المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

النموذج المعتدل: العلاقة بين الدين والدولة في الخبرة الآسيوية (1-2)

الخميس 22/أكتوبر/2015 - 11:43 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
د. ماجدة علي صالح

يحمل الحديث عن علاقة الدين بالسياسة إشكاليات كبرى لدول وعلماء السياسة في معظم أفرعها، حيث تثار أسئلة عدة نظرية وتطبيقية تحمل في جانب كبير منها تحيزًا كبيرًا سواء مع أو ضد العلاقة. حيث تحمل الرؤية الرافضة للعلاقة في جنباتها إشكالية الموقف الغربي من الظاهرة، والذي يتمثل في فصل الدين عن الدنيا، والكنيسة عن الدولة، وهي إحدى نقاط التحول المفصلية التي مر بها الغرب الأوربي وتم وفقًا لها بناء القومية والمجتمع المدني، وبالتالي الديمقراطيات الليبرالية، حيث تم بشكل أو بآخر غرس هذه الإشكالية بشكلها الأوربي في الوعي السياسي للعالم الإسلامي، وهو ما أنتج تصورات ونماذج منهجية عدة انطلقت من فكرة أساسية تمثلت في عدم وجود علاقة بين الدين والسياسة، وهي النماذج التي يدخل أصحابها في مواجهة دائمة مع من يؤمنون بدور الإسلام ومستقبله السياسي، حيث يحمل هؤلاء أصحاب الرؤية المؤيدة لعلاقة الدين بالسياسة قناعة أساسية بارتباط الاثنين معًا إلا أنهم يختلفون داخليًا إزاء أمور عدة أبرزها الأسس الفكرية لبناء الدولة، وهل تكون دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية؟ أم دولة مدنية بالمفهوم العلماني؟ أو تكون إعادة لدولة الخلافة الإسلامية؟ وهي المواقف التي تتطلب ضرورة الوقوف على خبرة الدول الإسلامية في القارة الآسيوية وكيف استطاعت – بشكل أو آخر- أن تجد حلًا للإشكالية من عدمه خاصة بعد أن برز الإسلام الآسيوي كفاعل سياسي على سطح  الحياة السياسية وخاصة منذ ما لا يقل عن ثلاثة عقود من الزمان.

وتعد من الأسئلة الأساسية التي تسعى الدراسة للإجابة عنها هي "ما الإطار العام المحدد للعلاقة بين الدين والدولة في الفكر السياسي الإسلامى؟"، "ما وضع الدين الإسلامي في الدول الآسيوية المسلمة وغير المسلمة؟ ما موقف الدولة من الدين الإسلامي والحركات والأحزاب السياسية الإسلامية؟ وما هو بالتالي موقف هذه الحركات والأحزاب من الدولة؟ ما أساليب قوى الإسلام السياسي في تطور العملية الديمقراطية؟ وما قدر النجاحات والإخفاقات التي نتجت عن عملهم في المجال السياسي؟

وهي التساؤلات الستة التي تسعى الدراسة للإجابة عنها من خلال أقسام ستة كل منها يجيب عن سؤال كالتالي: أولا، الإطار العام للعلاقة بين الدين والدولة في الفكر السياسي الإسلامي. ثانيًا، موضع الإسلام وقوى الإسلام السياسي في الدول الآسيوية. ثالثا، موقف الدول الآسيوية من الإسلام وقوى الإسلام السياسي. رابعا، موقف قوى الإسلام السياسي من الدولة. خامسا، أساليب قوى الإسلام السياسي المعتدل في تطور العملية الديمقراطية. سادسا، تقييم تأثير قوى الإسلام السياسي في تطوير العملية الديمقراطية.

 

القسم الأول

الإطار العام للعلاقة بين الدين والدولة في الفكر السياسي الإسلامي

 

إذا كان هذا المجال ليس هو المجال الملائم لتأصيل الحديث عن العلاقة بين الدين والدولة في الفكر السياسي الإسلامي، إلا أنه بالتأكيد المجال المناسب لوضع إطار عام مختصر يوضح ويشير إلى ما انتهى إليه الفكر السياسي الإسلامي في تأصيل العلاقة بين الدين والدولة، حيث تم الانتهاء إلى ثلاثة اتجاهات تعرضها الدراسة مبتعدة تماما عن عرض إبعادها الشرعية.

الاتجاه الأول- الدولة الدينية: وهو اتجاه يقوم على الخلط بين الدين والدولة ويجعل العلاقة بينهما علاقة تطابق، وهو ما يفرض استئثار فرد أو فئة بالسلطة السياسية والدينية، وهو مفهوم الاستخلاف عن الله في الأرض، وهو مذهب اتخذه بعض الخلفاء الأمويين والعباسيين فضلًا عن الشيعة. وهو حل عارضه الإسلام علي أساس أن الاستخلاف الخاص مقصورًا على الأنبياء، وبوفاة الرسول (ص) انتهى هذا الاستخلاف، كما أن الاستخلاف يرفض إسناد السلطة الدينية إلى فرد أو فئة تنفرد بها دون الجماعة وذلك بموجب الاستخلاف العام للجماعة وفقًا لقوله تعالى "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر".

الاتجاه الثانى- الدولة العلمانية: وهو اتجاه يقوم ابتداءً على فصل الدين عن الدولة،  وبالتالي رفض أن يكون الدين في صدارة المشهد السياسي ويقوم على فرض الفهم المسيحي الغربي للعلاقة بين الدين والسياسة، وهو حل لا يعبر عن الحل الإسلامي للمشكلة.

الاتجاه الثالث- مدنية السلطة ودينية التشريع: وهو اتجاه يقيم العلاقة بين الدين والدولة على أساس الارتباط لا الخلط والتطابق، فهو يقوم على دينية التشريع وليس السلطة التي تكون مدنية ذلك أن السلطة في الإسلام مقيدة بالقواعد القانونية الثابتة التي لا يجوز تغييرها والتي يطلق عليها في علم القانون (قواعد النظام العام) والتي تعد بالاصطلاح القرآني (الحدود) وفقًا للآية الكريمة "تلك حدود الله فلا تقربوها"(1)، وهي علاقة تمييز لا فصل، حيث ميز الإسلام بين النوع السابق من القواعد القانونية التي سمّاها تشريعًا وجعل حق وضعها للـه تعالى، والقواعد القانونية التي تخضع للتطور والتغير زمانا ومكانا والتي محلها الفقه في الإسلام، والتي جعل سلطة وضعها للجماعة استنادًا إلى مفهوم الاستخلاف.

ومن المهم هنا التفرقة بين المفهوم الإسلامي للدولة المدنية وبين المفهوم الغربي لها الذي يقوم على فصل الدين عن الدولة ومؤسساتها، ويجعل الدين – أي دين- علاقة قائمة بين الفرد وربه فقط، وهو ما يتمشى مع الاتجاه الثاني السابق الإشارة إليه.

إن حل العلاقة الجدلية بين الدين والسياسة يكمن في فكرة أساسية هي أن يصل الدين لأهل السياسة لا أن يصل الدين إلى السياسة

ووفقًا للاتجاهات الثلاثة السابقة يعد الحل الثالث الخاص بمدنية الدولة حلًا أساسيًا وافق عليه أغلبية المحللين المسلمين السنة.

حيث يمكن تعريف الدولة المدنية من هذا المنطلق بكونها الدولة التي تعبر تمامًا عن إرادة المجتمع وتستند لقيمه، وتتصف هذه الدولة بصفات ثلاث أساسية:

1-    دولة المواطنة التي تسعى إلي العضوية الكاملة والمتساوية لجميع أفراد المجتمع.

