المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

لماذا سيتواصل بايدن مع الصين؟

الأحد 22/نوفمبر/2020 - 12:42 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
مارك إيبيسكوبوس، ترجمة: مصطفى صلاح

لا يوجد ما يشير إلى أن موقف بايدن تجاه الصين ما هو إلا مجرد خدعة انتخابية لتأمين نفسه من الاتهامات الموجهة له بالتعاون مع بكين، وخلال فترة ترشحه للسباق الرئاسي وعد جو بايدن باتخاذ موقف متشدد تجاه الصين.، إلا أن سجل بايدن في السياسة الخارجية إلى جانب الظروف الداخلية المحيطة برئاسته المقبلة يمكن أن يغير من طبيعة هذه التوجهات بصورة كاملة.

ويمكن الإشارة إلى إنه نهاية عام 2019 رفض المرشح الرئاسي آنذاك جو بايدن الفكرة القائلة بأن الصين تشكل أي نوع من التهديد للولايات المتحدة اقتصاديًا أو عسكريًا أو غير ذلك من المجالات، وهو الأمر الذي انعكس على رؤيته للصين بأنها ليست كما تم الترويج لمخاطرها، وضمن السياق ذاته فقد أعلن أن الصين ليسوا منافسين للولايات المتحدة.

تغيرات متلاحقة

           في وقت لاحق نهاية عام 2019 تجاهل بايدن بشكل مختلف وبصورة كاملة آرائه الراسخة عن مجموعة مختلفة تمامًا من نقاط التوافق مع الصين؛ حيث أصبح بايدن يشعر بالخوف المتنامي بشأن التوسع الكبير للقوة الصينية في ظل إدارة ترامب، ومن جهة أخرى يهاجم ترامب حلفاء الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي دفع به إلى إعادة النظر مجددًا في توجهاته ناحية الصين، وذلك الأمر ظهر من خلال وصف الصين دائمًا بالمنافس للولايات المتحدة وذلك قبل الانتخابات.

         كما يؤخذ في الاعتبار أنه في نفس الوقت الذي وصف فيه بايدن الصين بالمنافس، أشار باستمرار   إلى وصف روسيا على أنها خصم، ولم يخف بايدن   نيته في مواجهة ومعاقبة موسكو عبر العديد من الجبهات السياسية بسبب التدخل في الانتخابات الأمريكية إلى الحرب الجارية في أوكرانيا.

وتأسيسًا على ذلك يمكن توضيح المعنى الضمني لاستراتيجية الولايات المتحدة الكبرى تجاه روسيا والصين على أنها تتجه نحو مواجهة روسيا وهيمنتها في الكثير من القضايا والمناطق، وبالتالي اتجاه إدارة بايدن القادمة إلى مواجهة تنامي العلاقات الروسية الصينية، التي وصلت إلى الشراكة الاستراتيجية من خلال السعي لإعادة ضبط محددات العلاقات مع الصين. وهذا المنطق الاستراتيجي الأساسي تعززه القوى الحزبية الأمريكية خاصة أن قادة الحزب الديمقراطي لم تعلن عن رغبتها في استمرار صراع واسع النطاق مع الصين، خاصة وأن هذا النهج التصعيدي أصبح مرتبطًا بشكل متزايد بتوجهات السياسة الخارجية الأمريكية في ظل إدارة دونالد ترامب على مدى السنوات الأربع الماضية. 

الاقتصاد مدخل التأثير

بجانب التوجهات السياسية التي أعلن عنها بايدن، يمكن الإشارة إلى إن  عمالقة التكنولوجيا   والمصالح التجارية  الكبرى  التي  دعمت بشكل كبير  حملة بايدن ستواجه مشكلات كبيرة من أي جهود لفصل الاقتصاد الأمريكي عن الصين أو الاتجاه لشن حرب تجارية ضد  سلوك السوق المناهض للمنافسة في بكين، ولا يقتصر الأمر على قيام العديد من اللاعبين التكنولوجيين الرئيسيين داخل الولايات المتحدة بتشغيل سلاسل التوريد المتكاملة بشكل كبير مع الصين، ولكنهم يستفيدون أيضًا من التدفقات الصينية للعمال الأجانب المهرة، والأهم من ذلك أن بعض هذه الشركات تعتمد بشدة  على الأسواق الاستهلاكية الصينية حتى أن أدنى اضطراب للتجارة الثنائية يمكن أن يساهم في زيادة المخاطر على هذه الشركات.

