المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

رؤية إيرانية .. تجربة كوريا الجنوبية في الإفلات من العقوبات

الأربعاء 21/نوفمبر/2018 - 05:30 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
بهاره سلطان بور - ترجمة: علي عاطف حسَّان

قامت الولايات المتحدة الأمريكية منذ يوم الخامس من نوفمبر الجاري بإعادة فرض العقوبات على إيران والتي كانت مفعلة قبل التوصل إلى الاتفاق النووي لعام 2015. ومنذ أن خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي أمهل الأخيرُ 90 يوماً للشركات التي تتعامل مع إيران بإنهاء أعمالها معها.

    وفي يوم الرابع من أغسطس من العام الجاري انتهت مهلة الـ 90 يوماً وبدأت من جديد عملية فرض العقوبات على إيران. ومرة أخرى، قام الرئيس الأمريكي ترامب بعد مرور 180 يوماً من خروجه من الاتفاق النووي بفرض عقوبات أخرى تتعلق بمجالات الشحن وبيع النفط والطاقة وذلك يوم 4 نوفمبر.

   ويأتي ذلك في وقت تتعرض فيه الدول التي تشتري النفط الإيراني إلى عقوبات الولايات المتحدة الأمريكية. ومن ناحية أخرى، قام ترامب خلال الأيام الماضية بإعلان إعفاء عدد من الدول من هذه العقوبات. والجدير بالذكر هنا هو أن ترامب صرّح قبل ذلك قائلاً إن تصدير النفط الإيراني يجب أن يتوقف كلياً ويصل إلى الصفر وأن تقوم دولٌ أخرى بتعويض هذا النقص في النفط.

    فقد أعلنت دول مثل روسيا الاتحادية عدم قدرتها على تعويض نقص النفط الإيراني، كما أنه من غير العملي وصوله إلى الصفر. ويمكن أن نقول إنه من الممكن أن يقل تصدير النفط الإيراني إلا أنه من غير الممكن أن تصل نسبة تصديره إلى الصفر.

   وفي هذا الصدد، قال عضو هيئة التدريس بقسم العلوم السياسية بجامعة الخوارزمي في حديث مع وكالة أنباء سبوتنيك الروسية "تتركز العقوبات التي تم فرضها يوم الخامس من نوفمبر الجاري في مجالات النفط والشحن، ومن حيث النفط يمكن القول إن الولايات المتحدة أقدمت بالفعل على اتخاذ خطوات وإجراءات أولية من أجل تنفيذ هذه العقوبات وتفاوضت مع عدد من مشتريي النفط  الإيراني بغية أن تقوم هذه الدول إما بتقليل أو إيقاف استيراد النفط الإيراني.

    وفي النهاية، سنصل إلى نتيجة مفادها أن نجاح الولايات المتحدة الأمريكية في إيصال معدل تصدير النفط الإيراني إلى الصفر لن يتحقق أبداً من الناحية العملية؛ وذلك لأن الهند والصين وحتى اليابان وبعض الدول الأوروبية الأخرى لم تبرز دلائل عملية على نيتها إيقاف تصدير النفط الإيراني. فالصين لم توقف استيرادها للنفط الإيراني، فقط الدولة التي قامت بتقليل شراء النفط الإيراني هي اليابان والتي كذلك لا تزال تنظر في هذه القضية، ولذا لن تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية أن تصل بصادرات النفط الإيراني إلى الصفر".

   وأضاف العضو بهيئة تدريس جامعة الخوارزمي "يبدو أن معدل تصدير النفط الإيراني قد انخفض بمعدل حوالي مليون أو مليون ونصف برميل نفط على الأقل يومياً، وهذا الانخفاض سيأتي بالتأكيد بنتائجه على الاقتصاد، إلا أن الحكومة الإيرانية أعلنت أن لديها العديد من الطرق التي ستبيع من خلالها نفطها. ومن ناحية أخرى، تملك إيران تجربة في الإفلات من هذه العقوبات، بل يمكن لإيران أن تبيع النفط بمستويات مرتفعة بشكل غير رسمي".

