المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مرﭬت زكريا
مرﭬت زكريا

سياقات محفزة....لماذا ترغب إيران والقوى الدولية في العودة إلى المفاوضات النووية مرة أخرى؟

الإثنين 29/أبريل/2024 - 10:33 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

رغم إعلان الولايات المتحدة الأمريكية عن عدم وجود مفاوضات مباشرة مع إيران بشأن برنامجها النووي، إلا إنه كشفت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية إرنا خلال تقرير لها في 21 إبريل الجاري عن أن كبير المفاوضين النوويين باقري كني يتابع مفاوضات رفع العقوبات عن إيران وأن هناك ترتيبات جارية لاستئناف هذه المفاوضات مرة أخرى. ويكتسب ذلك أهمية كبيرة في ضوء بعض المتغيرات التي استجدت على الساحة الداخلية والإقليمية.

فبالتوازي مع الأزمة الاقتصادية  الاجتماعية الطاحنة التي تمر بها إيران في الوقت الحالي مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية وزيادة معدلات التضخم والبطالة، توجد حالة من التصعيد المباشر غير المسبوقة بين طهران وتل أبيب على خلفية استهداف هذه الأخيرة للقنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من إبريل 2024 وقيام إيران بالرد على ذلك من خلال مهاجمة إسرائيل بمجموعة من الصواريخ والطائرات المسيرة ورد تل أبيب على ذلك باستهداف قاعدة عسكرية بالقرب من المنشآت النووية في أصفان. وبالإضافة إلى ذلك، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على أن إيران باتت على بعد أسابيع قليلة من انتاج قنبلة نووية.

أولاً: الأزمة الاقتصادية  الاجتماعية في إيران

بالنظر إلى العقوبات الاقتصادية التي تم تكثيفها على إيران عقب الخروج من الاتفاق النووي في مايو لعام 2018 في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، باتت الأوضاع الاقتصادية في إيران صعبة للغاية، وزاد عدد الفقراء الجدد (انتقال المواطنين من الطبقة المتوسطة إلى الدنيا) نتيجة ارتفاع أسعار السلع الأساسية وزيادة معدلات البطالة والتضخم. وفي هذا السياق، كشفت صحيفة اعتماد الإصلاحية خلال تقرير لها في 22 إبريل 2024 عن إنه خلال العامين الماضيين تم إضافة ثمانية ملايين فقير إلى عدد الفقراء في إيران.

وأشار التقرير الصادر عن صحيفة اعتماد إلى إنه يعود استمرار الفقر عند مستوى 30% خلال السنوات الأربع الماضية إلى إنه رغم تخصيص الموازنات الحكومية نفقات سنوية لمعالجة الفقر، إلا أن حجم النفقات واستراتيجيتها لا تعوض حجم الفقر في المجتمع. ونتيجة لذلك، فإن سياسات الدعم في الموازنة وحدها غير قادرة على خفض معدل الفقر المتصاعد باستمرار. وعلاوة على ذلك، يبدو أن حكومة إبراهيم رئيسي لم تتعلم الدرس الذى كان يجب أن تدركه عقب وفاة الفتاة الكردية من أصل إيراني مهسا أميني والاحتجاجات اللاحقة لها والتي كادت أن تزعزع استقرار نظام الولي الفقيه في إيران؛ فبموجب قانون العفة والحجاب الذى صدق عليه مجلس صيانة الدستور في منتصف إبريل الجاري، عادت دوريات الإرشاد إلى الشوارع مرة أخرى بعد أن كان تم إلغائها في وقت سابق، مما أدى لعودة التوتر مرة أخرى إلى المجتمع في إيران.

ثانياً: رغبة القوى الدولية في التهدئة بالشرق الأوسط

تنبع رغبة القوى الكبرى والمتمثلة في مجموعة (4+1) والولايات المتحدة الأمريكية في لعودة إلى المفاوضات النووية مرة أخرى، إنطلاقاً من حالة التوتر غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط بالوقت الحالي، ولاسيما بعد اندلاع عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الفائت التي شنتها حركة حماس في مواجهة إسرائيل، والتصعيد الإيراني الإسرائيلي اللاحق على ذلك، عقب هجوم تل أبيب على القنصلية الإيرانية في دمشق ومقتل القائد العام للحرس الثوري في سوريا الجنرال محمد رضا زاهدي.

