المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
أحمد نبوي
أحمد نبوي

في الإجابة عن سؤال .. هل اِنْتَهَى الإسلام السياسي؟

الأحد 08/مارس/2020 - 12:40 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

مر الإسلام السياسي منذ التأسيس بمراحل صعود وهبوط متكررة، لكن في كل مرة كان التيار يعيدُ تشكيل نفسه بما يضمن له وجودًا في المعادلة التالية، اليوم ومع ثورات الربيع العربي بموجتيها الأولى والثانية، وصعود الإسلام السياسي إلى سدة الحكم في عديد من دول هذا الربيع، ثم فشل مشروعه على نطاق واسع فيما بعد، يظهر إلى السطح السؤال المتكرر مع كل سقوط، حول اندثار التيار من عدمه، ومع السقوط الأخير يُطرح السؤال مجددًا لكن بجدية أكبر هذه المرة.

بين حريق روما وطعنة بروتس .. لماذا هي الضربة الأقوى؟

يرتبط بهذا السؤال سجال مشتعل بين الباحثين حول تحقق الانهيار من عدمه.ففي حين يرى البعض في الخفوت الأخير للإسلام السياسي انهيارًا نهائيًا للتيار يجعلنا نتحدث عما بعد الإسلام السياسي، يرى البعض الأخر في هذا الخفوت، مجرد كبوة فارس، مثلها مثل كثير من الضربات التي تلقاها التيار وفي القلب منه جماعة الإخوان المسلمين خاصة في صراعها إبانالحقبة الناصرية. نجادل في هذا المقال في اتجاه فكرة رئيسية تتحدث عن أن الضربة الأخيرة هي الأقوى للإسلام السياسي لأنها الضربة الأولى التي لا تأتي من خارجه، بل هي ضربة سددها المشروع لنفسه، خذل نفسه، وبين تهافته، لذا فنحن لسنا أمام نيرون يحرق روما، بل بروتس يطعن قيصر.

بين الانهيار والاندثار.. عن جدل تشخيص واقع الإسلاموية

في رأينا سيكون من التسرع الحديث عن اندثار تيار الإسلام السياسي، يمكن أن نؤكد على أن التيار تلقى ضربات قاسمة في السنوات الأخيرة، هي بلا شك الأعنف ضد المشروع وحامليه، لكن أربعة أسباب في رأينا تمنعنا من الحديث عن الاندثار الكامل للتيار:

1-    يمنح تجذر التيار في البنية الثقافية والاجتماعية للمجتمعات العربية، فرصة له للبقاء والمناورة، حتى لو باتت القطاعات التي تحمل أفكاره في جُلها قطاعات شعبوية بالأساس، لم يصل إليها كل ما يقال ويكتب عن نقد المشروع وفشله الفكري قبل السياسي في السنوات الأخيرة، هذه القطاعات تحفظ للتيار أمد أطول للبقاء وتضخ فيه الحياة عشية موته الوشيك.

2-    النقطة الثانية هي أننا نعرفُ من تاريخ التيار أنه يتميز ببرجماتية تجعله يتمكن منتغيير لونه بما يتناسب مع المعادلة الجديدة، ويأتي هذا غالبًا فيما يسمى بالمراجعات، واليوم الحالة المغاربية تشي بهذا الرأي، والمتتبع للحالة الإسلامية في بلدان كتونس والمغرب، يدرك أن الإسلاميون المغاربة في صراع مع الزمن لعمل مراجعات تلائم التغييرات الأخيرة على الساحة المغاربية، ويقود المراجعات في رأينا الغنوشي بداية ومعه لفيف من إسلاميي المغرب العربي كالعثماني في المغرب وغيرهم.

