تركز
الدراسة على القراءة السيميولوجية للعالم بيرث، والتي تفترض أن السيميولوجيا تطبق
أنظمة من العلامات تشكل مجموعة من الشفرات Codes تحتوي على فئات (الأيقونة Icon وهي تمثيل الشيء
نفسه في الواقع – والمؤشر Indexيمثل العلاقة السببية بين
الدال والمدلول - والرمز Symbol العلاقة الاقناعية بين الدال والمدلول)،حيث أوضح ديفيد كرتزر في تفريقه بين
ثلاثة أنواع من الرموز: (رموز ذات معنى مكثف - رموز كثيرة التعبيرات - رموز غامضة
أو ملتبسة)،في حين أضاف أيستن وألموند وفيربا رأيًا آخر حول تقسيم الرموز إلى خاصة
بالمجتمع السياسي، وأخري خاصة بالنظام السياسي وأدواره، وطريقة أدائه، فضلاً عن
المتصلة بالأوضاع والظروف المتغيرة.
فالاتجاهات
الفكرية التي برهنت عليها أيديولوجية وتيرة التطورات التنموية انطوت على عمق
تاريخي متفاوت الاتجاهات عميق الدلالة في مغزاه، ارتبط يقيناً بما ذهبت إليه رؤى
تاريخية للعلاقات المصرية والدور التنموي المصري في القارة الإفريقية، حيث رصدت
المواقع الاقتصادية لمجلتي عينة الدراسة طبيعة العلاقات الدبلوماسية المصرية الإفريقية،
وتمثيل مصر لإفريقيا في المحافل الاقتصادية الدولية والدور التنموي والاستثماري
المتبادل بين مصر وإفريقيا، وانعكاس ذلك على معدلات نمو المشروعات التنموية
والاستثمارية في مصر، جاء هذا التناول ضمن سياقات ذات دلالة رمزية تتحكم في
استراتيجية تناول قضايا التنمية في مصر في المجلتين الاقتصاديتين عينة الدراسة، ضمن
منظور يوضح النسق السيميولوجي.
وتنطوي مشكلة الدراسة على رصد المضامين
الاتصالية للأنساق البصرية في إطار تحليل سيميولوجي موازٍ للنص، لهذا تتشكل مشكلة
الدراسة في تفكيك الرموز الدلالية البصرية حول قضايا التنمية في مصر كواحدة من أهم
الظواهر السياسية علي أجندة صانع القرار المصري، والتي انعكست علي أساليب الممارسة
السياسية في المجلتين الاقتصاديتين عينة الدراسة، متضمنةً العلاقات المصرية
الدبلوماسية والاقتصادية الاستثمارية وتطوير البنية التحية، حيث حرص الرئيس عبد
الفتاح السيسي علي الانخراط المصري الإفريقي وإعادة الدور الريادي المصري في
القارة الإفريقية، من هنا أزداد تأثير وسائل الإعلام علي الصورة المقدمة عن قضايا
التنمية في مصر، والتي تتأثر بالتوجهات السياسية المصرية نحو استراتيجيات
الاستثمار ورصدها إعلامياً، الأمر الذي يدفع لدراسة الصورة المقدمة عن قضايا
التنمية في مصر بالتطبيق على المجلتين الاقتصاديتين إفريقيا بيزنس البريطانية
وجلوبال فاينانس الأمريكية، طبقاً لرؤية المتلقي لفهم المضمون الاتصالي البصري وليس
لرؤية صانع الخطاب، سيما في ظل التحديات التي تواجه عمليات التنمية في مصر، فنقل
الصورة عن التنمية في مصر يشهد تطوراً لا بأس به يعكس ما نادت به مؤسسة الرئاسة من
مشروعات تنموية استثمارية وتم تطبيقها خلال وقت وجيز.
وفي ضوء ذلك، ووفقاً للفرضية
السيميولوجية، تحددت مشكلة الدراسة في أي إطار تقدم المجلتان الاقتصاديتان عينة
الدراسة أنساقاً بصرية لقضايا التنمية في مصر واستيعابهما لمجريات الأحداث، التي
تعكس الدور الريادي التنموي الذي وضعته مؤسسة الرئاسة المصرية في مصر بشكل خاص وإفريقيا
بشكل عام منذ عام 2014 حتي العام 2019؟، وكيف
تفسر صورة قضايا التنمية في مصر في ضوء مؤشرات السياسة التحريرية للمجلتين عينة
الدراسة ؟ وما دلالة هذا التفسير؟
تمتد عينة الدراسة في الفترة من
الثلاثين من يونيو 2014 وهي بداية الفترة الرئاسية الأولي لتولي الرئيس عبد الفتاح
السيسي، وهي فترة بحثية معاصرة تتيح للباحثة الوقوف على طبيعة الصورة السيميولوجية
المقدمة عن قضايا التنمية في مصر، والتي نادت بها مؤسسة الرئاسة حتي الثلاثين من
يونيو من عام 2019،لأنها الفترة التي تمثل المخطط الاستراتيجي التنموي، وطبيعة
المشروعات التنموية الاقتصادية المصرية التي تمت على أرض الواقع، في إطار من
الجولات الدبلوماسية والاتفاقيات الاقتصادية التي وقعتها مصر لتفعيل الاستثمارات
والارتفاع بمستوي البنية التحية على مستوي الشارع المصري.