   أما نرسي قربان، الخبيرة في الشؤون النفطية، فقد قالت في حوار لها مع الدبلوماسية الإيرانية حول بيع النفط الإيراني بعد فرض العقوبات "إيقاف عملية تصدير النفط الإيراني وإيصالها إلى الصفر، وذلك في مدة تقريباً تبلغ حوالي 6 أشهر، أمر مستحيل على الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية منذ يوم خروجها من الاتفاق النووي الإيراني وحتى يوم الخامس من نوفمبر تسعى إلى تحقيق هذا الأمر، إلا أن الجميع قد توصل تقريباً إلى فكرة مفادها أن الإيقاف الكلي لصادرات النفط الإيراني أمر مستحيل عملياً".

  وأضافت الباحثة أن "تشير قضية إعفاء 8 دول من المشترين الأساسيين للنفط الإيراني إلى نقطتين، الأولى هي أن الضغوط التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على دول العالم في هذا الخصوص وخاصة الدول الثمانية من أجل إيقاف صادرات النفط الإيراني تماماً تطرح قضية أخرى وهي إمكان أن تضطرب العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وهذه الدول. وعليه، قام ترامب بفرض سياسة تدريجية من أجل من أجل تقليل نسبة استيراد النفط الإيراني بالتزامن مع استثناء 8 دول من هذه العقوبات.

    والنقطة الثانية هي أن هذه الدول الثمان لن تقابل مشكلة إذا لم تشتر النفط الإيراني. فالقضية هي أنه ينبغي أن تكون هنالك سوق بديلة لشراء النفط الإيراني، حتى لا يتم شراء النفط الإيراني، ولذا فإن هذه الدول إذا ما استطاعت أن تجد سوقاً بديلة للسوق الإيراني فإنها بكل تأكيد لن تشتري النفط الإيراني.

وفي هذه الحالة، ستضطر هذه الدول خلال 180 يوماً إلى تقليل نسبة استيراد النفط الإيراني بنسب مختلفة، ومن ناحية أخرى ستضطر الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها إلى إيجاد سوق بديل للنفط الإيراني، وهذه هي سياسة الولايات المتحدة في هذا الصدد".

    وبالتزامن مع كل ما قيل، تأتي الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على إيران في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة الأمريكية انتخابات داخلية وهي انتخابات التجديد النصفي داخل الكونجرس. ويعتقد كثيرون أنه إذا ما حصد الديمقراطيون الأمريكيون أغلب المقاعد ويصلون إلى الأكثرية فإنهم من الممكن أن يمنعوا الرئيس ترامب من فرض عقوبات على إيران.

   إلا أن الأمر ليس كذلك، فإذا كان الديمقراطيون يدافعون عن الاتفاق النووي لأن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما هو من وقعه إلا أنهم في ربما أكثر تشدداً من الجمهوريين في قضايا أخرى مثل دعم إسرائيل والعلاقات مع الدول العربية التي تعادي إيران. ولذا، فإننا يمكننا القول إن انتخابات الكونجرس الأمريكي لن تساعد كثيراً في عملية إنهاء العقوبات الولايات المتحدة الأمريكية على إيران.

    فمن ناحية، لا يتوفق المجتمع الدولي مع سياسات الولايات المتحدة، فالدول الأوروبية ولأول مرة قامت بالتصدي لسياسات الرئيس الأمريكي. وأخيراً، فإذا ما استمرت هذه الحالة في المستقبل، فإن إيران من الممكن لها أن تعتمد على مساعدات بعض الدول الأخرى فالدول الأوروبية ستظل إلى جانب إيران طالما أن مصالحها لم يمسها سوء.

  وعليه، فإن أفضل طريق للتعامل داخلياً مع آثار فرض العقوبات الأمريكية على إيران هو إيجاد طرق مختلفة لتنمية الاقتصاد الإيراني والاعتماد على الإنتاج المحلي خلال الفترة القادمة داخل السوق الإيراني. وينبغي الأخذ في الحسبان أن هذه الطريقة لا يمكن أن تثمر في وقت قصير إلا أننا ينبغي علينا في وقت لا نستطيع فيه التوصل إلى السوق الدولي أن نركز داخلياً على عملية تنمية المنتجات المحلية مثلما فعلت كوريا الجنوبية خلال عقد التسعينات.

المقال على الرابط:

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