3-    قد يتسرع البعض في النظر لخروج كثير من الشباب من الإسلام السياسي وتياراته على أنه قطيعة نهائية مع التيار وأفكاره، لكن في رأينا يلزم التريث في الحديث عن قطيعة نهائية بين شباب الحركات الإسلامية وبين فكر هذه الحركات، المؤكد أن انشقاقات تنظيمية هائلة حدثت وتحدث، لكن هذا الانشقاق التنظيمي لا يعني بالضرورة انشقاقًا فكريًا أو كُفرًا بالمشروع بقدر ما هو كفر بالتنظيم، وثمة فارق هائل بين الانشقاقين، فالكفر بالتنظيم غير ذي بال لأنه محكوم بحالة انفعال وغضب لحظي من التنظيم وقياداته وتصرفاتها لذا فهو مؤقت، ويرجحُ أن ينتهي في حالة وجد هذا المنشق تنظيمًا أخر يعده بما وعد به التنظيم الأول. إما الانشقاق الثاني فهو الأهم في رأينا، لأنه قطيعة مع المشروع نفسه وليس تنظيماته، فهو قطيعة فكرية تتعلق بنقد بنيوي للأفكار  والمنطلقات التي قام عليها المشروع، وهذا الانشقاق أَخذ عدة مستويات، فالبعض قطع مع المشروع بشكل كامل ومع أفكاره، والبعض الأخر إنما انغمس في إعادة قراءة للمشروع من جديد ليجد مواطن الضعف لتقويتها وإعادة إحياء الفكرة من جديد بما يتواكب مع اللحظة العربية الحالية ومتطلباتها، وجزء كبير من هذه الفئة هو من شباب الإسلاميين، الذين يعيدون قراءة المشروع وتجربة الحكم، مع إيمان قائم بالفكرة وما تحمله.

4-    نقطة أخيرة هنا هي أن كل فشل تسقُط فيه الدولة أو التيارات المختلفة إيديولوجيا مع الإسلام السياسي،يطيل في الحقيقة من عمر الإسلام السياسي ويقوي من حظوظه في البقاء والنمو، وهو جزء من بؤس المعادلة العربية في سنواتها الأخيرة، التي وضعت العربي على الدوام بين المطرقة والسندان، بدلًا من أن تضعه بين مشاريع حقيقية يختار من بينها.

لهذه الأسباب، نعتقدُ في أن الحديث عن اندثار التيار الإسلامي بشكل كامل سيكون نوعًا من التكاسل البحثي، نطرح بديلًا عنه، بحثًا لما يمكن تسميته "الانهيار الكبير: عن أفول الإسلاموية".

بيدهم لا بيد عمرو .. عن فشل الإسلاموية كمشروع

يعتقد بعض المدافعين عن التيار الإسلامي أن السببوراء فشل التجربة الإسلاموية يعود إلى الحرب التي شنتها الدولة العميقة لإفشال التيار وتجربته، لكن في رأينا اُستخدمت هذه الدعوى كحجة كبرى تدرأ عن التيار دعاوى فشل المشروع وتهافته على كافة الأصعدة في تجاربه الأخيرة في الحكم. ففشل التيار في رأينا يأتي من تهافت المشروع نفسه فكريًا، وما يدعم هذا الطرح، أن التيار يعاني حتى في الدول التي تمنحه مساحة كبرى للحركة بلا قيود أمنية أو محاولات إفشال.

ففي المغرب العربي لا توجهات هنالك لإقصاء حركات الإسلام السياسي برمتها أو حظرها بما فيها حركات الإخوان المسلمين نظرًا لليونة هذه الحركات وقدرتها على التأقلم مع المتغيرات والعمل ضمن القواعد الديمقراطية.[1] ومع ذلك تعاني الإسلاموية في هذه البلدان من حالة تآكل كبرى للشعبية، تجعل البعض يتحدث عن نهاية المشروع.

فمشكلة الإسلام السياسي لا تقع خارجه، أي في الدول التي حكمها، بقدر ما تقع بداخله، أي في المشروع الإسلامي بذاته.  فالمشروع بالأساس وكما يرى البعض هو مشروع متهافت، بٌني على أوهام وتصورات يوتوبية، لا تمت للواقع بصلة، إنما هي تراكيب لفظية وشعارات اختلقتها الإسلاموية لحشد التأييد على مدار عقود، و أَنَّ المشروع نفسه به من التناقضات ما يستحيل معها تطبيقه على أرض الواقع، إذ هو في حقيقته مجموعة من الشعارات المطاطة التي لا يتلازم معها برامج تطبيقية يمكن إنزالها على أرض الواقع، ويستشهد هؤلاء بتجربتي الحكم اللّذَيْن قادتهما حركة الإخوان المسلمين في مصر، وحركة النهضة في تونس، إذ  أَنَّ الحركتين قد فشتلا في تحقيق ما أُطلق عليه المشروع الإسلامي من عقود، بل إننا وعلى العكس من ذلك رأينا ارتدادات جوهرية عن هذا المشروع قد تصل حد القطيعة الكاملة مع الإسلام السياسي مستقبلًا.

