المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

أهلّة وصُلبان: توظيف الدين في الدعاية الانتخابية لبرلمان 2015

الأربعاء 04/نوفمبر/2015 - 11:37 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
د. شريف درويش اللبان
الظاهرةُ اللافتة للنظر في الدعاية الانتخابية لبرلمان 2015 هي خلطُ الدينِ بالسياسة التي سيطرت على المشهدِ السياسي المصري عَقِبَ ثورة 25 يناير، بعد تَشَكُلِ عددٍ من الأحزاب الدينية وتَصَدُرُها للعمل السياسي المصري؛ هذه الظاهرة لم تَغِبْ عن الانتخابات البرلمانية الحالية، بل تجسدت الظاهرة في جلاءٍ ووضوح في عديدٍ من الدوائر، وكأن الشعبَ المصري لم يَقُمْ بثورةٍ على الإخوان وحكمِهم الذي كاد أن يُسْلِمَ مصرَ لدولةٍ دينية يحكمُها مكتبُ الإرشاد.
وفي هذه الورقة نتناول بعض أوجه التوظيف للدين في الدعاية الانتخابية بالانتخابات البرلمانية الحالية، ومن بينها استخدام المساجد والكنائس في الدعاية.

د. محمد مختار جمعة :"لن نسمحَ باستغلالِ المساجدِ أو ملحقاتِها من ساحاتٍ لأى مظاهرَ انتخابية"
أولاً: استغلال المساجد في الدعاية للمرشحين
سيطرَت على منطقةِ وَسْطِ الدلتا الدعايةُ داخلَ دور العبادة سواءَ كانت المساجد أم الكنائس، ففي محافظةِ الشرقية رصدَ أحدُ مَراصدِ الانتخابات افتتاحَ المرشح لطفي شحاته مسجدِ أبي بكر الصديق، وتأدية الصلاة به، وشرحَ بعدَ الصلاة برنامَجَهُ الانتخابي للمُصلين. وفي المحافظةِ نفسِها ولكن في الدائرةِ السابعة، استغلَ المرشحُ صفي الدين متولي صلاةَ العصر في مسجدٍ بقريةِ القراموص ونظمَ لقاءً داخلَ المسجد لعرضِ برنامجِهِ الانتخابي من خلالِ مُكبرِ الصوت.
وفي محافظةِ المنوفية، زارَ المرشحُ مليجي مرزوق ببركة السبع أحدَ المساجدِ والكنائس في إطارِ جولاتِه الانتخابية، وفي شبينِ الكوم زارَ المرشحُ صابر أبو خشبة كنيسةَ قريةِ "ميت خاقان" للتأكيدِ على ضرورةِ مشاركةِ الأقباطِ في الانتخابات، في حين نظمَ حامد جلال المرشح بالدائرة السادسة بمحافظةِ الغربية مسابقةً لحفظِ القرآنِ الكريم وتكريمِ أوائلِ الطلاب، وداخلَ مسجدٍ بقليوب نظمَ المرشحُ نور زكريا فرج ندوةً حضرَها رئيسُ مجلسِ المدينة ونائبِ رئيسِ المدينة ورئيسِ المركز.
وقامَ رزق راغب ضيف اللـه المرشحُ عن دائرة العامرية للمرةِ الثانية باستغلالِ المساجدِ بدائرتِه ووضعِ مُلصقاتِه على جدرانِها للدعايةِ الانتخابية له. جاءَ ذلك بعدَ نشرِ فيديو له داخلَ أحدِ مساجدِ "المضيفة" التابعة لقريةِ "فلسطين" بدائرةِ العامرية وهو يقومُ بدعوةِ الأهالى للتصويتِ له، وتمَ تشكيلُ لجنةٍ من وزارةِ الأوقاف، للتحقيقِ فى الواقعة، وعقد اجتماعاتها مع أئمةِ مساجدِ الدائرة، لمنعِ محاولةِ أى من المرشحين استغلالَ المساجدِ لصالحِه، وتمَ نشرُ المُلصقاتِ على عددٍ من المساجدِ تحملُ صورتَه واسمَه والرقمَ والرمزَ الانتخابى له.
