المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
دينار عبد الحكيم محمد
دينار عبد الحكيم محمد

جائحة كورونا وإطلاق المبادرات الاستهلاكية

الأربعاء 26/أغسطس/2020 - 04:28 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

 خيم علي العالم أجمع منذ 5 أشهر تقريباً شبح وظلام دامس وقد تمثل ذلك الشبح في فيروس كورونا المستجد, وقد لحقت آثاره الكثير من القطاعات في جميع  الاقتصادات المتقدمة والناشئة علي حد السواء. حيث أودت تلك الصدمة السريعة لهذه الجائحة وتدابير الإغلاق التي اتخذت لاحتوائها إلي هوة كبيرة في الاقتصاد العالمي، وبالتالي انكماش معدلات النمو.

                يتوقع كثير من الخبراء الاقتصاديين أن تؤدي هذه الأزمة إلي تراجع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 4.9%، كما أن تلك الأزمة تهدد بتبديد 12 تريليون دولار خلال عامين.(1) ومن المؤكد أن هذا التراجع سيضر بالأسر الفقيرة والجهات الأكثر فقراً في العالم، ومن المحتمل أن يهدد الجهود المبذولة في الحد من انتشار الفقر، والقضاء علي معدلات البطالة وجهود التنمية.

                ويبدو ضرر هذه الأزمة بشكل كبير في حجم الانكماش والكساد الذي تعرض له العالم جراء هذه الأزمة، والذي يفوق بشكل واضح الكساد الناتج عن الأزمة المالية العالمية عام2009، وتدل المؤشرات الأولية عنالآتي: ستحقق الصين نمواً بمقدار 1%، أما عن الولايات المتحدة الأمريكية فسيبلغ مقدار الانكماش بها 8%، أما ألمانيا ستكون بنسبة أقل، في حين أن فرنسا وايطاليا واسبانيا وبريطانيا ستشهد انكماش برقم مزدوج.(2)

                 لقد تسبب فيروس كورونا في عرقلة عجلة الإنتاج في جميع الدول الصناعية الكبرى ، ونتيجة لذلك اتجهت العديد من الدول المصدرة إلي تعليق عملية التصدير واقتصر الإنتاج علي تلبية الاستهلاك المحلي فقط، خوفاً من تدهور المخزون الاستراتيجي. هذا بالإضافة إلي توقف حركة التجارة العالمية نتيجة لتطبيق الإجراءات الاحترازية وغلق الحدود. وعلي هذا السياق, لم يكن هناك حل أمام الدول المستوردة سوي البحث عن بدائل  للخروج من تلك الأزمة.

                كان الأكثر تأثرا من تلك الأزمة هي الدول النامية، التي تعاني من مشاكل اقتصادية خاصة بالبطالة والعجز في الميزان التجاري، وكذلك فيما يخص التضخم. حيث ضربت تلك الأزمة الكثير من الدول ولكن دراسة الحالة هنا (لمصر).

                ستتناول هذه الورقة البحثية عرض عام لتأثير فيروس كورونا علي العالم، وكذلك عرض لبعض من الدول التي تربطها علاقات تجارية مع مصر، كيف أثر فيروس كورونا علي وضع مصر الاقتصادي؟، ما هي الخطوات الجادة التي تناولتها الدولة لاحتواء آثار تلك الأزمة .

"لما كان للأزمة من آثار سلبية فكان علي الدول أن تتخذ بعض الخطوات الجادة لاحتوائها"

                فقد نري أن بعض الدول التي انتشرت بها الجائحة بشكل كبير، لجأت لإغلاق المصانع أو تشغيلها بشكل جزئي يكفي بالكاد عملية الاستهلاك المحلي، كما أنها تخلت عن تصدير إنتاجها من السلع الصناعية أو الزراعية خوفاً من أن يصبح لديها عجز في توفير الاحتياجات المحلية، وخوفاً من استمرار الأزمة لفترة أطول، وتخوفاً من أن تصبح عملية التصدير وسيلة لانتقال الفيروس عبر الشحنات، كما أنها حذرت من التعامل مع الموردين بشكل مباشر فجعلت التعامل عن بعد باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة.

والنتائج الأولية لتلك الاحتياطات توضح أنها أثرت بشكل كبير علي الدول النامية، وعلي صادراتها ووارداتها مع بقية دول العالم.

                ومثال حي لتلك الدول هي (مصر) حيث تأثرت علاقاتها التجارية مع مصدريها ومورديها جراء تلك الأزمة، وكانت تلك الأزمة بمثابة فتيل وشعلة للحكومة المصرية لاتخاذ بعض القرارات.

