المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

الطريق إلى الخلافة .. قوة حركة السلفية الجهادية

الأربعاء 19/يونيو/2019 - 06:59 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
كاثرين زيمرمان- عرض: محمود جمال عبد العال

تُحذر كاثرين زيمرمان (Katherine Zimmerman)في دراستها المُعنونة؛ الطريق إلى الخلافة: قوة الحركة السلفية الجهادية الولايات المتحدة الأمريكية من خطر تمدد وانتشار الفكر الجهادي؛ حيث تعتبر الدراسة أن رغم جهود مكافحة الإرهاب التي قادتها واشنطن وامتدت لأكثر من 18 عامًا في تكوين تحالفات دولية لمحاربة تنظيم القاعدة في أفغانستان، وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وغيرهم إلا أن هذه التنظيمات لا تزال تشكل تهديدًا للمصالح الغربية وغيرها من المصالح المحلية في سوريا والعراق وأفغانستان واليمن ومالي والصومال وغيرهم. وتعتبر "زيمرمان" أنه لا يجب أن تكون أزمة الولايات المتحدة فقط مع التنظيمات والأفراد الجهاديين الذين يستهدفون المصالح الغربية ولكن في التوصل إلى أفكار تضمن هزيمة الأيديولوجية الجهادية نفسها والتي تستهدف المجتمعات المسلمة لاستقطاب عناصر جديدة.

ويتوافق الجهاديون في هدف موحد في فرض رؤيتهم للإسلام بعنف على المسلمين، ثم على غيرهم من أصحاب الديانات والملل الأخرى في النهاية في جميع أنحاء العالم. ولم تُثمر جهود مكافحة الإرهاب التي قادتها واشنطن منذ عام 2001 في القضاء على الظاهرة الجهادية، ولكن وجدناها تتعزز في غرب أفريقيا، واليمن، والعراق، وسوريا، وأفغانستان وصولًا إلى انتهاج أسلوب الذئاب المتفردة التي استهدفت الغرب نفسه. وتعتمد الدراسة على استراتيجية تحليل مكامن الثقل والقوة لدى هذه التنظيمات.

تحليل مركز جاذبية الثقل (Center-of-Gravity)

ظهرت فكرة تطبيق مركز الثقل في مجال علم الفيزياء؛ حيث تم تطبيقها لأول مرة في بيلاروسيا على تصور يحاول الإجابة على تساؤل كيفية الانتصار على الجيوش المشاركة في الحرب لتحقيق الانتصار عليها. وتوصل تحليل النموذج إلى ضرورة اتباع استراتيجية تحليل مكامن قوة وثقل الجاذبية لدى العدو من خلال رصد الخصائص السائدة لكلا المتحاربين بدءً من مركز الثقل، وقوة كلا الحركتين ومن ثم القدرة على اتخاذ إجراءات مناوئة ضد هذه المراكز.

ويرتبط مركز الثقل الاستراتيجي دائمًا بالجهود التي يبذلها الخصم لتحقيق هدفه، ويُطلق عليها "القدرة الحرجة" التي تُمكنه من تحقيق أهدافه. ويُمكن أن يساعد الإطار التحليلي لمركز الثقل في تطوير استراتيجية إضعاف العدو عبر مستويات الحرب المختلفة. وتكمن أهمية مهاجمة المركز الاستراتيجي للعدو في هذا النموذج في التأثير الكبير على العدو وعملياته؛ حيث سيمس ذلك جوهر عملية التخطيط مما يُربك حساباته ويشل تفكيره. وتتكون خطة مركز الثقل الاستراتيجي من مركز الجاذبية الذي يُعد مصدر القوة التي يعتمد عليها العدو، والقدرة الحرجة (Critical Capability) التي تُعد بمثابة العوامل التي تُمكن مركز الثقل من العمل.

انطلاقًا من هذا النموذج، تعتبر "زيمرمان" في تحليلها عن تعاطي الاستراتيجية الأمريكية مع الإرهاب أن المشكلة الكبرى لواشنطن أنها لا تعرف عدوها الحقيقي وقدراته وإمكانياته الكامنة، ولكنها تعرف مجموعة من مظاهر العدو كالأشخاص والجغرافيا التي يظهر فيها وما إلى ذلك. وتستدل في ذلك بتمدده ونجاحه وعدم قدرتها على حسم ولو معركة واحدة ضد التنظيمات الجهادية منذ بدء حربها الشاملة على الإرهاب عام 2001.

