المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

لماذا تعد المفاوضات مع طالبان هي الطريق الأفضل لانهاء الحرب في أفغانستان؟

الأحد 10/مارس/2019 - 07:25 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
بارنيت روبن- ترجمة: أحمد عبد الغنى

أشار  الكاتب إلي أنه بينما كان يعمل مستشارا كبيرا و ممثلاً  لوزارة الخارجية لدي افغانستان وباكستان التقي  في عام 2012 بمجموعة من المستشارين والدبلوماسيين الايرانيين في اسطنبول، وبعد الاستماع إلي رفض الايرانيين لقيام الولايات المتحدة الامريكية بتأسيس قواعد عسكرية في افغانستان، أدرك أن المشكلة لا تكمن في الوجود العسكرى للقوات الأمريكية ولكن في الدول الجوار  ذات النفوذ المستمر .

من الجدير بالذكر، أنه ذكرت مجلة "نيويورك تايمز" قرار الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بانسحاب حوالى 7000 جندي من افغانستان في الأشهر المقبلة. في الوقت ذاته، تبدو الحكومة الأمريكية وطالبان علي وشك عقد اتفاق سلام  ويخشي الأمريكيين من تكرار ادارة ترامب لخطأ الولايات المتحدة الامريكية في فيتنام والاتحاد السوفييتي في افغانستان سابقاً؛ فاستراتجية التفاوض علي سحب القوات الأمريكية من افغانستان من السياسات التي دعمتها الحكومات المحلية الأمريكية ولكن هناك تخوف من أن يؤدى ذلك إلي انهيار الحكومة الأفغانية أو لحرب أهلية.

                في السياق ذاته، يعتبر كثير من المحللين أنه على الرغم من أن المفاوضات لا تعتبر الحل الأمثل للأزمة في افغانستان، ولكنها رغبة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب. فالتفاوض وفقا لقرار محدد للانسحاب قد لا يكون الطريق الامثل لادارة عملية السلام ولكن بصرف النظر عن المفاوضات فالخطر الحقيقي هو أن يأمر ترامب بسحب القوات، فضلاً عن قطع المساعدات عن الحكومة الافغانية .

أولاً- الطريق إلي السلام

تعد سياسة التفاوض الحالية التي يتبعها الرئيس الأمريكي، استكمالاً لاستراتيجية جنوب اسيا التي اعلنها ترامب في اغسطس2017، ومن هنا يتضح أن المهم بالنسبة لترامب على عكس الرؤساء الأمريكيين السابقين، هي الظروف المحيطة و الموجود على الأرض. كما أنه من المفترض أن تتغير استراتيجية التعامل مع باكستان، الذ أقر ترامب أنها تضم معظم المنظمات المعادية لسياسات الولايات المتحدة الأمريكية و من هنا، يجب أن تتغير.

وعلى الرغم من أنه لم يتم بلورة أي استراتيجية لتغيير سلوك باكستان، ولكن قرار ترامب بالانسحاب كان فقط بناء على الظروف المحيطة انطلاقاً من فشل خططه؛ حيث حدد الجيش الأمريكي ضرورة سيطرة الحكومة على 80 %  من السكان كمعيار للنجاح.  لكن أفاد المشرف العام التابع لوزارة الدفاع الأمريكية لإعادة الإعمار  في افغانستان أنه في الفترة من أغسطس 2017 إلى أكتوبر 2018 ،أن  نسبة السكان الأفغان الذين يعيشون في المناطق الواقعة تحت السيطرة الحكومية باتت 64% وليس80 %.

وعليه، من الواضح أن  الأحوال لم تتحسن في كابول منذ بداية إدارة ترامب، و ظهر ذلك عندما أبلغ القائد الأمريكي في أفغانستان "جون نيكلسون"، اللجنة العسكرية في مجلس الشيوخ أن الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية في حالة جمود، وبعد مرور عامين لم تنجح استراتيجية ترامب في جنوب أسيا التي كانت أقرب إلى التحقق.  لذا، أفاد تقرير استخباراتي صدر في  أغسطس لعام 2018 أنه إذا كان هناك أي شيء جاد يحدث، هو فوز طالبان على الأرض.

على الرغم من أن ترامب معروفًا  بعدم قبول التقارير الاستخباراتية، ولكنه أكد أن رغبته في الانسحاب كانت صحيحة؛ حيث اقنع وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" ترامب بمحاولة التفاوض قبل الانسحاب الأحادي، واستأجر "بومبيو"  شخصية مخضرمة في السياسة الخارجية الافغانية و الأمريكية  "زلماي خليل زاد" الذى عمل كممثل خاص للمصالحة الأفغانية في إداراتي "ريجان وبوش" لبضعة أشهر للتفاوض على صفقة قبل انسحاب القوات الأمريكية.  

في السياق ذاته، كان الحل التفاوضي هو السبيل الوحيد للخروج من أفغانستان، لكن أصر الجيش على أنه يجب على  الولايات المتحدة الأمريكية التفاوض مع الحكومة الأفغانية  فقط من "موقع القوة"، ولكن أشار بعض المحللين إلي أنه كلما انتظرت الولايات المتحدة للتصرف من موقف القوة، أصبح موقفها الفعلي أضعف، لذلك عندما وافق ترامب في النهاية الأمر، لم تكن واشنطن في وضع يسمح لها بفرض شروط ولم تكن الطرف الاقوي في المفاوضات كما كانت ترغب .

لكن كانت تأمل كل من كابول وواشنطن في أن يجبر النجاح العسكري طالبان على الدخول في مفاوضات مباشرة مع الحكومة الأفغانية. لكن هذا النجاح لم يحدث، و توصلت طالبان إلى اتفاقيات مع الحكومة الأفغانية في عامي 2001 و 2004 فقط من أجل أن يتم قبولها من قبل الإدارة الأمريكية.

