المركز العربي للبحوث والدراسات : المرأة السعودية .. تحولات الدور والمكانة (طباعة)
المرأة السعودية .. تحولات الدور والمكانة
آخر تحديث: الأحد 16/08/2020 10:31 م
حنان الحكمي حنان الحكمي
المرأة السعودية

المسافة بين الحلم والواقع، إرادة سياسية صادقة وضعت نُصب عينيها الارتقاء بشعبها وتحويل تطلعات جميع مكوناته إلى حقيقة ساطعة .. هذا ما يجرى الآن في المملكة العربية السعودية في ظل القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد –حفظهما الله- من أجل الارتقاء بالعنصر البشري وتنميته ليكون مشاركا بفاعلية في عملية النهضة والتحديث التي تسري في جميع شرايين الحياة في بلادنا.

تعيش المرأة السعودية في ظلال «رؤية 2030» تبني وتٌعمر، وتسطر مجدا لوطنها، وتحفر اسمها بأحرف من نور في سجل الخالدات، فهي بنت بيئتها طبعتها بطبائع مميزة وصفات فريدة من نوعها جعلتها متفردة بين شقيقاتها العربيات، فقد اكتسبت من جبالها شموخها وعزتها ومن سهولها البساطة والتواضع ولين الطباع ومن نخلتها العربية العطاء والإيثار ومن سواحلها الممتدة اتساع الرؤية وتفتح الأفق  ومن صحرائها الصبر والأناة والإصرار على الوصول للحلم والغاية فكانت السعوديات بحق شموسا تضيء وتبعث بإحساسها الدافئ الطمأنينة والسكينة في كل من حولها.

عبّدت لها القيادة الرشيدة منذ عشرات السنين الطريق إيمانا بقدراتها وعزيمتها التي لا تلين فشمرت عن ساعد الجد وانخرطت في التعليم تبني ذاتها وتغترف من مناهل المعرفة والثقافة حتى أضحت اليوم في شتى الميادين فاعلا ومساهما تحمل بين راحتيها الخير لأسرتها ومجتمعها وتطمح بالمشاركة في وطنها وتوازن بذكاء منقطع النظير بين الأصالة وتعاليم الإسلام السمحة؛ والأخذ بأدوات المدنية والعلم الحديث .. إنها بحق ذاكرة الوطن ووعاء تاريخه وتراثه.

لم تكن المرأة السعودية حبيسة أحلامها وطموحاتها بل كانت كالنخلة الشامخة مثمرة دائما بالعطاء، كانت الأم والعاملة المعلمة والطبيبة، والدبلوماسية والسفيرة، ورائدة الأعمال بعد أن كانت أحلامها مؤجلة لعقود طويلة.

وأصبحت المرأة السعودية تحمل عناوين التألق والإبداع في كل زمان ومكان بكل اقتدار، فرسمت صورة جميلة في مجالات متعددة، وشكلت نقيضا لكل الإجتهادات التي تتهم المرأة بالعجز عن اللحاق بركب العصر وعجلة التقدم وتجلى ذلك في قدرتها الفائقة على التكيف مع بيئة التعلُم داخل وخارج المملكة واثبات مهاراتها وقدراتها في بيئة العمل مع الحفاظ على أسرتها قوية متماسكة.

وتظل المرأة السعودية مدينة بالفضل والجميل لمؤسس المملكة –رحمه الله-  الذي أفسح لها المجال وعبّد لها الطريق لتحقق ذاتها وطموحاتها عبر دعم غير محدود مع تهيئة البيئة المجتمعية والثقافية والتشريعية لتصل إلى حقوقها كافة بأريحية وتتفرغ هي للمشاركة في البناء والتنمية المستدامة.

وفي عصرنا هذا حظيت المرأة السعودية بعناية ورعاية فائقة وتكريم متميز من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد –حفظهما الله- إذ فتحت أمامها فرص كاملة للتعليم بكل مراحله ومستوياته والعمل في مختلف المجالات والمشاركة في مسيرة البناء الوطني وقد تجسد ذلك على نحو واضح من خلال الرؤية الحضارية «رؤية 2030» التي ترتكز على الثقة الكاملة في قدرات المواطن السعودي من ناحية والعمل على الاستفادة القصوى من الموارد البشرية السعودية من ناحية أخرى.