                ومن خلال هذه الضغوط الاقتصادية الداخلية فقد يميل بايدن إلى تعزيز المزيد من التقارب الاقتصادي الصيني الأمريكي عن طريق تقليص إن لم يكن إلغاء التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب. سواء كان ذلك فيما يتعلق بالمسائل الأمنية أو الاقتصادية، كما أنه نادرًا ما يكون هناك أي حافز سياسي أو استراتيجي لإدارة بايدن للقيام بعمل عسكري ضد الصين.

عقوبات مستمرة

على الرغم من هذه التوجهات الأمريكية المحتمل اتخاذها مع الصين إلا أن هذا لا يعني أن إدارة بايدن لن تفعل شيئًا على الإطلاق تجاه بكين، بل بالأحرى أن هناك العديد المواقف التي ستم اتخاذها ضد الصين حال تهديد المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة والتي أنذر بايدن بمعظمها بالفعل؛ حيث سيكون هناك المزيد من العقوبات السياسية والاقتصادية الموجهة  ضد موظفي الحزب الشيوعي الصيني بسبب انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في منطقة شينجيانغ، وعلى الرغم من أنه من الصعب قياس ما إذا كان للعقوبات  التي تم توقيعها بالفعل من قبل الرئيس ترامب  أي تأثير ملموس على السلوك الصيني أم لا. إلا أنه سيكون هناك تماشيًا مع سياسة الولايات المتحدة طويلة الأمد.

وضمن السياق ذاته سيكون هناك المزيد من الدعوات لإنشاء جبهة عالمية موحدة ضد الممارسات التجارية الصينية غير العادلة، واتخاذ خطوات إضافية لفرض وتنفيذ قوانين  الملكية الفكرية (IP) استجابةً للتقارير  المنتشرة. حول سرقة الملكية الفكرية من قبل الشركات الصينية التي تسيطر عليها الدولة. ومن ثم قد يواصل بايدن بهدوء بعض سياسات التي اتخذتها الولايات المتحدة خلال عهد ترامب على سبيل المثال، تعزيز العلاقات الأمريكية مع الهند   لتحقيق نوع من أنواع التوازن الاستراتيجي ضد التوسع الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وهناك اتجاه آخر يرتكز على فكرة ربط الصين وانخراطها في المؤسسات الدولية متعددة الأطراف وخاصة الاقتصادية منها، وأن هذا التوجه سيؤدي إلى إدماج الصين في النادي الديموقراطي الغربي من خلال التزامها بالمعايير الدولية لهذه المؤسسات، ولكن على العكس من ذلك فقد أثبتت المؤسسات المتعددة الأطراف أنها غير قادرة على التأثير بشكل كبير على السلوك الصيني، كما ثبت مؤخرًا من   خلال استجابة منظمة الصحة العالمية لمواجهة فيروس كورونا المستجد أن بكين هي التي عززت جاذبيتها الاقتصادية لممارسة نفوذها عبر المؤسسات المتعددة الأطراف.    

وفي الختام أجرى دونالد ترامب حملته لعام 2016 على أساس الموقف القائل بأن السياسة التقليدية لواشنطن تجاه بكين قد فشلت، وأن هناك حاجة إلى نهج جديد بشكل أساسي للتحقق من النمو المتسارع للنفوذ الصيني في جميع أنحاء العالم وهو الأمر الذي طرح تساؤل حول ما إذا كان هذا النهج الجديد قد تحقق خلال السنوات الأربع المقبلة أم لا؟، ولكن كان هناك على الأقل مناقشة مفتوحة حول الحاجة لرسم اتجاه جديد في العلاقات الصينية الأمريكية في ظل إدارة بايدن.

Mark Episkopos, Why Biden Will Reach Out to China, November 14, 2020, at:

https://nationalinterest.org/feature/why-biden-will-reach-out-china-172654


إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