تحديات الواقع والنظرية

في رأينا يحمل المستقبل للإسلام السياسي تحديات أكثر مما يحمل فرصًا للنهوض، والتحديات هي في رأينا نظرية قبل أن تكون واقعية ينتجها الواقع والسياق، إذ أثبتت السنوات الأخيرة، أن المشروع في بنيته الرئيسة متهافت لدرجة لا تؤهله ليكون مشروعًا للحكم يقدم البديل للدولة العربية المتأزمة، على العكس أظهرت التجربة الإسلاموية أن المشروع الذيحملته حركات الإسلام السياسي، يزيد الواقع مأساة، إذ هو منفصل بقدر كبير عن متطلب الواقع وما يمليه، ويميل في معظمه للشعاراتية والتبجح الخطابي الذي لا تدعمه برامج ومشاريع واضحة للتحديث.

تحديات الواقع

1-       صعود الشعبوية

تعاني التيارات السياسية في العالم العربي اليوم من تفشي ظاهرة الشعبوية، وهي الظاهرة التي انتجها فشل النخب السياسية خاصة الإسلامية في إِحْدَاثأي تغيير حقيقي على أرض الواقع، وهو ما حدا بالجماهير لتكفر بالسياسة والساسة، ولم تَسلم أي من التيارات السياسية من هذه الغضبة الجماهيرية، والتي بدأت في الانكشاف مع عزوف مستمر من الجماهير عن الانتخابات في دول الربيع العربي، وبالتحديد في تونس والمغرب.

     وتحاول الحركات الإسلامية كما يُرصد مجاراة هذه الغضبة الجماهيرية واحتوائها،بالانتقال من الخطاب الهوياتي التقليدي للإسلام السياسي، المرتكِز على سرديات كبرى من شبيه تطبيق الشريعة ومناهضة العلمنة وغيرها، إلى خطاب يطمح أن يكون أكثر تماشيًا مع المنجز الحداثي، وأكثر تعبيرًا عن المطلب الحيوي للشارع.

لكن يشك البعض في قدرة “براغماتية” هذه الحركات على استيعاب المتغيرات السريعة لتطلعات فئة واسعة خاصة من الشباب المهمش والذي يتبنى خيارات شعبوية بدأت تأخذ موطأ قدم في الحياة السياسية المغاربية على حساب انكماش التموقع والدور السياسي للحركات الإسلامية. [2]

2-       الملف الاقتصادي

                تجارب الإسلاميين في الحكم وإدارتهم للملف الاقتصادي، جعلت البعض يشكك في وجود مشروع اقتصادي متمايز لدى الحركات الإسلامية، فمعارضي التيار يرون في فشله الاقتصادي دليلًا على افتقار التيار  للمشروع الاقتصادي الواضح وأن كل ما يملكه هو مجموعة من التوليفات بين رؤى اشتراكية ورأسمالية، مع مسحة إسلامية تضاف هنا وهناك، لا لشيء سوى ذر الرماد في العيون.

لذا فإدارة الملف الاقتصادي سيظل المحك الأهم، لأنه ينعكس بشكل مباشر في صناديق الانتخابات، لذا فنجاح التيار أو فشله سيحدد جزء كبير من مستقبله، وسواء كان لدى التيار مشروع اقتصادي أصيل أو تبنى توليفات ومشاريع اقتصادية أخرى سيظل النجاح من عدمه هو ما يهم الجماهير ويحدد نظرتها للتيار.

