المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مصطفى صلاح
مصطفى صلاح

العودة مجددًا: الاتفاق الإطاري السوداني ومسارات التسوية

الأحد 18/ديسمبر/2022 - 11:36 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

في 2 ديسمبر 2022 أعلنت قوى الحرية والتغيير في السودان أنه سيتم التوقيع على الاتفاق السياسي الإطاري في 5 ديسمبر 2022، في خطوة ستؤدي إلى تأسيس سلطة مدنية انتقالية تعمل على إنهاء أزمة البلاد، وضم الاتفاق القوى الموقعة على الإعلان السياسي، وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو، وبحضور دولي. والقوى الموقعة على الإعلان السياسي هي: قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية السودانية والحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل والمؤتمر الشعبي، والعمل على جاهزية الأطراف السودانية للشروع في توقيع الاتفاق السياسي الإطاري الذي يؤسس لتأسيس سلطة مدنية انتقالية تتولى أعباء تنفيذ مهام ثورة ديسمبر واستكمال الطريق نحو بلوغ غاياته. وجاء الاجتماع بحضور ممثلين لـ«الآلية الثلاثية» الدولية وسفراء كل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة ودولة الإمارات وبريطانيا، بالإضافة إلى سفراء من دول الاتحاد الأوروبي.

مرحلة جديدة

تصاعدت في السودان خلال الساعات الماضية، التفاعلات السياسية الرافضة والمؤيدة للاتفاق الإطاري الذي تم توقيعه بين المكون العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، وعلى الرغم من ذلك ينهي الاتفاق أزمة سياسية تجاوزت العام، خلفها تولي الجيش السلطة في 25 من أكتوبر 2021 وإعلان حالة الطوارئ وحل الحكومة المدنية واعتقال بعض الوزراء والقيادات السياسية، حيث عاشت البلاد من دون حكومة طوال هذه الفترة، بينما كان الجيش يسير الأمور رغم التدهور الاقتصادي الحاد وعزل السودان عن المؤسسات المالية الدولية. ويمهد «الاتفاق الإطاري» لتشكيل حكومة مدنية جديدة من كفاءات مستقلة تدير الفترة الانتقالية البالغة 24 شهرًا بدءًا من توقيع الاتفاق، وتنتهي بإقامة انتخابات للتحول إلى نظام ديمقراطي برلماني.

كما أنه سيعقب توقيع الاتفاق مباشرة "مرحلة إكمال تفاصيل بعض القضايا بأوسع مشاركة من قوى الثورة وأصحاب المصلحة ليتأسس عليها الدستور الانتقالي، وتنشأ مؤسسات السلطة الانتقالية في فترة لا تتجاوز أسابيع محدودة".

ويضع الاتفاق الإطاري في نصوصه مبادئ عامة للتحول الديمقراطي، وإنشاء سلطة مدنية كاملة في مستوياتها السيادية والتنفيذية والتشريعية، دون أن يكون العسكر جزءا منها، ولن يتطرق الاتفاق لتفاصيل العدالة الانتقالية، وإزالة تمكين نظام الرئيس المعزول عمر البشير وقضايا أخرى لا تزال في طور النقاش، وتركها للاتفاق النهائي المقدر له خلال شهر ديسمبر 2022.

مسارات متعددة

يأتي هذا الاتفاق تمهيدًا لتشكيل سلطة مدنية تقود المرحلة الانتقالية، وصولُا لانتخابات حرة ونزيهة، بعد أن أعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر 2021 عن إجراءات استثنائية، حل بموجبها مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وجرى خلالها إعلان حالة الطوارئ واعتقال مسؤولين وسياسيين وإقالة ولاة (محافظين). ومنذ ذلك اليوم، يشهد السودان احتجاجات شعبية تطالب بعودة الحكم المدني، وترفض الإجراءات الاستثنائية.

وقبل إجراءات البرهان، كان السودان يعيش -منذ 11 أغسطس 2019- مرحلة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، يتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقّعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020. وفي 16 نوفمبر 2022، أعلنت قوى إعلان الحرية والتغيير في السودان، أنها أجازت تصورًا لاتفاق إطاري مع المكون العسكري لإدارة المرحلة الانتقالية.

وعلى الرغم من ذلك هناك حالة من الخلاف الداخلي حول بنود ومخرجات الاتفاق؛ حيث وقع على الاتفاق عدد من الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام مع الحكومة، وأبرزها الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عضو مجلس السيادة مالك عقار، وحركة تحرير السودان المجلس الانتقالي بقيادة عضو مجلس السيادة الهادي إدريس، وتجمع قوى التحرير برئاسة الطاهر حجر، وهو أيضاً عضو بمجلس السيادة.

من جانب آخر، تخلفت عن التوقيع بعض الحركات المسلحة المنضوية تحت اتفاقية جوبا للسلام، أهمها حركة «العدل والمساوة» بزعامة وزير المالية الحالي جبريل ابراهيم، وحركة «تحرير السودان» بقيادة حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي.

وضمن السياق ذاته، أعلن نائب الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة محمد زكريا إن الحركة لم تكن جزءًا من مفاوضات الاتفاق الإطاري، وأن أطرافا مدنية حرصت في مفاوضاتها مع المكون العسكري، على إبعاد حركة العدل والمساواة عن المفاوضات، وهي الحركة التي يشغل بعض أعضائها حقائب وزارية في الجهاز التنفيذي للدولة.

وبهذا يكون أبرز المؤيّدين للاتفاق الإطاري (قوى إعلان الحرية والتغيير - حزب المؤتمر الشعبي (حزب الراحل حسن الترابي) - الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل فصيل محمد الحسن الميرغني - جماعة أنصار السنة المحمدية - الحزب الجمهوري - الحركة الشعبية لتحرير السودان، بقيادة عضو مجلس السيادة مالك عقار - حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي بقيادة عضو مجلس السيادة الهادي إدريس - تجمع قوى التحرير برئاسة الطاهر حجر، وهو أيضاً عضو بمجلس السيادة.

أمّا أبرز الرافضين، فهم: (الكتلة الديمقراطية المكونة أيضاً من حركات مسلحة - الحزب الاتحادي الديمقراطي فصيل جعفر الميرغني - حركة العدل والمساواة - حركة تحرير السودان - تنسيقيات لجان الخرطوم - تحالف نداء أهل السودان، المحسوب على النظام القديم).

في الختام: يمثل الاتفاق مرحلة جديدة للتوافق الداخلي وإن كان هناك بعض الأصوات الرافضة له، إلا أن العمل على تعزيز مخرجاته ضمن إطار عملية التحول الديموقراطي يمكن أن تساهم في خروج السودان من أزمته الحالية خاصة وأن هناك اهتمام إقليمي ودولي لرعاية تنفيذ هذا الاتفاق وهو ما يؤشر على إمكانية إدارة المرحلة الانتقالية بصورة أكثر التزامًا لتسليم السلطة إلى المدنيين.

 

 

 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