ابريل 2006 , متاح على : http://www.ahram.org.eg/Archive

13-  مكون من 35 دولة منتخبة من تمثل جميع المجموعات الجغرافية للدول الأعضاء في الوكالة

14-  علاء رياض ,المرجع السابق

15-  مصطلح سياسي يقصد به الدولة التي ترأس منظمة في دورة من الدورات والدولة التي كانت قبلها في الرئاسة والدولة التي ستتبعها في رئاسة تلك المنظمة أو ذلك المجلس

16-  حسن خميس مصطفى , "العلاقة بين التدابير المضادة والجزاءات في القانون الدولي المعاصر :دراسة حالة الملف النووي الايراني"، رسالة ماجستير، (جامعة القاهرة ,كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ,2013),ص177-181.

17-  زينب عبد العظيم ,مرجع سابق

18-  المرجع السابق,ص151

19-  المرجع السابق، ص 154

20-  أشرف عبد العزيز,مرجع سابق ,ص101

21-  أحمد إبراهيم , مرجع سابق, ص105

22-  المرجع السابق, ص109

23-  إيمان أبوزيد, البرنامج النووي الإيراني في موازين الاستراتيجية الأميركية, المركز الديمقراطي العربي ,2011, متاح على : http://democraticac.de/?p=10121

24-  شاهرام تشوبين , ترجمة بسام شيحا , طموحات إيران النووية , (بيروت: الدار العربية للعلوم,2007)ص137.

25-  حسن خميس موصطفى، "العلاقة بين التدابير المضادة والجزاءات في القانون الدولي المعاصر: دراسة حالة الملف النووي الإيراني"، رسالة مجاستير، (جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2013)، ص 101.

26-  نمر فهد أحمد الخزاعلة،"السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي العربي"، رسالة ماجستير، (جامعة آل البيت: معهد بيت الحكمة، 2014)، ص 177.

27-  المرجع السابق , ص102

28-  المرجع السابق , ص107-111

29-  محمد علي صبري، مصطفى قاسم، "مواقف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حيال الملف النووي الإيراني"، مختارات إيرانية، العدد 225، سبتمبر 2006، متاح على الرابط، http://www.albainah.net

30-  معتز قطب، "إسرائيل والبرنامج النووي الإيراني الجزء الأول"، متاح على الرابط، http://group73historians.com  

31-  المرجع السابق.

32-  _______، "الموقف الإسرائيلي من الاتفاق النووي الإيراني"، متاح على الرابط، http://www.dohainstitute.org

33-  _____، "تفاصيل مشروع عماد الإيراني السري رعب هيروشيما حاضر"، متاح على الرابط، http://www.skynews.com

34-  المرجع السابق.

35-  "مخاطر الأتفاق النووي الإيراني"، متاح على الرابط، http://mfa.gov.il  

36-  المرجع السابق.    

37-  سعد ابن نامي، "الملف النووي الإيراني بين العقوبات الغربية والتهديدات الإسرائيلية"، الأردن: مجلة دراسات شرق أوسطية، العدد 59، المجلد 16، 2012، ص91-93.

38-  المرجع السابق، ص 95.

39-  امينة حسين سالم نصار العريمي، وآخرون،  "اثر العلاقات الإسرائلية الإيرانية على المصالح  العربية (1979-2017)، رسالة دكتوراة، (السودان، جامعة النيلين، كلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية، 2014، ص 300.

40-  المرجع السابق، ص305.

41-  محمد رضا، "تعرف على أبرز التطورات في الاتفاق النووي الإيراني منذ أنسحاب أمريكامتاح على الرابط، https://www.youm7.com

42-  فاطمة الصمادي، "بعد انسحاب أمريكا: مستقبل الاتفاق النووي اإيراني رهن بكفاءة الإجراءات الأوروبية"، متاح على الرابط، http://studies.aljazira.net

43-  ______، "أسف فرنسي وأوروبي وترحيب إسرائيلي بالانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني"، متاح على الرابط، http://www.youm7.com .

44-  ____، "نتنياهو: إسرائيل تشكر ترامب على قراره الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني"، متاح على الرابط، https://araic.sputniknews.com

45-  هاشم الفخراني، "انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي زريعة إسرائيل لضرب سوريا.."، متاح على الرابط، http://www.youm7.com

46-  محمد رضا، مرجع سبق ذكره.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