"أهم الدول التي تربطها علاقات تجارية مع مصر وتوضيح مسار تلك العلاقات في ظل تأثير فيروس  كورونا."

                كانت الصين مركزاً لانتشار الجائحة والذي تسبب بدوره في خسائر فادحة لإنتاجها وصادراتها باعتبارها أكبر قوة تصديرية في العالم وجزء رئيسي من شبكات الإنتاج العالمية، لذلك كان عليها أن تسعي جاهدة للحد من انتشار الأزمة.

                وحسب تقرير عن الأمم المتحدة "حدث انخفاض في مؤشر المشتريات التصنيعية في الصين بحوالي 20 درجة. ويشير التقرير إلي  أن هذا الانخفاض تسبب في انخفاض الإنتاج بنسبة 2% سنويا".(3) وهذا بدورة سيؤثر علي الدول النامية وذلك لأن الكثير من المواد الخام المستخدمة في الصناعة في الصين يتم استيراده من الدول النامية، وطبقا للتقرير فإن واردات الصين انخفضت بنسبة 4%في الشهور الأولي من عام 2020، وكذلك قد انخفضت صادراتها بحوالي 17.2% خلال الفترة نفسها، مما ساهم بدوره في انخفاض حجم التجارة بين الدول.(4)

                وتحتل الصين مركز الصدارة بين الدول التي المُصدرة مصر، وتتمثل السلع التي تستوردها مصر من الصين في (آلات وأجهزة كهربية- حديد وصلب وفولاذ-جرارات- سيارات ودراجات)، وقد بلغت واردات مصر من الصين من تلك السلع 767784 ألف دولار (بما يمثل حوالي14.4%من حجم واردات مصر) في يناير2020، (5)في حين بلغت واردات مصر من الصين 596754 ألف دولار(بما يمثل  14.2% من واردات مصر) في إبريل من نفس العام.(6)

                واعتماداً علي ما سبق, يتضح أنه قد انخفضت واردات مصر من الصين بحوالي 2.%، وهذا يرجع إلي ما اتخذته الصين من احتياطات وقرارات خاصة في ظل أزمة كورونا.

                أما عن الولايات المتحدة الأمريكية التي تعد من أكبر خمس شركاء تجاريين مع مصر، والتي تتمثل صادرات مصر إليها في (ملابس- سجاد- أغطية وزجاج ومصنوعاته)، وقُدرت ب 129529 ألف دولار(بما يمثل حوالي 5.2% من حجم صادرات مصر) في يناير عام2020.

                أما واردات أمريكا إلي مصر فهي(وقود-زيوت معدنية- وأجهزة ولدائن ومصنوعاتها)، وقُدرت بـ 352033 ألف دولار(بما يمثل 6.6%من حجم واردات مصر) في ينايرعام2020.

                بينما بلغت قيمة  صادرات مصر إليها في 86945 ألف دولار( بما يمثل4.7% من إجمالي صادرات مصر) في إبريل2020، بينما وارداتها إلي مصر فبلغت 342680 ألف دولار(بما يمثل حوالي 8.2% من حجم واردات مصر) في أبريل عام2020.

                وبناء علي البيانات سالفة الذكر نجد أنه قد تراجعت صادرات مصر إلي أمريكا في إبريل من العام الحالي عما كانت عليه في يناير من العام ذاته بمقدار5.%.

                أما عن إيطاليا فكانت حقيبة صادرات مصر إليها كالآتي (أسمدة- ألمونيوم-  زيوت معدنية ومنتجات تقطيرها)، وبلغت صادرات مصر إليها  132308 ألف دولار(بما يمثل حوالي 5.3% من حجم صادرات مصر) عن يناير عام 2020،  بينما بلغت 96096 ألف دولار(يما يمثل5.2% من إجمالي صادرات مصر) في إبريل من نفس العام.

                واعتماداً علي ما سب، انخفضت صادرات مصر في إبريل عما كانت عليه في يناير بنسبة1.%.

                ومن العرض السابق توضح المؤشرات علي المستوي الخارجي (انخفاض نسبة الصادرات لكل من إيطاليا وأمريكا، كما انخفضت نسبة الواردات إلي الصين).