تحديات النظرية

1-    العلاقة مع إرث الإخوان المسلمين

      هذا الانعتاق وإن كان يأخذ شكل الخروج من عباءة التنظيم، فإنه يتطور ليكون خروجًا من الفكر، وهو تحدي كبير يواجه الحركات الإسلامية في نماذج عديدة، خاصة تونس وتركيا والمغرب، وحالة الانسلاخ من الإخوان المسلمين، يفسرها البعض بما يشبه القفز من المركب قبل غرقه، وخوف هذه الحركات أن يطالها ما طال الإخوان المسلمين في مصر، في حين يرى البعض أن تحول هذه الحركات هو ضرورة يمليها الوعي القومي المتصاعد لدى شعوبها والذي يرفض تبعية هذه الحركات لتنظيمات متجاوزة للقوميات.

نجاح  الحركات الإسلامية في إحداث القطيعة مع تراث الإخوان المسلمين من عدمه، سيحدد لا محالة تعامل أطراف إقليمية ودولية مع التيار، لكن سيواجه التيار لا محالة معارضة داخلية بين صفوفه التي نشأت وترعرعت على أدبيات الإخوان المسلمين وأفكارهم.

2-    تمكين المجتمع بديلًا عن تمكين الجماعة

واحدة من الخيارات الأساسية التي انتهجتها الحركات الإسلامية في تجاربها في الحكم من قديم، كان خيار الأسلمة للمؤسسات في دولها، كان هذا الخيار الإستراتيجي للإسلاموية الواصلة للحكم، سواء كان الحديث عن طالبان أفغانستان أو إسلاميو السودان أو إخوان مصر أو غيرها من تجارب. نَبع هذا الخيار من تصور أن وجود تابعين لهذه الحركات داخل أجهزة الحكم والإدارة، سيضمن لهم حماية وهيمنة على جهاز الحكم، ومن ثم استخدام هذه المؤسسات ضد الخصوم السياسيين عند الحاجة، كان هذا واضحًا في تجارب عديدة من أهمها تجربة الإخوان المسلمين في مصر، ونجاح أو فشل عملية الأسلمة ليس هو النقطة المحورية في حقيقة الأمر، لَكِن الخيار في ذاته هو الإشكال على الحقيقة.

فلم تدرك هذه الحركات أَنَّ الأسلمة لهذه المؤسسات يصنع منها مادة قابلة للتشكيل وإعادة التشكيل مرة أخرى تبعًا لأيديولوجية النظام الحاكم، فإذا سقط الإسلام السياسي اليوم، وجاء بعده اليسار، أو الليبراليون أو غيرهم، فإننا سنكون أمام استخدام وتلون لأجهزة الدولة في كل مرة.

 أما الدمقرطة فهي الغائبة عن هذه التجارب الإسلامية في الحكم، والدمقرطة تعني هنا التأسيس لمؤسسات حكم تقف على مسافة واحدة من الجميع، ولا تُفرق بين مواطني الدولة على أي أساس غير أساس المواطنة، فلا يعنيها الأيديولوجية السياسية أو الدين أو المذهب أو العرق أو غيره. هذه الدمقرطة غابت عن أُفق الحركات الإسلامية، وتبدلت برغبة عارمة في الهيمنة وبسط النفوذ ومحاولة الحصول على القدر الأكبر من الكعكة -كعكة الوطن -. وهو الخيار الإستراتيجي الذي كان حاسمًا في فشل هذه التجارب وفي تآكل التيار الإسلامي على امتداد التجارب الإسلامية الواصلة للحكم.

ويظل التحدي يطرح نفسه، فبين تمكين المجتمع عن طريق الدمقرطة، أو تمكين الجماعة عن طريق الأسلمة، بين هذين الخيارين يقع التحدي للحركات الإسلامية.

3-    الفَصل بين الدعوي والسياسي

          ظلت الحركات الإسلامية في ربوع العالم العربي والإسلامي، تُصدرُ لعقود خطابًا نصيًا، يُعلي من قيمة النص على الواقع وقراءته، خطاٌب يميل إلى أحاديات جامدة، تفتقر للديناميكيّة. فمع الإسلاموية نحن دائمًا أمام ثنائيات من قبيل الإسلام والحداثة، الأصالة والمعاصرة، الإسلام والعلمانية، الدولة القومية والخلافة، وهكذا. ظلت هذه الثنائيات حائطًا صلبًا يمنع الإسلام السياسي من رؤية الواقع، لَكِنه في المقابل ضمن لهذا التيار موقعًا بين جماهير تميل إلى الحدية التي تريح الذهن من عِبْء التعقيد والتجريد، فـ"الإسلام هو الحل" سيكون شعارًا جيدًا، لأنه ببساطة يُلبي حاجات نفسية سريعة يحتاجها المَرْء في عالم الثابت الوحيد فيه هو التغير بلغة هرقليطس، وإن كان السؤال الأهم سيبقى كيف يتم إنزال هذا الإسلام على الواقع؟ وهو السؤال الذي رغم ما رأى فيه الإسلاميون لعقود مضت من بداهة لا نحتاج معها إلى كثير جُهد، كان هو السؤال نفسه الذي فشلت كل الحركات الإسلامية على طول القُطر العربي في الإجابة عنه، ومعه فشلت تجاربها في الحكم.