كما قامَ المرشحون للانتخاباتِ البرلمانية فى محافظةِ بنى سويف بوضعِ لافتاتِ وصورِ الدعاية الخاصة بهم على جدرانِ المصالحِ الحكومية والمساجد، مشوهين المظهرَ الجمالي للمبانى الحكومية. وشهدت مواقعُ التواصلِ الاجتماعى رفضًا واستهجانًا تامين من قِبَلِ نُشطاءِ تلك المواقع بمحافظةِ بنى سويف من طريقةِ الاستخدامِ السيئ للمرشحين لجدرانِ المصالحِ الحكومية وبعضِ المساجدِ فى الدعايةِ الانتخابية، مؤكدين أن تلكَ الصور شوّهت دِهاناتِ المباني التي كلفت الدولةَ ملايينَ الجُنيهات.
وتمَ رصدُ عددٍ من داعمي مرشحي "حزبِ النور" السلفي بأحدِ مساجدِ قري مركزِ المنصورة عقبَ صلاةِ الجمعة لدعمِ مرشحي الحزبِ السلفي بدائرةِ المركز والذي يتنافسَ فيه على سبيلِ المثالِ وليسَ الحصر كلٌ من حسن المير عضو مجلس النواب الوطني الأسبق وحازم نصر نائب رئيس تحرير أخبار اليوم ومدير مكتب الدقهلية ومحمود محمد عماشة مرشح "حزب النور".
وقامَ "حزبُ النور" السلفي بتوزيعِ بعضِ السلعِ الغذائية علي المواطنين محدودي الدخل في عددٍ من مناطقِ "قولونجيل" و"جديلة" و"شارع النخل" بمدينةِ المنصورة والتي كان يوجد بها الساحاتُ الدينية الخاصة بالسلفيين بعدَ صلاةِ عيدِ الأضحى الماضي، وقبلَ بدءِ الفترةِ المحددة للدعايةِ الانتخابية، والتي لا تتضمنُ بحالٍ من الأحوال توزيعَ لحومِ الأضاحي والسلعِ الغذائية.
وشهدَ مركزُ "أجا" بمحافظةِ الدقهلية دخولَ ليلى التليس عضو مجلس الشعب الأسبق التابع للحزب الوطني المنحل وقامت حملتها الانتخابية تحت شعار ”تحيا مصر” مستغلةً الشعار الذي يرفعه دومًا الرئيس عبد الفتاح السيسي، وفاروق الشناوي الذي يضعُ صورةَ الرئيس عبد الفتاح السيسي بجوارِ صورتِه بالدعاية الانتخابية، مما أثارَ حفيظةَ كثيرٍ من شبابِ المركز عازمينَ علي محاربةِ كلٍ من رموزِ الحزبِ الوطني المنحل وأيضًا أي مرشح يتبعُ الأحزابَ الدينية سواءَ كان يتبعُ الإخوانَ أو يتمُ تدعيمُه من قِبلهم أو كان يتبع "حزبَ النور" السلفي.
ورغم كل هذا الكم من حالات استغلال المرشحين في الانتخابات البرلمانية، واستباحة هؤلاء المرشحين لساحات المساجد ومكبرات الصوت فيها المخصصة لرفع الأذان وجدران المساجد من الخارج للدعاية الانتخابية، فإن الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف كان قد قال :"لن نسمحَ باستغلالِ المساجدِ أو ملحقاتِها من ساحاتٍ لأى مظاهرَ انتخابية"، موضحًا أن الوزارةَ ستعيدُ النظرَ فى جميعِ تصريحاتِ الخطابة الممنوحة خلالَ فترةِ الانتخابات. ولعل الواقع المُعاش يؤكد – بما لا يدعُ مجالاً للشك – أن كلام الوزير ذهب أدراجَ الرياحِ هو وقرارات اللجنة العُليا للانتخابات.
