المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

احتمالات مشروطة: هل تنجح تل أبيب في الحصول على مقعد غير دائم بمجلس الأمن؟

الإثنين 23/أبريل/2018 - 05:08 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
بسمة سعد

سبق وأن أعلنت إسرائيل في عام 2000 عن نيتها للحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن خلال عامي 2018- 2019؛ حيث يشترط النظام الداخلي للمجلس تقديم الدولة الرامية للحصول على عضويته طلب الترشح قبل عشرين عاماً وهو ما قامت به "تل أبيب" في عام 2000 عقب انضمامها إلى مجموعة دول أوروبا الغربية ودول أخرى، وعقب خمس أعوام من ذلك دعي وزير الخارجية الإسرائيلي حينذاك "سيلفان شالوم" الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة "كوفي أنان" لمساندة "تل أبيب" لتطبيع الوضع الإسرائيلي في الأمم المتحدة، في ظل وجود ظهير عريض معارض للوجود الإسرائيلي مُمثل في الدول العربية وأعضاء حركة عدم الانحياز الذين يشكلون كتلة كبيرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة.)1(

ومن الجدير بالذكر، أن فوز إسرائيل بذلك المقعد خلال العامين المَعنيين يتطلب تأييد ثُلثي أعضاء الجمعية العامة للمنظمة البالغ عددهم 193 دولة.

معارضة عربية ومراوغة إسرائيلية

تناول موقع "واللا" الإسرائيلي في تقرير منشور مؤخراً، أن "تل أبيب" تُعد الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي لم تنل عضوية في مجلس الأمن على الرغم من كونها الأكثر أهمية وتأثيراً في منظمة الأمم المتحدة،)2( وانطلاقاً من ذلك تبذل "تل أبيب" جهوداً دبلوماسية تجسدت في قيام رئيس الوزراء الاسرائيلي "بنيامين نتنياهو" بجولات إفريقية قديم خلالها مساعدات عسكرية واقتصادية؛ حيث تمتلك القارة الإفريقية كتلة تصويتية عريضة تُعادل الـ 60 مقعداً في الأمم المتحدة، إلى جانب التنسيق مع زعماء آسيويين وأوروبيين.

وفي المقابل، تُكثف الدول العربية جهودها لإجهاض تلك المساع الإسرائيلية انطلاقاً من دعمها للقضية الفلسطينية وضرورة التصدي للسياسات الاسرائيلية غير الشرعية والخارقة للقانون الدولي والتي من المفترض تُعيق ترشيحها لهذا المقعد، وذلك على النحو التالي:

§        اعتماد البرلمان العربي خطة تحرك عربية برلمانية في يوم 7 مارس 2018 تقوم على تكثيف الجهود العربية الداعمة للقضية الفلسطينية والترويج لكيفية حصول دولة احتلال على ذلك المقعد بالرغم من عدم احترامها للقوانين الدولية وقرارات منظمة الأمم المتحدة، كما عزم البرلمان على ارسال وفوداً إلى الدول الخمس دائمي العضوية لإقناعهم بعواقب انضمام إسرائيل لمجلس الأمن على القضية الفلسطينية ومدى اساءتها لمبادئ الشرعية الدولية.

§        تشكيل الجامعة العربية للجنة عربية في 9 سبتمبر 2017، يترأسها الأمين العام للجامعة "أحمد أبو الغيط" وتتكون من (مصر، الأردن، فلسطين وجيبوتي) من أجل تحقيق عدة أهداف من بينها؛ دعم القضية الفلسطينية .

وبالطبع، أثار التحرك العربي قلق "تل أبيب" حول نجاح الأول في التصدي لجهودها التي بدأتها منذ ما يقرب من عشرين عامٍ؛ لذلك لجأت للمراوغة الإعلامية بإعلانها لم تبدأ حملتها المطلوبة للحصول على المقعد وهو ما يُضعف من فرص فوزها وبالتالي إمكانية سحب ترشحها على هذا المقعد خلال هذا العام.)3(

احتمالات مشروطة

 هناك خيارين لا ثالث لهما أمام المساع الإسرائيلية المَعنية، الأول؛ يتمثل في نجاح الجهود الاسرائيلية في تحقيق هدفها في ظل دعم أمريكي وأوروبي غربي وتراخي الجهود الدبلوماسية العربية وغياب سياسة عربية واحدة ومُنسقة مع كل من الكتلتين الأسيوية والإفريقية موجهة نحو إخفاق الجهود الإسرائيلية.