2-    دولة القانون كإطار ينظم العلاقات بين الشعب والدولة.

3-    دولة المؤسسات الديمقراطية التي تعني حكم الشعب نفسه بنفسه والتي تشير إلى مجموعة الأدوات اللازمة لضمان وصول الإرادة الشعبية إلى إدارة مؤسسات الدولة ومراقبة عملها ومحاسبة القائمين عليها.

وهي الاتجاهات الثلاثة التي يمكن القول بعد عرضها إنها تجعل الجدل حول علاقة الدين بالدولة والسياسة في عديد من الدول المسلمة ينطلق من أساس يسهل دحضه، حيث يتخيل وجود انقسام حاد بين الدول الإسلامية، والدول العلمانية وهو أمر مضلل، فالدولة بالتعريف هي مؤسسة سياسية علمانية خاصة في السياق الحالي للمجتمعات الإسلامية. فعلمانية الدولة لا تعني إقصاء الإسلام عن الحياة العامة أو حصره في المجال الخاص بالفرد، وإذا تم الأخذ بعلمانية الدولة فإن الاختيار هنا لن يكون بين دولة إسلامية تفرض الشريعة، ودولة علمانية ترفضها تمامًا، ذلك لأن الدولة عندما تفرض أي مبدأ من مبادئ الشريعة تفرض بما يتراءى لها وذلك وفقًا لرؤية النخبة الحاكمة ولا يمثل بالضرورة الشريعة الدينية للمسلمين. وفي المقابل فإن الدولة العلمانية التي تستبعد الدين تمامًا من السياسة العامة والتشريع تقوم على ادعاء زائف لأن الإسلام لا يمكن فصله عن السياسة(2).

وعليه يمكن القول إن حل العلاقة الجدلية بين الدين والسياسة يكمن في فكرة أساسية هي أن يصل الدين لأهل السياسة لا أن يصل الدين إلى السياسة.

 

القسم الثاني

موضع الإسلام في الدول الآسيوية

في إطار النظر إلى موضع الإسلام في الدول الآسيوية يجب ابتداءً الأخذ في الاعتبار الملاحظات التالية:

1-    فيما يتعلق بدخول الإسلام إلى القارة الآسيوية وعدد المسلمين فيها:

يعد مجتمع المسلمين في القارة الآسيوية من أكثر المجتمعات اعتدالًا وتسامحًا في العالم الإسلامي. وقد تأثر الإسلام في جنوب شرق القارة بعض الشيء بالأفكار الهندوسية والبوذية والممارسات الشعبية نظرًا لارتباطه بالبيئة المحلية وهو ما جعله يختلف من مكان إلى آخر حسب امتزاج هذه العناصر.

وقد وصل الإسلام إلى منطقة جنوب شرق آسيا من خلال التجار وعلماء الدين ولم يصل بالقوة أو الغزو.

ويعرف عن تاريخ الإسلام في آسيا أنه تاريخ لنوع فريد من التسامح الديني والتواصل الحضاري بين الإسلام، والهندوسية والبوذية وغيرها من العقائد الآسيوية، إذ لم يسجل التاريخ أي نوع من المواجهات الحضارية العنيفة في تلك القارة، ولكن ما إن دخل الغزاة الأوربيون حتى وضعوا الديانة الإسلامية على حواف القتال وجبهات الاختصام، كما عملوا على حصر المناطق الإسلامية وعزلها ووضع الحواجز التي تعوق انسيابه.

وهناك خلاف بين الباحثين بشأن تاريخ وصول الإسلام إلى جنوب شرق آسيا وكيفية وصوله، فبالنسبة لتاريخ وصوله يرى البعض أن الإسلام وصل في القرن الأول الهجري أي نهاية القرن السابع أو بداية القرن الثامن الميلادي، وآخرون يرون أنه وصل في القرن الثاني عشر، وغيرهم يرون أنه وصل في القرن الثالث عشر الميلادي.

أما عن كيفية وصول الإسلام إلى جنوب شرق آسيا فتوجد ثلاثة اتجاهات توضح كيفية وصوله، الأول يرى أن الإسلام وصل إلى المنطقة عن طريق البحر بواسطة التجار العرب وخاصة التجار اليمنيين الحضارمة في القرن الثالث عشر الميلادي. بينما يري الاتجاه الثاني أن الإسلام وصل عبر الهند لذا تأثر الإسلام بالهند في القرن الرابع عشر الميلادي، وأنه لم يصل إلى تلك المنطقة من الشرق الوسط مباشرة لذا تأثر بالفكر الصوفي وبالعادات والتقاليد الهندية فأصبح أكثر مرونة، وأصبح مختلفًا عن الإسلام في الشرق الأوسط.

أما الاتجاه الثالث فيرى أن الإسلام وصل إلي المنطقة عبر اليمن والهند، وأن الإسلام الذي وصل من الهند تأثر بالثقافة الهندية وكان أكثر مرونة من الإسلام الذي وصل من اليمن في القرن الثالث عشر، وأقل تشددًا من الإسلام الوهابي الذي وصل بعد ذلك في العصر الحديث مع الطلاب الذين تلقوا تعليمهم في السعودية.

ويعد الاتجاه الأول هو الأكثر قبولًا وخاصةً بالنسبة لإندونيسيا والتي انتشر الإسلام منها إلى باقي دول المنطقة، فقد وصل عن طريق العلاقات التجارية والتجار المهاجرين، وأن لعب الاستعمار دورًا في إعاقة انتشار الإسلام. وقد واجه الإسلام في جنوب شرق آسيا تحديات كبيرة خاصة من قبل القوى الاستعمارية التي احتلت دول المنطقة وأعاقت انتشاره، فقد شهد تاريخ المنطقة العديد من القوى الاستعمارية التي تبنت توجهات وسياسات مختلفة تجاه الإسلام والمسلمين، مما دفع المسلمين لمحاربة الاستعمار وسياساته بكافة الطرق من أجل الحفاظ على هويتهم ودينهم(3).

وقد بلغ عدد المسلمين عام 2013 في آسيا نحو 600 مليون مسلم من مجموع 1,57 مليار مسلم في العالم، وذلك بنسبة 23 % وهم في زيادة مستمرة رغم المحاولات المستمرة لإخراجهم من العقيدة.

ويعيش نحو 62% من مسلمي العالم في قارة آسيا، وخاصة في دول مثل إندونيسيا، وماليزيا، وباكستان، وبنجلاديش، فضلًا عن الهند التي توجد فيها أكبر أقلية مسلمة في العالم بلغت أكثر من 160 مليون مسلم يشكلون 13,4% من سكان الهند، وعامة توجد في قارة آسيا 27 دولة مسلمة(4).

2-    فيما يتصل ببداية الإشكالية الحديثة بين الإسلام والدولة في آسيا

ظهرت إشكالية الدين والدولة في جنوب آسيا في القرن العشرين وتحديدًا خلال فترة النضال ضد الاستعمار، وما ترتب عليه من تشكيل دول جديدة مستقلة في النصف الثاني من القرن العشرين عرفت بكونها دول مسلمة.