البعد المجتمعي "عينة اختيار الصور"
جاءت
معايير اختيار موقعي "إفريقيا بيزنس" البريطانية و"جلوبال فاينانس"
الأمريكية لأنهما موقعان يمثلان توجهاً جاداً ورصيناً ذي دلالة لنقل صورة قضايا
التنمية في مصر، صدرت مجلة "إفريقيا بيزنس" African Business في يناير 1982 ومقرها لندن، وهي من المجلات الشهرية التي
تغطي الأحداث الاقتصادية في جميع أنحاء إفريقيا، كما أنها تناقش عبر تقاريرها قطاعات
وصناعات محددة في إفريقيا، واعتباراً من عام 2012 وصل عدد مشتركي المجلة إلى مائة
وأربعين ألف مشترك، وتنشر المجلة باللغتين الإنجليزية والفرنسية، وتنظم المجلة
الحدث السنوي الخاص بجوائز الأعمال الإفريقية بالتعاون مع مجلس أعمال الكومنولث
الذي يعقد في لندن(41).
أما
مجلة "جلوبال فاينانس" Global
Finance
الأمريكية فهي مجلة مالية شهرية تصدر باللغة الإنجليزية ومقرها الرئيس في مانهاتن
بمدينة نيويورك، وصدرت عام 1987، وتضمنت المجلة في موادها العولمة المالية،
واستهدفت المجلة جمهورها الرئيس من رؤساء الشركات والمديرين التنفيذيين والمديرين الماليين
وأمناء الخزانة وغيرهم من المسؤولين الماليين، ويتم توزيع المجلة في 158 دولة حول
العالم، ويصل عدد مشتركيها إلى أكثر من خمسين ألف مشترك، حيث أن لديها مكاتب في نيويورك
ولندن وميلانو وريو دي جانيرو، وتناقش المجلة في موادها تقارير عن قطاع التمويل الدولي،
وتغطي مجالات مثل تمويل الشركات والمشاريع المشتركة وعمليات الاندماج والشراء وأسواق
رأس المال وعلاقات المستثمرين والعملات والمصارف وإدارة المخاطر والحفظ والاستثمار
المباشر وإدارة الأموال.
يساهم
في مجلة
جلوبال فاينانس ميديا
إنك مجموعة
Class Editori Group SpA المساهم الأكبر وهي شركة نشر إيطالية تنتج
صحيفتين ماليتين، ومجلات، وتمتلك وكالات الأنباء، وأجهزة التلفزيون الرقمية، كما تعقد
المجلة العديد من احتفالات توزيع الجوائز على مدار العام تقديراً للمؤسسات والشركات
المالية الفائزة في قطاع المال، حيث تقام أكبر هذه الاحتفالات معاصرة مع الاجتماعات
السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وفي كل عام،
تنشر المجلة قائمة أفضل البنوك في العالم، حيث تصنف Global Finance
وفقاً للتصنيف العالمي اختيارها للفائزين بكونهم ليسوا دائمًا أكبر
البنوك فقط، بل هم الأفضل وهم أولئك الذين يتمتعون بالصفات التي يجب على الشركات أن
تبحث عنها عند اختيار البنك، لأن هذه البنوك لديها أنظمة فعالة لإدارة المخاطر، وجودة
الخدمة وأفضل الممارسات في الشركات.
ونظراً
لأن الدراسة الراهنة تعتمد على المنهج السيميولوجي في تحليل الصور حيث أن عدد
الصور تجاوز مئتى صورة عند البحث بمفردة التنمية في مصر في المجلتين الاقتصاديتين
عينة الدراسة، وصعوبة الدراسة السيميولوجية لكل هذه الصور، لذا لجأت الباحثة إلى
اختيار الصور الملائمة للخروج باستنتاجات معينة طبقاً لعينة عمدية من المجتمع
الأصلي المعني بالبحث، حيث روعي في اختيار هذه الصور أن تكون غنية بالرموز
والدلالات والعلامات والايقونات السيميائية التي تساعد في استخلاص المعاني الكامنة
في الخطاب البصري لقضايا التنمية في مصر.