                وظهر فيما بعد أن التفاوض مع الحكومة الأفغانية بدون اتفاق مع الولايات المتحدة كان بلا جدوى؛ حيث لم تستبعد طالبان التحدث إلى الحكومة الأفغانية، ولكنها تصر على التوصل أولاً إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن إنهاء ما تسميه "الاحتلال". لذلك واجهت  واشنطن في عام 2018  خيار  المفاوضات المباشرة مع طالبان أو عدم وجود  مفاوضات على الإطلاق.

ويقترب الطرفان من اتفاق يتم بموجبه سحب القوات الأمريكية في مقابل مشاركة طالبان في أي حكومة مستقبلية تنضم إلى الحرب ضد الإرهاب الدولي، ومن هنا يشعر بعض المحللين بالقلق ازاء قيام الولايات المتحدة الأمريكية بإزالة قواتها بدون مقابل باستثناء  الوعود الغير قابلة للتنفيذ من قبل طالبان.

غير أنه وفقا للمفاوضين، لن يتم الاعتماد على الثقة بوعود طالبان، بل على التسلسل الدقيق لمكونات الاتفاق والإصرار على آليات التنفيذ. على أن يتمحور أفضل برنامج لمكافحة الإرهاب حول اتفاق سياسي مستقر لأفغانستان، يضع حداً لحوافز تعبئة الدعم الإرهابي، وغلق المساحات غير الخاضعة للحكم التي يمكن للإرهابيين استغلالها.

ثانياً- تحذيرات تاريخية

في النهاية اختار ترامب الانسحاب من جانب واحد وتخفيض المعونات،  ولكن مثل هذا القرار يمكن أن يؤدي إلى انهيار الحكومة الأفغانية، وهو ما يعيد إلي الذاكرة سيناريو نهاية حرب فيتنام. و كانت تنص اتفاقات باريس للسلام، التي تم التوصل إليها في يناير 1973، على الانسحاب الكامل لجميع القوات الأمريكية من فيتنام الجنوبية في غضون 60 يومًا. على الرغم من أنها تضمنت أحكامًا لوقف إطلاق النار والتسوية السياسية، إلا أنها تمت بعد مغادرة القوات الأمريكية؛ حيث فشلت الولايات المتحدة الأمريكية في جعل انسحابها مشروطًا . ومع ذلك، ظلت حكومة فيتنام الجنوبية على قيد الحياة لأكثر من عامين. و في عام 1975، عندما قطع الكونغرس الأمريكي المنهك من الحرب جميع المساعدات العسكرية والمالية عن فيتنام الجنوبية، عندها فقط سقطت سايغون.

في السياق ذاته، حدثت قصة مماثلة بعد الغزو السوفيتي لأفغانستان؛ فبموجب اتفاقيات جنيف لعام 1988 - التي تم التفاوض عليها من قبل أفغانستان وباكستان والاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية – كان على جميع القوات السوفيتية الانسحاب من أفغانستان بحلول فبراير 1989، فضلاً عن  ضرورة توقف كل من  باكستان والولايات المتحدة الامريكية عن تقديم المساعدات للمجاهدين المتمركزين في باكستان مايو 1988.

لكن لم تنص الاتفاقات على أي تسوية سياسية داخل أفغانستان، فعندما حان الموعد النهائي لقطع المساعدات عن المجاهدين، أكدت الولايات المتحدة الأمريكية وباكستان أنهما سيواصلان دعم المجاهدين لطالما دعم الاتحاد السوفييتي الدولة الأفغانية. نتيجة لذلك، انسحب السوفيت في سبتمبر  1991، بعد أكثر من عامين؛  وافقت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي المنهار على التوقف عن تقديم المساعدات لعملائهم.

                لذا، انهار الاتحاد السوفيتى، وعلى خلفية نقص المال لدفع قواته المسلحة وإطعام سكان أفغانستان في المناطق الحضرية، استقال الرئيس الأفغاني "محمد نجيب الله" في أبريل لعام 1992. ووفقاً لخطة الأمم المتحدة للسلام، كان من المفترض أن تحل الحكومة المؤقتة التي تشكلت في الخارج محله، و لكن بسبب عدم وجود مصلحة في هذا الاتفاق للمقاتلين داخل أفغانستان، تسبب الأمر  في دخول البلاد حرب أهلية.

ختاماً: يمكن أن يتكرر مثل هذا السيناريو مرة أخرى في أفغانستان، فيمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تقلص مساعداتها العسكرية والمالية بشكل كبير من خلال المفاوضات أو بدونها، لكن من شأن المفاوضات أن توفر الطريق  الجاد للاستقرار بعد الانسحاب الأمريكي الحتمى. فيجب أن يسمح ترامب للمفاوضين والحكومة الأفغانية بأخذ الوقت اللازم للتوصل إلى اتفاق يربط بين تنفيذ اتفاق الانسحاب والتسوية السياسية الأفغانية، ومن ثم البقاء على تدفق المساعدات اللازمة للحفاظ على أداء الدولة الأفغانية، فضلاً عن تجنب وقوع حرب أهلية في أفغانستان.

Barnett R. Rubin, Negotiations Are the Best Way to End the War in Afghanistan: Why Talking to the Taliban Is the Right Move, foreign affairs, March 1, 2019, available at:

 https://www.foreignaffairs.com/articles/afghanistan/2019-03-01/negotiations-are-best-way-end-war-afghanistan?fbclid=IwAR2qJkWQrjmzsN34lPhttRiLp_fe5tfWnTqxwVLO5Dqz5y7FaaE7N0kIz8U

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