ولم ترد وزارةُ الأوقاف على اللجنةِ العُليا للانتخابات سوى في ثلاثِ حالات– رغمَ أن الحالاتِ المُشابهة بالمئات - بشأنِ عددٍ من الشكاوى المتعلقة باستخدامِ بعضِ المرشحين للمساجدِ التابعةِ للوزارة في الدعايةِ الانتخابية بالمخالفةِ لقانونِ مجلسِ النواب ومباشرةِ الحقوقِ السياسية. وقالت وزارةُ الأوقافِ في ردِها حولَ الشكوى المتعلقة بقيامِ "حزبِ النور بتحدي الوزارة وتوزيعِ الدعاية داخلَ مسجدِ التوحيد بالناصرية القديمة بالإسكندرية"، بأن الوزارةَ انتدبت لجنةً من إدارةِ العامرية والتي توجهت إلى المسجدِ حيثَ أفادَ العاملون به بأنهم فوجئوا بقيامِ أحدِ الأشخاص بتوزيعِ الدعايةِ الانتخابية بعد أداءِ الصلاة وقاموا بمنعِه من ذلك، وتمَ التأكيدُ على العاملين بعدمِ السماحِ لأي أحدٍ بتكرارِ هذا، مشيرةً إلى أنه لا توجد أي ملصقاتٍ دعائية سواءَ خارجَ أو داخلَ المسجد.
كما ردت وزارةُ الأوقاف على شكوى وجودِ دعايةٍ داخلَ مسجدِ البر بشارع عين شمس البيطاش بالإسكندرية بأن إدارةَ أوقافِ العجمي قامت بسؤالِ عاملِ المسجد، وكذلك بعضِ روادِ المسجد عن قيامِ أحدِ الأفراد بالدعايةِ الانتخابية لأحدِ المرشحين، حيث نفى الجميعُ حدوثَ ذلك، وأن الهِتافاتِ التي أطلقَها هذا الفرد كانت خارجَ المسجد، فيما قامت إدارةُ الأوقاف بمنطقةِ الدخيلة بالإسكندرية بإزالةِ لافتةٍ كبيرة وضعتها "الدعوةُ السلفية" داخلَ مسجدِ أبو ناصر بجوارِ دورةِ المياه.
 وأشارت وزارةُ الأوقاف إلى أنها بحثت شكوى استغلالِ مسجدِ أبو عمر الكبير ومسجدِ تيمور التابعيْن لمديريةِ أوقافِ الشرقية، وتبينَ عدمَ صحتِها، حيثُ ثبتَ عدمُ استخدامِ أيةِ دعاية انتخابية داخلِهما، وهو الأمرُ نفسُه الذي حدث َمع مسجدِ "ميت طريف" بالدقهلية، حيث إنه بسؤالِ العاملين عن وجودِ دعاية، فتبينَ عدمَ صحةِ الشكوى. وفيما يتعلقُ بشكوى توزيعِ المرشحين لعددٍ من البوستراتِ الانتخابية على أبوابِ مساجدِ الخارجة والداخلة بمديريةِ أوقافِ الوادى الجديد فتبينَ أن التوزيعَ كانَ خارجَ المسجدِ وليسَ داخله. وأخيرًا فيما يتعلقُ بشكوى استغلالِ بعضِ المرشحين لمجلسِ النواب لدورِ العبادة ببعضِ مساجدِ القاهرة في الدعايةِ الانتخابية ومنها مسجد الشهيد بكفر العلو بحلوان، أفادت وزارةُ الأوقاف بأن المسجدَ أهلي ولم يتم ضمُه للوزارة، وأن الدعايةَ التي قامَ بها أحدُ المرشحين كانت بأحدِ مُلحقاتِ المسجد.

ياسر برهامي نائبُ رئيسِ "الدعوةِ السلفية" أن الله لن يتركَ "حزبَ النور" بعدَ أن تعرضَ لظلمٍ فادح خلالَ المرحلةِ الأولى من الانتخابات
ثانيًا: استغلال الكنائس في الدعاية الانتخابية
وكما تمَ استغلالُ المساجدِ في الدعايةِ الانتخابية، تمَ أيضًا استغلالُ الكنائس بشكلٍ غيرِ مسبوق، حيثُ قامَ مرشحو البرلمان باستخدامِ الأساليبِ غيرِ القانونية في الدعايةِ الانتخابية، فكلما اقتربنا من موعدِ إجراءِ التصويت على الانتخاباتِ البرلمانية، شاهدنا صراعًا محمومًا بين المرشحين للحصولِ على أحدِ المقاعد.