العلاقات الاقتصادية المصرية - الأمريكية
في إطار ما
اتجهت إليه
البوصلة الرئاسية في الجولات الخارجية التي بدأها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى
العاصمة الأمريكية واشنطن، حيث اللقاء بينه وبين الرئيس دونالد ترامب، والذي يأتي
تلبية للدعوة التي تلقاها الرئيس السيسي من نظيره الأمريكي، فهي دعوة تعكس
إدراك الولايات المتحدة لدور مصر المحوري في تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة
الشرق الأوسط، فضلاً عن كونها الباب الملكي للعلاقات وللسوق الأمريكي لإفريقيا، في
ضوء تولي مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي في دورته السابقة.
فلا تزال القيادة المصرية في عهد
الرئيس عبد الفتاح السيسي تتبني توجهاً جديداً في السياسة الخارجية المصرية، يقوم
على أساس التوازن في علاقات مصر الدولية مع جميع الدول، بحيث تكون علاقات يحكمها
المصالح المتبادلة والمشتركة،
وعدم التدخل في
الشئون الداخلية؛ فدعوة ترامب للسيسي لزيارة الولايات المتحدة تعكس
قناعة الإدارة الأمريكية بجدية التوجهات المصرية للتعاون مع الجانب الأمريكي
لمجابهة التحديات المختلفة خاصة الإرهاب وتنظيماته، وإبراز أهمية التعاون بين
البلدين في تسوية أزمات المنطقة، والرغبة المشتركة لاستثمار الزخم الذي شهدته
العلاقات الثنائية في الآونة الأخيرة، حيث توصف تلك العلاقات بأنها علاقات شراكة
استراتيجية ذات فائدة كبيرة للبلدين وللشعبين المصري والأمريكي، من عدة منطلقات السياسي،
والاقتصادي، والتجاري، والأمني، مما يجعل الجانبان يتطلعان دائماً لدفع هذه
الشراكة نحو آفاق أوسع على أسس من التعاون والاحترام المتبادل، وبما يسهم بفعالية
في تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
فقد انعكست الرؤية المصرية تجاه
العلاقات مع الولايات المتحدة، في تصريحات ولقاءات الرئيس السيسي مع مسئولي الجانب الأمريكي، والتي
ركزت على أن العلاقات المصرية الأمريكية هي علاقات استراتيجية تقوم على ثوابت يحرص
عليها الطرفان، واعتزاز مصر بعلاقات الشراكة مع الولايات المتحدة، ومسيرة التعاون
الممتدة عبر عقود، فضلاً عن الحرص على الارتقاء بتلك العلاقات إلى نطاق أوسع
يتناسب مع المتغيرات الإقليمية والدولية الراهنة وما تفرضه من تحديات ومخاطر.
على الجانب الأخر فزيادة وتيرة
اللقاءات والزيارات المتبادلة بين رئيسي البلدين وكبار المسئولين بهما، تعمل على
زيادة معدلات تنمية العلاقات التجارية والاقتصادية تحقيقاً لرؤية الرئيسين، وحرصهما
على تعزيز ودعم الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن، تحقيقاً لمزيد من
التطور والتنمية في كافة المجالات وعلى كافة المستويات، وقرب استكمال تنفيذ برامج الإصلاح
الاقتصادي، وتتجلى العلاقات المصرية الأمريكية الاستراتيجية علي اعتبار الولايات
المتحدة الأمريكية أكبر شريك اقتصادي لمصر منذ أواخر حقبة السبعينات، وقبل عام تم
توقيع ثمان اتفاقيات للتعاون الاقتصادي بين البلدين بقيمة 121.6 مليون دولار، وذلك
بقطاعات الاستثمار والتعليم والصحة والزراعة والمياه.
فيما تصدرت الولايات المتحدة قائمة
الدول المستثمرة في مصر، حيث بلغ رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر 19.6 مليار دولار
أمريكي في عام 2013، وهو يمثل ثلث الاستثمارات الأمريكية المباشرة في إفريقيا،
وتعتبر أمريكا أيضاً أكبر مستثمر في النفط بمصر، وعلى
صعيد التبادل التجاري، يتبين من معدلات حجم التبادل التجاري بين البلدين، سواء
بشكل ثنائي كالصادرات والواردات أو في شكل متعدد الأطراف كاتفاق الكويز والنظام
المعمم للمزايا الأمريكي، من خلال حجم التبادل التجاري بين مصر والولايات المتحدة
الأمريكية ثمان مليارات دولار، موزعة بين ستة مليارات دولار صادرات أمريكية لمصر،
وملياري دولار صادرات مصرية لأمريكا.