في هذه الفترة، حدث تشابك بشكل وثيق بين الدين والدولة، حيث لعب الدين دورًا مهمًا في إضفاء الشرعية على الدولة والحكام، وتم إنشاء المؤسسات، هذا إلي جانب الممارسات والخرافات والتي هدفت إلى استخدام الدين لتدعيم شخص الحاكم والدولة حيث كانت العلاقة بين الدين والدولة مدعمة لبعضها البعض، واستفاد كلاهما من الآخر واستخدمت الدولة الدين لإضفاء الشرعية على نفسها وترسيخ الحكام وسلالتهم في السلطة، في المقابل أمنت المؤسسة الدينية لنفسها العديد من المزايا، مثل المنح والهبات المادية، والمحسوبية، وزيادة سلطتها على شئون الحكومة والدولة.

3-    فيما يتعلق بإسلامية الدولة

توجد اختلافات بين الباحثين حول التفرقة بين الأغلبية والأقلية المسلمة في الدولة الآسيوية. إذ ارتأى بعض الباحثين أنه إذا زادت نسبة المسلمين في الدولة على 50% تكون الدولة إسلامية، وقرر البعض الآخر أنه إذا كان المسلمون أغلبية مقارنة بأصحاب الديانات الأخرى –حتى وإن لم تتجاوز نسبتهم 50% تصبح الدولة إسلامية، على حين أتجه البعض الثالث إلى أن المعيار الأساسي المحدد لإسلامية الدولة يكمن في نص الدستور وطبيعة النظام الحاكم(5).

4-    فيما يتعلق بتضمين الدين الإسلامي في الدساتير الآسيوية

يمكن تقسيم الدول الآسيوية المسلمة ما بين أقلية من الدول اتجهت للنص في دساتيرها على أن الإسلام دين الدولة، وبين أغلبية لم تنص على هذا، يضاف إلى هذا دولة واحدة عدلت عن هذا النص بعد الأخذ به.

أ‌.         من الدول الآسيوية المسلمة التي نصت في دساتيرها على أن الإسلام دين للدولة:

1-    ماليزيا: والتي نص دستورها على أن الإسلام دين الدولة لكن الديانات الأخرى تمارس في سلام وهي الديانات الهندوسية والبوذية والمسيحية.

إذ نصت المادة الثالثة من الدستور على أن الإسلام هو الدين الرسمي للاتحاد لكن يمكن ممارسة الأديان الأخرى بسلام وانسجام في أي جزء من الاتحاد.

كما أوضحت المادة الحادية عشرة من الدستور أهمية حرية العبادة لكل الأشخاص، وعدم جواز فرض ضرائب تخصص كليًا أو جزئيًا لأغراض دين معين يختلف عن دين الشخص، ولكل جماعة دينية إدارة تتولى شئونها الدينية وإقامة مؤسساتها(6).

2-    باكستان: إذ نص دستورها على أن الدولة تتبع تعاليم الإسلام كما وردت في الكتاب والسنة، وتعمل في الوقت نفسه على حماية حقوق الأقليات وإعطائهم الحرية التامة لمزاولة عباداتهم وفق تعاليمهم الدينية(7).

3-    إيران: إذ نص دستورها على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة وأن المذهب الشيعي الاثنى عشري الجعفري هو مذهب أغلبية المسلمين فيها، هذا مع تمتع المذاهب الأخرى باحترام كامل في اتباع وأداء مراسمهم الدينية(8).

ب‌.     أما الدول المسلمة التي لم تنص دساتيرها على الإسلام كدين للدولة فتأتي معظم الدول ومن أبرزها إندونيسيا أكبر الدول المسلمة قاطبة، حيث تمت الإشارة في المادة 29 من الدستور علي ضمان الدولة لحرية العقيدة لكل الأديان(9) ويشارك إندونيسيا في عدم تضمين الإسلام في الدستور دول آسيا الوسطي والقوقاز(10) وهي دول يتم احتواء الدين فيها لتقوية الدولة حيث تبنت الإسلام كتراث وطني وتوجيه أخلاقي فقط.

ت‌.     فيما يتعلق بالدول الآسيوية التي يعد المسلمون فيها إحدى الأقليات الدينية: غالبًا ما تنص دساتيرها على حظر التمييز لأسباب سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، أو بسبب الجنس أو العقيدة أو الوضع الاجتماعي. كما تم التأكيد على عدم جواز تمييز طائفة دينية بأي صورة من الصور، وهذا ما يوجد في دساتير كل الدول الآسيوية غير المسلمة مثل كوريا الجنوبية، والصين، والهند، واليابان، وتايلاند (11)، وإن كانت تبرز في مجال الواقع عديد من الاختلافات في مجال معاملة المسلمين كأقلية مثال ذلك ميانمار، والصين. حيث توجد في ميانمار على سبيل المثال مواجهات عنيفة بين الدولة والمسلمين.

ث‌.     أما الدولة المسلمة التي سحبت النص في دستورها علي كونها تسير وفق تعاليم الإسلام وتمنح الأقليات الحرية التامة فهي دولة بنجلاديش التي يصنفها الخبراء باعتبارها أكبر تجمع للمسلمين في العالم، حيث اتجهت بنجلاديش عام 2012 وعقب أربعين عامًا على استقلالها عام 1972 إلى إلغاء المواد الدستورية المعبرة عن إسلامية الدولة، وهو المسلك الذي رفضته أغلبية المسلمين بها، مما دعا الحكومة والحزب الحاكم لتأكيد استحالة الرجوع في قرار الإلغاء(12).

ويبقى بعد عرض الملاحظات الأساسية السابقة محاولة الوقوف على موضع الإسلام في الدول الآسيوية، وهو الأمر الذي يمكن تناوله من ناحيتين أساسيتين: الناحية الأولى: موضع الدين في دول آسيا. الناحية الثانية: موضع قوى الإسلام السياسي في دول آسيا المسلمة. وهما الناحيتين اللتان سيتم تحديد أهم معالمهما الأساسية.

الناحية الأولى:  موضع الدين في دول آسيا

سيتم فيما يلي توضيح موضع الدين في دول آسيا المسلمة وغير المسلمة:

1-    موضع الدين في الدول المسلمة:

تم اعتبار الدن الإسلامي في دول جنوب شرق آسيا المسلمة أحد المحددات الأساسية للمجتمع، وذلك نظرًا للبناء العرقي للمجتمع، وعليه أعتبر الإسلام مكونًا أساسيًا من مكونات الثقافة السياسية. ففي ماليزيا وعقب تولي محاضير محمد السلطة (1981-2003) تبنى فكرة أساسية استقاها من دستور البلاد وهي ضرورة أن يعيش الجميع في سلام، وقد اتجه باعتباره مسلمًا إلى البحث في كيفية الاستفادة من الإسلام والقيم الإسلامية في عملية التنمية ودمج القيم الإسلامية في السياسات الداخلية والخارجية. وقامت الحكومة الماليزية في هذا الإطار بعقد مؤتمر تحت عنوان مفهوم التنمية في الإسلام، الذي أصدر عددًا من التوصيات حول موقف الإسلام من القانون والتعليم والاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا..إلخ، حرصت الحكومة من جانبها على تبني تلك التوصيات من خلال إنشاء عدد من اللجان التي عنيت بكيفية تطبيقها ودمجها في السياسات الحكومية.