نموذج مركز الجاذبية في تحليل السلفية الجهادية

يسعى تحليل مركز الثقل إلى تحديد مواطن القوة والضعف الاستراتيجية لحركة السلفية الجهادية ككل؛ حيث يُركز على الحركة العالمية للسلفية الجهادية وتمدداتها مثل شبكات تنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية بهدف تحديد مراكز الجاذبية ومن ثم تحديد الاستراتيجية المناسبة للتعامل معها. وتبدأ فكرة السلفية الجهادية وفقًا لـ "زيمرمان" من فكرة الطليعة المؤمنة التي دعا "سيد قطب" إلى تكوينها لتطبيق دولة الخلافة من خلال السلاح وليس الأفكار. ووفقًا لقطب؛ فإن هذه الطليعة ستحتاج إلى فصل نفسها عن المجتمع غير المؤمن (الذي نفى عنه الإسلام الحقيقي) وفي النهاية بدء الجهاد لإعادة الإسلام الحقيقي إلى المجتمع.

وتعتبر "زيمرمان" أن مصدرة قوة وجاذبية التنظيمات الجهادية هو العلاقة مع المجتمعات السنية؛ حيث تُمثل علاقة الحركة السلفية الجهادية بالمجتمعات السنية مصدر القوة الذي يُمكّن الطليعة من فرض إرادتها، ورأت أن العلاقة التي تستطيع التنظيمات الجهادية بنائها مع المجتمعات المحلية للمسلمين السنة تُمثل مركز ثقل الحركة على المستوى الاستراتيجي للحرب، وتستشهد في ذلك بعلاقة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام مع سنة العراق الذين كانوا يعانون من إهمال ونقص في الخدمات المقدمة لهم من قبل الحكومة المركزية في بغداد. ورأت أنه يُمكن لهذه الطليعة الاعتماد على أدوات غير أيديولوجية لكسب القبول وبناء الثقة مع المجتمعات المحلية التي تتواجد بها، وتستشهد في ذلك بما قام به تنظيم القاعدة في اليمن بتوفير للمعلمين، والخدمات، وحفر الآبار في أجزاء من الريف اليمني الفقير في مقابل الحصول على قبول محلي لوجودها.

ويٌعد تحليل مواطن القوة والضعف للتنظيمات الجهادية جوهر نموذج مركز الثقل، فيٌعتبر انتشار المظالم الاجتماعية والاقتصادية وتوفير البيئة الخصبة لنمو الطليعة الجهادية مصدر قوة لهذه التنظيمات، فيما تُعد إزالة هذه المظالم وتوفير بيئة للحكم الرشيد للطوائف السنية في جميع أنحاء العالم مصدرًا لإضعاف هذه التنظيمات من خلال تجريف التربة التي يُمكن أن تساعد في نموها.

ختامًا؛ تدعو "زيمرمان" في خلاصة دراستها التحليلية عن الفكر الجهادي الطامح لبناء الخلافة إلى التركيز المستمر على أهمية قطع العلاقة بين الجهاديين والسكان المحليين. وتعتبر أن القضاء على "أسامة بن لادن" لم يُنهي تهديدات تنظيم القاعدة، وكذلك الأمر مع "أبو بكر البغدادي" زعيم تنظيم الدولة الإسلامية. فالأمر لا يقتصر على تهديدات للمصالح ولكنه يستهدف إحداث تغيير شامل في تركيبة النظام الدولي إذا نجحت هذه التنظيمات؛ حيث تعمل على إعادة ترتيب العالم الإسلامي تحت رؤيتها للإسلام والحكم ومن ثم التوسع الخارجي معتمدة على انتشار المظالم الاجتماعية والسياسية لدى السكان المسلمين. وأخيرًا، تتخوف "زيمرمان" من أن يترتب على عدم استقرار الأوضاع السياسية في الجزائر والسودان ظهور تمدد جهادي جديد إلى هذه المجتمعات الهشة مثل الذي حدث بعد الربيع العربي عام 2011.

 

المصدر

Katherine Zimmerman, Road to the Caliphate THE SALAFI-JIHADI MOVEMENT’S STRENGTHS, American Enterprise Institute, (June 2019), at:

https://www.criticalthreats.org/analysis/road-to-the-caliphate-the-salafi-jihadi-movements-strengths

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