المركز العربي للبحوث والدراسات : تفاءل حذر...تأثير اتفاق الرياض على مستقبل المواجهة مع إيران (طباعة)
تفاءل حذر...تأثير اتفاق الرياض على مستقبل المواجهة مع إيران
آخر تحديث: الأربعاء 06/11/2019 04:36 م
مرﭬت زكريا مرﭬت زكريا
تفاءل حذر...تأثير

لطالما كان التنافس السعودي الإيرانى هو السمة السائدة للأوضاع السياسية في الشرق الأوسط منذ قيام الثورة الإيرانية لعام 1979 على خلفية اتباع طهران لمبدأ تصدير الثورة و رغبتها في تغيير نظم الحكم في منطقة الخليج العربي، و كانت ولا زالت المملكة العربية السعودية من أبرز المعارضين لهذا المبدأ باعتبارها القائد الرئيسي للمذهب السني في المنطقة. في حين تحاول طهران التدخل في شئون دول المنطقة من خلال تمكين أتباع المذهب الشيعي الذي تعتبر نفسها القائد الرئيسي له في العالم من خلال مجموعة من الميليشيات التي انتشرت بكثافة بعد أحداث الربيع العربي لعام 2011 في الكثير من دول الشرق الأوسط وسيما العالم العربي.

وفي هذا السياق، كانت المملكة العربية السعودية بمثابة الراعي الرسمي لاتفاق الرياض الذي تم توقيعه في 5 نوفمبر لعام 2019 بين الحكومة الشرعية و المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن في مواجهة جماعة الحوثي وبغرض الحد من النفوذ الإيراني المزعزع للاستقرار في المنطقة. و سنعرض فيما يلي لمدى مساهمة اتفاق الرياض في تعزيز الوحدة اليمنية، والترحيب الدولي بالاتفاق كخطوة حاسمة في مواجهة التهديدات الإيرانية بالمنطقة، فضلاً عن ردود الفعل الإيرانية.

أولاً- اتفاق الرياض و تعزيز الوحدة اليمنية

من المتوقع أن يساعد اتفاق الرياض في انهاء الانقسام الداخلي في الجنوب اليمني بين الحكومة الشرعية و المجلس الانتقالي الجنوبي بعد أسابيع طويلة من المفاوضات و المشاورات بقيادة المملكة العربية السعودية بالتشارك مع الجهود الإماراتية الحثيثة نحو توحيد الجهود لحل الأزمة اليمنية و توحيد الفرقاء لمواجهة جماعة الحوثي المدعومة من إيران.

ومن الجدير بالذكر ، أنه كان ينظر  للصراعات المسلحة في الجبهة المناهضة لجماعة الحوثي بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة الشرعية على أنها انقسام حقيقي بين الشريكين الأساسيين في قيادة التحالف العربي لدعم الشرعية؛ بين السعودية التي تقود التحالف والتي تتبنى رعاية ودعم الحكومة الشرعية، ودولة الإمارات الإمارات العربية المتحدة التي تدعم القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي الموصوف بأنه قوة متمردة على الحكومة الشرعية تسعى لتقسيم اليمن وانفصال جنوبه عن شماله(1).  

وفي هذا السياق، ينص اتفاق الرياض علي اقتسام المناصب الحكومية، الوزارات والهيئات المستقلة، مناصفة بين شمال اليمن وجنوبه على أساس الانتماء المناطقي، كما ينص الاتفاق على تشكيل حكومة مؤلفة من 24 وزيراً، مناصفة ما بين المحافظات الجنوبية والشمالية في اليمن، وتشكيل لجنة مشتركة يشرف عليها التحالف العربي لتنفيذ الاتفاق. ومن اللافت للانتباه، أن اتفاق تقاسم السلطة في حقيقته، يعد اعتراف ضمني بنوع من "الشرعية" للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي لا تزال الأمم المتحدة المشرفة على عملية السلام بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي ترفض مشاركة ممثليه في جميع الاتفاقيات بين الطرفين.

كما يتمثل الأمر الأهم في اتفاق الرياض في تأجيل أي تحركات راهنة للمجلس الانتقالي الجنوبي تهدف لفرض الأمر الواقع باستخدام القوة لانفصال الجنوب على الأقل إلى ما بعد الانتهاء من الحرب على جماعة الحوثي، وهو الهدف الأول من تدخل السعودية التي ترى في الجماعة تهديدا لأمنها واستقرارها، والبنية التحتية للاقتصاد السعودي؛ الأمر الذي اتضح في ضرب جماعة الحوثي لمنشأتا نفط تابعة لشركة ارامكو المملوكة للسعودية، مما أدى إلي انخفاض نصف انتاج المملكة من النفط و بالتالي ارتفاع سعره في السوق العالمي(2).  