تؤمن حكومة المملكة العربية السعودية بأن المرأة عنصر مهم من عناصر قوة المجتمع، لذا فهي تتمتع بضمانة راسخة في أنظمة وقوانين المملكة ، وتحرص الدولة على تعزيز مكانة المرأة في كافة المجالات واتخاذ كافة التدابير التي تكفل لها حماية حقوقها.

ويشكل دستور المملكة الإطار العام والأساسى الذي نظم مختلف جوانب الحياة السياسية، والإجتماعية، والإقتصادية. كما كفل النظام في المادة 62 حقوق الإنسان ونص " تحمي الدولة حقوق الإنسان  ، وفق أحكام الشريعة الإسلامية ".

وقد حرصت المملكة العربية السعودية على حماية حقوق أفرادها وتوفير سبل الحياة الكريمة للجنسين بموجب الأنظمة واللوائح الداخلية، والإتفاقيات ، والمعاهدات الإقليمية والدولية. فقد انضمت المملكة للعديد منها والتي تعنى بحقوق الإنسان الموائمة لتوجهات المملكة في تمكين المرأة والنهوض بها، ومن أهم تلك الإتفاقيات انضمام المملكة إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المر أة بموجبالمرسوم الملكي الصادر في عام 2000 م  .

كما أصبحت المملكة طرفا 16 اتفاقية لمنظمة العمل الدولية تعنى بتمكين المرأة ،  العاملة وحفظ حقوقها ومنع التفرقة وتحفيز تساوي الأجور بين الذكور والإناث ،  إن الإنجازات المتحققة والجهود المبذولة ، جاءت نتيجة لبرامج وسياسات تهدف إلى تعزيز وحماية حقوق ،الإنسان بما فيها حقوق المرأة؛ تراعي عددا من المبادئ، يبرز منها: الأولوية، والتدرج، والشمولية وغيرها، وترتكز هذه البرامج ،  والسياسات على أنظمة المملكة، والإتفاقيات الدولية والإقليمية والتعليقات والتوصيات الصادرة عن اللجان المعنية .

إن المرأة السعودية تتمتع بضمانة راسخة في أنظمة وقوانين المملكة المنبثقة من أحكام الشريعة اإلسالمية التي تقوم عليها أنظمة الحكم في الدولة. إلى جانب وجود حزمة من الحقوق التي تم منحها للمرأة ، إن جهود المملكة مستمرة في دعم تطور المجتمع وأفراده بما يكفل تمتعهم بحقوقهم بشكل متساو وعادل، ولا شك بأن دعم تطور المرأة بشكل خاص أحد الأهداف التي تنشدها خطط التنمية، إن دعم تطور المرأة على المستوى الوطني قد اتخذ مسارات متعددة وعبر مستويات مختلفة في العديد من المجالات ، بما يكفل تعزيز تمتعها بحقوقها بشكل عادل مع الرجل في إطار التزامات المملكة العربية السعودية بموجب الإتفاقيات الدولية.

ويمثل إنشاء مجلس الشؤون الإقتصادية والتنمية كجهاز يرتبط بمجلس الوزراء نقلة نوعية لتركيز الجهود الوطنية وتوجيهها نحو تحقيق االهداف التنموية المتعلقة بالمجتمع بشكل عام ومراجعة االستراتيجيات والخطط الاقتصادية والتنموية، ومتابعة تنفيذها والتنسيق بينها.

إن النظام التعليمي في المملكة يقوم بشكل أساسي على المساواة بين الرجل والمرأة في كل جوانبه، سواء ما يتعلق بآليات القبول ، والإلتحاق بالمراحل الدراسية، أو ما يتعلق بالمناهج الدراسية، والإختبارات، أو ما يتعلق بمؤهلات المعلمين والمحاضرين، أو في نوعية المرافق والمعدات الدراسية، بل قد حظيت المرأة باهتمام أكثر في هذا الجانب من قبيل التمييز الإيجابي .

كما حققت المملكة العربية السعودية الكثيرمن الإنجازات خلال  الخمس سنواتّ الماضية لإزالة الحواجز أمام المرأة لدخول سوق العمل من حيث التوظيف وريادة األعمال، تمثلت تلك الإنجازات في تضاعف عدد النساء في سوق العمل ،  وذلك في مجمل القطاعين الخاص والعام. كما شهدت السنوات الأخيرة زيادة في حضور المرأة في العمل الدبلوماسي وتمثيلها المملكة في المحافل الدولية حيث شغلت منصب أمين عام مساعد للأمم المتحدة.