ففي محافظةِ الإسكندرية، وبالتحديد في دائرةِ مينا البصل، وضمنَ جولاتِ المرشحين الدعائية، قامَ المرشحُ المستقل أشرف رشاد عثمان بزيارةِ كنيسةِ "الشهيدة العفيفة دميانة"، ليستقبلَهُ راعي الكنيسة وعددٌ من الآباءِ القساوسة بالكنيسة وكذلك بعضُ أهالي الورديان. ويأتي ذلك نظرًا لأن الأقباطَ لهم عددٌ كبيرٌ من الأصواتِ بالدائرة، ويسعى جميعُ المرشحين لكسبِ ثقتِهم وكذلك أصواتِهم الانتخابية.
وفي سياقٍ متصل، أكدت بطريركيةُ الأقباطِ الأرثوذكس بالإسكندرية في بيانٍ لها أنها استقلت زياراتِ القائمِ بأعمالِ رئيسِ "حزبِ المصريين الأحرار" وعددًا من أعضاءِ قائمةِ "في حبِ مِصر"، وكذلك أعضاءَ قائمةِ "الجبهة تيار الاستقلال". وأوضحَ البيانُ أن البطريركيةَ لن تتدخل في العمليةِ الانتخابية، مؤكدةً أنه لن يتمَ توجيهُ الناخبين الأقباط للتصويتِ لمرشحٍ بعينِه، وإنما سيتمُ ذلكَ بناءً على رغبتِهم الخالصة.
وفي محافظةِ بني سويف، زارَ المرشحُ مجدي بيومي "قائمة في حب مصر"، والمعروفُ بانتمائِه السابق للحزبِ الوطني المنحل، كنيسةَ المطرانية بشارع إسلام في مدينة بني سويف ومعه عددٌ من المرشحين على القائمة، واستقبلَهم الأنبا غبريـال أسقفُ بني سويف، والقُمصُ أسطفانوس سليمان مسؤولُ العلاقاتِ الخارجيةِ بالمطرانية.
ويقول مينا، أحد مواطني بني سويف: "مش عيب إنهم ييجوا يزورونا بالعكس، بس هو المفروض إنهن يقدموا برنامج قوي نختارهم على أساسه، لكن مش هنختارهم لمجرد إنهم جهم زارونا في الكنيسة، وطالما ما فيش برنامج قوي ليهم يبقى أنا عن نفسي مش هنتخبهم".
وفي محافظةِ البحيرة، قامَ وفدٌ من قائمةِ "في حبِ مصر"، وآخر لقائمةِ "الجبهة تيار الاستقلال" بزيارةِ مُطرانية البحيرة للأقباطِ الأرثوذكس، واستقبلَهم الأنبا باخوميوس. وقالَ القسُ بولس حليم المتحدثُ باسمِ الكنيسةِ القبطية الأرثوذكسية إن الكنيسةَ تقفُ على مسافةٍ واحدةٍ من كلِ المرشحين وكذلك القوائم الانتخابية، مشيرًا إلى أن ذلك ليس استغلالاً دينيًا، وإنما بابُ الكنيسة مفتوحٌ لاستقباِل الجميع في إطارِ المحبة.
في الوقتِ ذاتِه، قالَ روماني جاد الرب الناشطُ الحقوقي والخادمُ الكنسي: إن اختيارَ الكاتبةِ والشاعرةِ فاطمة ناعوت لدائرةِ مصرَ الجديدة للترشحِ على مقعدِها الفردي لم يكن مصادفة، لكنه جاءَ لوجودِ الأقباطِ بكثافة. وأضافَ جادُ الرب أن "ناعوت" تخلطُ بين الدينِ والسياسة، وتستغلُ أنها مسلمةُ الديانة وتتظاهرُ بأنها تدافعُ عن حقوقِ الأقباط، ولكن هي في جوهرِها تسيءُ إلى الدينِ الإسلامي الذي يحترمُه ويُقَدِرُهُ الأقباطُ بمختلفِ طوائفِهم. وحذرَ جادُ الرب من أن ناعوت تهدفُ إلى شقِ الصفِ الوطني وزرعِ بذورِ الفتنةِ الطائفية باستخدامِها آياتِ الكتابِ المقدسِ والإنجيل في الهجومِ على الدينِ الإسلامي الحنيف والنبي محمد  صلى الله عليه وسلم.