                "لقد تم تقدير معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي لمصر لعام ٢٠٢٠ بحوالي ٣.٨%، ولكنه بعد تلك الأزمة يتوقع أن يتراجع  الناتج المحلي الإجمالي في الفترة( إبريل- يونيو) ٢٠٢٠ بنسبة١.١% مقارنة بنفس الفترة عن عام 2019." (7)

                قطعت تلك الأزمة جهود التنمية والإصلاح للاقتصاد المصري, ويظهر ذلك بشكل جلِي وواضح فيما يخص تأثيرها علي بعض القطاعات، ويتبين ذلك من خلال الجدول المرفق:

جائحة كورونا وإطلاق

ومن ذلك الجدول يتضح تأثير فيروس كورونا، حيث أنه تسبب  في صدمات للكثير من القطاعات الاقتصادية, فنجد القطاع الخدمي وقطاع الفنادق تراجع كلاً منهما بنسبة 42.7%، أما عن قطاع النقل والمنسوجات والخيوط فقد تراجع كلا منهما بمقدار 30%، القطاع المالي وقطاع الأعمال تراجع بنسبة 10%، أما عن قطاع التصنيع  والمعادن والآلات فقد تراجع كلا منهما  بمقدار 20%. وكيفما أحدثت تلك الأزمة صدمات بالسلب أحدثت تأثيراً إيجابياً علي بعض القطاعات كقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

                "وفي خطوة من الحكومة المصرية لتنشيط الإنتاج المحلي, ودعم السوق المصرية, والقضاء علي حالة الركود التي تخللت الاقتصاد المصري جراء أزمة كورونا أطلقت مبادرة تحت عنوان (مايغلاش عليك)."

                واجهت مصر نقصاً في وارداتها من بعض السلع الاستهلاكية المعمرة وغيرها من السلع التي تعتمد علي استيرادها من الخارج, وتوقفت عن التصدير إلي بعض الدول، لذلك أصبحت لديها فائض في السلع غير تامة الصنع  والمواد خام، وكذلك عجز في سلع أخري فكان عليها أن توجد بدائل لتعويض ما ينقص مستهلكيها من احتياجات، فتمثل الحل في إطلاق مبادرة مشتركة فيما بين الحكومة المصرية والبنك المركزي المصري وبنك ناصر الاجتماعي وشركات تمويل المستهلكين, وتم إطلاق تلك المبادرة في 26 يوليو2020.

                ستساعد تلك الخطوة في تشجيع  المصانع علي زيادة الإنتاج وتشغيل خطوط الإنتاج بالطاقة القصوى لها، وذلك بالإضافة إلي زيادة كمية السلع المباعة من خلال المحال التجارية والسلاسل التجارية، والمساهمة في خلق فرص عمل جديدة.

                ومن هذا المنطلق حددت الدولة خصماً بنسبة 10% لحاملي البطاقات التموينية، علي أن تتحمل الخزانة العامة للدولة هذا الخصم الإضافي  الذي بلغ 12 مليار جنية من موازنة العام المالي الحالي 2020_ 2021.

                تستهدف تلك المبادرة جميع فئات المواطنين باختلاف شرائحهم الاجتماعية، كما أنها تتضمن استهلاك السلع المعمرة وغير المعمرة (الأجهزة الكهربائية- الأدوات المنزلية-المنتجات الجلدية-الملابس الجاهزة-مواد البناء- الدهانات-وكذلك الصناعات الحرفية والتكنولوجية)، وسيتم عرض السلع  بأسعار مخفضة للمواطنين الراغبين في الشراء من خلال منافذ مخصصة، لذلك تم إطلاق موقع إليكتروني خاص بتلك المبادرة يضم المشاركين  بعرض منتجاتهم والخصومات المقررة عليها.(8)

                وفي مجملها تعتبر هذه المبادرة هي طوق النجاة بالنسبة للاقتصاد المصري, ومن المتوقع أن تحقق هذه المبادرة الهدف المنشود منها, نظرا لإقبال الكثير من الأفراد علي الشراء من تلك المبادرة، وكذلك كثيرا من الشركات والمصانع علي عرض منتجاتهم .

المراجع:

أولاً- باللغة العربية:

1)           http://arabic.eronews.com  

2)      صندوق النقد الدولي, مراجعات جذرية.

3)      أخبار الأمم المتحدة, تقرير أممي "خسائر تأثيرات كورونا", 4 مارس.

4)           http://aawsat.com, The middle East,7 mars

5)      الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء, النشرة الشهرية لبيانات التجارة الخارجية, يناير2020.

6)      الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء, النشرة الشهرية لبيانات التجارة الخارجية, يناير2020.

7)      الغرفة التجارية بالقاهرة, أخبار الغرفة "مبادرة لتحفيز الاستهلاك وتشجيع المنتج المحلي", 20 يوليو2020.

8)           Ministry of Planning and Economic Development, Impact  of COVID-19 on the Egyptian economy, june2020.(8)

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