بينما ارتفعت الاستثمارات الأمريكية
في مصر من 19.3 مليار دولار عام 2013 لتصل إلى 21.3 مليار دولار في نهاية عام
2014، فضلاً عن أن الاستثمارات الأمريكية في مصر تمثل نحو 30 % من الاستثمارات
الأمريكية المباشرة في القارة الإفريقية، مما يجعل مصر أكبر مستقبل للاستثمارات
الأمريكية في إفريقيا، ويمثل كل من النفط والمنتجات البترولية أكبر حصة من
الصادرات المصرية للولايات المتحدة، كما تشكل المنتجات الزراعية والآلات الصناعية
أكبر شريحة من الواردات الأمريكية لمصر، حيث تمثل مصر أكبر سوق للصادرات الزراعية
الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويحق لمصر الاستفادة من النظام
المعمم للمزايا الأمريكي (GSP)، الذي يسمح بتصدير بعض المنتجات المصرية
إلى السوق الأمريكي وإعفائها من الجمارك، وتعتبر مصر رابع أكبر دولة في المنطقة
بالنسبة للصادرات الأمريكية لمنطقة الشرق الأوسط.
العلاقات الاقتصادية المصرية - البريطانية
تشكلت العلاقات
الاقتصادية المصرية البريطانية في أنه توجد بين بريطانيا ومصر علاقات متشعبة تمتد بجذورها في أعماق التاريخ
الذي يشهد على طبيعة العلاقات بين البلدين التي ما كانت قائمة على التنافر والحروب
منذ أواخر القرن الـ 19 وحتي منتصف القرن العشرين، ومنذ تلك الفترة باتت العلاقات
بين الدولتين قائمة على تبادل المصالح، لعبت بريطانيا أيضاً دوراً إيجابياً في دعم
المطالب المصرية خلال المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي حول إبرام اتفاقية المشاركة
المصرية الأوروبية.
وتلعب كل من غرفة التجارة المصرية البريطانية ومجلس رجال
الأعمال المصريين البريطانيين دوراً هاماً في دعم وتنمية التجارة والتعاون
الاقتصادي بين رجال الأعمال من البلدين، فحجم التبادل التجاري بين مصر والمملكة
المتحدة بلغ عام 2017 الماضي 2 مليار و491 مليون دولار مقارنة بـ 2 مليار و325
مليون دولار خلال عام 2016 محققًا زيادة قدرها 7%، ومن أهم بنود الصادرات المصرية
للملكة المتحدة شمل الكابلات والزيوت والأسمدة والمنتجات الزراعية والملابس
الجاهزة والكيماويات غير العضوية والمنسوجات والبلاستيك والحديد والصلب والسيراميك
والمنتجات الورقية والأثاث، وأهم بنود الواردات تشمل الأدوية والآلات والمعدات
وبذور البطاطس والصناعات الهندسية.
كما بلغ حجم التبادل التجاري بين
مصر وبريطانيا خلال النصف الأول من عام 2018 مليارا و329 مليون دولار، وبلغ حجم
الاستثمارات البريطانية في مصر حوالى 5.6 مليار دولار في 1450 مشروعًا في مجالات
الصناعة والخدمات والإنشاءات والسياحة والتمويل والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا
المعلومات، وذلك وفقاً لما صرح به جيفرى دونالدسون، المبعوث التجاري البريطاني،
خلال زيارته لمصر.
التحليل الدلالي لصور مجلة "إفريقيا
بيزنس" الاقتصادية الأمريكية
تتطلب قراءة
الرسالة البصرية مستويين وفقاً لمقاربة رولان بارت الخاصة بالتحليل السيميولوجي
للصور، المستوي التعييني لقراءة الصورة بشكل عام، والمستوي التضميني وهو دلالات
الصورة، وهذا طبقاً لمؤشرات اختيار الصور بموقع مجلة "إفريقيا بيزنس"
البريطانية الاقتصادية، جاء على خلفية اهتمام المجلة بقضايا التنمية في مصر بشكل
رئيس، حيث خصصت لهذا أكثر من 214 مادة
صحفية ما بين أخبار وتقارير عن قضايا التنمية في مصر، تنوعت بين صور موضوعية
وشخصية بانوراميه وبذلك استهدفت الباحثة في هذه الدراسة هذه العينة من الصور
التالية التي تمثل عينة الفترة الزمنية المستهدفة من الدراسة:
الصورة
الأولي: