المركز العربي للبحوث والدراسات : تعضيد الجهود: اجتماع الدوحة وسبل دعم تسوية أزمة سد النهضة (طباعة)
تعضيد الجهود: اجتماع الدوحة وسبل دعم تسوية أزمة سد النهضة
آخر تحديث: الخميس 24/06/2021 02:05 م
مصطفى صلاح مصطفى صلاح
تعضيد الجهود: اجتماع

عقد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية في 15 يونيو 2021 اجتماعًا غير عاديًا في قطر، لبحث تطورات قضية سد النهضة، وجاء اللقاء بناء على طلب من مصر  والسودان للحصول على دعم عربي منظم في هذه الأزمة، وذلك بعدما أعلنت كل من ذكر مصر والسودان في بيان مشترك أنهما قد اتفقا على تنسيق الجهود لدفع إثيوبيا على التفاوض بجدية على اتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة في ظل الجمود الذي يعتري المحادثات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي لحل الأزمة.

وضمن السياق ذاته كانت مصر والسودان أكدتا على أهمية تنسيق جهود البلدين على الأصعدة الإقليمية والقارية والدولية لدفع إثيوبيا على التفاوض بجدية وبحسن نية وبإرادة سياسية حقيقية من أجل التوصل لاتفاق شامل وعادل وملزم قانونًا حول ملء وتشغيل سد النهضة، بعد أن وصلت المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي إلى طريق مسدود بسبب التعنت الإثيوبي. وجاء في البيان المشترك أن وزراء الخارجية والري في البلدين اتفقوا خلال محادثات في الخرطوم على تنسيق جهود البلدين على الأصعدة الإقليمية والقارية والدولية لدفع إثيوبيا على التفاوض بجدية وبحسن نية وبإرادة سياسية حقيقية من أجل التوصل لاتفاق شامل وعادل وملزم قانونا حول ملء وتشغيل سد النهضة.

ومن جانب آخر أبدت قطر رغبتها في التوسط بين السودان وإثيوبيا لحل الخلافات بين البلدين بشأن سد النهضة والحدود المشتركة؛ حيث أعلن وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بعد أن التقى نظيرته السودانية، مريم الصادق المهدي، بالخرطوم إن بلاده مستعدة لتقديم العون والمشورة اللازمة لإنجاح الوساطة، مشيرًا الى أن ترؤس الدوحة للدورة الحالية لجامعة الدول العربية سيسهم في دفع الجهود المبذولة لحل الخلافات.

أولاً- دوائر دعم مختلفة

يمكن الإشارة إلى أن مصر كانت قد أعلنت أن مسار المفاوضات الحالية تحت رعاية الاتحاد الإفريقي لم يحدث أي تقدم ملحوظ، بعد أن تصاعدت التوترات منذ تعثر المحادثات التي توسط فيها بين الدول الثلاث في أبريل الماضي، كما عملت كل من القاهرة والخرطوم جددتا سابقًا دعوة المجتمع الدولي من أجل المساعدة في حل نزاعهما المستمر منذ عقد مع إثيوبيا حول السد الإثيوبي، الذي تشيده أديس أبابا على النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل؛ حيث أعلنت إثيوبيا إنها تعتزم الانتهاء من المرحلة الثانية من ملء السد في موسم الفيضان المقبل في يوليو وأغسطس 2021، وهي خطوة يرفضها السودان ومصر قبل التوصل إلى اتفاق ملزم قانونًا.

وفي ضوء التنسيق بين كل من مصر والسودان فقد توافقت رؤى البلدين حول ضرورة التنسيق للتحرك لحماية الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة وفي القارة الأفريقية، وهو ما يتطلب تدخلًا نشطًا من قبل المجتمع الدولي لدرء المخاطر المتصلة باستمرار إثيوبيا في انتهاج سياستها القائمة على السعي لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب والإرادة المنفردة التي تواصل إثيوبيا اتباعها، وتنويع سبل دعم مطالبهما من خلال المساندة العربية من خلال جامعة الدول العربية باعتبارها المركز العربي لتوحيد هذه الجهود.

ومن ثم جاء اجتماع وزراء الخارجية العرب في الدوحة لبحث سبل دعم المطالب المشروعة لكل من مصر والسودان في مواجهة التعنت الإثيوبي، كما يُعد هذا الاجتماع بمثابة تعبير عربي موحد عن بالغ القلق إزاء الآثار والأضرار المحتملة لملء وتشغيل سد النهضة بشكل أحادي وبدون اتفاق ملزم قانونًا ينظم عمل هذا السد الضخم على حقوق السودان ومصر ومصالحهما المائية، وللتأكيد على أهمية تضافر الجهود العربية من أجل الوصول لتسوية لأزمة سد النهضة تراعي مصالح الدول الثلاث وتحقق مصالحها المشتركة.

ثانيًا -  مخرجات عديدة

أعلن أمين عام الجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، إن الدول العربية تدعو مجلس الأمن لمناقشة أزمة سد النهضة، كما أعلن وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، خلال مؤتمر صحفي مع أبو الغيط، إن الجامعة العربية سوف تتخذ إجراءات تدريجية لدعم موقف مصر والسودان في خلافهما مع إثيوبيا بشأن السد، بالإضافة إلى أن بلاده ستقدم أي دعم يطلب منها من الدول الشقيقة، مشددًا على أهمية الزخم العربي في مساندة مصر والسودان.

وتتطلع كافة الشعوب العربية وغيرها للمقررات التي يمكن أن تصدرعن الدورة غير العادية لمجلس الجامعة المشكل من وزراء الخارجية العرب، والتي لا تنعقد إلا لمواجهة موقف أو أزمة تواجه العمل العربي المشترك، وضمن هذا السياق تتعدد السياقات الخاصة بمواجهة السياسة الإثيوبية التصعيدية في هذا الملف من خلال يُمكن لجامعة الدول العربية أن تتخذ جملة من التدابير التنفيذية القسرية ضد إثيوبيا بغرض أن تعود إثيوبيا عن تعنتها و تنصاع لأحكام القانون الدولي و تبرم الإتفاق التنفيذي اللاحق لإتفاقية عام 2015، ومن بين هذه التدابير :

 

أولًا :تخفيض العلاقات الدبلوماسية

ثانيًا :تعليق التصديق علي الاتفاقيات التي وقعتها الدول العربية و الجامعة مع إثيوبيا

ثالثا :تعليق الإستثمارات العربية في إثيوبيا

رابعًا : حظر تصدير الأسلحة و الذخائر والمعدات الحربية إلي إثيوبيا

خامسًا :رفع إثيوبيا من قائمة الدول الاولي بالرعاية و المعاملة التفضيلية في عقود التجارة و الإستثمار

سادسًا :حظر التعامل مع شركات الطيران الإثيوبية

سابعًا: الحظر المؤقت لدخول الرعايا الإثيوبيين للدول العربية

ومن جانب آخر أعلنت أصدرت وزارة الخارجية الإثيوبية، الثلاثاء، بيانا للرد على بيان جامعة الدول العربية بشأن سد النهضة الإثيوبي، وقالت الوزارة الإثيوبية: «منزعجون إزاء بيان جامعة الدول العربية بشأن سد النهضة ونرفض محاولتها فرض إملاءات بشأن ذلك، وكان الأجدر بها تشجيع التوصل لحل مُرض لجميع الأطراف»، حسب زعمها، مؤكدة أن استغلال مياه النيل مسألة وجودية لأديس أبابا ويجب على جامعة الدول العربية أن تعرف ذلك.

وزعم البيان أن محاولات تدويل وتسييس قضية سد النهضة لن تؤدي إلى تعاون إقليمي مستدام لاستغلال وإدارة نهر النيل، وقد جاء هذا البيان بعدما أعلنت الدول العربية أن أن الأمن المائي لكل من مصر والسودان هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، مشددين على رفض أي عمل أو إجراء يمس بحقوقهما في مياه النيل.

ختامًا: يمكن القول أن مصر والسودان تحاول استغلال مختلف المنصات الإقليمية والدولية للتعريف بحقوقهما في مياه نهر النيل في مواجهة التعنت الإثيوبي، وهو الأمر الذي أضاف لهذا الملف الكثير من الأبعاد الإقليمية والدولية الداعمة لهما، وتسببت في توحيد التوجهات حول ضرورة تسوية هذه الأزمة بما يحقق مصالح الدول الثلاث وعدم تجاوز إثيوبيا للحقوق المنصوص عليها في المواثيق والمعاهدات الدولية.

وقد جاء الاجتماع غير العادي للجامعة العربية للتعبير عن المساندة العربية لكل من مصر والسودان في مطالبهما المشروعة وهو ما قد يمثل ورقة ضغط إقليمية كبيرة على إثيوبيا تجاه الحيلولة دون استمرارها في التصعيد وتجاوز مصالح مصر والسودان.

المراجع:

1) سد النهضة: الجامعة العربية قد تتخذ "إجراءات تدريجية" لدعم موقف مصر والسودان في خلافهما مع إثيوبيا، على الرابط: https://www.bbc.com/arabic/middleeast-57486751

2) تعليق إثيوبي جديد عقب بيان الجامعة العربية بشأن سد النهضة (التفاصيل)، على الرابط: https://www.almasryalyoum.com/news/details/2353993

3) قطر عقب اجتماع للجامعة العربية حول سد النهضة: سنقدم أي دعم يطلب من الدول الشقيقة، على الرابط: https://cutt.us/6SS4E