ثالثًا: وضع صورة مرشح على المصحف
من أمثلةِ التوظيف الفج للدينِ في السياسة، ما تسببت فيه الدعايةُ الانتخابية لمرشح بدائرةِ مركز القرنة بغربِ الأقصر من إثارةِ حالةٍ من السخط بين مستخدمي "فيس بوك" ورجالِ الدين بالمحافظة، بعد طباعةِ صورته ورمزه الانتخابي على أجزاءٍ من القرآنِ الكريم وتوزيعها على المواطنين، وجاءت غالبيةُ الانتقادات عبرَ "فيس بوك".
 وهكذا، ففي الوقتِ الذي رفضت فيه الدولة استخدامَ الإخوانِ والسلفيين للدين في الانتخابات يأتي مرشحٌ ويوزّعُ القرآنَ الكريم وعليه صورته، وطالبَ مستخدمو شبكاتِ التواصل الاجتماعي الأزهرَ والأوقاف واللجنة العليا للانتخابات باتخاذِ إجراءٍ رادع ضدَ المرشح.
واستنكف البعض هذا الفعل، لأنه في الوقتِ الذي تحظرُ فيه الدولة وضعَ دعاية انتخابية على أماكنِ العبادة يأتي المرشحُ ويستخدمَ كتابَ اللـه في الدعاية، ويضعُ صورتَه على المصحفِ الشريف وهي دعايةٌ فجّة، وهو ما يتطلبُ أن يكونَ هناك موقفٌ من اللجنة العليا للانتخابات.
من جانبه، أكدَ المرشحُ الذي ارتكبَ هذا الفعل: "قبلَ أن أكونَ مرشحًا ونائبًا سابقًا أنا خطيبٌ وإمامُ مسجد وأرى أن وجودَ صورتي على كتابِ اللهِ يجوزُ شرعًا ولا جُرْمَ أو خطأ في ذلك، ومن يرى غيرَ ذلك فعليه قصَ الغلاف الذي يحتوي على صورتي ويحتفظَ بجزءِ "عمّ" بدون الصورة ولن ينقصَ من كتابِ الله شيئًا"، مضيفًا أن "بعضَ المرشحين يريدون تضخيمَ الأمر لتحقيقِ نجاحاتٍ زائفة ولكن الجميع يعرفُ من أنا ومدى حرصي على كتابِ الله لأني تربيتُ تربيةً قرآنية؛ فوالدي أحدُ أشهرِ مقرئي القرآن في صعيدِ مصر، وأنا خطيبُ مسجد وحافظٌ لكتابِ الله". وتابع: "الموضوع بسيط ولا يحتاجُ للضجةِ المُثارة"، مؤكدًا أنّ "أحدَ المؤيدين طبعَ ألفَ نسخة من جزء عم تحتوي على صوره ورمزه ووزعَها، فهل جزاؤهُ الشكرَ أم أضربُه بالنار كما يريدُ الخصوم أن أفعل".