ولإدراك القوى الكبرى أن جزء كبير من خيوط التهدئة في الشرق الأوسط قد يكون في يد إيران، فالعودة إلى مفاوضات الاتفاق النووي، على أن يتضمن ذلك الدور الذى تقوم به إيران في دعم وكلائها بالشرق الأوسط والضغط على وكيلها المتمثل في حركة حماس للقبول بتسوية مع إسرائيل لاستعادة تل أبيب لرهائنها تعد بمثابة أمر ذو أهمية كبيرة بالنسبة لواشنطن وحلفائها على المستوى الدولي وكذلك بالنسبة لبعض القوى الكبرى الأخرى من الأعضاء في مجموعة (4+1) مثل الصين التي ترتب على الأعمال المزعزعة للاستقرار في البحر الأحمر والتي تقوم بها جماعة الحوثي اليمينة المدعومة إيرانياً خسائر كبير بالنسبة لبكين.

وعلى جانب آخر، قد يكون الأمر مختلف بشكل نسبياً بالنسبة لروسيا التي ترغب في استمرار معدلات التوتر المرتفعة في الشرق الأوسط حتى تنشغل القوى الغربية عن الساحة الأوكرانية وتركز جهودها على دعم إسرائيل وانهاء حالة عدم الاستقرار التي أسفرت عنها تداعيات قد لا تبدو هينة على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط بما يتضمن الهجمات المتكررة على قواعدها العسكرية في المنطقة العربية وتعطيل حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر.

ثالثاً: تطور  القدرات النووية الإيرانية

شرعت إيران منذ الخروج الأمريكي من اتفاقية العمل الشاملة المشتركة في مايو لعام 2018 في التحلل من التزاماتها النووية في خطوة تهدف من خلالها في تكثيف معدل الضغوط المفروضة على القوى الغربية وكذلك حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط مثل إسرائيل ودول الخليج. وفي هذا السياق،  أعرب المدير العام للوكالة الدولية روفائيل غروسي خلال تصريح له في 23 إبريل الجاري عن قلقه من اقتراب إيران من مستوى تخصيب اليورانيوم اللازم لتصنيع القنبلة النووية، قائلاً:  "باتت إيران على بعد أسابيع وليس أشهر من الحصول على ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة نووية. وأضاف غروسي قائلاً:  "أهداف إيران في هذا الصدد ليست واضحة ولا يمكن إلا التكهن بها".

ولوحت إيران خلال الأسابيع القليلة الماضية وبالتوازي مع تصعيدها العسكري مع إسرائيل على أنها يمكن أن تلجأ إلى تغيير عقيدتها النووية، بما يعنى إمكانية التفكير في انتاج سلاح نووي، إذا رأت أن هناك حاجة لذلك. وفي هذا السياق، أكد قائد حرس حماية وأمن المراكز النووية بإيران أحمد طلب على إنه حال أراد إسرائيل اتخاذ إجراء ضد المنشآت النووية الإيرانية، فإنهم سيتعرضون لضربات مماثلة، قائلاً:  " استخدم هذا الكيان التهديد بمهاجمة المراكز النووية الايرانية كأداة للضغط على إيران، فإن من المرجح مراجعة العقيدة والسياسات النووية والعدول عن الاعتبارات المعلنة في السابق"، وهو الأمر الذى آثار مخاوف كثيرة لدى عدد من الفاعلين في المجتمع الدولي.

وفي النهاية: يمكن القول إنه اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي من المقرر انعقادها في نوفمبر القادم، والضغوط غير المسبوقة المفروضة على الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة جوبايدن وخاصة بشأن فرض المزيد من العقوبات على إيران، إلا إنه من المتوقع أن تلجأ هذه الأخيرة إلى استغلال كافة أوراق الضغط المتاحة لديها لتسريع العودة إلى المفاوضات النووية مع ضمان تقديم أقل قدر من التنازلات والحصول على القدر الأكبر من المكاسب ولاسيما في ظل الفترة الحرجة التي تمر بها إيران على الصعيدين الداخلي والخارجي.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