وعينت كرئيسة مجلس إدارة لمجموعة مالية  عالمية إضافة إلى استمرار مشاركتها في انتخابات مجالس إدارات الغرف التجارية والجمعيات العمومية، وقد تم انتخابها كرئيسة مجلس إدارة شركة السوق المالية السعودية "تداول" والذي يعد السوق األكبر في المنطقة. كما شاركت المرأة في الإنتخابات البلدية بالترشح والتصويت لعام 2015.

كما تم تعيينها على مناصب عليا مثل سفيرة بمرتبة وزير ونائب وزير، ومدير جامعة وعملت المرأة السعودية في مجال العمل الحكومي  في شتى القطاعات وبنسب متفاوتة ويمكن ملاحظة أن قطاع التعليم يحظى بأعلى نسبة من موظفات الدولة يليه القطاع الصحي، وتنخفض بشكل كبير نسبة التمثيل في قطاعات مثل القضاء والقطاعات الأمنية والعسكرية.

وقد بدأت الجهات القضائية والأمنية والعسكرية في الإعلان عام 2018 عن وظائف للنساء في النيابة العامة والمديرية العامة للجوازات وغيرها هذا وتقل أعداد السيدات في المراتب العليا أو القيادية في الخدمة المدنية وهذه الفجوة يتم معالجتها ضمن مبادرات 2030 .كما يعتبر العمل التطوعي من المنصات التي انطلقت بالمرأة السعودية إلى آفاق أوسع للمساهمة في تنمية المجتمع والنهوض به، وذلك من خلال برامج وآليات متقدمة تشرف على تنفيذ معظمها نساء متخصصات في المجالات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، وسيدات أعمال.

تشهد المملكة العربية السعودية تحولات اجتماعية واقتصادية كبرى نتيجة لسيرها المتوازن نحو المزيد من الرفاه والإزدهار، ومن ذلك سعيها لتحويل اقتصادها من الإعتماد على النفط إلى اقتصاد قائم على المعرفة وتوظيف الموارد. يدعم هذا التوجه أنظمة تتيح العمل للرجل والمرأة على حد سواء.

            ويرافق ذلك زيادة في الوعي الإجتماعي بقيمة عمل المرأة  فقد أصبحت النساء في شتى مجالات العمل والمناصب العليا والتخصصات العلمية والعملية المتقدمة. ولايزال الطلب في ازدياد لدخول المرأة إلى سوق العمل والإنخراط في وظائف جديدة. وهذا الطلب متأثر بعوامل عديدة، كالرغبة في زيادة دخل العائلة أو الوفاء بالإلتزامات  المادية لأسرة وخاصة في حالة غياب العائل. والنسبة المتزايدة للخريجات من الجامعات والمعاهد من داخل المملكة وخارجها.

وكذلك النظرة الإيجابية لعمل المرأة من مختلف شرائح المجتمع. كما قد لوحظ أن عدد النساء في سوق العمل قد تضاعف في الثماني سنوات الأخيرة وذلك في مجمل القطاعين الخاص والعام. وحرصت المملكة على توفير بيئة عمل مناسبة للمرأة في الأمور المتعلقة بأسرتها والعناية بها وذلك  لإقامةالتوازن بين العمل والأسرة .

وتسعى المملكة العربية السعودية إلى تعزيز صورة الهوية الوطنية للمرأة السعودية في المحافل الداخلية والخارجية و التي تتسق مع رؤية2030 ، التي شكلت أحد أبرز مبادراتها "تعزيز الشخصية الوطنية" والتي يندرج ضمنها مشروع استراتيجية للأسرة، بحيث سيتم التركيز على كل أفراد الأسرة بما فيهم المرأة وتعزيز هويتها الوطنية. كما سيتم التركيز على تنفيذ برامج إعالمية موجه لتغيير الصورة النمطية عن المرأة في المجتمع وبناء صورة ذهنية واقعية تعكس مستوى المشاركة والفعالية للمرأة السعودية في كافة المجالات التنموية. وكذلك مراجعة المناهج التعليمية لضمان جودة التعليم وتعزيز صورة المرأة السعودية.