المركز العربي للبحوث والدراسات : دوافع متعددة....لماذا تركز حكومة السوداني على محافحة الفساد؟ (طباعة)
دوافع متعددة....لماذا تركز حكومة السوداني على محافحة الفساد؟
آخر تحديث: الأحد 04/12/2022 12:10 م
مرﭬت زكريا مرﭬت زكريا
دوافع متعددة....لماذا

تحاول حكومة رئيس الوزراء العراقي الجديد محمد شياع السوداني إتخاذ بعض الإجراءات الإيجابية بشأن حل بعض العقبات الهامة التى تعترض عملها، والتى يتمثل أهمها في ملف الفساد؛  حيث أعلنت هيئة مكافحة الفساد العراقية في أواخر نوفمبر 2022 عن صدور أمر استقدام ومنع السفر بحق رئيس جهاز المخابرات العراقية السابق، ضمن سلسلة من تحقيقات الفساد بالبلاد كان أبرزها القضية المعروفة إعلاميًا بـ"سرقة القرن".

فمع توليه منصبه، تعهد رئيس الوزراء العراقي الجديد محمد السوداني باستئصال الفساد، وعدم استباحة أموال العراقيين، مؤكدا: "لن نتوانى أبدا في اتخاذ إجراءات حقيقية لكبح جماح الفساد الذي استشرى بكل وقاحة في مفاصل الدولة ومؤسساتها".

أولاً- تشويه صورة الحكومة السابقة

أعلنت هيئة النزاهة العراقية تشكيل هيئة عليا للتحقيق في قضايا الفساد الإداري، بحيث تعمل تحت إشراف مجلس القضاء الأعلى، وأعلنت الحكومة العراقية تطورا جديدا بسرقة القرن، لافتة إلى أنها ستسترد جزءا من 2.5 مليار دولار تقريبا من الأموال المختلسة من مصلحة الضرائب ضمن مخطط ضخم تشارك فيه شبكة من الشركات والمسؤولين، وسط تعهدات بأن الحكومة تعمل على استعادة كامل المبلغ المسروق.

كما أن الكشف عن هذه الملفات يحمل مسارين إما رغبة الحكومة الجديدة في التطهير أو فضح عناصر الحكومة السابقة من أجل اقتلاعهم من جذورهم وإحلال آخرين واستمرار مسلسل النهب والسرقات، مؤكدين أن الفساد بالعراق تحول من ظاهرة إلى ثقافة عامة.

ثانيًا- بروز مؤشرات الفساد الحكومي

يصنف العراق ضمن الدول الأكثر فسادا بالعالم، حيث تحتل الدولة المرتبة 157 عالميا من إجمالي 180 دولة ضمن مؤشرات مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية العام الماضي 2021. وتكشف الأرقام عن أن البلاد تعاني من مشكلة متفاقمة رغم أن المنظمة لم تحدد أرقاما دقيقة لحجم الفساد في البلاد. ففي في 2014، كشف رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي عن وجود نحو 50 ألف جندي وموظف في وزارة الدفاع يتلقون رواتبهم دون وجود حقيقي لهم بأرض الواقع.

وفي 2015  أكد  وزير النفط آنذاك، عادل عبد المهدي، إن الموازنات العراقية منذ 2003 وحتى العام ذاته بلغت 850 مليار دولار وهي أرقاك كبيرة إلا أن الفساد أهدر نحو 450 مليار دولار، وأشار عبد المهدي إلى أن استغلال المناصب من جانب المسؤولين لمصالح خاصة كلف العراق 25 ملیار دولار، وفي 2021، كشف الرئيس آنذاك برهم صالح أن أموال النفط من 2003 تصل لنحو ألف مليار دولار، لافتا إلى أن تقديرات الأموال المنهوبة تبلغ نحو 150 مليار دولار.

ثالثًا- تكرار تجربة أسلافه

تعتبر ملفات الفساد المليارية، من أكبر التحديات التي تواجه الحكومات العراقية، ومع مرور قرابة عشرين عاما على تراكم صفقات الفساد نتيجة التخادم السياسي بين مروجي الفساد، ومختلف الغرماء السياسيين، بات من الصعب جدا تفكيك هذه الشبكات، التي اختلط عبر نشاطها المال الفاسد بالسلاح المنفلت، بملفات سياسية إقليمية ودولية، وارتباط المليارات المنهوبة بشبكات تجارة المخدرات والاتجار بالبشر وتهريب السلاح في مختلف بؤر النزاع في المنطقة.

فعندما تولى مصطفى الكاظمي رئاسة الوزراء في العراق، طرح مشروعه الواعد بمواجهة شبكات الفساد، واعتبر بعض المراقبين تشكيله لجانا خاصة تتولى التحقيق في هذه الملفات أمرا يبشر بأن هنالك جدية في الأمر، وقد رأى البعض كوة أمل، عندما تم تكليف الفريق أحمد أبو رغيف بتولي التحقيق في ملفات فساد قد تطيح برؤوس كبيرة في العملية السياسية، لكن الأمر حتى الآن لم ينتج عنه مخرجات تشي بأن هنالك جدية في استئصال الفساد المعشش في الدولة العراقية.

وختامًا: يمكن القول أن  تواجه حكومة السوادنى العديد من التحديات التى يتمثل أبرزها في تحقيق انفراجة في الخدمات الأساسية، والابتعاد عن سياسة المحاور في العلاقات الخارجية، فضلاً عن السلاح المنفلت، والفساد، والجريمة المنظمة، التي تهدد فرص تحقيق التنمية المستدامة واستثمار الموارد الاقتصادية والبشرية وثروات العراق، ولاسيما أن أزمة العراق لا ترتبط فقط بالحكومات المتعاقبة بل تكمن في خلل ببنية النظام وكيفية تعاطي الطبقة السياسية مع التحولات في المجتمع ومع الديمقراطية.

وما زال خطر التوتر في الشارع جاثماً، فالصدر لطالما كان قادراً على تعبئة الشارع، على غرار ما حدث خلال الصيف؛ حيث إنه إذا ما شعرت الكتلة الصدرية كجمهور أو كمسار سياسي أنها قد تُعزل بشكل كامل، وأن هناك خطة لتقويض مستقبلها السياسي، فقد نكون أمام رد فعل.