ثانياً- رغبة دولية في الحد من النفوذ الإيرانى في المنطقة

أشادت العديد من الجهات الدولية بجهود المملكة العربية السعودية و الإمارات العربية المتحدة في اتفاق الرياض، الذي يهدف إلي توحيد الجهود اليمنية بين الحكومة الشرعية و المجلس الانتقالي الجنوبي في مواجهة جماعة الحوثي المدعومة من إيران، على خلفية الاعمال التخريبية التي تقوم بها في اليمن و تهديد دول المنطقة.

وفي هذا السياق، أكد الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" علي أن أتفاق الرياض يعد بمثابة بادرة أمل جيدة على التوصل لاتفاق نهائي في اليمن، قائلاً" بداية جيدة جدا، أرجوكم اعملوا بجد من أجل تسوية نهائية لأزمة اليمن". ومن الجدير بالذكر، أن الولايات المتحدة الامريكية من أشد المعارضين للنفوذ الإيرانى بشكل عام و الحوثي بشكل خاص في المنطقة، على خلفية تمكين هذه الميليشيات لطهران من تهديد المصالح الأمريكية في المنطقة و سيما النفط، القواعد العسكرية و حلفاءها التقليديين مثل المملكة العربية السعودية(3).

يتوازى ذلك، مع إعلان الجامعة العربية تأييدها و أشادتها بالجهود السعودية و الإماراتية في عقد اتفاق الرياض، معتبرةً أنه خطوة مهمة للحفاظ على كامل التراب اليمني والحيلولة دون انزلاق اليمن نحو مزيد من الانقسام، الأمر الذي تمثل في إشادة رئيس البرلمان العربي الدكتور "مشعل بن فهم السلمي" بهذا الاتفاق شاكراً المملكة العربية السعودية على دورها في الوصول إليه. كما أعرب المبعوث الأممي للأمم المتحدة في اليمن " مارتن جريفيث" عن ثناء الأجهزة الأممية بالاتفاق الذي توصلت إليه المملكة العربية السعودية بين الحكومة الشرعية في اليمن و المجلس الانتقالي الجنوبي، على أساس انه يعد خطوة هامة و حاسمة في سبيل التوصل إلي تسوية سلمية في اليمن(4).

ثالثاً- ردود الفعل الإيرانية

عبرت طهران عن رفضها الصريح لاتفاق الرياض، على خلفية تجاهل جماعة الحوثي و محاولة المملكة العربية السعودية تطويقها في المنطقة من خلال اللجوء لحل الملفات العالقة بينهما بدون مشاركة طهران و السعي إلي الحد من نفوذها في المنطقة. و لكن من الجدير بالذكر، أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لجأت بعد توقيع الاتفاق الى البحث عن سبل الحل السلمى لخلافاتها مع الرياض في المنطقة؛ الأمر الذي تمثل في إعلان  نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجارالله أن الكويت نقلت رسائل إيرانية إلى المملكة العربية السعودية والبحرين، بغرض الدعوة إلي الحوار و الجلوس طاولة المفاوضات.

وأشارت وزارة الخارجية الإيرانية إلي أن اتفاق الرياض لا يساعد على حل الأزمة اليمنية، الأمر الذي اتضح في تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية "سيد عباس موسوي" بأن هذا الاتفاق لا يساعد على حل الأزمة اليمنية، بل يأتي في سياق تعزيز ما أطلق عليه "الاحتلال السعودي" أو لقواته التي تنوب عنه لجنوب اليمن(5). 

ختامًا: من المتوقع أن يكون لاتفاق الرياض تأثير إيجابي على الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة، الأمر الذي ظهرت ثماره الأولي في محاولة طهران استمالة المجتمع الدولي في اعلانها إمكانية التراجع عن تنفيذ الخطوة الرابعة من تقليص طهران لالتزاماتها المتعلقة بالاتفاق النووي إذا التزمت الدول الأوروبية ببنود الاتفاق، ولكن من غير المرجح أن تتراجع طهران عن نفوذها في الشرق الأوسط على المدى القصير.

الهوامش

1-      اتفاق الرياض. هل يمنع تعاظم النفوذ الجنوبي في اليمن؟ الخليج الجديد، 2/11/2019، متاح على الرابط التالي https://thenewkhalij.news/article/169397 .

2-      "اتفاق الرياض": يمهّد الطريق لحل سياسي للأزمة اليمنية وتفاهمات أوسع، الشرق الأوسط، 6/11/2019، متاح على الرابط التالي https://aawsat.com/home/article/1978171/.

3-      ترامب: اتفاق الرياض بداية جيدة لحل نهائي في اليمن، العربية. نت، 5/11/2019، متاح على الرابط https://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/american-elections-2016/2019/11/05/.

4-       إشادات عربية ودولية بدور السعودية في توقيع "اتفاق الرياض"، مصراوى، 5/11/2019، متاح على الرابط التالي https://www.masrawy.com/news/news_publicaffairs/details/2019/11/5/1665453/.

5-      إيران تهاجم اتفاق الرياض: لا يساعد على حل الأزمة اليمنية، 6/11/2019، العربية. نت، متاح على الرابط التالي https://www.alarabiya.net/ar/iran/2019/11/06/.