واجه الإسلام في جنوب شرق آسيا تحديات كبيرة خاصة من قبل القوى الاستعمارية التي احتلت دول المنطقة وأعاقت انتشاره

وفي إشارة أكثر تعبيرًا عن هذا التوجه أعلن محاضير في عام 1984 شعار أسلمة الأجهزة الحكومية. غير أن مفهوم الأسلمة قد اتخذ هنا معنى محددًا، ليشير إلى مستويين رئيسيين: المستوى الأول: هو قصر مفهوم الأسلمة ليشمل فقط عملية دمج القيم الإسلامية في السياسات الحكومية، وأن تطبيق القوانين الإسلامية يشمل فقط المواطنين المسلمين، كما يقتصر على نطاق الأحوال الشخصية. المستوى الثاني: هو إزالة التناقض بين القوانين الوطنية والمبادئ الإسلامية.

وبمعني آخر، طرح نظام محاضير ضابطين رئيسيين لمفهوم الأسلمة، الأول هو عدم تطور الأسلمة إلى مستوى تطبيق الشريعة الإسلامية والقوانين الإسلامية على المستوى الوطني نظرًا لوجود أجناس أخرى صينية وهندية، والثاني هو عدم تناقض القوانين الوطنية مع المبادئ والقيم الإسلامية الثابتة.

وقد حرص محاضير محمد على التأكيد على هوية الدولة الإسلامية من خلال مراجعة النظام القانوني للدولة مما يضمن توافقه مع المبادئ والقيم الإسلامية. كما اتجه للاهتمام بالبرامج الدينية في الإعلام الماليزي، وسعى لإعادة الاعتبار للإسلام خاصة في مجالي التعليم والاقتصاد وذلك بتأسيس عدد من المؤسسات التعليمية والاقتصادية الإسلامية.

كما تم إنشاء عدد من المؤسسات الإسلامية لتكون مسئولة عن تنسيق أنشطة الدعوة الإسلامية(13).

وعقب محاضير محمد استمر عبد اللـه بدوي (2009-2003) في الحفاظ على البعد الإسلامي كأحد العناصر الأساسية للدولة حيث طرح مشروع الإسلام الحضاري الذي يتضمن بعدين أساسيين، البعد الأول (داخلي) ويتضمن نواحي عدة أبرزها الإيمان باللـه، والثقة، والعدالة، وحقوق الأقليات. أما البعد الثاني (خارجي) ويتضمن عناصر ثلاثة هي السلام، ونبذ الإرهاب وتفعيل الجهاد.

كما اتجه رئيس الوزراء الحالي نجيب رزاق (2009- إعداد هذه الدراسة) إلى الحفاظ علي التوجه الإسلامي للدولة من خلال مشروع ماليزيا واحد والذي يقوم على عناصر عدة أبرزها دعائم أربعة هي العمل خارج حدود العرق، والتفكير وراء حدود الأديان، وتحقيق احتياجات وحقوق الأفراد دون تمييز، وماليزيا للجميع، حيث تعد الفجوة العرقية والفجوة الدينية من أهم الفجوات التي سعى المشروع للتغلب عليها(14).

وقد شكل علماء الدين في الشرق الأوسط المصدر الرئيسي للفتوى لمسلمي جنوب شرقي آسيا منذ دخول الإسلام إلى المنطقة وحتى أوائل القرن العشرين. وقد احتل الشرق الأوسط تلك الأهمية لعوامل عديدة، أهمها افتقاد شعوب جنوب شرق آسيا إلى كوادر علمية تتوافر فيها الشروط والقدرة على ممارسة وظيفة الإفتاء، والوضع المتميز الذي احتله العلماء المسلمون في منطقة الشرق الأوسط في إدراك الشعوب الإسلامية الآسيوية، والتي نظرت إلى هؤلاء العلماء باعتبارهم علماء المركز، وأضفت عليهم هالة من التقدير والتعظيم.

إلا أن العامل الأهم تمثل في سيطرة المذاهب والفكر الإسلامي التقليدي على وظيفة الإفتاء، والتي اعتمدت على التقليد والرجوع المباشر إلي الفتاوي التاريخية المشابهة بصرف النظر عن السياق التاريخي الذي قدمت فيه تلك الفتاوى، وهي المرحلة التي سبقت تطور مدارس تجديد الفكر الإسلامي على يد عدد من المفكرين الإسلاميين أمثال الشيخ جمال الدين الأفغاني والأمام محمد عبده والشيخ رشيد رضا، والتي دعت إلى فتح باب الاجتهاد والعمل علي تطوير الفتوى في الإسلام بما يتلاءم والواقع الإسلامي والتطورات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية التي طالت الحياة المعاصرة، بالإضافة إلى ما أكدت عليه تلك المدارس من ضرورة ارتباط الفتوى ببيئتها المحلية. وكان من شأن سيطرة المدرسة التقليدية في الإفتاء واعتمادها على الإرث التاريخي للمذاهب الفقهية المختلفة اعتماد مسلمي جنوب شرقي آسيا على علماء الدين في دول المركز، على ضوء ما تطلبته وظيفة الإفتاء من الرجوع إلى المصادر العربية. وقد طرحت تلك الفتاوى بناء على طلبات مباشرة من مسلمي جنوب شرقي آسيا، الفردية والجماعية، غطت مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأحوال الشخصية والسياسية..إلخ، وقد جمعت في معظمها في شكل مجلدات باللغة العربية مصحوبة بترجمة إلى اللغة المحلية.

ورغم وجود عدد من العلماء الذين مارسوا وظيفة الفتوى داخل المجتمعات الإسلامية في جنوب شرقي آسيا خلال تلك المرحلة، فإنهم تمسكوا بمناهج الإفتاء السائدة في دول المركز، وإن لم يتمتعوا بنفس الوضع الأدبي الذي تمتع به علماء دول المركز.

أخذ هذا الوضع في التغير ابتداء من العقد الثاني من القرن العشرين مع ظهور عدد من الكوادر المحلية التي مارست وظيفة الإفتاء داخل المجتمعات الآسيوية التي نجحت في تحقيق قدر من القبول والمشروعية في هذا المجال. وجاء ظهور هذه المجموعة نتيجة لتوالي البعثات التعليمية للطلاب الآسيويين في الجامعات والمؤسسات التعليمية الدينية في الشرق الأوسط خلال تلك المرحلة، والذين تأثروا بمدرسة التجديد في الفكر الإسلامي التي ظهرت خلال تلك الفترة على يد عدد من الرموز الدينية الإصلاحية خاصة الشيخ محمد عبده والشيخ رشيد رضا، سواء من خلال تتلمذهم مباشرة على يد هؤلاء المشايخ داخل الأزهر ودار المعلمين ومدرسة الألسن في مصر، أو من خلال تأثرهم بكتابات هؤلاء المشايخ خاصة عبر مجلة المنار ذات التوجهات الإسلامية الإصلاحية، التي صدرت في مصر خلال الفترة (1898 - 1935) تحت إشراف الشيخ رشيد رضا.

وقد تميزت وظيفة الإفتاء في المجتمعات الآسيوية في ظل مدرسة التجديد بالتأكيد على أهمية السياق المحلي للفتوى، وإحياء مبدأ الاجتهاد، وتراجع الأهمية النسبية لمنهج التقليد غير النقدي للإرث التاريخي. كما تميزت وظيفة الإفتاء مع هذا التحول باستخدام اللغات الآسيوية المحلية وتراجع الاعتماد على اللغة العربية، بهدف تحقيق أكبر قدر من الانتشار، وجاء هذا التحول بدوره امتدادًا لتزايد مشروعية المفتين المحليين داخل تلك المجتمعات.

وقد ظهر في هذا الإطار عدد من المؤسسات والتنظيمات التي أسهمت في تطوير مؤسسة ووظيفة الإفتاء بشكل أكثر مؤسسية في دول جنوب شرقي آسيا، مثل جماعة نهضة العلماء (تأسست عام 1926) وجماعة المحمدية (تأسست عام 1912) في إندونيسيا، بالإضافة إلى مجلس علماء إندونيسيا (تأسس عام 1975 بمبادرة من الرئيس سوهارتو) والذي يمثل مؤسسة الإفتاء الرسمية في إندونيسيا.

وقد التزمت جماعة نهضة العلماء حتى منتصف الثمانينيات بالمنهج التقليدي في الإفتاء القائم على الالتزام بالتقليد والاقتباس من المصادر الفقهية العربية بدون ترجمة إلى اللغة القومية، إلا أن الجماعة بدأت في إعادة النظر في طرق ومنهج الإفتاء ابتداءً من عام 1987، وانتهت بإقرار المؤتمر الوطني للجماعة في عام 1992 بالأخذ بمبدأ الاجتهاد والابتعاد نسبيًا عن المنهج التقليدي.

أما جماعة المحمدية فقد مثلت التيار الإسلامي التحديثي فقامت بممارسة وظيفة الإفتاء من خلال قسم خاص داخل الجماعة عرف بمجلس الترجيح وتنمية الفكر الإسلامي، والذي يعلي من قيمة الاجتهاد في إطار البيئة المحلية السائدة علي ضوء القرآن والسنة. ويلاحظ على تشكيل المجلس أنه يضم بالإضافة إلى علماء الدين عددًا من المثقفين من الرجال والنساء الذين يشاركون في صنع الفتوى.

وهكذا بدأت المجتمعات الآسيوية في تطوير مؤسساتها الدينية المستقلة بما في ذلك التي اضطلعت بوظيفة الإفتاء، والتي تأثرت بالمدارس الحديثة في الفكر الإسلامي ومناهج الإفتاء، استنادًا إلى مبدأ الاجتهاد وأولوية البيئات المحلية وهو ما أدى بدوره إلى تمتع المؤسسات الدينية في جنوب شرقي آسيا بقدر كبير من المرونة. ولا ينفي استمرار لجوء البعض إلي المؤسسات الدينية في دول المركز، خاصة في المملكة العربية السعودية، طلبًا للإفتاء.

وإذا كان ما سبق يمثل وضع الإسلام في الدول الآسيوية المسلمة في جنوب شرق القارة الآسيوية إلا أنه بالانتقال إلى وسط القارة الآسيوية يتبين وضع آخر أكثر تشددًا حيث ينقسم الإسلام بها إلى ثلاثة أنواع:

 

1-    الإسلام التقليدي الذي يتمثل في الحفاظ على ما تركه الآباء والأجداد ويبرز في إقامة العبادات وأداء الشعائر، وهو النوع الذي تقبله السلطات السياسية بجمهوريات آسيا الوسطى.

2-    الإسلام السياسي الذي يضم عددًا من أنصار الإصلاح والتجديد وينعكس في عديد من الحركات والأحزاب الإسلامية، وهو ما لا تقبله السلطات السياسية بصفة عامة.

3-    جمهور الصحوة الإسلامية وأصحاب الاتجاهات الصوفية وهو ما توافق عليه السلطات بشرط عدم دخوله مجال السياسة.

وعليه تتجه النخب الآسيوية في جمهوريات آسيا الوسطى إلى الموافقة على إسلام الشعائر والعبادات، حيث تعتبره جزءًا من المكونات التاريخية والثقافية. فقد جرى –على سبيل المثال- تحويل المؤسسات الدينية في كل من تركمنستان وأوزباكستان إلى تابع لصنع الوحدة الاجتماعية والسياسية وخدمة توجهها السياسي لكي تكون الممثل الشرعي الوحيد للإسلام الذي يعمل على تحقيق المصالح القومية كما تحددها النخبة السياسية، وهو ما يمثل استمرارية للتقاليد السائدة قبل سقوط الاتحاد السوفيتي(15).

وبالانتقال مرة أخرى لمعرفة الصورة العامة للإسلام في الدول الآسيوية غير المسلمة تبرز حقائق عدة أبرزها حقيقتان أساسيتان:

الحقيقة الأولى: إعلان سلطنة بروناي الواقعة في جنوب شرق آسيا الشريعة الإسلامية كشريعة أساسية للدولة.

الحقيقة الثانية: تتمثل في جانبين: الجانب الأول: وجود مواجهات عنيفة بين المسلمين (كأقلية) وأغلبية السكان في عدد من الدول منها الصين والفلبين وميانمار التي على الرغم من انتماء أغلبية السكان بها بنسبة تصل إلى 90% إلى البوذية، وانتماء 5% فقط إلى الإسلام فإن هناك تخوفًا من مجرد وجودهم في الدولة حيث يحرمون من حق التصويت علاوة على كونهم عديمي الجنسية، ويتم اضطهادهم بالقتل والتعذيب وإجبارهم على مغادرة البلاد، كل هذا في إطار التخوف من محاولتهم تدمير المجتمع البوذي ونشر الإسلام في الدولة.

بلغ عدد المسلمين عام 2013 في آسيا نحو 600 مليون مسلم من مجموع 1,57 مليار مسلم في العالم وذلك بنسبة 23 % وهم في زيادة مستمرة رغم المحاولات المستمرة لإخراجهم من العقيدة

الجانب الثاني: وجود مواجهات عنيفة بين المسلمين (كأكثرية) والنظام الحاكم وهو ما يتضح في بنجلاديش حيث اشتعلت هذه المواجهات عقب أن ألغيت المواد الدستورية المعبرة عن إسلامية الدولة وتحولت الدولة إلى العلمانية كما أسلفت الدراسة، إذ لم يجد النظام الحاكم إلا العنف كأداة لإخضاع المجتمع البنغالي للعلمانية، فاعتقل أمير الجماعة الإسلامية ونائبه والأمين العام للجامعة بتهمة الإرهاب وتم وضعهم في السجون، هذا بالإضافة للاعتقال الذي تم لعديد من كوادر الجماعة الإسلامية في محاولة للتضييق على الأحزاب والمؤسسات الإسلامية الخيرية والتعليمية والأسماء البارزة. كما تم وفي السياق ذاته وقف التعليم الإسلامي وفرض مناهج غير إسلامية في المعاهد الدينية الأهلية(16).

الناحية الثانية: موضع قوى الإسلام السياسي في دول آسيا المسلمة:

الوقوف على خبرة الإسلام السياسي في دول جنوب شرق آسيا يشير إلى وجود قوى عدة اختلفت المعايير الموضوعية التي اعتمد عليها المحللون في تحديد المسار الذي يتم وفقًا له التمييز الموضوعي بين حركات الإسلام السياسي، فالبعض اعتمد علي البنية الفكرية، والبعض الآخر جعل البنية التنظيمية هي الأساس، والبعض الثالث جمع بين الاثنين، وهو الفريق الأفضل، فإن كان الحزب يمتلك رؤية فكرية وتنظيمية معينة يعمل وفقًا لها فإنه يسهل الحكم عليه وبالتالي وفي إطار الإشارة إلى قوى الإسلام السياسي في الخبرة الآسيوية يميز المحللون ما بين اتجاهين:

الاتجاه الأول: هو الاتجاه المعتدل الذي يجعل التغيير السلمي هدفه الأساسي وذلك ضمن النظام الشرعي القائم، وعليه فإنه يوافق على المشاركة في العملية السياسية.

الاتجاه الثاني: هو الاتجاه المتشدد الذي يجعل التغيير بالعنف هو الأساس حيث لا يقر بشرعية النظام القائم ولا يقبل المشاركة السياسية بالتالي.

ويمكن فيما يلي إعطاء نبذة توضيحية لكلا الاتجاهين:

الاتجاه الأول: الاتجاه المعتدل

يتمثل هذا الاتجاه في اتخاذ الإسلام من خلال مصدريه (القرآن والسنة) مرجعية أساسية تنطلق منها الشرعية وتستمد منها الأفكار في إطار الرغبة في التغيير الايجابي للمجتمع بما يتفق اتفاقا مرنًا مع شريعة الإسلام وذلك وفقًا لتفسيراتهم، وهو الاتجاه الذي انعكس في موافقة عديد من الحركات والأحزاب الإسلامية، على أن يكون الإسلام أحد العوامل الأساسية المكونة للثقافة السياسية، وبالتالي يكون أحد الأديان الأساسية السائدة بالدولة إلى جانب الأديان الأخرى وهو الاتجاه الذي غالبًا ما يبرز في الدول المسلمة ويطلق عليه الاتجاه المعتدل، إلا أنه وعلى الرغم من تسميته كذلك فإنه ينقسم في داخله ما بين مسارات فكرية عده بعضها يتمسك بالأصول فقط، والآخر يمزج الأصول بالتراث وبرؤى عصرية تختلف درجتها من اتجاه لآخر ومن دولة لأخرى.

ولا يمثل المجتمع الإسلامي الذي يرغب أصحاب هذا الاتجاه الوصول إليه غاية نهائية يلتقون عندها، حيث يختلفون بين من يؤازره من منطلق قناعته بضرورة وجوده ومن ينخرط في العملية السياسية لأهداف معينة يسعي لتحقيقها قد تكون مقدمة ليتحول للاتجاه الآخر المتشدد، إلا أنه على الرغم من عدد من الاختلافات الفكرية بين أصحاب هذا الاتجاه الأول فإن القاسم المشترك الأعظم بينهم يتمثل في المشاركة في السلطة وبالتالي في العملية السياسية كما أشارت الدراسة.

وتنتمي أغلب قيادات وكوادر هذا الاتجاه إلى الطبقة الوسطى، ويغلب على عدد منهم أكمال دراساتهم في عدد من الجامعات الغربية والأمريكية الأمر الذي أمكنهم من التفاعل مع عدد من منطلقات الحضارة الغربية وأبرزها التداول السلمي للسلطة. كما يغلب المناخ الديمقراطي على عمل أصحاب هذا الاتجاه حيث يبتعدون عن النظرة الإقصائية للآخر (المشارك معهم في العملية السياسية).

ومن أهم الأمثلة علي الحركات والأحزاب التي تنتمي لهذا الاتجاه الأول عدد من الأحزاب السياسية الموجودة في كل من إندونيسيا وماليزيا. ففي إندونيسيا يوجد حزب اليقظة الوطنية، وحزب الوحدة الإسلامية التقدمي، وحزب النجمة والهلال، فضلًا عن عدد من الحركات الطلابية الإسلامية أمثال اتحاد الطلبة الإسلامي، والتجمع الإسلامي للطلبة(17).

على الرغم من تسمية هذا الاتجاه بالمعتدل فإن أصحابه ينقسمون ما بين مسارات فكرية عدة فبعضهم يتمسك بالأصول والآخر يمزج الأصول برؤى عصرية تختلف في درجاتها من اتجاه لآخر ومن دولة إلى أخرى.

وعامة يجمع أصحاب الإسلام المعتدل في جنوب شرق آسيا حرص هؤلاء على الحفاظ على ثقافاتهم الإسلامية الخاصة في إطار الحفاظ على ثقافاتهم الآسيوية. فبرغم النظر إلى إسلام الشرق الأوسط باعتباره المركز، فإن القيادات السياسية الآسيوية حرصت على تشكيل رؤيتها الآسيوية للإسلام بمعزل عن المركز. والمثال الأبرز هنا هو موقف عبد الرحمن وحيد، رئيس إندونيسيا ورئيس جماعة نهضة العلماء الأسبق، الذي طرح مفهوم دمج الإسلام الإندونيسي في البيئة المحلية، وهو مفهوم يعكس النظرة إلى الإسلام باعتباره أحد عناصر البيئة والثقافة المحلية أكثر منه عاملًا فوقيًا محددًا لتلك الثقافة. وتأتي أهمية هذا الموقف من جانب عبد الرحمن وحيد من أنه واحد من أولئك الذين تلقوا تعليمهم الديني في الشرق الأوسط. غير أنه تجدر ملاحظة أن تلقي التعليم الديني في الشرق الأوسط لم يطور التوجهات ذاتها لدى جميع الآسيويين الذين تلقوا تعليمهم الديني في أي من دول الشرق الأوسط، فقد أدى هذا التعليم في بعض الحالات إلى تطوير اتجاهات معاكسة.

الاتجاه الثاني: الاتجاه المتشدد

كشفت مرحلة ما بعد سبتمبر 2001 عن تصاعد ظاهرة الأصولية الإسلامية في منطقة جنوب شرقي آسيا، وقد أكدت العديد من الدراسات والتحليلات، بالإضافة إلي كثير من التقارير الرسمية على وجود علاقات تنظيمية محددة بين كثير من الحركات الإسلامية الآسيوية المتشددة وتنظيم القاعدة. إلا أنه رغم أهمية نتائج تلك التحليلات والتقارير، فإن فهم موقع ظاهرة الحركات الإسلامية الجهادية الآسيوية العنيفة بالنسبة للإسلام الآسيوي بشكل عام، تقتضي ضرورة فهم تلك الظاهرة في إطار عاملين أساسيين:

العامل الأول: هو حجم هذا النمط من الأصولية بالمقارنة بالتنظيمات والجماعات الإسلامية الآسيوية، بشكل عام، والتي تقع في معظمها داخل الإطار الرسمي بما في ذلك الأحزاب السياسية التي يطالب بعضها بتأسيس دولة إسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية أو جماعات الإسلام السياسي ذات الطابع الاجتماعي (جماعتا نهضة العلماء والمحمدية في إندونيسيا). وتكشف تلك المقارنة عن تواضع حجم النمط الأول من الأصولية. ولا يقتصر هذا التواضع على عدد هذه التنظيمات فقط، ولكنه يشمل أيضا حجم تلك التنظيمات، وعلى سبيل المثال بينما يقدر حجم جماعتي نهضة العلماء والمحمدية بنحو (70) مليون عضو لا يتعدى حجم عضوية الجماعة الإسلامية في منطقة جنوب شرقي آسيا (300) عضو فقط وفقا للتقديرات المتاحة(18).

تميزت وظيفة الإفتاء في المجتمعات الآسيوية بالتأكيد على أهمية السياق المحلي للفتوى، وإحياء مبدأ الاجتهاد، واستخدام اللغات الآسيوية المحلية، بهدف تحقيق أكبر قدر من الانتشار

العامل الثاني: وهو الأهم، يتعلق بأسباب نشأة تلك الأصولية، فبرغم تعدد تلك الأسباب فإن هناك ملاحظتين مهمتين. الأولى هي غلبة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والعرقية في نشأة تلك الأصولية، حيث جاء الإسلام ليشكل في كثير من الحالات الوعاء العام لتلك الأسباب. أما الملاحظة الثانية فهي ارتباط نشأة تلك الأصولية بنظيرتها الشرق أوسطية، بحيث لا يمكن فهم تطور الأصولية الآسيوية بمعزل عن عملية التفاعل بين جنوب شرقي والشرق الأوسط. وفيما يلي توضح الدراسة هاتين الملاحظتين:

الملاحظة الأولى: غلبة العوامل الاقتصادية والاجتماعية في نشأة الإسلام الراديكالي.

لا يمكن فهم تطور ظاهرة الأصولية الإسلامية العنيفة في جنوب شرق آسيا بمعزل عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي سادت مناطق تركز الأقليات والمجتمعات الإسلامية في تلك المنطقة، وينطبق ذلك بشكل خاص على الحركات الأصولية الجهادية التحررية أو الانفصالية التي تسعى إلى تأسيس دولة إسلامية مستقلة على إقليم معين داخل الدولة (حركة أبو سياف، جبهة تحرير مورو الإسلامية في جنوب الفلبين)، بينما تظل الحركات الأصولية التي تسعى إلى إعادة هيكلة نظام الحكم من خلال تطبيق الشريعة الإسلامية وإقامة دولة إسلامية محدودة بالمقارنة بالحركات الجهادية الانفصالية. وبمعنى آخر، فإن الصراع بين تلك الحركات والنظم السياسية الآسيوية قد بدأ كصراع اقتصادي- اجتماعي في الأساس وليس صراعا دينيا عقيديا، وإن كان قد أخذ بعدا دينيا في مرحلة لاحقة، ولكن يبقى المدخل الاقتصادي- الاجتماعي هو المدخل الأهم لتسوية هذا الصراع.

والمثال الأبرز هنا هو حالة جماعة أبو سياف وجبهة تحرير مورو الإسلامية في الفلبين. وتذهب بعض التحليلات إلى أن تاريخ الأقلية الإسلامية في جنوب الفلبين هو تجسيد لصراع الأقلية العرقية لسكان هذا الإقليم مع الأغلبية المسيحية الكاثوليكية بسبب أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية المتردية، ولم يدخل الإسلام كعامل رئيسي في هذا الصراع إلا في مرحلة تالية كوعاء رابط لسكان هذا الإقليم. وجاءت حركة أبو سياف- كإطار تنظيمي- تجسيدا للأيديولوجية القومية والدينية والنزعة الانفصالية لسكان الإقليم.

ومما سبق يمكن القول إن هذا الاتجاه المتشدد ينطلق من قناعة أساسية وهي أن الإسلام ولا دين آخر غيره يجب أن يكون هو المحدد للدولة. ومن هذا المنطلق ينادي أصحاب هذا الاتجاه بإقامة الدولة الإسلامية سواء بالانفصال عن الدولة الأم، أو إعلان الدولة لإسلاميتها بصورة واضحة وخاصة من خلال الدستور.

هذا وإن أطلق على هذا الاتجاه الثاني (اتجاه) هو الآخر إلا أنه اتجاه يصعب وضع كل المنتمين إليه في بوتقة فكرية واحدة وإن كان الحديث عنها يخرج عن أهداف الدراسة إلا أن الأمر لا يمنع من الحديث عن عدد من الخصائص العامة التي تجمع أصحاب هذا الاتجاه وهى:

1-    التمسك الصارم والحرفي بالنصوص المقدسة إذ يعتبرون القرآن والسنة وسيرة السلف الصالح إطارًا مرجعيًا عامًا تستمد منهم رؤيتها وحكمها على الأمور، حيث يتمسكون في هذا الصدد بما يعتبرونه منهج السلف الصالح كأساس لإصلاح الحاضر وبناء المستقبل.

2-    الاعتقاد الراسخ أن تفسيرهم للقرآن والسنة هو التفسير الصحيح الذي يجعلهم يرون الخطأ في كل ما عدا هذا مما يجعل أصحاب هذا الاتجاه يتبنون منهجًا إقصائًيا للآخر المختلف معهم في التفسير.

3-    إن الجهاد باستخدام القوة المسلحة هو الأداة الأساسية ضد (الآخر) المعادي سواء كان من شركاء الوطن أو طرف خارجى، حيث يتبنون منهجًا تكفيريًا للمجتمع القائم باعتباره – وفقًا لتفسيراتهم - مرتدًا عن تعاليم الإسلام، فيعتبرونه مجتمعًا جاهليًا، وما يطبقه من قوانين، وما يتبعه من أنظمة مأخوذة من الغرب "الكافر" وهي شر وبلاء يجب الامتناع عنهما.

4-    أهمية العمل من خلال شبكات سرية وخلايا وتنظيمات فرعية تتجاوز الدولة تتوزع فيها المهام والمسئوليات وفق نسق هرمي تراعى فيه معايير الولاء والكفاءة والخبرة، حيث يجري انتقاء أعضاء هذه التنظيمات وإعدادهم عسكريًا وعقائديًا يحدد نجاحهم فيها مكانهم في التنظيم.

وينتشر أصحاب هذا الاتجاه في جنوب شرق ووسط آسيا. ففي جنوب شرق آسيا توجد الجماعة الإسلامية في إندونيسيا وماليزيا، وجند الجهاد، وجبهة حماة الإسلام، ومجلس المجاهدين وحركة أتشيه الحرة في إندونيسيا، وجماعة أبو سياف في الفلبين، ومنظمة تحرير باتاني المتحدة، والجبهة الوطنية لتحرير باتانى، وحركة مجاهدي باتاني في تايلاند أما في دول آسيا الوسطى والقوقاز فيسود هذا الاتجاه لدي عديد من الأحزاب منها حزب التحرير الإسلامي.

الملاحظة الثانية: العلاقة بين الأصولية الإسلامية الآسيوية العنيفة والأصولية الإسلامية في الشرق الأوسط 

لا يمكن فصل تطور بعض حركات الأصولية الآسيوية العنيفة بمعزل عن تأثير الأصولية الشرق أوسطية. فقد مثلت الأخيرة أحد المصادر الفكرية المهمة لنظيرتها الآسيوية من خلال عدد من الآليات ومحاور التفاعل بين الجانبين، يأتي في مقدمتها تلقي عدد كبير من الآسيويين تعليمهم الديني في مؤسسات دينية عربية، خاصة داخل جامعة الأزهر وبعض الجامعات السعودية. فقد ارتفع عدد الطلاب الآسيويين الدارسين بجامعة الأزهر من 1857 طالبًا في عام 1985/1986 إلى 8361 في عام 1995/1996 ليشكلوا 85.6% من إجمالي الطلاب الوافدين بالجامعة، احتل طلاب جنوب شرق آسيا، خاصة ماليزيا وإندونيسيا، النسبة الأهم من هؤلاء الطلاب. ورغم أنه لا توجد علاقة سببية مباشرة بين واقع التعليم الديني في تلك المؤسسات والأصولية الآسيوية أو الفكر الإسلامي الأصولي بشكل عام، فإنه لا يمكن نفي تلك العلاقة بشكل مطلق(19).