وما يُعزز من هذا الخيار هو فوز "تل أبيب" ولأول مرة برئاسة اللجنة القانونية التابعة للأمم المتحدة مرشحةً عن مجموعة غرب أوروبا وبدعم أمريكي وذلك في يوم 16 يونيو 2016، وهي اللجنة التي تختص بوضع المعاهدات الجديدة وتوصية الدول بالتوقيع والتصديق عليها هذا إلى جانب الإشراف على كافة القضايا المَعنية بالقانون الدولي.)4(

والصادم في الأمر، أن هذا الفوز جاء بأغلبية ساحقة بواقع 109 صوت من أصل 175 صوت صحيح من إجمالي 194 صوت، على الرغم من اعتراض الكتلة العربية التي تحدث بلسانها الممثل الدائم لليمن "خالد اليماني" وكذلك المجموعة الإسلامية التي تحدّثَ بلسانها الممثل الدائم للكويت "منصور العتيبي"، وهو ما ترتب عليه لجوء الجمعية العامة للأخذ بنمط التصويت، بالرغم من الاعتياد على انتخاب رؤساء اللجان بتوافق الآراء وذلك بناء على طلب الكتلة المُعترضة على ترشح "تل أبيب".)5(

إضافة إلى ما سبق، تمكنت "تل أبيب" في عام 2003 من الدخول في لجنة نزع السلاح و لجنــة مكافحة المخدرات، وعقب عامين وتحديداً في يوليو 2005 تم تعيين محام إسرائيلي" ديفيد شاريا" في منصب مستشار قانوني للمديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب التي تختص بالإشراف على أعمال فريق دولي يقدم المشورة لمجلس الأمن حول جهود مكافحة الإرهاب، كما تم انتخاب اسرائيل ولأول مرة في عام 2005 كنائب لرئيس الجمعية العامة في دورتها الـ60 من ضمن 18 نائب.

أما بالنسبة للخيار الثاني؛ فيتمثل في إخفاق "تل أبيب" في الحصول على هذا المقعد مثلما أخفقت في أعوام ( 2002 و 2003 و 2005 ) في الانضمام للجان حقوق الإنسان. وهو ما الاستدلال عليه من  خلال فشل اسرائيل في عام 2003 من استعادة وضعيتها على المستوى التنظيمي كـ" عضو مراقب" في الاتحاد الإفريقي مثلما كان الأمر في منظمة الوحدة الإفريقية وذلك بفضل التنسيق العربي ـ الإفريقي، والذي بناء عليه سعت "تل أبيب" للتعاون والتنسيق مع عدة دول إفريقية عبر القيام بجولات إفريقية أعلن في إحداها رئيس الوزراء الاسرائيلي "بنيامين نتينياهو" وتحديداً خلال زياراته لكينيا في يوليو 2016، أنه يسعي للحصول على صفة "عضو مراقب" في الاتحاد وأنه إذا نالت "تل أبيب" تلك المكانة، فإن هذا سيقود إلى تغيير استراتيجي في مركز إسرائيل على الصعيد الدولي.

قال "نتنياهو" اثناء حديثه عن سعي "تل أبيب" للحصول على  صفة"عضو مراقب" بالاتحاد الإفريقي، خلال زياراته لنيروبي عام 2016 " إذا نالت إسرائيل بالفعل هذه المكانة، فإن هذا التطور سيقود إلى تغيير استراتيجي في مركز إسرائيل على الصعيد الدولي"

وإضافة إلى النقطة السابقة، هناك انباء متداولة حول رفض غالبية دول أوروبا ترشيح "تل أبيب" كممثلة لهم على إحدى المقعدين، )6( وهو ما يُمكن إرجاعه لمحاولة تلك الدول تجنب إثارة غضب 128 دولة سبق وأن صوتت برفض القرار الأمريكي المَعنى بنقل السفارة الأمريكية للقدس.

سُبل إجهاض المساع الإسرائيلية

هناك حاجة عربية لإعادة تجديد وإحياء التمثيل العربي للقضية الفلسطينية التى كانت خلال فترات زمنية طويلة تتصدر الأجندة العربية؛ حيث يُمكن تفسير تراجع التمثيل العربي لتلك القضية لجحم التحولات والتغييرات السياسية التى شهدتها المنطقة العربية والتى أدت لتصدر قضايا أخري مثل الأزمة السورية واليمينة والليبية، الأجندة العربية، وهو ما يتطلب القيام بالتالي:

§        تكثيف الجهود الدبلوماسية العربية وزيادة التنسيق مع الكتلتين الآسيوية والإفريقية لاسيما في ظل تولى مصر مُمثلةً في الرئيس "عبد الفتاح السيسي" رئاسة مجلس الأمن والسلم الإفريقي التابعة للاتحاد الإفريقي بتأييد من 47 دولة إلى جانب انتخابها بالإجماع لتترأس الاتحاد خلال الدورة الحادية والثلاثين لعام 2019؛ حيث أدت ومازالت تؤدي الدبلوماسية المصرية دوراً نشطاً في منظمة الأمم المتحدة وتحديداً في مجلس الأمن عبر عضويتها غير الدائمة التى لم تغفل خلالها اى من القضايا الهامة المطروحة على الساحة العربية والإفريقية.

§        زيادة التنسيق مع كل من ألمانيا وبلجيكا الدولتان المنافستان لـ"تل أبيب" على المقعدين المُخصصين لدول غرب أوروبا والدول الأُخرى وذلك عبر توحيد الجهود الدبلوماسية العربية والإسلامية مع نظيرتهما الألمانية والبلجيكية ولاسيما البلجيكية؛ حيث توجه "تل أبيب" جهودها صوب اخفاق الجهود البلجيكية إدراكاً منها بحجم القدرات السياسية والمالية التى تتمتع بها برلين والتى تؤهلها للحصول على إحدى المقعدين مقارنة بحجم التحديات التى تواجهها "تل أبيب".

ختاماً، يتوقف الفوز الاسرائيلي بمقعد غير دائم في مجلس الأمن علي حجم المساع العربية الرامية لإجهاض تلك الجهود الإسرائيلية، لذلك على الدول العربية أن تعزز من أداتها الدبلوماسية وتروج لارتباط مصداقية منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن بفوز اسرائيل بذلك المقعد والذي يتم ترجمته بإنه انكار بأحقية الشعب الفلسطينى العيش بسلام عبر الإعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وبالتالي التخلي عن وصف "تل أبيب" بدولة احتلال.

المراجع:

1-علي الخطايبة،"إسرائيل تسعى للحصول على مقعد في مجلس الأمن "،(تاريخ الدخول 17 أبريل 2018، الساعة 2:30 مساءٍ)، متاح على الرابط:

http://cutt.us/uG4Rj

2- نفسه.

3- الفجر،" اسرائيل تدرس التخلي عن الترشح للعضوية الدائمة بمجلس الامن"،(تاريخ الدخول 18 أبريل 2018، الساعة 2:00 مساءٍ)، متاح على الرابط:

http://www.elfagr.com/3005861

4- عبد الحميد صيام،" انتخاب إسرائيل لرئاسة اللجنة القانونية بالأمم المتحدة لأول مرة.. وأربع دول عربية على الأقل تصوّت لصالحها"،(تاريخ الدخول 17 أبريل 2018، الساعة 3:20 مساءٍ)، متاح على الرابط:

http://www.alquds.co.uk/?p=550090

5- نفسه.

6- الشرق الأوسط،" إسرائيل تفقد الأمل في عضوية مجلس الأمن وتدرس سحب ترشيحها",(تاريخ الدخول 18 أبريل2018، الساعة 1:30 مساءٍ)، متاح على الرابط:

http://cutt.us/rgnvV

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