وتعليقًا على هذا الفعل، قالَ الدكتور أحمد عمر هاشم عضوُ هيئةِ كِبَارِ العلماء بالأزهر الشريف، إنّ المرشحَ الذي يضعُ صورتَه على غلافِ المصحفِ الشريف "آثم"، وتلكَ كبيرةٌ من الكبائر، لأن القرآنَ الكريم له حُرمتُه وله استخدامُه ومكانتُه عندَ اللـه وبينَ البشرِ في الأرض. وأوضحَ د. هاشم أنّ المرشحَ الذي فعلَ ذلك الفعل بطبعِ صورتِه على المصحفِ من بابِ الدعاية الانتخابية ارتكبَ "إثمًا وكبيرةً من الكبائر"، وهذا فعلٌ حرامٌ شرعًا، لأنه اعتدى على حُرمةِ المصحفِ والقرآنِ الكريم، مشيرًا إلى أن ذلكَ المرشح ظهرت نيتُه قبلَ توليه مكانةٍ يُدافعُ بها عن حقوقِ الناس، ويَعْدِلُ بينهم ويطالبُ بحقوقهم فهو بذلك الفعل لا يصلحُ أن يكونَ في هذه المكانة، ولا يستحقُ أن ينتخبَهُ الناس لأنه تاجرَ بكتابِ اللـهِ عزَ وجل فكيفَ بنيتِه من مصالحِ الناسِ وحقوقِهم.

رابعًا: الملائكة التي تَحُفُ القائمة والريحُ الصَرْصَرُ العاتية
ذكرَ الدكتور عبد اللـه النجار عضوُ مَجْمَعِ البحوثِ الإسلامية بأن الإسلامَ حرمَ الرِشوة ولا يجوزُ أن يقبلَها الإنسانُ المسلم لقضاءِ حاجة، وقالَ إن الرِشوةَ في الانتخابات من قِبَلِ المرشحين للمواطنين محرّمةٌ حرمةً شديدة. وطالبَ المصريين بضرورةِ الذهابِ إلى اللجانِ الانتخابية للتصويتِ في الانتخاباتِ البرلمانية واعتبارِها واجبًا شرعيًا، ومن يتركُ هذا الواجب كأنه تركَ صلاةً واجبةً عليه.
وفي لقاءٍ حضرَهُ أحدُ الصحفيين المنتمين لإحدى الصحفِ القومية لبعضِ أعضاءِ "حزبِ النور" وبعضِ المتعاطفين معه، قالَ ياسر برهامي نائبُ رئيسِ "الدعوةِ السلفية" أن اللهـَ لن يتركَ "حزبَ النور" بعدَ أن تعرضَ لظلمٍ فادح خلالَ المرحلةِ الأولى من الانتخابات، وأن ظلمَ الدولة والحاكم قد وقعَ عليهم من قبل، وعاقبَ اللـهُ الحاكمَ على فَعلتِه فأخذَهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدر، لكن الظلمَ هذه المرة يقعُ من الشعبِ الذي تغيرت هُويتَهُ وقد أنذَرَ اللـهُ الشعبَ بريحٍ صَرْصَرٍ عاتية ضربت عينَ المحافظةِ التى تآمرت ضدَ "حزبِ النور" خلال الفترة الماضية (محافظة الإسكندرية). وأكدَ ياسر برهامي أن إقصاءَ "حزبِ النور" عن الحياةِ السياسية لن يدفعَ عددًا من منتسبيه إلى العملِ السري فقط، لكنه يخشى على مصرَ من أن يَحِيقَ بها غضبُ اللـهِ كقومِ عادٍ وثمود.
وفي واقعةٍ أخرى، نفى الدكتور أحمد عمر هاشم عضوُ هيئةِ كِبَارِ العلماء، ما أُثيرَ عنه مؤخرًا عندما اجتمعَ من أجلِ الإصلاح بينَ بعضِ القبائل في صعيدِ مِصر كان بينها دماءٌ وثأرٌ وحملوا أكفانَهم من أجلِ الصلح. وأوضحَ د. عمر هاشم  أنه قالَ في جلسةِ الصُلْحِ عندما عانقَ المتخاصمون بعضَهم بعضا "إن الملائكةَ تَحُفُ مجالسَ المتسامحين"، مشيرًا إلى أن البعضَ حملَها وحرفَها عن موضعِها بعنوان: عمر هاشم: "الملائكة تَحُفُ قائمةَ في حبِ مِصر". واختتم هاشم قائلاً: "حسبى اللـهُ ونِعْمَ الوكيل فيمن يفترونَ عليّ ويدعونَ الكذبَ وأن ما حملوهُ من افتراءٍ عني كذبٌ ولم أقلْ ذلك مطلقًا".