فقد تعلم هؤلاء الطلاب اللغة العربية، الأمر الذي وفر لهم فرصة مهمة للاطلاع على الأدبيات الإسلامية التقليدية التي تشكل الأطر والمصادر الفكرية للأصولية الإسلامية بشكل عام، ومن ثم التحاق هؤلاء الطلاب بالجدل حول الإشكاليات الفكرية والفقهية في دول إسلام المركز، خاصة العلاقة بين الدين والدولة في الإسلام، وشكل الدولة الإسلامية ونظام الحكم الإسلامي، وشروط المجتمع الإسلامي، وفقه التغيير..إلخ، وهو الجدل الذي يصعب الالتحاق به من دون إجادة تامة لتعقيدات وفلسفة اللغة العربية. والواقع أن امتيازات إجادة الآسيويين للغة العربية قد تجاوزت الاطلاع على الأدبيات الفكرية أو الالتحاق بالجدل حول الإشكاليات الفكرية والفقهية في دول المركز، إذ إن إجادة اللغة العربية أضفت على هؤلاء مكانة دينية وأدبية متميزة كجزء من المكانة المقدسة التي تمتعت بها اللغة العربية لدى مسلمي آسيا باعتبارها لغة القرآن الكريم. وفي كثير من الحالات استطاع هؤلاء بفضل تلك المكانة السيطرة على المناصب المهمة داخل الأحزاب الإسلامية المتشددة، خاصة المناصب المتعلقة بالإفتاء.

ولعل ما يؤكد تلك العلاقة التوافقية أيضا أن معظم أعضاء الحركات الإسلامية الآسيوية المتشددة يجيدون اللغة العربية، بالإضافة إلى تأثر الحركات الإسلامية الآسيوية بالأصولية الإسلامية العربية في المجالات الفكرية والتنظيمية والرمزية أيضا. والمثال الأبرز هنا هو حالة الجماعة الإسلامية في جنوب شرقي آسيا، التي استقت بعض الأفكار من الإخوان المسلمين في مصر مثل فكرة الأسرة، والتركيز على أهمية بناء المجتمع المسلم كشرط مسبق لبناء الدولة الإسلامية. كما استقت من الجماعة الإسلامية في مصر الاعتماد على الهيكل التنظيمي الجامد والمحكم، والاعتماد علي العنف كتكتيك رئيسي، ورفض العمل من داخل النظام السياسي أو التعاون مع القوى السياسية الأخرى بما في ذلك ذات التوجهات الإسلامية المعتدلة، فضلا عن اعتمادها علي آلية العمل السري. كما تأثر الشيخ أبو بكر بعاشير (الزعيم الروحي للجماعة واليمني الأصل) بالعديد من الشخصيات الإسلامية في المنطقة مثل الشيخ تقي الدين النبهاني مؤسس حزب التحرير الإسلامي. أضف إلى ذلك استقاء الجماعة الكثير من المظاهر والرموز العربية مثل ارتداء الجلباب والتلقب بالأسماء والألقاب العربية والأكل على الأرض...إلخ. مع ملاحظة أن تفاعل الآسيويين مع الثقافة الإسلامية العربية لم يجر داخل مؤسسات التعليم الديني فقط، حيث تم جزء مهم من هذا التفاعل خارج المجتمعات العربية.

ووفق بعض التحليلات، أدى اندماج الطلاب الآسيويين الذين تلقوا تعليمهم في الشرق الأوسط في الأحزاب الإسلامية إلى اتجاه تلك الأحزاب إلي تبني مواقف أكثر تشددا بشأن قضية الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية، والمثال الأبرز هنا هو حالة الحزب الإسلامي في ماليزيا الذي اتجه مع بداية ثمانينيات القرن الماضي تحت تأثير تزايد تلك العناصر داخل الحزب إلى تبني مواقف أكثر تشددا بشأن إنشاء دولة إسلامية في ماليزيا وتطبيق الشريعة الإسلامية، بدعوى أن الدستور والقوانين القائمة هي قوانين علمانية تم وضعها تحت تأثير القوي الاستعمارية. وكان أبرز هؤلاء عبد الهادي أوانج ونيك عبد العزيز وفاضل نور، الذين تلقوا تعليمهم في الشرق الأوسط. فقد استطاع هذا الجيل من خلال الانتخابات الداخلية للحزب الإطاحة بالحرس القديم وسيطرة مجموعة علماء الدين على الحزب. وتبع ذلك حدوث تحول مهم في هوية الحزب الذي ارتبط تاريخيا بالتركيز على القضايا والأهداف الإثنية- القومية إلى تطوير أجندة إسلامية ترتكز على مفهوم الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة كقضيتين محوريتين.

وهكذا من خلال الاستعراض السابق للاتجاه المعتدل والمتشدد يتبين انطلاق أصحابها لتأكيد تمثيلهما للدين الإسلامي كل وفق رؤيته ومنطلقاته الفكرية وهي الرؤية التي شكلا وفقًا لها آلياتهما في الحركة حيث جعل أصحاب الاتجاه الأول الإصلاح الديني غاية يتم الوصول إليها بالطرق السلمية بينما اعتبر أصحاب الاتجاه الثاني الإصلاح الديني وسيلة لغاية يتم الوصول إليها بطرق عنيفة وهي الأفكار وأدوات الحركة التي شكل النظام السياسي وفقًا لها أساليب تعامله مع كل اتجاه كما سيتضح من القسم التالي من الدراسة.

المراجع

1)       سورة البقرة: 187

2)       عبد اللـه النعيم، الاسلام وعلمانية الدولة، متوافر على الرابط التالي: www.hadatha.4syria.de/2010

3)       نهى عبد اللـه السدمي، "الإسلام السياسي في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا: دراسة مقارنة لبعض الحالات"، رسالة دكتوراه منشورة مقدمة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسة، جامعة القاهرة، 2011، ص 189 -190.

4)       د/ ماجدة صالح، "المسلمون في آسيا: الإسلام والقيم الآسيوية والعولمة والهوية" في أمتي العالم، 2011، ص 290-292، متوافر على الرابط التالي: www.alukah.net/forumsarjwaan.com

5)       محمد محمود محمدين، "دراسة إحصائية عن الأقليات الإسلامية في العالم"، متوافر على الرابط التالي: mostafamas.maktoobblog.com

6)       د/ كمال المنوفي، د/ جابر عوض، الأطلس الماليزي، (القاهرة: برنامج الدراسات الماليزية، 2000)، ص 8.

7)       د/ محمد السيد سليم، د/ رجاء سليم، الأطلس الآسيوي، (القاهرة: مركز الدراسات الآسيوية، 2003)، ص 144.

8)       المرجع السابق، ص 130.

9)       د/ محمد السيد سليم، د/ رجاء سليم، مرجع سابق، ص 36.

10)   انظر المرجع السابق.

11)   انظر المرجع السابق.

12)   رضا عبد الودود، "علمنة دستور بنجلاديش: هل تمهد لمخطط تنصير 20 مليون في 2020"، متوافر على الرابط التالي: almoslim.net/node/159852

13)   Nazry Bahrawi, "Moderate Islam in South Esat Asia and Egypt", East Asia Forum, 28/10/2011, available at: www.eastasiaforum.

14)   د/ ماجدة صالح، مرجع يابق.

15)   ميثم الجنابى، "الفكر الإسلامى السياسي في آسيا الوسطى"، متوافر على الرابط التالي: www.asakina.com, www,elwatannews.com

16)   [1]رضا عبد الودود، مرجع سابق.

17)   سامر عبد اللطيف، "الإسلام السياسي وأثره في التحولات الديمقراطية لجنوب شرق آسيا"، رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة بغداد، 2006، ص

18)   Fred r. Von der mehden, " Radical Islam in southeast Asia and its challenge to U.S. Policy", the James a. Baker  institute for public policy, rice university, October 2005, pp. 37-44.

19)   Jurairat Pattanasataporn, "Religion, nationalism and regional politics in southeast Asia ", The American University in Cairo, School Of Humanities And Social Sciences, April 2012, pp 27-35.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