                فصلت بعض الحركات الإسلامية كالنهضة التونسية، والعدالة والتنمية المغربي والتركي بين السياسي والدعوي، وهو ما يمكن اعتباره تخفيفًا يسببه الخجل من قول: الفصل بين الديني والسياسي، لأن الحديث عن هذا الفصل هو في الحقيقة حديٌث عن العلمانية كما تصورها الإسلاميون لعقود، وكرسوا لنقدها جُل أدبياتهم.

               وإلى أن يترسخ ما بدأته هذه الحركات من فصل الدعوي عن السياسي، سيظل تحدي تفككها قائمًا، نظرًا للنقد الهائل الذي تتعرض له هذه الحركات، واتهامها بخيانة المبادئ التي قامت عليها الإسلاموية.

4-    البرجماتية التي قد تقُتل

       رغم أن برجماتية الإسلام السياسي تجد لها تفسيرًا عند الباحث الفرنسي أوليفييه روا في كتابه "تجربة الإسلام السياسي"[3] حين يرى أن الصنف الإسلاموي الذي مارس العمل السياسي، وسعى من خلاله لمنصات الحكم المختلفة، اضطر اضطرارًا أن يتلون وينصبغ بصبغات المفاهيم السياسية الحداثية، فتارة ينتحل لغة ومفاهيم ماركسية، وتارة أخرى يتبنى طروحًا رأسمالية اقتصادية، جاهدًا لأن يصبغها بنعوت ومفاهيم إسلامية، بينما هي من منظور علم الاجتماع السياسي المجرد، هي ذاتها الممارسة التي تمارسها تلك القوى الأيديولوجية في بلدان ليست مسلمة أصلا، بل ولا تمت هذه القوى للإسلام بصلة.

رغم ذلك يظل الأخذ بالبرجماتية، ذو تحديات كبيرة، لأن التوغل في البرجماتية، يهدد التيار من الداخل وينذر بتآكله، لأنه يفقده خصائصه المميزة، والتي تضمن له استقطاب أفراد للانضمام إليه، حالة التمييع البرجماتي تُفقد التيار العديد من كوادره، وهو ما نشهده بكثافة مؤخرًا في الحالة المغاربية، وبالتحديد في تونس والمغرب، حيث تتبني النهضة والعدالة والتنمية قدرًا غير محدد أو مؤطر من البرجماتية بُغية الحفاظ على وجودها.

خاتمة

في النهاية سيكون من الصعب رغم كل شئ، التنبؤ بالمسار الذي تأخذه الحالة الإسلاموية، نظرًا لتعقد المشهد العربي الدائم، مضاف إليه تعقد أكبر تحمله الإسلاموية بداخلها، لكن وبشكل عام، فيبدو أن الإسلاموية تواجهها تحديات جسام في الوقت الحالي، تحديات تصل لأقصاها، إذ تهدد وجود الحالة نفسها، وتفاعل الحركات الإسلاموية مع هذه التحديات هو ما سيحدد بشكل كبير مستقبل هذه الحركات، ودورها في مستقبل المنطقة العربية.

قائمة المراجع

1-  تقرير تراجع التأييد الشعبي للإخوان المسلمين والإسلام السياسي في المغرب العربي، قسم أبحاث مركز (MenaCC)، بتاريخ 27 يناير 2020،(https://cutt.us/ZEHv6).

2-     المرجع السابق

3-     "تجربة الإسلام السياسي"، أوليفييه روا، دار الساقي للطباعة والنشر، 1996.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