وفي سابقةٍ أخرى، أجرى أحدُ المرشحين خلالَ مؤتمرٍ جماهيري له مع أهالى شبرا الخيمة قرعةً لرحلاتِ عُمرة لـعشرةِ أفراد، وأعلنَ عن عشرين رحلةَ عُمرةٍ أخرى، وهو ما يذكرُنا باتهامِ وزيرِ الزراعة السابق صلاح هلال الذي حصلَ لأقاربِه على رشاوى عبارة عن رحلاتِ حَجٍ إلى بيتِ الله (الحرام).
د. أحمد عمر هاشم: "إنّ المرشحَ الذي يضعُ صورتَه على غلافِ المصحفِ الشريف "آثم"، وتلكَ كبيرةٌ من الكبائر
خامسًا: حجز المقاعد للمرشحين في سُرادقات العَزاء
في محافظةِ الدقهلية إحدى محافظات المرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية، تمَ رصدُ عددٍ كبير من اللافتاتِ الخاصة ببعضِ مرشحي الحزبِ الوطني المنحل أمثالِ شوقي عبد العليم ومحمد أسامة أبو المجد ومكرم رضوان وحسين عبد السميع رغم أن بعضَهم قُدِمَ ضدَه عددٌ من الطعون واجتازَها وعادَ للسباق الذي لم ينتظر الوقتَ المحددَ للدعاية، والتي بدأت قبلَ عيدِ الأضحى الماضي، وحرب قطعِ لافتاتِ المرشحين جميعِهم من مرشحي فلولِ الوطني ورجالِ الأعمالِ منهم أشرف ناجي العدروسي وأشرف أبو العلا وطارق عبد العزيز المحامي الشهير وعضو الوطني السابق وبعض الرجال التابعين للداخلية. وما يحدثُ حاليًا والذي قوبلَ بسخطٍ شديد من قِبَلِ آلافِ المواطنين أن المرشحين يرسلون مندوبين لهم منذ صلاةِ العصر حتى العشاء، ليأتي المرشحُ ترافقه الحاشية التي تُفسحُ له الطريقَ، ويجلسُ في الصِوانِ الخاصِ بالعزاءِ بموقعٍ متميز يشهدُه الجميع، وهذا ما قوبلَ بالسخطِ الجماهيري للاستهتارِ بمشاعرِ الجميع تجاه جميعِ المرشحين وبالتحديد مرشحي الحزبِ الوطني المنحل.

سادسًا: استلهام التأييد الانتخابي من الطرق الصوفية (الدينية)
أعلنت المستشارة تهاني الجبالي النائبةُ السابقة لرئيسِ المحكمةِ الدستورية العليا تأييدَ 11 طريقةً صُوفية لقائمةِ "التحالف الجمهوري" خلالَ الانتخاباتِ البرلمانية. وأوضحت الجبالي أن قياداتٍ شابة في بعضِ الطُرقِ الصُوفية طلبت التعرفَ على برنامجِ "التحالف"، ثم أعلنت تأييدَها للقائمة.
ورفضت الجبالي التعليقَ على حديثِ الدكتور أحمد عمر هاشم رئيسِ جامعةِ الأزهرِ الأسبق عن تأييدِ الملائكة لقائمةِ "في حبِ مِصر"، قائلةً: "لا أعلقُ على مواقفِ شخصيةٍ لأحد، لكنني أرفضُ أي استخدامٍ للدينِ في العمليةِ الانتخابية. وأضافت أن بعضَ القوائمِ الانتخابية والمرشحين تُدخلُ الدينَ فى السياسة من أجلِ اﻷصواتِ الانتخابية، وهي الأساليبُ نفسُها التي نعيبُ على اﻷحزابِ الدينية استخدامَها، مطالبةً الناخبين بعدمِ إعطاءِ أصواتِهم لمن يتخذون الدينَ سُلَمًا للوصولِ لكرسي البرلمان!
*وكيل كلية الإعلام ـ جامعة القاهرة ورئيس وحدة الدراسات الإعلامية بالمركز

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